الجزائر: حتى وإن غابت كتيبة “محاربي الصحراء” عن بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر 2022، فإن الجزائر تركت بصمتها على فعاليات هذا الحدث الرياضي الكبير الذي يقام لأول مرة على أرض عربية وإسلامية.

فمن دعمها المطلق لدولة قطر، وحضور رئيسها عبد المجيد تبون، لحفل الافتتاح، وحضور جماهيرها اللافت في مختلف ملاعب البطولة، مرورا بحادثة اعتداء صامويل إيتو، رئيس الاتحاد الكاميروني على أحد المؤثرين الجزائريين الشباب، إلى “اتهامها بتجاهل” التأهل التاريخي لجارتها الغربية، المغرب إلى دور الثمانية، ظلت الجزائر لاعبا رئيسا في المونديال رغم أنها فشلت في اقتطاع تأشيرة التأهل من (الأسود غير المروضة الكاميرونية).

وقطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب نهاية آب/أغسطس الماضي على خلفية ما تسميه قيام الرباط بـ”أعمال عدائية” ضدها، بيد أن الرئيس تبون، وجه دعوة رسمية لملك المغرب محمد السادس لحضور القمة العربية التي استضافتها بلاده مطلع الشهر الماضي، لكن العاهل المغربي غاب عنها.

ويسخر أحمد، وهو رياضي سابق، من بعض التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تدعي أن الجزائريين لم يفرحوا للتأهل التاريخي لـ”أسود الاطلس”، فيقول إنه سارع شخصيا لتهنئة عدد من أصدقائه في المغرب بعد الإنجاز غير المسبوق للكرة العربية.

وأضاف “ما حققه المنتخب المغربي يستحق عليه الثناء، فبعد تصدره لمجموعته، ها هو ينجح في إقصاء أحد المنتخبات المرشحة للتتويج بالكأس. صراحة الروح القتالية التي اظهرها اللاعبون وتحليهم بانضباط تكتيكي صارم يستحقون مني وصف الأسود”.

وكتب إسماعيل بن ناصر، واحد من أبرز نجوم المنتخب الجزائري ونادي ميلان الإيطالي في حسابه على انستجرام: ” تهانينا يا إخوان، المغرب العربي فخور بكم”.

ولم يتفاجأ محمد شعيب، لاعب المنتخب الجزائري السابق، ومحلل أحد التليفزيونات الخاصة ،بمشوار المنتخب المغربي، وهو الذي توقع له التألق الأبرز من بين جميع المنتخبات العربية المشاركة حتى قبل انطلاق البطولة.

ويرفض أمين، وهو أحد المسؤولين في قناة تلفزيونية خاصة، اتهام الإعلام الجزائري بتجاهل انجاز منتخب المغرب، فيقول إن البرامج المرتبطة بالمونديال تناولت كلها نتائج المنتخب المغربي، ولم تنتظر التأهل على حساب إسبانيا لتفعل ذلك.

وأضاف “القول بأن هناك تعليمات بإغفال ما يفعله المنتخب المغربي في قطر هو هراء ولا يمت بصلة للحقيقة. برامجنا التحليلية تحدثت عن أداء زملاء أشرف حكيمي مثلما تحدثت عن بقية المنتخبات”.

ويوضح أمين أن التركيز على بعض التفاصيل في مباراة المغرب وإسبانيا خاصة تضييع لاعبي الأخير ضرباته الترجيحية، هدفه الإساءة إلى الجزائريين أكثر من شيء آخر، متسائلا في نفس الوقت عن دوافع الهجمات غير المبررة لوسائل إعلام ومواقع مغربية ومنذ سنوات عدة على مسؤولين وهيئات رسمية في الجزائر.

وعادت العديد من الصحف الجزائرية للمشوار الاستثنائي لـ”أسود الأطلس”، فجريدة “المجاهد ” الحكومية وهي أقدم صحيفة في البلاد، أشادت خلال تقييمها للدور الأول بالنتائج الباهرة للمغرب الذي تصدر مجموعته على حساب منتخبي كرواتيا وبلجيكا القويين.

أما صحيفة “لوسوار دالجيري” فأبرزت تأهل المغرب لدور الثمانية في صفحتها الأولى مرفوقا بصورة للاعبين وهم يرفعون المدرب وليد الركراكي، وهي الصورة التي شاركتها يومية (الخبر) مع عنوان: “أسود الأطلس يدخلون التاريخ”.

وكتبت (النهار): “المغرب يهزم إسبانيا ويبلغ ربع النهائي” مع تعليق بارز “لأول مرة في تاريخ العرب”.

ربما تكون وسائل إعلام أخرى لم تتحدث بإسهاب عما حققه رفقاء حكيم زياش في المغرب، لكن حلقة من برنامج “بلاد سبورت”، الذي يبث على تلفزيون ” البلاد” الجزائري حقق مشاهدة قياسية فاقت المليونين في المغرب، بعدما شاركته صفحة محلية على موقع التواصل الاجتماعي، بعد الفوز على بلجيكا في الدور الأول.

رقم يدحض بدون شك كل المزاعم والتعليقات السلبية التي تريد إحداث القطيعة بين الشعبين الجزائري والمغربي رغم أن الرياضة وكرة القدم خصوصا ” تجمع ما تفرقه السياسة”.

(د ب أ)