تونس- “القدس العربي”: انتقد رئيس حزب تونسي لجوء القضاء لاستخدام فصل مؤقت مخصص لمواجهة وباء كورونا أضافته حكومة إلياس الفخفاخ السابقة، في محاكمة المتهمين بقضية التآمر.
وكانت المحكمة الابتدائية في تونس قررت عقد جلسة عن بعد لمحاكمة حوالي أربعين سياسيا وناشطا متهما في قضية التآمر على أمنة الدولة.
وانتقد عبد الوهاب الهاني، الخبير الأممي السابق ورئيس حزب المجد ذلك قائلا: “استعمال الفصل “الفخفاخي” (نسبة إلى حكومة الفخفاخ) المعدوم قانونا للمحاكمة عن بُعد غير القانوني وغير الدستوري وإخراجه من سياق “مكافحة جائحة كورونا” إلى سياق “جائحة قضايا التآمر” وإحياء عظام فصل قانوني استثنائي مؤقت طارئ ومتروك وفي عداد العدم وهي رميم، وانتهاك مبادئ المحاكمة العادلة وخرق مقومات دولة وسلطة القانون”.
وأوضح: “اعتمدت القاضية فوزية الرزقي رئيسة المحكمة الابتدائية في العاصمة على “الفصل 141 مكرَّر جديد” من “مجلة (قانون) الإجراءات الجزائية”، وهو فصل دخيل تمت إضافته في ظروف استثنائية، وبمرسوم استثنائي ومؤقت من طرف رئيس حكومة الرئيس الأولى (حكومة إلياس الفخفاخ) عام 2020 في سياق التفويض البرلماني، وينص على: التفويض (المؤقت) إلى رئيس حكومة الرئيس في إصدار مراسيم لغرض مجابهة تداعيات انتشار فيروس كورونا”.
وأشار الهاني إلى أن الفصل المقترح يقتصر فقط على “مجابهة تداعيات انتشار جائحة كورونا فقط، ولم يتعلق بتاتا بقضايا التآمر المنشورة، وهو تفويض مؤقت محدود في الزمان (60 يوما) وفي المكان وفي المضمون لمجابه جائحة كورونا”.
وينص الفصل المذكور على أنه “يمكن للمحكمة أن تقرر من تلقاء نفسها أو بطلب من النيابة العمومية أو المتهم، حضور المتهم المودع بالسجن بجلسات المحاكمة والتصريح بالحكم الصادر في شأنه، باستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري المؤمنة للتواصل بين قاعة الجلسة المنتصبة بها المحكمة والفضاء السجني المجهز للغرض، وذلك بعد عرض الأمر على النيابة العمومية لإبداء الرأي وشرط موافقة المتهم على ذلك. ويجوز للمحكمة في حالة الخطر الملم أو لغاية التوقي من إحدى الأمراض السارية أن تقرر العمل بهذا الإجراء دون التوقف على موافقة المتهم المودع بالسجن”.
كما ينص على أن “القرار الصادر عن المحكمة يكون باعتماد وسائل الاتصال السمعي البصري كتابيا ومعللا وغير قابل للطعن بأي وجه من الأوجه، ويعلم به مدير السجن المعني والمتهم ومحاميه عند الاقتضاء بكل وسيلة تترك أثرا كتابيا في أجل لا يقل عن خمسة أيام قبل تاريخ الجلسة، وللمحامي في هذه الحالة الخيار بين الدفاع عن منوبه بقاعة الجلسة المنتصبة بها المحكمة أو بالفضاء السجني الحاضر به منوبة (موكّله)”.
واعتبر الهاني أن قرار اعتماد المحاكمة “عن بعد” هو “قرار غير قانوني وغير دستوري لأن تنقيح مجلة الإجراءات الجزائية بمرسوم حكومي أمر غير مقبول وغير لائق وغير قانوني وغير دستوري. كما أن التنقيح بمرسوم جاء في سياق استثنائي مؤقت لمجابهة جائحة كورونا فقط ولا يمكن بأية حال من الأحوال تطبيقه خارج سياقه، وبالأخص في قضايا التآمر، إضافة إلى أن المتهمين لم يوافقوا على إجراء “المحاكمة عن بُعد”، في حين أن موافقة المتهم ضرورية بنص المرسوم”.
كما اعتبر أن هذا القرار “يخرق مبادئ ومقومات وضمانات المحاكمة العادلة، ويهضم حقوق الدفاع، وينتهك مبدأ علنية المحاكمة وحق الجمهور والمراقبين في متابعة أطوارها، ويضرب بعرض الحائط بمبدأ فردية الجريمة والعقوبة عبر حشره وبطريقة جماعية لرقم قياسي من الخلط وصل إلى جمع 119 قضية تآمر، وبدون تعليل انفرادي لكل قضية ولوضعية كل متهم على حدة ولمركزه القانوني والخطر المُلِمّ بسببه أو لحمايته شخصيًّا”.
وكان عدد من المعتقلين في قضية التآمر عبروا، في رسائل من سجنهم، عن رفضهم لقرار المحكمة المتعلق بتنظيم جلسة عن بعد، كما أكدت أحزاب المعارضة رفضها للقرار، محذرة من التوظيف السياسي للقضاء لضرب الخصوم السياسيين.