رئيس حزب «الكرامة» المصري أحمد الطنطاوي لـ«القدس العربي»: لا حل سلميا لأزمة سدّ النهضة دون المرور بالحل العسكري

تامر هنداوي
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: قال أحمد الطنطاوي، رئيس حزب «الكرامة» المصري، إنه «لا حل سلميا لأزمة سد النهضة الأثيوبي، دون المرور بالحل العسكري» مؤكدا أن «السلطة المصرية ما زالت تقدم تشخيصا خاطئا لأزمة السد، باعتبارها مشكلة فنية لا مشكلة وجودية».
وأضاف في حوار مع «القدس العربي» أنه «رغم مرور 8 أشهر، لم يصدر حكم في الدعوى القضائية التي أقامها ليثبت فيها حصوله على أصوات في انتخابات البرلمان الأخيرة، وضعته على رأس قائمة المرشحين من حيث عدد الأصوات».
الطنطاوي اعتبر أيضاً أنه «لا يمكنه النظر لقرارات الإفراج الأخيرة التي صدرت بحق عدد من سجناء الرأي باعتبارها تمثل تغيرا في تعاطي السلطات الحالية مع ملف الحريات» محذرا في الوقت نفسه من « النهج استمرار نفسه في التضييق على الحريات، وما سيلحقه بالدولة المصرية من أضرار».
وهنا نص الحوار:
■ ما تقييمك للنظام الحالي؟
□ إعادة إنتاج لفكرة السلطة الأبوية التي ثار عليها الشعب المصري، وهناك تراجع لدولة المؤسسات ودولة القانون لحساب حكم الفرد، وهذا نظام تجاوزه الزمن، وهذا التحدي الأكبر أمام الشعب المصري، الذي يرغب في سلطة حكم تشبه العصر الذي نحن فيه، والسؤال: هل السلطة راغبة في التطور، أعتقد لا، والناس لن تقبل من السلطة سوى أن تتعامل كسلطة الدولة الوطنية العصرية الحديثة التي تكون إجراء لدى الشعوب.
■ هناك حديث عن انفراجة نسبية في ملف حقوق الإنسان في مصر، ما رأيك؟
□ هناك ناس أفرج عنهم، نبارك لهم، ونتمنى لكل من ذاق الظلم وموجود في السجون أن يلحق بهم، ونتمنى لكل صاحب رأي طالما لا يسعى لفرض رأيه بالعنف على الآخرين، أن لا يلحق بهم، وهناك من يلعب دورا في هذا الملف نحييه ونطالبه بالمزيد، لأن هناك قائمة طويلة تنتظر نتيجة مماثلة، وهناك أسئلة منطقية تحتاج لإجابات، منها أن من خرج منهم من أمضى شهورا ومنهم من أمضوا سنوات دون محاكمة، في حين أنه كان يروج عنهم أنهم أعداء للوطن ويسعون لتخريبه، وأن سجنهم كان من أجل إنقاذ البلد، فما الذي يمنعنا من التفكير بأن ما حدث مع هؤلاء لم يحدث مع غيرهم، حتى لا نقبل للآخر الظلم أو المصادرة، لأنه آخر.
■ البعض يتحدث عن تطور لمشهد الحقوق والحريات في مصر، خاصة بعد الإفراجات الأخيرة، واتجاه السلطة لإصدار الاستراتيجية الوطنية للحقوق والحريات؟
□ لا أستطيع أن أنظر لعملية الإفراج عن عدد محدود باعتبارها مقدمة لتغيير في التعاطي مع هذا الملف، لأنه كانت هناك على فترات حالات مماثلة لكن بأعداد أقل، وكان يقال وقتها أيضا إن هناك تطورا في التعامل مع هذا الملف. السؤال الملح هل السلطة مدركة خطورة استمرار التعامل بهذا الشكل، ومدى الأضرار التي يخلفها على الدولة المصرية داخليا وخارجيا؟ أنا لا ألمس رغبة ذاتية في الإصلاح، لذلك آمال الناس كانت متعلقة بالتأثير الخارجي، وهذا أمر مؤسف لأن الإصلاح من المفترض أن يأتي بإرادة داخلية، أنا لا أرى أي فائدة من خلق خصومات ترتقي في نفوس البعض لعدوات، عندما تلقي بشاب في السجن لأنه صاحب رأي مخالف وتضيع من عمره شهور وسنوات، ويخرج من غير محاكمة ودون اعتذار يقدم عن ما تعرض له، أي درجة من السمو الإنساني يحتاج هذا الشاب أن يتحلى بها حتى لا يكون في حالة غير سوية من حيث نظرته للسلطة التي سجنته، والمجتمع الذي صمت على سجنه.
■ طالبت السلطة في مصر بحل عسكري لأزمة سدّ النهضة، هل أنت متمسك بهذا الحل رغم حدوث الملء الثاني؟
□ العالم لا يفهم غير لغة القوة ولا يحترم إلا لغة الأقوياء، وما حدث في مجلس الأمن كان أخف الضررين، مجلس الأمن كان أمامه أن ينحاز للموقف الإثيوبي، الذي يقول إن المجلس غير مختص بمناقشة هذه القضية، باعتبارها قضية تنموية لا تخص الأمن والسلم الدوليين، أو ينحاز لوجهة النظر المصرية السودانية، ويتعامل مع هذا الملف ويقبل في أحسن الأحوال الطرح المقدم من ممثل المجموعة العربية تونس، ويستهدف منه العودة للتفاوض تحت رعاية الاتحاد الأفريقي مع إضافة وسطاء دوليين، على أن نصل لنتيجة خلال 6 شهور، وهذا ما كنت أخشاه.
لا شيء يمنع إثيوبيا من إكمال بناء السد سوى استخدام القوة في إطار القانون الدولي والدفاع الشرعي عن النفس ضد خطر وجودي واعتداء مباشر على مصر ومتكرر، فإثيوبيا أعلنت الحرب على مصر 3 مرات، بإعلان بناء السد، وإعلان الملء الأول ثم الثاني.
■ دعوتك لاستخدام الحل العسكري واجهت انتقادات وتساؤلات حول تداعيات ذلك على مصر؟
□ مصر تستطيع توجيه ضربة للسد، وتستطيع التعامل مع أي رد فعل، وفي هذه الحالة إثيوبيا ستتفكك على الأقل لثلاث دول، والعالم يحترم القوي ولن يخسر مصر لأنها دافعت عن حقوقها، وأكثر شيء ممكن أن نتعرض له هو مجموعة من العقوبات لن تساوي بأي حال رغم مساوئها أن تكون مصر رهينة، وأقولها مرة أخرى لو إثيوبيا اتفقت معنا على أن يظل السد سعته 74 مليار متر مكعب، وأن تكون إدارته بأيد مصرية، لن يساوي هذا الاتفاق الحبر الذي كتب به، لأنه في أي يوم، يمكنهم التخلي عن الاتفاق.

قال إن علينا الضغط لتوفير ضمانات لانتخابات رئاسية بمعايير الشفافية والنزاهة

والسؤال الوجودي هو حجم السد ومكانه، وهذا السد ليس الهدف منه إنتاج الكهرباء بل لتسليع المياه وبيعها لنا واستخدامها مستقبلا في ابتزازنا، وأن تظهر إسرائيل في الوقت المعد سلفا، ويتم الضغط علينا للسماح بوصول المياه إليها، فلا حل سلميا حقيقيا دون المرور بالحل العسكري. والسلطة في مصر ما زالت تقدم تشخيصا خاطئا للمشكلة، تتحدث عن مشكلة فنية لا وجودية تحتاج إلى حلول جزئية، وهذه مشكلة تحتاج لحل جذري، وما يلزم الدولة المصرية هو الحل الذي يحافظ على مياه النيل لا يحفظ ماء وجه السلطة.
■ ما الحلّ الذي تقصده في حديثك عن حفظ ماء وجه السلطة؟
□ أي اتفاق يرحّل المشكلة، على أمل أن يلتزم الطرف الآخر بما سيوقع عليه، وهذا أمل خداع، وتاريخيا لا يمكن الاستناد إليه لا مع إثيوبيا أو غيرها، والحل الحقيقي هو سد لا تزيد سعته التخزينية عن 14 مليار متر مكعب، وهذا كاف لإنتاج الكهرباء التي تحتاجها إثيوبيا، وأن يكون هناك اتفاق معلن بشكل كامل، من دون ملاحق سرية، ويتضمن حلا تفصيليا يجاوب على كل مخاوف الوطن الآن ومستقبلا مثل مسألة تسعير المياه أو نقلها خارج دول الحوض.
■ من يتحمل الأخطاء التي أوصلت مصر إلى هذه المرحلة في أزمة السد؟
□ من اختار أن يتحمل المسؤولية ومن وقع اتفاق المبادئ في 2015 ومن اختار هذا المسار، بعدما كانت مصر نجحت في مسار آخر عام 2014، عندما وصلت الدبلوماسية المصرية إلى نقطة مميزة، تمثلت في إيقاف الدول والمؤسسات عن تمويل السد، فمن يتحمل المسؤولية هو رئيس الجمهورية.
ما موقف حزب «الكرامة» من الإجراءات الاقتصادية التي شهدتها مصر خلال السنوات الماضية، وآخرها إعلان الرئيس المصري نيته بتحريك سعر الخبز المدعم؟
للمرة الثالثة تتخفف الدولة من مسؤوليتها الاجتماعية لدعم المواطن المصري المستحق لرغيف الخبز، سنوات السيسي السبع شهدت تقلص فاتورة الدعم والمزايا الاجتماعية لأقل من النصف، وشهدت انخفاضا لأقل من النصف بمقارنة الأرقام بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، كما أن بند الأجور والمرتبات انخفض لأقل من النصف أيضا بمقارنة الأرقام بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، كل هذه التخفيضات تلتهمها خدمة الدين بسبب التوسع في الاقتراض غير الرشيد، وإنفاق القروض في مشروعات غير مجدية أو يمكن تأجيلها، نتيجة ذلك تضاعف الدين العام المصري في فترة حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى أكثر من أربعة أضعاف. ورغيف الخبز ليس قضية اقتصادية، بل هو في الأساس قضية اجتماعية، والحديث عن الدعم النقدي، في غياب قاعدة بيانات حقيقية ومدققة تتم مراجعتها بشكل دوري أوهام، والحديث عن التحول إلى الدعم النقدي من دون القدرة على ضبط الأسواق، وضمان عدم تحول هذه القروش إلى تضخم بمعدلات أعلى أوهام، الكلام عن أزمة مصر فيما تقدمه من دعم هو استسهال، وإلقاء اللوم على آخرين، ويتنافى مع وعود الرئيس وقت كان مرشحا، عندما قال إنه لن يرفع الدعم قبل أن يغني الناس، وحسب الأرقام الحكومية الرسمية نسبة الفقر زادت.
■ البعض يتهم أحزاب المعارضة بأنها ضعيفة وغير قادرة على الوصول للناس، وبالتالي هي أحد أسباب الأزمة السياسية في مصر؟
□ هناك أحزاب تعبر عن الشعب ومصالحه، لكنها لا تستطيع الوصول للناس، لا أعفي الأحزاب من المسؤولية، لكن يجب أن يؤخذ في الاعتبار المناخ السياسي والأمني في مصر، والثمن الباهظ الذي يدفع في مقابل تمسك الناس بالأمل والدفاع عنه.
■ باعتبارك نائبا سابقا، ما تقييمك لمجلس النواب الحالي؟
□ قلت في قاعة مجلس النواب، خلال المجلس السابق، إنه بصرف النظر عن الأشخاص، إن هذا هو المجلس الذي قدم أسوأ أداء في تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، لكن مثله مثل أشياء عديدة يتجه إلى الأسوأ، والفرق أن البرلمان الماضي واجه قضايا مصيرية كقضية تيران وصنافير وسد النهضة وغيرهما وأخفق في التعامل معها بالشكل الذي يحفظ حقوق الشعب الذي يمثله، أما البرلمان الحالي فلم يواجه غير اختبار واحد، وهو أزمة سد النهضة وأخفق فيه.
■ برلمان ضعيف وأحزاب ضعيفة، ما يجبر السلطة على الاستماع إليكم؟
□ استلهام دروس الماضي القريب، واستشعار خطورة أن يحكمنا توازن الضعف، واتقاء للحظة قد تخرج فيها جماهير تيأس من فاعلية التغيير من خلال الآلية الدستورية وصناديق الاقتراع.
■ اعترضت على كوتة المرأة في البرلمان، والبعض رأى ذلك مناهضة للمرأة؟
□ أنا ضد نظام الكوتة بشكل عام، وأبرر موقفي في أن النظام البرلماني قبل ثورة يناير 2011 كان ينص على أن نصف البرلمان على الأقل من العمال والفلاحين، ومع ذلك تم العصف بكل مكتسبات العمال والفلاحين، ومع ذلك عندما تم إقرار الكوتة في الدستور، اقترحت نظاما انتخابيا يستوفي نسبة 25 في المئة للمرأة ويستوفي باقي الفئات التي ميزها الدستور ولم يمنحها نسبا معينة، من خلال انتخابات بالنظام الفردي كاملا، لأن النظام الانتخابي الحالي يقوم على 50 في المئة قائمة مغلقة، و50 في المئة انتخابات فردية، وهو ما أنتج البرلمان الحالي، خاصة في ظل استخدام المال السياسي، ومن يستطع كسر هذه المعادلة تقف له بالمرصاد.
■ لكن اقتراحك يخالف ما قدمته المعارضة من اقتراح لتقسيم الدوائر الانتخابية؟
□ المعارضة قدمت نظاما احترمه، وكنت أحاول إثبات أن استيفاء النسب التي نص عليها الدستور يمكن تحقيقها بأكثر من طريقة، ومنها نظام تقسيم مصر إلى دوائر رباعية تنتخب منها 4 مقاعد بشرط أن يكون أحدها لامرأة على الأقل، وهذا سينتج نائبات من عمق المجتمع المصري وليس من جرى اختيارهن في قوائم معدة سلفا بعيدا عن الناس.
■ تحدثت عن أن أرقام الفرز في انتخابات البرلمان تؤكد فوزك، فهل لجأت للقضاء لإثبات ذلك؟
□ نعم، الدستور نصّ على حقي في اللجوء للقضاء خلال 30 يوما، وأنا أقمت الدعوى خلال عدة أيام، كما نص أن تفصل محكمة النقض في حكم نهائي ملزم لمجلس النواب خلال 60 يوما، ومرت 8 أشهر دون صدور حكم. وتحدثت عن أن أرقام الفرز تؤكد حصولي على المركز الأول في دائرتي، وخطورة ما حدث في هذه الانتخابات أن تنتصر الناس على أعلى درجة الغشم التي مورست في الدائرة الخاصة بي، وأسوأ أشكال المال السياسي، وتحرمها في النهاية من حصولها على حقها في اختيارها، لكن الناس أثبتت أنها عندما يقدم لها الوجه الآخر المغاير لما يقدم الآن تختاره.
■ بعد ما وصفته عن طبيعة الانتخابات في مصر، هل أنت كرئيس حزب مع خوض الانتخابات المقبلة كالمحليات أو مجلسي النواب أو الشيوخ أو مع مقاطعة الانتخابات؟
□ أنا أرى أن من يدعو لمقاطعة انتخابات عليه أن تكون لديه أسباب وبدائل، والطريق الآمن للتغيير في مصر هو طريق التداول السلمي والعمل وفق الدستور والقانون، وإذ قرر الشعب شيئا آخر فهو من سيفرض على الجميع، أما ما أتبناه فهو خوض كل انتخابات، والفوز والوصول إلى السلطة ليسا الهدف الوحيد للانتخابات، بل هناك هدف آخر هو التواصل مع الناس وعرض أفكارك ومدى تقبل الناس لها، ولا بد أن نتعلم ثقافة أن الحصاد لا يكون عادة وقت الزراعة، بل بعدها بفترة، وأرى أن واجب الأحزاب تحريض الناس على المشاركة رغم أن قواعد المشاركة غير عادلة، ورغم كل المظالم.
■ البعض دعاك للترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فما موقفك من هذه الدعوات؟
□ قبل الحديث عن الترشح علينا الضغط من أجل توفر ضمانات لإجراء انتخابات بمعايير الشفافية والنزاهة، وأنا أرى أننا نسير في اتجاه مغاير تماما، وأن كل انتخابات في جرت الفترة الماضية تسير في اتجاه معاكس لهذا المؤشر، أضف إلى ذلك أن من المنتظر أن تكون هذه الانتخابات من دون إشراف قضائي كامل، لكن لا يزال للهيئة الوطنية للانتخابات الحق في إجراء انتخابات بإشراف قضائي كامل، وفي النهاية من الأفضل أن تتفق الأحزاب التي تحمل الرؤى نفسها على مرشح واحد لخوض الانتخابات في حال الاتفاق على خوضها.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية