العراق: الفساد يطيح بمحافظ الديوانية… ‏ووزير العدل ينفي ضلوعه في قضية «إطعام السجناء»

مشرق ريسان
حجم الخط
1

بغداد ـ «القدس العربي»: في وقت أقال فيه رئيس مجلس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الثلاثاء، ‏محافظ الديوانية زهير علي الشعلان، من منصبه، على خلفية تهمٍّ موجه إليه تتعلق بملفات ‏فساد مالي وإداري، لوّح وزير العدل العراقي، خالد شواني، بالردّ قانونياً على ما وصفه «تشويه سمعته وسمعة الوزارة»، من قبل رئيس هيئة النزاهة الاتحادية، القاضي حيدر حنون، على خلفية اتهام الوزير بعرقلة إجراءات التحقيق في قضية «فساد» تشوب عقود إطعام نزلاء السجون، تقدّر قيمتها بنحو 5 ملايين دولار شهرياً، حسب تصريحات نيابية.
وفي الوقت الذي تحدث الوزير عن كشفه هذا الملف «إطعام نزلاء السجون» وتحركه للتحقيق فيه، تعهّد باتخاذ إصلاحات جذرية في القضية، ومنع محاولات هدر المال العام.
وذكرت الوزارة، في بيان صحافي أبرز ما جاء في حديث شواني، خلال مؤتمر صحافي، مساء الإثنين والذي تناول فيه تفاصيل أمر الاستقدام القضائي الصادر في حقه على خلفية ما ذكره رئيس هيئة النزاهة.

«امتثلت للقضاء»

ونقل البيان عنه قوله: «لم أكن أريد الظهور بوسائل الإعلام للحديث عن هذا الأمر في حينها، لإيماني بعدالة المحكمة واستقلاليتها ومهنيتها، لذا امتثلت أمام السلطة القضائية المستقلة، وقدمت المستمسكات والأدلة التي تؤكد موقفنا تجاه القضية التي أعلن عنها رئيس هيئة النزاهة بداية الشهر الحالي».
وأضاف: «أخذ الموضوع مديات كبيرة في الرأي العام وتشويهاً للحقائق، وظن البعض وكأن ما أعلنه رئيس هيئة النزاهة لوسائل الإعلام، صحيح، وإن هناك ملفا يخص استغلال الوظيفة العامة من قبلنا، لذا أود إطلاع الرأي العام على حقيقة الموضوع».
وأوضح أن «في تاريخ 3 كانون الثاني / يناير الجاري، وفي تمام الساعة الثانية ظهرا ومع انتهاء الدوام الرسمي، حضر محققان إثنان من هيئة النزاهة إلى مقر وزارة العدل ومعهما كتاب يطلبان فيه المستمسكات الشخصية لعدد من موظفي الوزارة الذين لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بعقد إطعام النزلاء».
وبين أن «مدير عام الدائرة الإدارية والمالية، أخبر المحققين أن موظفي الوزارة غادروا مقر الوزارة لانتهاء الدوام الرسمي، وأن الوزير في اجتماع مجلس الوزراء ساعة قدوم فريق هيئة النزاهة، ولخصوصية دوائر وزارة العدل من ناحية استقلاليتها المالية والإدارية، ولأن لكل دائرة قانونها الخاص، فتم الاتفاق بين مدير عام الدائرة الإدارية والمحققين بالحضور في اليوم التالي لتسليمهم المستمسكات الشخصية للموظفين، وقد ذكروا في المحضر، أن المدير العام كان متعاوناً مع فريق هيئة النزاهة».
وتابع: «الذي أثار استغرابنا، أن رئيس هيئة النزاهة عقد مؤتمراً صحافياً شوّه فيه سمعة الوزارة والوزير، وجانب الحقيقة أنني امتنعت عن تنفيذ قرار المحكمة وتسترت على فاسدين وشاركنا في عملية الفساد، والحقيقة، لم يكن للوزير أي علم بهذا الأمر، لتواجدي في اجتماع مجلس الوزراء وهو ما مثبّت في المحضر».
وأوضح أن «رئيس هيئة النزاهة ذكر أن المستمسكات المطلوبة، هي مستندات وأدلة تساهم في كشف الموضوع، في حين أن كتاب هيئة النزاهة يطلب فيها المستمسكات الشخصية للموظفين». وأكد أن «في يوم 4 كانون الثاني/ يناير الجاري، زودنا وبشكل رسمي هيئة النزاهة بجميع المستمسكات المطلوبة، وقد تم استلامها من قبلهم وربطت بالأوراق التحقيقية لهذا الموضوع، لكن رئيس هيئة النزاهة كان متسرعاً بالخروج إلى وسائل الإعلام وبيان بعض المعلومات أننا نعرقل عمل المحاكم، على الرغم من أن وزارة العدل تعتبر الجزء المنفذ للكثير من القرارات القضائية، ونحن ملتزمون بأي قرار يصدره القضاء، لذا امتثلنا لقرار السلطة القضائية وقدمنا الوثائق التي تتعلق بالموضوع».
وأشار إلى أن «رئيس هيئة النزاهة تكلّم أمام الإعلام أن الكتاب يتعلق بالمستندات والأدلة، وهو لا يتعلق بذلك، ففي يوم 13 كانون الاول / ديسمبر الماضي 2022 خاطبت هيئة النزاهة، وزارة العدل، وطلبت منها المستندات المتعلقة بالعقود مدار التحقيق، في نفس اليوم أجابت وزارة العدل وزودتها بالمستندات، لذلك اعتقد أن رئيس هيئة النزاهة تسرّع في خروجه للإعلام وشوّه سمعة وزارة العدل ووزيرها لا سيما في ملف حساس افتخر أنه تم فتحه من قبلنا، والورقة التحقيقية الأولى في ملف التحقيق تشير إلى ذلك، وحملنا هذا الملف إلى مجلس الوزراء».

قال إن رئيس هيئة النزاهة شوّه سمعته وتعهّد بإصلاحات تمّنع الهدر

وشدد على أن «وزارة العدل ستجري إصلاحات حقيقية وجذرية في ملف الإطعام والملفات الأخرى، وبما يخدم مصالح الدولة ومنع هدر المال العام»، مبيناً أن وزارته «وأمام هذا التشويه للحقائق، نحتفظ بحقوقنا القانونية كافة لما صدر من رئيس هيئة النزاهة من مجانبة الحقائق».

أمر استقدام

وفي وقت سابق، أعلنت هيئة النزاهة، عن صدور أمر استقدامٍ بحقِّ وزير العدل الحالي ومُدير التصاريح الأمنيَّة في الوزارة.
دائرة التحقيقات في الهيئة أشارت وفقاً لبيان أصدرته في 4 كانون الثاني/ يناير الجاري إلى أنَّ «القرار صدر عن محكمة الكرخ الثانية (في بغداد) المُختصَّة بالنظر في قضايا النزاهة، لدورهما في تعطيل تنفيذ قرار قاضي تحقيق المحكمة في القضيَّة الخاصَّة بملف إطعام السجناء والموقوفين، والامتناع عن تزويد فريق هيئة النزاهة بالمُستندات المطلوبة».
وأكدت أنَّ «المحكمة المذكورة أصدرت أمر الاستقدام، استناداً إلى أحكام المادة (329) من قانون العقوبات العراقي رقم (111 لسنة 1969)».
وتقدّر قيمة مبالغ «الفساد» في ملف إطعام نزلاء السجون بنحو 5 ملايين دولار سنوياً، وفقاً لعضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب، سوران عمر، الذي طالب، نهاية الأسبوع الماضي، الجهات المعنية بفسخ عقد الأطعمة، وتعهد بمتابعة الملف ومساءلة المقصرين.
وقال عمر، في بيان حينها، إنه «في العراق تتم عملية السرقة حتى من السجون، فهناك نوع من أنواع الفساد لحق بطعام المسجونين».
وأضاف: «يوجد في السجون العراقية 80 ألف مسجون لو تمت سرقة 1000 دينار من الأطعمة التي تقدم اليهم فهذا يعني 240 مليون دينار لليوم الواحد ما يعادل 7 مليارات و200 مليون (نحو 5 ملايين دولار) في الشهر، في وقت المسجونين ممتعضون من الأكل لرداءة الوجبات «.

أمر غير مقبول

وأشار إلى إنه «إذا كان العقد المبرم بين وزارة العدل والشركة المساومة فقد يكون هناك فساد كبير وأرباح غير معقولة في هذه العملية»، مؤكداً أن «الفساد الإداري والمالي لحق بأغلب مرافق الدولة نزولا إلى سجون العراق، لينال هذا الأمر المسجون الذي لحقت به تهمة بسبب فساد إدارة الدولة وعدم وجود العدالة».
وتعهّد النائب العراقي بـ«متابعة هذا الملف ومساءلة المقصرين وأن عدم الدخول في المناقصة مع شركة (الميقات للصناعات والتجهيزات الغذائية) وتكليف وزير العدل بهذا الشأن بعيدا عن الشروط المطلوبة لمدة 7 سنوات أمر غير مقبول البتة».
وأوضح أن «هذه الشركة تم تأسيسها منذ 16/2/2021 برأس مال 5 مليار دينار (نحو 3.4 مليون دولار). من المفترض إجراء تحقيقات مكثفة، لأن المعتقلين ممتعضون جدا من هذا الأطعمة المقدمة إليهم في السجون العراقية، وعلى الجهات المعنية فسخ هذا العقد بأسرع وقت ممكن، لما يحمله من فقرات غير قانونية وغير متوفرة الشروط».

سحب يد الشعلان

في الموازاة، ذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء في بيان صحافي، أنه «أصدر أمراً بسحب يد محافظ الديوانية زهير علي الشعلان».‏
وطبقاً للبيان فإن قرار سحب اليد جاء بسبب «وجود ملفات تحقيقية بحقه عن ‏شبهات فساد إداري ومالي، يجري النظر بها من قبل المحاكم المختصة».‏
وفي مطلع آب/ أغسطس 2019، صادق رئيس الجمهورية حينها برهم ‏صالح، على تولي الشعلان منصب محافظ الديوانية.‏
وسبق أن زار السوداني محافظة الديوانية (في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر ‏‏2022)، للإطلاع على واقع المحافظة الخدمي بكافة مجالاته، وأعلن حينها ‏رفقة المحافظ، بدء العمل بتوسعة مصفى الديوانية الذي سيسهم بشكل كبير ‏في رفد اقتصادها وتوفير ما يقارب خمسة آلاف فرصة عمل لأبناء ‏المحافظة، حسب بيان حكومي.‏
ويأتي قرار السوداني تزامناً مع كشف هيئة النزاهة الاتحاديَّة، صدور أمري قبض بحق موظفين سابقين في الهيئة، بتهمة الرشوة وتضخم الأموال والكسب غير المشروع.
وأفادت دائرة التحقيقات في الهيئة، ببيان «إصدار محكمة تحقيق الكرخ (ببغداد) المختصة في النظر في قضايا النزاهة أمر قبض بحق موظف سابق في هيئة النزاهة وفق القرار (160 لسنة 1983) عن تهمة انتحال صفة؛ من أجل الحصول على مبالغ ماليَّة بصورة مخالفة للقانون».
وأوضحت أن «المحكمة ذاتها أصدرت أمر قبض بحق المتهم الهارب وزوجته الموظفة السابقة في الهيئة»، مبينة أن «الأمر صدر على وفق أحكام المادة (19/ ثانيا) من قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع رقم ( 30لسنة 2011) المعدل؛ عن تهمة العجز عن إثبات الزيادة الحاصلة في أموالهما». وسبق لرئيس الهيئة، القاضي حيدر حنون، أن أكد خلال مؤتمر صحافي عقده مطلع الشهر الجاري، أن مناشدات كثيرة وصلته من موظفي الهيئة للإسراع في عمليَّة استرداد هذا «الابن العاق» من الجانب التركي، لإبراء ساحة الهيئة الناصعة مما لصق بها جراء ما اقرفته يداه.
وبشكل شبه يومي، تُصدر الهيئة بيانات صحافية تتحدث عن عمليات فساد تطال أغلب مفاصل المؤسسات الحكومية الاتحادية، آخرها ضبط أحد المسؤولين في كهرباء محافظة كركوك متلبساً بـ«الرشوة» لقاء أداء عمل من أعمال وظيفته. وقالت الهيئة في بيان مُنفصل، إن «دائرة التحقيقات في الهيئة، وفي معرض حديثها عن تفاصيل عمليَّة الضبط التي تمت بموجب مذكرة قضائيَّة، أفادت أن مكتب تحقيق الهيئة في محافظة كركوك قام بتأليف فريق عمل؛ للتحري والتقصي عن معلومات تفيد بإقدام مدير كهرباء ناحية (يايجي) على ابتزاز المواطنين وإجبارهم على دفع مبالغ ماليَّة؛ لقاء إيصال التيار الكهربائي إلى مزارعهم، وقطعه عنهم في حال عدم الدفع».
وأضافت: «فريق العمل انتقل إلى ناحية (يايجي)، وقام بنصب كمين محكم للمتهم، وبعد المرابطة والترصد والتأكد من تسلمه مبلغ الرشوة، تم ضبطه متلبساً بالجرم المشهود».
وأوضحت أن «التحقيقات الأوليَّة التي أجراها الفريق أشارت إلى اعتراف المتهم بتسلم الرشوة، وأن إقدامه على ابتزاز المواطنين وأخذ مبالغ مالية منهم؛ كان مقابل إنجاز أحد الأعمال المنوطة به».
ونوهت «بتنظيم محضر أصولي، وعرضه رفقة المُتَّهم والمبلغ المضبوط على قاضي التحقيق المختص بالنظر في قضايا النزاهة في كركوك؛ الذي قرَّر توقيفه على ذمة التحقيق؛ على وفق أحكام المادة (307) من قانون العقوبات العراقي».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    الديوانية مدينة بمحافظة ذي قار !
    الفرس كرهوا تذكيرهم بهزيمتهم بمعركة ذي قار أمام العرب قبل الإسلام !!
    ولا حول ولا قوة الا بالله

اشترك في قائمتنا البريدية