القاهرة ـ «القدس العربي»: تحت شعار «رمضان بلا قضبان» أطلق «المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» حملة للمطالبة بالإفراج عن سجناء الرأي، ومنحهم وجميع المحبوسين على ذمة قضايا مماثلة، الحرية التي يستحقونها.
وتناول في حملته عددا من قصص المعتقلين السياسيين، بينهم الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق.
لا مساحة للخصوصية
وقال تحت عنوان «عبد الخالق فاروق… المهنة خبير اقتصادي والتهمة الانضمام لجماعة إرهابية» إنه في فجر الخامس عشر من مارس/ آذار الحالي، استعدت الفنانة التشكيلية نجلاء سلامة ليوم طويل ومجهد بينما تتحضر لزيارة زوجها عبد الخالق فاروق، المحبوس في سجن العاشر 6، حضرت له وجبة الزيارة، آملة أن يتم السماح بدخولها كاملة، ووصلت إلى مجمع سجون العاشر من رمضان التاسعة والنصف صباحا، بينما تم السماح لها بزيارته في الرابعة عصرا، لمدة لا تزيد عن 10 دقائق، بعد كل هذا الأمل والانتظار.
وتابع: غابت الأجواء العائلية والاحتفالات والبهجة عن أسرة عبد الخالق فاروق هذا العام بسبب ظروف حبسه في سجن العاشر 6، وبينما تعاني أسرته من ألم غيابه، يعاني داخل محبسه من استمرار حبسه، خاصة مع تدهور حالته الصحية.
وتقول نجلاء: ليس هناك مساحة خصوصية في أثناء الزيارة، ولا مساحة للتواصل الحقيقي، فقط بضع دقائق وتنتهي المقابلة، زوجي لا يرى الشمس، وممنوع من الاختلاط بالسجناء، بينما يتم السماح له بالتريض لساعة واحدة فقط داخل طابق الزنزانة.
وأضافت: زوجي عانى من 3 أزمات قلبية داخل محبسه منذ القبض عليه في 20 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كما تعرض لأزمة كلى أيضا، بالإضافة إلى معاناته من أزمات صحية أخرى، وتم نقله لمستشفى السجن أكثر من مرة، وحياته في خطر يومي، حيث تم نقله إلى مبنى بعيد وتفريغ 8 زنازين في الطابق الخاص به، ما يحول دون سرعة إسعافه في حال تعرضه لأي أزمة صحية.
وتستكمل: لا نجد تفسيرا لما يحدث لزوجي، يتم السماح بدخول الكتب له، بينما يتم منعه من الحصول على أقلام وأوراق للكتابة، ولا نفهم مبرر ذلك، الكتابة هي الماء والهواء بالنسبة لعبد الخالق، ما الخطر من السماح له بالكتابة حتى داخل محبسه.
وقبل أيام، قررت محكمة جنايات بدر تجديد حبس فاروق 45 يوماً على ذمة التحقيقات في القضية رقم 4937 لسنة 2024، عبر تقنية «الفيديو كونفرانس» فيما انقطع الصوت والصورة أثناء حديثه فجأة، ما حرمه من الإدلاء بأي تفاصيل قد تكشف تعرضه لانتهاكات داخل محبسه، حسبما ذكرت زوجته على «الفيسبوك» نقلاً عن محاميه.
وسبق أن نُقل الخبير فاروق إلى مستشفى سجن العاشر، ثلاث مرات منذ يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد تعرضه لأزمات قلبية يُشتبه بأنها ناجمة عن ضيق في الشريان التاجي، فيما اشتكى خلال إحدى جلسات تجديد حبسه من تعنت إدارة السجن معه ومنعه من التريض.
وقُبض على فاروق، البالغ من العمر 67 عاماً، من منزله في 20 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وتم عرضه على نيابة أمن الدولة التي وجهت له تهماً منها «الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة» وسبق حبسه في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018، بالاتهامات نفسها بعد نشر كتابه «هل مصر بلد فقير حقاً؟» وتمت مصادرة الكتاب من المطبعة، قبل أن يتم الإفراج عنه لاحقاً.
وفي التاسع من شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن الدخول في إضراب عن الطعام بسبب سوء أوضاعه داخل محبسه وعدم توفير الرعاية المناسبة له، قبل أن ينهيه لاحقا، بعد تدهور حالته الصحية، حيث يعاني من أمراض الضغط والسكري ومشاكل في الشرايين، وسبق له أن شرح خطورة حالته الصحية خلال أحد التحقيقات معه.
وبين خلال جلسة لنظر تجديد حبسه في وقت سابق أن إدارة السجن تغلق عليه وباقي المحبوسين الزنزانة، وذلك لمدة 23 ساعة يومياً، ما يؤثر على حالتهم الصحية والنفسية.
القيادي في حركة» 6 أبريل» شريف الروبي، كان أحد الأسماء التي تضمنتها الحملة، تحت عنوان «سجين التضامن مع السجناء».
تناولت حالات خبير اقتصادي وقيادي في حركة «6 أبريل» وسجين لافتة فلسطين
وقال المركز في حملته إنه لم يكد الروبي يهنأ بقرار إخلاء سبيله بعد فترة من الحبس الاحتياطي، حتى فوجئ بالقبض عليه مجددا عقب 4 أشهر فقط من خروجه، لتتجدد معه مأساته في الحبس التي عانى منها خلال سنوات، ليصبح معها ضيفا شبه دائم على زنازين سجناء الرأي، على ذمة التحقيقات في القضية رقم 1634 لسنة 2022 حصر أمن الدولة العليا، بعد 4 أشهر من قرار إخلاء سبيله.
نشر أخبار كاذبة
وألقي القبض على الروبي فجر 16 سبتمبر/ أيلول 2022 من أمام أحد الفنادق في ميدان أحمد حلمي، وسط القاهرة، ثم تم عرضه على نيابة أمن الدولة والتحقيق معه على ذمة القضية رقم 1634 لسنة 2022، باتهامات بـ«نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية» وقررت النيابة وقتها حبسه 15 يوماً، وهو منذ ذلك التاريخ رهن الحبس الاحتياطي، ويجدد له أمام دائرة الإرهاب في محكمة الجنايات، وهو الآن محبوس في سجن العاشر 6.
وفي شهر مايو/ أيار 2023، وأثناء نظر أمر تجديد حبسه أمام محكمة الجنايات المنعقدة في غرفة المشورة، فوجئ فريق الدفاع عن الروبي بمعاناته من صعوبة في النطق، مشيرا إلى إصابته بالتهاب شديد في العصب السابع ترتبت عليه آلام مبرحة، ورفضت إدارة سجن أبو زعبل عرضه على الطبيب المختص أو إيداعه في مستشفى السجن لتلقي العلاج اللازم.
وتقدم محامي المركز بطلب إلى المستشار المحامي العام لنيابات أمن الدولة، للمطالبة بإخلاء سبيل الروبي، مع توفير الرعاية اللازمة له خاصة مع ازدياد سوء حالته الصحية داخل محبسه.
وأكد المركز في طلبه انتفاء مبررات الحبس الاحتياطي للروبي، والتي نصت عليها المادة 134 من قانون الإجراءات الجنائية، حيث أن له محل إقامة ثابتا ومعلوما، ولا يخشى عليه من الهرب حال إخلاء سبيله، كما أنه لا يستطيع التأثير أو العبث بأدلة القضية كونها في حوزة النيابة العامة، بالإضافة إلى أن إخلاء سبيله لن يؤدي إلى الإخلال الجسيم بالأمن أو النظام العام، بالإضافة إلى أنه قد تم حبسه من قبل في قضايا مشابهة بالاتهامات نفسها، وأخلي سبيله منها بعدما لم تجد النيابة العامة أي دليل ضده.
وطالب المركز في حال تعذر إخلاء سبيل الروبي، باستبدال الحبس الاحتياطي بأحد التدابير الاحترازية المنصوص عليها بالمادة 201 من قانون الإجراءات الجنائية.
وقضى الروبي من قبل قرابة عام ونصف من الحبس الاحتياطي في الفترة بين ديسمبر/ كانون الاول 2020 حتى مايو/ أيار 2022 بالاتهامات نفسها، في القضية رقم 1111 لسنة 2020 أمن دولة، ليصبح احتجازه هذه المرة الرابع من نوعه، إذ تم القبض عليه المرة الأولى في 2016 بتهمة خرق قانون التظاهر، ثم في 6 أبريل/ نيسان 2018 في محافظة الإسكندرية، وفي 22 يوليو/ تموز 2019 وبعد قرابة عام ونصف من الحبس الاحتياطي، قررت محكمة جنايات القاهرة إخلاء سبيل الروبي بتدابير احترازية، إلا أنه تم وضعه مرة رابعة في هذه القضية 1634 لسنة 2022 حصر أمن الدولة العليا.
لافتة فلسطين
وتناولت حملة «رمضان بلا قضبان» أيضا، قصة أحد معتقلي دعم فلسطين.
وقالت إن شادي محمد قيادي عمالي مسجون لـ «دعمه فلسطين».
وحسب الحملة، في 29 أبريل/ نيسان الماضي، تم القبض على شادي محمد، العضو المؤسس في المؤتمر الدائم لعمال الإسكندرية والقيادي في النقابة المستقلة لعمال شركة «لينين غروب» للمفروشات والمنسوجات، من أمام منزله في الإسكندرية، بعد يوم واحد من القبض على 5 شبان على خلفية تعليق لافتة تضامنية مع فلسطين في محافظة الإسكندرية، شمال مصر، ووُجهت إليه تهم «الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة والتجمهر غير القانوني».
وبدأ شادي محمد إضرابا مفتوحا عن الطعام في 29 يناير 2025، احتجاجاً على نقله إلى سجن برج العرب دون إبداء أسباب، وتجريده من متعلقاته الشخصية، حسب زوجته سلوى رشيد.
وعبرت رشيد عن قلقها البالغ بعد فقدان التواصل معه، مشيرة إلى أنها لم تحصل على أي معلومات بشأن وضعه الصحي أو مكان احتجازه الحالي.
وفي جلسة غرفة المشورة في محكمة جنايات بدر، التي عقدت للنظر في تجديد حبسه، في 18 فبراير/ شباط الماضي، تم إدراج اسمه ضمن كشوف المحتجزين في سجن العاشر، تأهيل 6. ومع ذلك أبلغ المحامون القاضي بأنه تم ترحيله إلى سجن برج العرب، وعند محاولة التأكد من ذلك أبلغ مسؤولو السجن أنه غير موجود لديهم، حسب سلوى.
ومؤخرا، أنهى شادي محمد إضرابه بعد تحسن معاملته من قبل إدارة السجن، وفقًا لما ذكرته زوجته سلوى رشيد بعد زيارتها له في مستشفى السجن.
الحبس بسبب منشور
اسم آخر تضمنته الحملة، هو الصحافي سيد صابر، المحبوس بسبب منشور» على مواقع التواصل الاجتماعي.
ووفق الحملة، في 21 فبراير/ شباط الماضي، غاب الكاتب الصحافي الساخر سيد صابر عن احتفال أسرته المعتاد بعيد ميلاده، لكن هذه المرة لم يكن هناك احتفال لغيابه اضطراريا عنه بسبب ظروف حبسه، بعيدا عن حريته وأحبائه، في ذلك اليوم غابت ضحكاته وقصصه التي اعتاد أن يشاركهم إياها، بينما كان محور حديث الأسرة عن الأمنيات بخروجه.
سيد صابر الذي طالما أمتع قراءه بقصصه ومقالاته اللاذعة، وجد نفسه خلف القضبان، بعد أن ألقت قوات الأمن القبض عليه من منزله في مساء يوم 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حيث جرى اقتياده إلى جهة غير معلومة، قبل عرضه على النيابة للتحقيق، بسبب منشور على «فيسبوك».
وجهت نيابة أمن الدولة العليا إليه اتهامات «الانضمام لجماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي» وفي 2 مارس/ آذار الجاري، قررت تجديد حبسه للمرة السابعة لمدة 15 يوماً، رغم حالته الصحية المتدهورة، إذ أجرى عمليتين جراحيتين في القلب ويعاني من أمراض مزمنة.
وصابر كاتب صحافي ساخر، حاصل على بكالوريوس علوم اجتماعية، وبكالوريوس صحافة وإعلام من جامعة القاهرة، وكتب في عدد من المواقع والإصدارات الصحافية المصرية والعربية، وصدرت له مجموعات قصصية من بينها «غالية وبوء بوء» و«مزرعة المكرونة» و«سوتي والجنرال».
ومنذ القبض عليه، تحولت حياة أسرته إلى انتظار مرير، حيث يترقبون كل جلسة أملين في الإفراج عنه، لكن الأيام تمضي ثقيلة، والأعياد والمناسبات تمر دون وجوده، بينما يحدو أسرته الأمل في خروجه خلال شهر رمضان الكريم.
وتقدر منظمات حقوقية عدد المعتقلين في مصر بـ 60 ألف معتقل، فيما تنفي السلطات المصرية وجود معتقلين في السجون، وتقول إن كل المحتجزين على ذمة قضايا جنائية.