الكوارث الطبيعية أو الحوادث المأساوية عموماً تمنح الناس على صعيد الأفراد والعائلات والعشائر والشعوب والأمم الفرصة، لإعادة تقييم علاقاتها بعضها ببعض، وهي فرصة لتحسين علاقة كانت قد توتّرت أو ساءت، وحتى لإنقاذ علاقة قُطعت، فمدُّ يد العون في المِحَن يعبِّر عن نوايا ومشاعر، كذلك فإنَّ قبول أو رفض هذا العون يُعبِّر عن موقف ما.
أثار رفض المغرب لعرض المساعدة الإنسانية من قبل الجزائر في كارثة الزلزال الأخيرة تساؤلات وردود فعل عديدة، بين مؤيِّد للموقف ومبرِّر له ومعارض له، فقد رأى البعض، خصوصاً من المغاربة أن الجزائر واحدة من ستين دولة قدّمت اقتراحات للمساعدة، وأن القبول اقتصر على أربع دول فقط، وهذا يعني وضع الجزائر في خانة المساواة مع الدّول الأخرى التي رُفض عَرضُها.
من جهة أخرى تساءل البعض، هل حقاً أنَّ المغرب ليس في حاجة إلى هذه المساعدات من الجزائر! وهل وَضْعُها في درجة واحدة ضمن عشرات الدول الأخرى طبيعي ولا يثير التساؤل؟ مما لا شك فيه، أن كل عربيٍّ كان يودُّ لو يرى في الكارثة، فرصة للتضامن بين الشعوب والدول والحكومات العربية، وهي مشاعر حقيقية تكنُّها جميع الشُّعوب العربية لبعضها بعضا، خصوصاً الشُّعوب التي توجد توتُّرات سياسية بين قياداتها فترتفع أو تنخفض بين حقبة وأخرى.
مد يد العون في الكوارث هي فرصة لتبريد الأجواء المشحونة، ولتخفيف حدِّة التوترات الناتجة عن مواقف سياسية متراكمة سبق واتخذها الطرفان بحقِّ بعضهما، لكلٍّ منهما أسبابه التي لستُ بصدد مناقشة أسبابها في هذا السِّياق فهي مُركَّبة وليست جديدة. عرض المساعدة هو واجب أخلاقي وإنساني، إلى جانب كونه حق الجار وواجب الشقيق تجاه شقيقه في القومية وفي الدين وفي التاريخ المشترك. إنّ رفض المغرب لمساعدات الجزائر ليس كرفضه المساعدات من دولة أخرى بعيدة. المؤكد هو أنَّ إسبانيا ليست أولى من الجزائر بتقديم يد العون للمغاربة وقبولها، وجود جزائريين مع علم بلادهم بين أنقاض المباني له وقع مختلف عن علم بلد أجنبي آخر. مع كل الاحترام للشعب الإسباني فهو ليس أقرب إلى الشعب المغربي من الشعب الجزائري، ولكن المواقف السياسية بين المغرب الرسمي وإسبانيا هي الأقرب، خصوصا ما يتعلق في قضية الصحراء الغربية.
المساعدات الجزائرية إلى المغرب، تحمل رمزية معنوية أكبر من أثر المساعدة المادي نفسه، الذي يقول المغرب إنه لا يحتاجه، فهي تنقل المشاعر الحقيقية لأبناء الشعب الجزائري تجاه إخوانهم من الشعب المغربي، وتعني كذلك قبول المغاربة لهذه المساعدة وهذا له عمق ومعنى كبير. وراء الرفض أو الموافقة حسابات سياسية أكثر من كونها حسابات تتعلق بالفعل بحاجات المنكوبين والتقنيات التنفيذية وغيرها. من ناحيتها أعلنت إسرائيل على لسان نتنياهو ووزيريّ الحرب والخارجية عن استعدادها لمدِّ يد العون إلى «الأصدقاء المغاربة» في وقت شدّتهم، في إشارة من الحكومة الفاشيَّة إلى العلاقات الساخنة بين البلدين، خصوصاً بعد صفقة التَّطبيع مقابل اعتراف إسرائيل بالصحراء الغربية كجزء من المملكة المغربية، وفي الواقع يأتي التطبيع تتويجا لعلاقات قديمة بين القيادة المغربية السابقة واللاحقة وقيادات إسرائيلية في مختلف الحقب، منذ عقود قبل خروجها رسمياً إلى العلن في رداء التطبيع. العرض الإسرائيلي هو حسابات سياسية بحتة لا علاقة لها بالحسِّ الإنساني المتقدِّم لدى حكومة الفاشيين، لأنَّ الممارسات الوحشية والكوارث التي تنزلها الفاشية بالشَّعب الفلسطيني من هدم وتشريد وقتل وسجن وتخريب ممتلكات، وحتى منع وصول مسعفين إلى جرحى وتركهم ينزفون حتى الموت، خلال حوادث أو مواجهات مع قوات الاحتلال، تؤكّد وحشية هذا النظام وفاشيته، وعدم صدقه في عروضه لتقديم الدَّعم الإنساني لأيِّ بلد كان، وليس إلى المغرب فقط، هي مواقف للاستثمار الإعلامي، علماً أن قيادة المغرب رفضت هذه العروض، ببساطة لأنّها لا تريد التسبُّب لنفسها بالحرج في هذا الظَّرف الخاص، وبالذات بعد رفض المساعدات الجزائرية.
بعد زلزال تركيا في فبراير من هذا العام، فتحت الحكومة التُّركية المجال لأكثر من ستين دولة للمساعدة، وهذا لم يضرّ أبداً في السِّيادة التركية، بالعكس، فقد كان هذا تأكيداً على ثقة الرئيس التركي بنفسه، ووضع سلامة وإمكانية إنقاذ أناس من تحت الأنقاض على سلم الأولويات، وقد جرى إنقاذ كثيرين بعد مرور أكثر من يومين وحتى بعد مئة ساعة من الزلزال، وأظهرت الانتخابات الرئاسية أن المناطق المنكوبة بالذات صوَّتت بأكثرها لصالح أردوغان، خلال جولة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وهذا يعني أن إدارته للأزمة في وقت الزلزال كانت مُرضية للناس، وهذا ما عبّروا عنه بصورة ديمقراطية وبلا إكراه. الكوارث الطبيعية فُرصٌ استثمارية للجميع، أوَّلا لرجال الأعمال وشركات إعادة الإعمار، وللسِّياسيين الذين قد يزعمون عدم إدارة حكيمة للأزمة، ويجب محاسبة المسؤولين، أو العكس، توجيه الشُّكر والامتنان للقيادة لأنها قامت بواجبها تجاه الضحايا، هذا يتعلق إلى حد كبير بنوعية النظام ومساحة حرّية التعبير والنقد، كذلك فإن لبعض دعاة الدين نصيبهم في تلقُّف الفرصة، فهم يوجِّهون أصبع الاتهام إلى الضحايا أنفسهم، لأنَّ الفساد عمّ وطمّ، والكارثة هي عقاب إلهي لهم وتحذير لغيرهم، دون أية حساسية لمشاعر الضحايا وذويهم بشكل خاص، فوق مصيبتهم يُتّهمون بالفساد الأخلاقي، وكأن العالم كله غارقٌ في الفضيلة، سوى هؤلاء المساكين الذين باتوا في لحظات تحت الأنقاض، ودون مأوى أو دواء، أو جرفتهم الفيضانات كما في ليبيا. هذا التنكيل بالضحايا ظاهرة موجودة لدى بعض رجال الدين من مختلف الديانات والعقائد، وليست مقتصرة على المسلمين، فرجال دين يهود يعزون الكوارث وحتى حوادث السير والأمراض والعنف إلى ابتعاد الناس عن التوراة، ولعدم احترام السَّبت وغيرها، ويحذّرون بأن نهاية إسرائيل قد تكون بسبب الابتعاد عن التوراة والفساد الأخلاقي في المجتمع، وليس بسبب أيِّ عدوٍّ خارجي آخر.
التغييرات المناخية وما يشهده العالم يشير إلى أن المستقبل سوف يكون حافلا بالكوارث الطبيعية، وقد ينقل على رأس الاهتمام سلامة المواطنين، وحتى بقاء أو عدم بعض الكيانات السِّياسية، وهذا يستدعي تنسيقاً أعمق واستعدادات أفضل للكوارث تتسامى فوق النزاعات السِّياسية، وخصوصاً بين الدُّول العربية، وواجبها بوضع مصلحة شعوبها وسلامتها فوق أي اعتبارات أخرى.
كاتب فلسطيني
المغرب عرض طائرات لإطفاء الحرائق في الجزائر ولم يتم حتى الرد من باب الاحترام بالقبول أو الرفض .
من الممكن قبول المساعدات من الشعب الجزائري وليس من الحكومة الجزائرية
بالأمس القريب عرض المغرب مساعدات على الحزائر في إطفاء حرائق الغابات، فرفضتها وطلبت مساعدات من إيطاليا
السلام عليكم
الحمد لله الشعب المغربي قام بالواجب وجمع التبرعات للمحتاجين ، لا ينقصهم اي شئ ، وكذلك الدولة ستبني البيوت المدمرة.
لا نحتاج اي مساعدة من اي دولة لدينا خيراتنا
لدينا الفوسفاط الذهب الفضة الغاز …
السمك …..