رسائل إسرائيلية جديدة لإدامة الحرب وحصار على الشمال ومجازر في كل مكان

أشرف الهور
حجم الخط
0

غزة ـ «القدس العربي»:  لا تعطي أي من المؤشرات التي صدرتها دولة الاحتلال، أن هناك نوايا لدى حكومة اليمين المتطرف، أن تتجه صوب إبرام صفقة تهدئة تنهي الحرب على قطاع غزة، بعد ظهور نتائج الانتخابات الأمريكية، خاصة وأن تحليلات عدة ذكرت سابقا، أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، سيرجئ أي قرار بشأن انتهاء الحرب إلى ما بعد معرفة النتيجة، بل اتخذ سلسلة خطوات سياسية على صعيد الحكومة، وميدانية كثف فيها من حجم القصف والتدمير، تشير إلى نواياه للإبقاء على الاحتلال وإدامة الحرب لفترة أطول.

مجازر وحصار

وكان من بين الرسائل الكبيرة على نوايا الإبقاء على الحرب وإطالة أمدها، تلك الأحداث الميدانية، فبدلا من الذهاب صوب تهيئة الأمور صوب الحل، لجأت الحكومة إلى التصعيد الميداني بشكل خطير جدا، فأعادت خلال الأسبوع الماضي توسيع رقعة التوغل البري شمال قطاع غزة، فدخلت الدبابات من جديد العديد من أحياء مخيم جباليا للاجئين، كما اتجهت إلى أحياء أخرى في بلدة بيت لاهيا، على وقع عمليات قصف جوي ومدفعي وارتكاب مجازر دامية، أزهقت فيها أرواح العديد من العائلات، وشطبتها بالكامل من السجل المدني، كما تخلل الهجوم البري العنيف الذي جددته قوات الاحتلال بهذا الشكل مع دخول العملية البرية في شمال غزة شهرها الثاني، إجبار السكان هناك على الرحيل القسري، وتهديد من تبقى بالموت بالقصف أو بسلاح الجوع ومنع العلاج.
وقد أجبرت العديد من العوائل على النزوح القسري، حين جرت محاصرة مراكز الإيواء ومربعات سكنية، فيما لا تزال بعض العوائل تصر على البقاء، لتيقنها أنه لا يوجد مكان آمن في غزة وخاصة مناطق الشمال، وهي تواجه خطر الموت في كل لحظة، مع استمرار حصار المشافي، وموت المصابين تحت ركام المنازل المدمرة، مع استمرار منع تحركات طواقم الإسعاف والإنقاذ.
وفي وصفه لما يجري في شمال غزة، قال الطبيب حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، إن الوضع على ما هو عليه، وأنه في كل يوم يتحول جرحى إلى شهداء، بفعل نقص الدواء وتعطل سيارات الإسعاف، لافتا إلى أن أحدا لا يستطيع أحد إنقاذ المصابين، وأنه لا توجد أي سيارة إسعاف تعمل شمالي القطاع، الطبيب الفلسطيني أكد في حديثه أن شمال غزة يتعرض لـ«حصار قاتل» حيث يمنع الاحتلال ادخال الطعام والماء والدواء.
أما مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، فأكد هو الآخر أن إسرائيل لا تسمح بإدخال المساعدات من الأغذية والمياه إلى شمال غزة، وأكد أن العمليات البرية تحول دون وصول العاملين في المجال الإنساني إلى المحتاجين.
وترافق ذلك مع تصعيد للعدوان على مناطق الوسط والجنوب من قطاع غزة، ففي الوقت الذي كان فيه المواطن الأمريكي يدلي بصوته، كانت الصواريخ تنهال على كافة مناطق القطاع، ومن ضمنها ما تصنفها قوات الاحتلال «مناطق إنسانية» في مواصي خانيونس، وضاعفت من حجم الغارات على مناطق الوسط والجنوب، وكذلك على مناطق التوغل شمال غزة، بعد إعلان النتائج بفوز دونالد ترامب.

احتلال رفح

وبما يشير إلى نوايا الاحتلال إدامة الحرب واحتلال غزة، ومخالفة كل مقترحات التهدئة التي قدمت في الأوقات السابقة، كشف النقاب أن جيش الاحتلال شرع بإنشاء مواقع عسكرية من الإسمنت المسلح في طول «محور فيلادلفيا» الواقع في المنطقة الفاصلة بين قطاع غزة ومصر.
إذاعة جيش الاحتلال التي أوردت النبأ، ذكرت أنه سيتم تزويد المرافق التي يتم تشييدها في المحور بالكهرباء والإنترنت، وهو ما يؤكد على استمرار خطط الاحتلال لاستمرار احتلاله للمكان، والذي أعلن في أيار/مايو الماضي، أنه فرض عليه «سيطرة عملياتية» مع بداية هجومه البري على مدينة رفح.
وهذا المحور الذي يمتد على طول نحو 14 كيلومترا، من بحر مدينة رفح غربا، حتى الحدود الشرقية بين القطاع ودولة الاحتلال شرقا، يعد مكانا استراتيجيا، واحتلاله يعني تحكم الاحتلال في حركة المسافرين من وإلى غزة من معبر رفح البري، الذي يقع على أحد نقاطه، وهو أمر رفضته مرارا حركة حماس، وأعلنت أنها لن تقبل بتهدئة من دون انسحاب جيش الاحتلال من هذه المناطق.
وبما يدلل على ذلك، كان إعلان الجيش الإسرائيلي عن تحقيق إنجاز عسكري كبير في استمرار الهجوم على جباليا وعلى مدينة رفح، وأكدت إيلا واوية، نائب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في تصريحات صحفية، أن «لواء ناحال» العسكري سيبقى في مدينة رفح.
وكان أكثر الرسائل التي تشير إلى نوايا نتنياهو إطالة الحرب، هو اتخاذه قرارا قبل ساعات من فتح صناديق الاقتراع الأمريكية، أقال فيه وزير الجيش يوآف غلانت، الذي كان شريكه في المجازر التي اقترفت ضد قطاع غزة، وقد ورد اسمه إلى جانب نتنياهو، في طلب المدعي العام للجنائية الدولية من المحكمة الجنائية، إصدار مذكرات اعتقال لهم، واستبداله بوزير الخارجية يسرائيل كاتس، الذي يعد من المتشددين تجاه الحرب، بعد أن وجه الوزير السابق انتقادات متكررة لنتنياهو، طالب فيها بالذهاب إلى وقف الحرب، على اعتبار أنه جرى تحقيق كل شيء، محملا في مرات سابقة مسؤولية استمرار الحرب وموت الجنود الأسرى لنتنياهو.

إقالة معارضي نتنياهو

ووصفت تقارير عبرية خطوة نتنياهو بأنها أشبه بـ «زلزال سياسي» حيث خرج في تسجيل مصور قال فيه «إن التزامي الأسمى كرئيس لحكومة إسرائيل هو الحفاظ على أمن إسرائيل وتحقيق النصر الكامل، لقد قمت بمحاولات عديدة لسد هذه الفجوات لكنها ظلت تتسع في خضم الحرب أكثر من أي وقت مضى، الثقة الكاملة مطلوبة بين رئيس الحكومة ووزير الأمن».
وذكر بيان صادر عن نتنياهو أيضا، أنه «خلال الأشهر الأخيرة حاولت تسوية الثقة بيني وبين وزير الأمن، قمت بمحاولات عديدة لجسر هذه الفجوات، لكن الأمر اتسع، ووصلت الى مسامع الجمهور بطريقة غير مقبولة، وسيئة، ووصلت إلى معرفة الأعداء وكانوا مسرورين من ذلك واستفادوا منه كثيرا».
لكن هذه الخطوة، كانت تنم فقط عن مدى الخلاف الذي ظهر مؤخرا بين الرجلين على خلفية إنهاء الحرب على غزة، حيث يتبنى غالانت موقف قيادة الجيش والأمن، بضرورة الذهاب إلى عقد تهدئة، وتقديم ما يصفونه بـ«التنازلات» لعقد صفقة تبادل أسرى، هو أمر يرفضه نتنياهو.
لكن وزير الجيش المقال، رد على ذلك بالإعلان أن إقالته تمت نتيجة خلافات حول ثلاثة مواضيع وهي «قانون التجنيد والالتزام الأخلاقي باستعادة المختطفين وتشكيل لجنة تحقيق رسمية بأحداث 7 أكتوبر».
وبما يخالف أكاذيب نتنياهو، أكد غالانت أنه بالإمكان التوصل إلى صفقة واستعادة المختطفين، من خلال «تنازلات بعضها مؤلمة» وقال «علينا أن نفعل ذلك في أسرع وقت ممكن وهم على قيد الحياة، إنهم بحاجة للعودة إلى منازلهم وعائلاتهم».
وكان بذلك يوجه انتقادات لنتنياهو وحكومته التي رحب فيها رؤساء الأحزاب المتطرفة بهذه الإقالة.
وقد جرى الكشف بعد إعلان الإقالة، عن توجهات لنتنياهو، من أجل استبدال كل من قائد الجيش وقائد جهاز الأمن الداخلي «الشاباك» الذين يؤيدون عقد صفقة التبادل.
وبما يدلل على نوايا نتنياهو إطالة الحرب، وعدم الاكتراث لنتائج الانتخابات الأمريكية، خاصة وأن تحليلات سابقة قالت إن قرار اتخاذ موقف من إنهاء الحرب، والذهاب صوب التهدئة، سيكون بعد الانتخابات، حتى لا يؤثر قرار نتنياهو على الناخب الأمريكي، ويذهب باتجاه انتخاب هاريس، فقد كشفت «القناة 12 الإسرائيلية» أن رئيس الأركان الجنرال هرتسي هاليفي، أبلغ عائلات أسرى إسرائيليين في غزة أن الوقت حان للسعي لإبرام صفقة تبادل، وأن جيشه «حقق إنجازات كثيرة، ويجب التحلي بالشجاعة لإبرام صفقة».

صعوبة المفاوضات

وتلا ذلك أن جرى الكشف نقلا عن عائلات أسرى إسرائيليين في قطاع غزة، أنه تم إبلاغهم من قبل رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية «الموساد» ديفيد برنياع، أن فرص التوصل إلى اتفاق تبادل مع حركة حماس باتت ضعيفة.
وبما يؤكد ذلك نقلت «القناة 12» عن مصدر مطلع أن نتنياهو غير مستعد لإنهاء الحرب في غزة مقابل إعادة الأسرى.
وليتلو ذلك الكشف بأن نتنياهو زعم خلال حديث داخلي لأطراف حكومته، أن السبب في عدم عقد الصفقة، يرجع حسب زعمه لطلب حماس انسحاب الجيش من قطاع غزة.
ولذلك فقد خرج وزير الجيش الإسرائيلي الجديد، في أول تصريح صحافي له بعد توليه المنصب، يهدد باستمرار الحرب، حيث توعد بـ «هزيمة الأعداء» وتحقيق أهداف الحرب ضد حركة حماس وحزب الله اللبناني.
وكب على منصة «إكس»: «سنعمل معا لقيادة المؤسسة الدفاعية إلى النصر على أعدائنا وتحقيق أهداف الحرب، إعادة جميع الرهائن، وتدمير حماس في غزة، وهزيمة حزب الله في لبنان، واحتواء العدوان الإيراني، والعودة الآمنة لسكان الشمال والجنوب إلى منازلهم».
ولذلك فقد نقلت صحيفة «يديعوت أحرنوت» عن مصدر إسرائيلي مطلع قوله، إن ️الهم المركزي لنتنياهو ليس الإفراج عن الأسرى أو إنهاء الحرب، وأنه مهتم بالحفاظ على السلطة القائمة وعدم الذهاب إلى الانتخابات ومحاولة قلب الحقائق أمام الجمهور وإخفاء ما جرى في 7 أكتوبر والابتعاد قدر الإمكان عن لجنة التحقيق الرسمية بالحدث.
وذكرت المصادر أن هناك «حملة شيطانية داخلية لتعذيب عائلات الأسرى لخدمة أغراض سياسية ضيقة وأنانية».
أما زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، فقال وهو يرد على ادعاءات حكومة نتنياهو، إن ممثلي حكومة نتنياهو يدّعون أن حماس تُعطّل الصفقة وأنه لا مشكلة لدى الحكومة في عقدها، وأضاف «لكن هذه ليست الحقيقة، بل القصة التي يحبكونها».
وقال «️في حال احتاج ممثلو حكومة نتنياهو لتزوير الوثائق بهدف حبك القصص المزيفة فسيفعلون ذلك وسيُسرّبون وثائق سريّة وسيُعرّضون أمن إسرائيل للخطر» وأضاف منتقدا ما يجري «️حكومة نتنياهو تزوّر كل شيء، ولا يمكننا معرفة وضع الحرب أو الاقتصاد أو أي قضية أخرى بشكل حقيقي لأنها تنتهج التضليل والكذب» مؤكدا أن هذه الحكومة تسلب الجمهور حقه في المعرفة وتُغرق الإعلام بالمعلومات الكاذبة وتتحكم بنا عبرها.
هذا وقد أظهرت آخر تصريحات لحركة حماس، تطرقت فيها إلى ملف التهدئة، تمسكها بموقفها السابق القائم على انسحاب الاحتلال بالكامل من قطاع غزة، وأنها تريد تهدئة كاملة، ولا تريد طروحات إسرائيل بتهدئة مؤقتة حتى لا تعود دولة الاحتلال إلى الحرب بعد انجاز صفقة التهدئة.
ولذلك طالبت حركة حماس الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، بان يوقف «الانحياز الأعمى للاحتلال الصهيوني، والعمل الجاد والحقيقي على وقف حرب الإبادة والعدوان».
وأكدت أن الشعب الفلسطيني ماضٍ في مواجهة الاحتلال البغيض، وأنه لن يقبل بأي مسار ينتقص من حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وجاء ذلك بعد أن قال مصدر أمني مصري، حيث تقوم بلاده بدور الوساطة، في تصريحات نقلتها قناة «القاهرة الإخبارية» بعد وصول وفد من حماس للقاهرة الأسبوع الماضي، إن الحركة تتمسك بعدم تجزئة المفاوضات خوفًا من تسليم الأسرى ثم عودة الجانب الإسرائيلي لإطلاق النار.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية