رواية «دروب الفقدان» هي الجزء الثاني من ثلاثية العذاب، ثلاثية الحياة والمدينة والمنفى للروائي العراقي المغترب عبد الله صخي.
في الجزء الثاني من الثلاثية تأتي رواية «دروب الفقدان» لتغوص في أعماق الواقع العراقي المؤلم، واقع قاد الكثير من العراقيين نحو دروب ومتاهات الفقدان رغما عنهم، في ظل قيادة سياسية وعسكرية هوجاء جاءت ورحلت لتخلف وراءها بحارا من دماء ودموع…
الشخصية الرئيسية هي الشاب «علي السلمان»، إنسان مسالم من مدينة الثورة، المدينة التي قام بإنشائها الرئيس الراحل عبد الكريم قاسم في بغداد. السلمان شاب طموح أحب الغناء والدراسة، عاش في مجتمع فقير تربى على البراءة الساذجة وطيبة القلب اللامحدودة.
في لحظة وبسبب وشاية – وكما هو الحال- في الأنظمة السابقة في العراق، يتم اعتقال «علي السلمان» من قبل الأجهزة الأمنية القمعية ليضيع بعدها في دروب النسيان وإلى الأبد حاملا معه ذكريات محلة وجيران وأصدقاء وأحباء. وكمْ من إنسان عراقي ضاع بسبب وشاية من صديق أو زميل أو قريب، وشاية من شأنها أن تقضي على أحلامه لتلقي به في غياهب السجون إلى الأبد. بعد اعتقاله يترك خلفه والدته «ميكة الحسن» التي تعيش حياتها في صدمة وذهول وترقب، وهي في حالة من الضعف والمرض حتى تسلم الروح لبارئها منهية بذلك أحد فصول الأحزان والمعاناة النفسية.
الكثير من الأعمال الأدبية العراقية تناولت فترة النظام السابق منذ البداية وحتى سقوطه وما صاحبها من مآس وأحزان أصابت العراقيين في مقتل، مخلفة وراءها جراحات عميقة لا يمكن للأيام أن تمحوها، لأن جراحات الجسد قد تلتئم بمرور الزمن، لكن جراحات القلب من الصعب جدا أن يكون لها شفاء حتى مع الزمن، لا بد من أن تبقى آثار.
«دروب الفقدان» عمل أدبي بامتياز مبني بناء سرديا محكما، ومكتوب بلغة سلسلة بسيطة تتسلل نحو دروب فهم وقلب القارئ، بعيدة عن الإسهاب والتكرار، أما الشخصيات فقد جاءت في زمانها ومكانها المناسبين، فالكاتب استطاع خلق تناغم بين الأفكار والشخصيات وتسلسل الأحداث.
الرواية إضافة إلى أنها عمل أدبي يصور واقع حياة عوائل عراقية في مدينة الثورة، فهي قد نقلت لنا جزءا من التاريخ التعسفي الذي مرّ على أبناء هذا البلد المغدور. البلد الذي شاءت أقداره أن يحمل الأبناء ذنبا لم يقترفوه. الكتابة الروائية عن أحداث تاريخية مرت ولا تزال على بلد مثل العراق، مهمة ليست بالسهلة واليسيرة، فالكاتب يجب ان يأخذ على عاتقه حكايات مدينة وحوادث وأفراد عاشوا وماتوا على أرضها، وما تعرضوا له من مأسٍ وخذلان على يد أنظمة كانت لها اليد العليا في البطش وسفك الدماء، وكما قال الأديب عبد الله صخي في تصريح صحافي، «إن الكتابة بالنسبة لي رد اعتبار للإنسانية المنتهكة»…
صدر للأديب العراقي عبد الله الصخي ثلاثية العذاب: خلف السدة،
دروب الفقدان، اللاجئ العراقي.
صحافي من العراق