«لديّ حرية تعبير أكبر من الحكومة الفرنسية، وأقول لإسرائيل لأنني صديق لها، بما تفعله تعرض نفسها للخطر وبما تفعله لن تنال السلام أبدا.» انتظرنا هذا الصوت، انتظرنا كثيرا من ذهب في فرنسا أخيرا إلى تسمية المسميات بأسمائها: السياسة الأمنية تؤدي إلى الطريق المسدود، وما وقع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول تتحمل فيه إسرائيل مسؤوليتها».
«لا شيء يمكن من تكسير دورة العنف الانتقامي سوى تحقيق العدالة».. العدالة كلمة أخرى لم نسمعها من دبلوماسيينا الفرنسيين ما عدا دو فيلبان
هكذا تكلم دومينيك دو فيلبان، الدبلوماسي المحنك ورئيس وزراء جاك شيراك سابقا، هكذا تكلم بعد أن أدان هجوم السابع من أكتوبر بأشد عبارات الاستنكار، لكنه سارع في الوقت نفسه إلى وضع الإصبع على بيت الداء، فعاين الفشل الإسرائيلي الأمني موضحا طابعه المزدوج المتمثل من جهة في عجز حكومة بنيامين نتنياهو عن حماية شعبها، ومن جهة أخرى في تشجيع رئيس الوزراء الإسرائيلي المتواصل لبناء المستوطنات. هنا جوهر المسؤولية، مسؤولية الرهان على خيار القوة، التي لا تفرق بين الأهداف العسكرية والمدنيين، القوة التي تحاصر القطاع ولا تعرف كيف تبني استراتيجية الدفاع وفق «أهداف محددة ومتناسبة».
قالها دوفيلبان بقوة لم نسمعها من أي مسؤول فرنسي خلال هذه الحرب: الاستراتيجية والمزايدة الأمنيتان، ترجمة عن رفض نتنياهو للحل السياسي، رفضه قيام دولة فلسطينية جديرة باسم «دولة»، لا تحمل ملامح «جلد النمر» (وهي عبارة يستخدمها مؤرخون ودبلوماسيون فرنسيون عندما يتناولون ملف المستوطنات فيشبهونها بالبقع السوداء على جلد النمر).. «لا شيء يمكنه تكسير دورة العنف الانتقامي سوى تحقيق العدالة». العدالة.. كلمة أخرى لم نسمعها من دبلوماسيينا الفرنسيين ما عدا دو فيلبان. «دولة فلسطينية على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية». أيضا كلام بالكاد نسمعه من مسؤولينا السياسيين في فرنسا، وعندما نسمعه يكون بعد أن اختزل هؤلاء نضال الفلسطينيين من أجل حقوقهم في آنية الأحداث، من دون أدنى التفاتة لعمق التاريخ. دوفيلبان من القلائل، بل يكاد يكون الوحيد الذي نسمعه حاليا يقول إن مخطط السلام من مصلحة إسرائيل نفسها. يكاد يكون دوفيلبان الوحيد، بل الوحيد بالتأكيد الذي تواتيه جرأة القول، إن إسرائيل تشن حربا من الماضي، حربا تشبه الحروب السابقة التي عهدناها في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حربا جديدة نعرف متى بدأت، ولا نعرف متى ستنتهي، لتفضي بنا مجددا إلى واقع «الصراعات المجمدة»، كما يحدده قاموس المصطلحات الجيوسياسة. بذا، ينخرط نتنياهو عضويا في هذا المنطق، والمزايدة الأمنية آليته، لكنها مزايدة تؤدي إلى نتائج عكسية تماما، وكأن رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني المتطرف لا يفهم أن استراتيجيته تقابل بالتطرف ذاته، أم أن نتنياهو اختار تبني الخطر الدائم والسير على شفير الهاوية عمدا وعملا بمن يرفض حل الدولتين؟ هذا هو الأرجح.
لم يتردد دومينيك دو فيلبان في السير قدما على برهنته متجاوزا ترداد الصحافيين التقليدي لازمة «الدفاع عن النفس»، مشددا وبقوة على فشل القوة في حل النزاعات. إن «دينامية القوة» الوحيدة التي يجب أن توجه استراتيجية حل نزاعات الشرق الأوسط هي، دينامية التاريخ.. بعبارة أخرى، دينامية الاستفادة من الدروس التي باتت تلوح باستمرار من جهة إلى دوامة الحرب، التي لا تنتهي ومزايداتها الأمنية، لكن من جهة أخرى أيضا إلى الاستراتيجية التي تعزز فتح جبهات أخرى والجبهة الإيرانية خير شاهد.
«كان هناك مليونا معمر فرنسي في الجزائر، ثم رحلوا»، يقول فيلبان، مضيفا: «يوجد حاليا خمسمئة ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية، ومئتا ألف في القدس الشرقية. عليهم أن يرحلوا أيضا». صوت دومينيك دو فيلبان صوت جاك شيراك، رئيس الدولة الوحيدة الذي تحدى طاقمه الأمني في القدس المحتلة عندما أعلن «أننا سنخرج غدا السابعة صباحا لمصافحة الناس»، وليس التاسعة لحضور اجتماع كما يفعل كل الرؤساء.
شيراك وفيلبان. أين نحن من هذين حاليا؟
باحث أكاديمي وإعلامي فرنسي
دومنيك دو فيلبان رجل من الرجال القلائل ينطق بالحق و لكن هل من مستمع
((مرة سأل الرئيس ريتشارد نيكسون وزيره في الخارجية هنري كيسنجر وقال له بغضب: «من هو هذا الرجل الفرنسي قصير القامة الذي يقف كالشوكة في حلقي..؟»، فرد عليه كيسنجر: «إنه ميشيل جوبير وهو مولود بمدينة مكناس بالمغرب. وأنا أرتاب في أمره، فلعله عربي متنكر في زي فرنسي». )) منقول
فعلا جاك شيراك وغيره من الرعيل التاني الدي كانت له علاقة وطيدة بالعالم العربي من خلال الفترة الاستعمارية في دول المغرب العربي والدين شاركوا في سباق الانتخابات الفرنسية كميلونشون “الطنجوي” و(ستراوس) وميشيل جوببر” أعلاه” الدي دأب في انتقاد السياسات الخارجية الامريكية في العالم ، نعم يا سيد بيير لقد رحل الكتير من هؤلاء من دفء ما تبقى من شمس الغروب في عالمنا العربي ، ولربما المتتبع للسياسات الغربية سيجد ان المنطقة العربية تأترت كتيرا بأمزجة الرؤوساء الدين حكمو امريكا وفرنسا في الفترة السابقة وعلاقة دلك بميولاتهم الاخلاقية والتقافية نحو العالم العربي ، والمجال لا يسمح بإعطاء أمتلة أخرى لا يعرفها الكتير وشكرا على مقالك .
سلام بيير!
أرجو أن تكون بخير يازميلي !
ألفت الانتباه إلى خاصيتيْن تطبعان شخصية دومينيك دوفيلبان، وتجعله يكون فريدًا من نوعه في تفكيره ورؤيته الانسانية النافذة والاستراتيجية البعيدة لما يجري في العالم، ومواقفه من الاحداث والنزاعات والحروب والدول والحكومات .. الخ :
١- أولا ، الرجل شغوف بالأدب والتاريخ، وله كتاب ضخم في ثلاثة أجزاء عن نهاية نابليون بونابارت. وهو شاعر، ومولع بالرسم وكان قريبا من الفنان الصيني- الفرنسي Zao Wou-Ki الذي خصّص له نصوصا متميّزة حول فلسفة الفن في النقش والكتابة الجمالية والشعر، وله دواوين شعرية منها هذا العنوان Éloge des voleurs du feu الذي يرجع فيه إلى طفولته بعيدًا عن فرنسا، ويتغنى فيه بثورة الأحرار ، وارادة الوقوف ضد الظلام بالبحث والمعرفة والتسلح بنور العلم ! بالاضافة الى هذا هو محامٍ، وخبير استشاري في المؤسسات والشركات المتعددة الجنسيات .
٢- هذا السياسي المثقف والمتعدد الخبرات، والشاعر البرومسيوثي (الثائر سارق النار، والراغب، عن طريق إرادة التحدي، في معرفة كنوز المعرفة من أجل إلقاء أضواء الحقيقة على الانسان والحياة والمستقبل) وُلِد في المغرب (الخميسات أو الرباط ؛ معذرة) مثل ميشيل جوليو (مكناس) وميلونشون (طنجة) وآخرين ذوي الشخصيات القوية، وعاش هناك سنوات …
وقد يكون مفيدًا، في هذا الصدد، البحث عن طبيعة وأبعاد العلاقات بين الشعر والادب والتاريخ والفن والثقافة عموما، وبين السياسة والرؤى الاستراتيجية والمواقف البيْنية التوفيقية عندما تستفحل الأزمات ويشتدّ وطيس الحروب وتستعرّ نيران الكراهية والحقد.
نعم الكل يعرف من هو دوفيل بان منذ الحرب الخليجية الثانية والظالمة للشعب العراقي ووقوفه في وجه كولن باول وزير الخارجية الأمريكي الذي حاول أن يقنع الجميع بصور للاقمار الأمريكية آن داك ويقول إنها لأسلحة الدمار الشامل العراقية والكل يتذكر خطاب دومنيك دوفيل بان في الأمم المتحدة وعارض هذه الحرب التي خربت العراق وقتلت وشردت الملايين وبسبب هذا الخطاب فرضت امريكا عقوبات على الخمور والكثير من الصناعات الفرنسية وسماها بوش بالدول الأوربية الهرمة ، لهذا فدوفيل بان له مواقف واضحة ليس كغيره من الغربيين .
الدبلوماسي والشاعر دومينيك دوفيلبان يمثل قوة فرنسا الاخلاقية.لقد اثبت ذلك عندما عارض بقوة وبراعة الحجج الكاذبة للامبرياليين الامريكيين لغزو العراق،فنال احترام محبي العدالة في العالم.
للأسف اختفت الديغولية ووجهها الشيرازي من فرنسا بتصدر رؤساء ما كاريكوتيريين مثل هذا الرئيس الحالي وسلفه
اعجب لموقف فرنسا التي دافع عنها ابناء المغرب العربي الكبير وأفريقيا مرتان في حربين عالميتين طاحنتين بعد ان انه زمن جيوشها إلا تقف مع العدالة