روبيو وتطهير البيت: مَن يجرؤ على انتقاد الاحتلال؟

حجم الخط
10

يكاد «مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل» أن يكون الوحيد الذي يتجاسر على انتقاد دولة الاحتلال الإسرائيلي، ضمن المكاتب الكثيرة التي تتبع وزارة الخارجية الأمريكية، لا لأي اعتبار يخص الشجاعة أو النزاهة أو العدل أو تطبيق القانون، بل لاضطرار المكتب إلى العمل في ضوء المهامّ الموكلة إليه في التسمية ذاتها.
لكن وزير الخارجية الجديد ماركو روبيو يأبى الإبقاء على المكتب في سياق وظائفه المحددة، ويرى أنه «تحوّل إلى منصّة لنشطاء الجناح اليساري، حيث تُشنّ الحملات الثأرية ضدّ الزعماء المناهضين لـ»الووك» في بولندا وهنغاريا والبرازيل، وتحويل كراهية إسرائيل إلى سياسات ملموسة مثل حظر الأسلحة»، الأمر الذي يستوجب شتى الإجراءات الكفيلة بتحجيم عمل المكتب. خيارات الوزير يمكن أن تبدأ بإعادة تسمية المكتب على نحو يجرّده من النطاقات الثلاثة الواردة في الاسم، وتخفيض مسؤولياته وصلاحياته، ووضعه في مرتبة وظيفية تابعة لقسم آخر في الوزارة.
تطهير بيت الخارجية الأمريكية من هؤلاء يشمل، حصر مهامّ المكتب في قضايا الحريات الدينية مثلاً، أو في المساعدات الخارجية والشؤون الإنسانية التي شرعت إدارة دونالد ترامب لتوها في تخفيض ميزانياتها أو إلغاء بعضها نهائياً، أو دمجه في مكاتب أخرى أكثر التزاماً بعلاقات الولايات المتحدة النوعية الاستثنائية مع دولة الاحتلال.
وكلّ هذا على الرغم من أن تاريخ المكتب لا يتضمن إلا مستويات ضئيلة تماماً في انتقاد سياسات الاحتلال الإسرائيلي بصدد انتهاكات حقوق الإنسان في الضفة الغربية وقطاع غزّة، وهذه لا تتجاوز رفع العتب والإشارة إلى ما هو فاقع وصارخ ولا يمكن إغفاله أو التعمية عليه أو نكرانه. وتلك الحالات ذاتها لا تأتي إلا في إطار واحد محدد هو التقرير السنوي لأوضاع حقوق الإنسان في العالم، والذي يمكن أن يشمل أيضاً ديمقراطيات أوروبية حليفة مثل بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا.
وفي المقارنة البسيطة مع تقارير منظمات ذات مصداقية عالية مثل «العفو الدولية»، كان المكتب مجبراً على ذكر الحد الأدنى أيضاً من تفاصيل مريعة دأبت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على ارتكابها، كما في آخر تقرير أصدره المكتب خلال رئاسة جو بايدن. هنا اكتُفي بالإشارة إلى «أعمال القتل العشوائي غير القانوني» أو «الاختفاء القسري» أو «التعذيب والمعاملة غير الإنسانية أو العقاب القاسي»، وكان واضحاً أن التقرير تقصد تهذيب الوحشية الإسرائيلية، واكتفى بالتلميح دون التصريح.
وأما حكاية حظر الأسلحة فإن المكتب كان هنا أيضاً مجبراً على اللجوء إلى مرجعية «تشريع ليهي» الذي يعود إلى أواخر تسعينيات القرن المنصرم، والذي يمنع وزارتَيْ الخارجية والدفاع من تزويد المساعدات إلى كيانات أمنية تحوم حولها شبهات ملموسة بارتكاب انتهاكات «فظيعة» لحقوق الإنسان. ومع ذلك فإنّ سجلات بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن تشهد بعرقلة أيّ مسعى في هذا السياق، ما خلا صفقة واحدة يتيمة تضمنت قنابل ذات زنة هائلة تبلغ 2000 طن.
إخراس المكتب رسالة صريحة إذن، لمَنْ يجرؤ على مجرد التفكير في انتقاد الاحتلال.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح// الاردن:

    *أصلا بدون الدعم والسلاح والمال الأمريكي
    لسقط هذا الكيان الصهيوني المجرم من زمان
    وهو فعلا ( نمر من ورق بدون امريكا ).
    **حسبنا الله ونعم الوكيل والله المستعان.

  2. يقول زياد:

    الإدارات الامريكيه هي ادارات داعمه لهذا الكيان الموقت وهذا امر مفهوم منذ تأسيس الكيان المؤقت فماهي العجيب في هذا لكن المؤلم اين نحن من كل هذا

  3. يقول العربي الأصيل:

    سياسة السيد ترامب تغير وجه أميركا تماما. فاقوى دولة في العالم تتجه باستطراد نحو اليمين المتطرف. وهذا بحد ذاته يعكس على العلاقات الدولية ويؤدي ال المزيد من الاستقطاب الحاد

  4. يقول محمد صالح:

    اتمنى ان يقراء هذا الخبر العرب والمسلمون الامريكان الذين صوتوا الى دونالد ترامب وكذلك الاعلام العربي الذي رحب بفوز ترامب .

  5. يقول محمد جبرؤوتي:

    بسم الله الرحمن الرحيم. لن تتوقف المجازر إلا بثورة إسلامية عالمية.

  6. يقول لبنى شعث -فلسطينية مغتربة:

    جاء في نص التقرير عبارة /وفي المقارنة البسيطة مع تقارير منظمات ذات مصداقية عالية مثل «العفو الدولية»/ –
    وبمثابة رد مباشر على هذه العبارة، لا أظن هنا أن منظمة «العفو الدولية» هذه ذات مصداقية عالية بهذه البساطة المدوَّنة في حقيقة الأمر. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تتكشف في المقابل هكذا منظمة عن مكذابية بخيسة في العديد من الدول النازية أو حتى النازية الجديدة كمثل ألمانيا “الاتحادية”، هذه الدولة التي تكشف عن نفسها بنفسها بوصفها (ربيبةَ الانحيازِ الخفيِّ لإسرائيل وإلى حدِّ تغافلِ فرعِ منظمة «العَفْوِ الدُّوَلِيَّة» Amnesty International فيها خاصَّةً عن انتهاك هذه الـ«إسرائيل» لحقوق الشعب الفلسطيني) على وجه التحديد..
    / مقتبس عن مقال الدكتورة آصال أبسال: «مَاهِيَّةُ الإِنْبَاءِ الكَوْنِيِّ: وذَاكَ إِحْرَاقُ المُقَدَّسِ وذَاكَ إِهْرَاقُ المُدَنَّسِ؟» (1)

    1. يقول سمر سعيد:

      تشكر الأخت الأستاذة لبنى شعث على المعلومات القيمة وإماطة اللثام عن المخفي

  7. يقول محي الدين احمد علي رزق:

    السلام عليكم، ورحمة الله وبركاته، روبيو وتطهير البيت: من يجرؤ على انتقاد الاحتلال؟ لأحد الحمد لله اتركوهم لا ينتقدوا إسرائيل ماذا سنستفيد نحن بنقد الاحتلال لاشيء وإذا تم انتقاد إسرائيل وفي نفس الوقت إعطاء الاحتلال أحدث ما أنتجت مصانعهم القذرة أقذر الأسلحة لقتل أبناء الشعب الفلسطيني ماذا سنستفيد بالأقلام لا شيء نفسي اسأل سؤالا لم تمل أمريكا وإسرائيل والغرب معهم من قتل الإنسان الفلسطيني بصفة خاصة والعربي بصفة عامة ماذا يعتقدون ألا يعلموا أن استمرار الحال على ما نحن عليه الآن من المحال الاستمرار ضد عدالة السماء ولكل شيء له مدة صلاحية ولأن يمر ما يتم فعله من الغرب ضد الشعوب الإسلامية دون عقاب وعلينا الصبر ولكن العالم الإسلامي أول يجب الرجوع الكامل إلى الله واتحاد الدول العربية والإسلامية وإذا لم نتحد فعلى هذه الأمة السلام وهذا ليس تشاءم هذا أمر ربنا للعالم الإسلامي وأيضا العالم لا يعترف بغير القوة والمصالح ونحن لكي نحمي مصالحين يجب أن نكون أقوياء ولكي نكون أقوياء الرجوع إلى الله والاتحاد وبعد هكذا تعال نتحاسب على ما فعلته معي من مؤامرات وفتن واستنزاف ونصب واحتيال وبلطجة أنا لا راء اليوم ليس بعيدا بل هو قريب جدا.

  8. يقول عبد الرحمن:

    رغم عدم حيادية الكثير من منظمات الأمم المتحدة إزاء العالم الثالث بفعل ضغوط الدول الكبرى فما تزال منظمة العفو الدولية موضع ثقة ومصداقية رضى من رضى وأبى. من ابى.

    1. يقول أحمد الشامي (الشاعر):

      قد يكون لفروعها في بعض الدول بعض المصداقية فاقرأ جيدا وافهم جيدا يا هذا
      أما فرعها في ألمانيا النازية فليس من المصداقية في شيء شاء من شاء وحرّن من حرّن

اشترك في قائمتنا البريدية