الجزائر- «القدس العربي»:رفض السعيد بوحجة رئيس البرلمان الجزائري، مرة أخرى، الاستقالة من منصبه، مؤكدًا أن الضجة المثارة حوله تقف وراءها جماعات مصالح، وأن الرئاسة لم تبلغه مباشرة أنها تريد رحيله، مشيرًا إلى أنه التقى أحد نواب البرلمان (مقرب من شقيق الرئيس) في باريس، وأن هذا النائب أبلغه أن عائلة الرئيس بوتفليقة تعول عليه كثيرًا في الحملة الانتخابية الخاصة بالولاية الخامسة.
وأضاف في حوار مطول مع صحيفة «الوطن» (خاصة) أن ما يجري من صراعات داخل البرلمان حول رحيله لا يحرك فيه شيئًا، وأنه مصر على عدم الاستقالة من منصبه والاستمرار إلى غاية نهاية ولايته الحالية، وأن كل ما يقوم به خصومه غير مفهوم، لأن المجموعات البرلمانية التي تهاجمه وتتهمه بسوء التسيير، سبق أن وجهت إليه رسائل شكر وإطناب بخصوص طريقة تسييره للبرلمان.
وأضاف أن كل شيء بدأ بسبب إقالة الأمين العام الحالي، الذي اعتبر أنه مسؤول عن سوء التسيير في البرلمان، موضحًا أن خصومه يتهمونه بسوء التسيير، وبأنه وظف أشخاصًا في مناصب لا يستحقونها، في حين أنه لم يوظف سوى ثلاثة أشخاص، هم مستشار إعلامي، ومسؤول بروتوكول، ومسؤول آخر، في حين أنه في الولاية السابقة ثمة نائب رئيس وظف وحده 87 شخصًا في المجلس.
وذكر أنه وجد المجلس في حالة كارثية من حيث سوء التسيير، وأنه اكتشف أن بعض النواب حصلوا على ثلاث سيارات، وآخرين على خمس سيارات، وأن هناك سياسة توظيف بطريقة عشوائية، وأنه لما تولى منصبه رئيسًا للمجلس تلقى طلبين لإقالة الأمين العام مرتين على الأقل، وأن أحد الذين طلبوا منع إقالته كان الأمين العام للحزب جمال ولد عباس، ولكنه لم يفعل حينئذ لأنه لم يكن يحتكم على أسباب مقنعة للإقدام على ذلك، ولكن لما توفرت الأسباب قرر إقالته، مشددًا على أنه فعل ذلك بطلب من الرئاسة، وقام بعدها بتحرير تقرير بخصوص الأسباب التي دفعته إلى إقالته، ولم يتلق أي رد من الرئاسة، الأمر الذي جعله يقتنع بأن قراره غير مرفوض.
وذكر أن الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان جاء لإبلاغه بأن الرئاسة تريد منه إعادة الأمين العام إلى منصبه، وأن رده كان بأنه قريب من الرئاسة، وليس بحاجة إلى من يحمل إليه الرسائل، مؤكدًا أن أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، اتصل به وأبلغه أن لديه قرارًا مكتوبًا من الرئاسة بشأن إعادة الأمين العام إلى منصبه، وأن رده كان إرسال القرار ليطلع عليه، فلم يفعل ولد عباس.
ولما سئل السعيد بوحجة عن سبب صمت الرئاسة وعدم تدخلها في الأزمة القائمة، قال إنه لا يعلم، ولكن ربما تريد الرئاسة أن تمتحنه لترى ما إذا كان سيصمد أمام حركة غير شرعية، وهل هو في مستوى المسؤولية الموكلة إليه، أو ربما أرادت الرئاسة معرفة إلى أي مدى سيصل أمين عام الحزب المتسبب في هذه الأزمة، في إشارة إلى ولد عباس.
من جهة أخرى، نفى أن يكون قد التقى رئيس الحكومة الأسبق، مولود حمروش، في باريس خلال سفره الأخير إلى العاصمة الفرنسية، مشيرًا إلى أنه التقى شخصًا واحدًا تعشيا معًا، وهو النائب جمال بوراس، وذلك بحضور شاهدين، مشددًا على أن بوراس ( مقرب من أحد أشقاء الرئيس) أبلغه أن عائلة بوتفليقة تعول عليه كثيرًا في الحملة الانتخابية الخاصة بالولاية الخامسة، وأنه رد عليه بالقول إنه في خدمة رئيس الجمهورية منذ ولايته الأولى، وأن هذا كل ما جرى بينهما، ولكن بما أن بوراس يريد أن يكون مكانه على رأس مجلس الشعب فمن الطبيعي أن يقول كل هذا عنه.
واعتبر أن حل البرلمان ليس حتمية أو ضرورة كما يقول كثيرون، مشددًا على أنه في حالة استمرار تجميد نواب الأغلبية لنشاطهم، فإن لديه مجموعة من القوانين تمكنه من تسيير البرلمان بأقلية من النواب وبالتنسيق مع مجلس الشورى، دون حاجة إلى حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة.
واعتبر أن حكاية تكاليف السفر التي قيل إنها كانت السبب في الأزمة بينه وبين أمينه العام السابق لا أساس لها من الصحة، لأنه- وبصفته رئيسًا للبرلمان- لا يتحرك ومعه كيس من الأموال، لأن الرئاسة هي التي تمنحه تكاليف السفر، وأنه في آخر ثلاث سفريات إلى فرنسا دفع تكاليف السفر من جيبه الخاص، أما مرافقه مسؤول البروتوكول فيأخذ تكاليف المهمة بحسب سلم محدد على أساس كل دولة.
وفي آخر تطور، أعلنت المنظمة الوطنية للمجاهدين دعمها للسعيد بوحجة، محذرة من أي إساءة إلى مجاهدي ثورة التحرير الجزائرية.
وأشارت في بيان صدر عنها إلى أن محاولات بعض الأطراف الإساءة إلى تاريخ قدماء المجاهدين وإهانة ماضيهم المشرف يمثل سابقة خطيرة، تفرض على الجميع التصدي لها بحزم، ومراجعة أنفسهم بخصوص أولئك الذين ضحوا بأنفسهم حتى تبقى الجزائر واقفة بين الأمم.
وأضافت أنها تتابع، باهتمام، ما يجري منذ أيام داخل البرلمان، وأنها حريصة على استقرار مؤسسات الجمهورية، مع التأكيد أن الحوار يبقى الطريق الأمثل من أجل ضمان المصلحة الوطنية، وقطع الطريق على أولئك الذين يريدون التشكيك في مكتسبات الشعب الجزائري ويضرون بطموحاته الشرعية.
تصريحات بوحجة، الذي يظهر في صورة الواثق من نفسه، يضاف إليها دعم منظمة المجاهدين الذي يعطي الانطباع بأن هناك شرخًا داخل النظام نفسه، علمًا أن منظمة المجاهدين المحسوبة على السلطة، لا يمكن أن تتخذ أي قرار أو تصدر بيانًا مماثلًا لو لم تتلق الضوء الأخضر، الأمر الذي يزيد في تعقيد هذه القضية التي بدأت بخلاف حول أمور ثانوية إلى أزمة داخل مؤسسات الدولة، علمًا أن البرلمان يعيش حالة جمود بسبب الصراع حول منصب رئيس البرلمان.