وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو رفقة الرئيس إيمانويل ماكرون في نوفمبر الماضي (أ ف ب)
الجزائر ـ “القدس العربي”:
هدّد وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو بتقديم استقالته إذا طُلب منه “التنازل” بشأن الملف الجزائري، مؤكدًا أنه لن يتراجع عن موقفه الصارم تجاه هذه القضية، في وقت يرى المؤرخ بنجامان ستورا أن موقفه المتشدد لا يخدم حل الأزمة بين البلدين.
وقال روتايو في مقابلة مع صحيفة “لو باريزيان”: “فرنسا مستعدة لخوض هذا الصراع… أنا لست هنا لمجرد شغل منصب، بل لتنفيذ مهمة وهي حماية الفرنسيين. طالما لدي قناعة بأنني مفيد وأملك الوسائل اللازمة لذلك، فسأظل ملتزمًا بمهمتي. لكن إذا طُلب مني التنازل في هذا الملف الذي يُعتبر حيويًا لأمن الفرنسيين، فإنني بالطبع سأرفض ذلك”.
وأوضح روتايو أن موقفه الصارم تجاه الجزائر ليس مجرد رأي شخصي، بل أصبح موقف الحكومة الفرنسية بأكملها، قائلاً: “بالطبع لا يوجد تراجع. أؤكد وأوقع. الآن، موقفي، الذي يقوم على مبدأ توازن القوى مع الجزائر، هو موقف الحكومة أيضًا”.
وأضاف الوزير أنه قد قام بالفعل بتقديم قائمة أولية تضم عددًا من الرعايا الجزائريين الذين ترغب فرنسا في ترحيلهم كأولوية. وهدد قائلاً: “إذا لم تستقبل الجزائر مواطنيها الخطرين الذين ترغب فرنسا في ترحيلهم، فسنتخذ إجراءات انتقامية تدريجية. لكن إذا احترمت الجزائر اتفاقيات 1994، التي تُعتبر تعديلاً للاتفاق الأصلي لعام 1968، فسيتم حل المشكلة”. وأكد روتايو أن الاتفاق الفرنسي الجزائري لعام 1968 سيكون موضع “إعادة نظر” في حال عدم استجابة الجزائر لمطالب فرنسا.
وتعد هذه التصريحات بمثابة رسالة واضحة ومباشرة إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي حاول سابقًا توجيه وزير داخليته نحو نهج مختلف في التعامل مع الملف الجزائري دون جدوى.
ويميل التحليل الرسمي في الجزائر، إلى وجود انقسامات حادة في السلطة الحاكة بفرنسا حول الملف الجزائري. وسبق لوكالة الأنباء الجزائرية، أن ذكرت أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، حاول التهدئة وتقليص حدة الخلافات عقب التهديدات والإنذارات التي أطلقها رئيس وزرائه تجاه الجزائر، إلا أن محاولات التخفيف من الأزمة لم تُجدِ نفعًا، حيث استمرت التصريحات العدائية من وزير داخليته برونو روتايو، الذي جعل من عدائه تجاه الجزائر عنوانا لحساباته السياسية .
وفي قراءتها، تؤكد الوكالة الرسمية في الجزائر، أن “روتايو لا يملك أي مشروع سياسي وليس لديه أدنى فكرة أو رؤية لصالح فرنسا، باستثناء التنكر لمبادئها وتقزيمها. فحساباته هي حسابات صاحب دكان لا يتعدى أفقه المحدود استطلاعات الرأي التي يتابع بشغف كل توجهاتها والوعود السياسية حول مستقبل هو الوحيد الذي يؤمن به”، وذلك في إشارة إلى ممارسته التصعيد ضد الجزائر لدوافع انتخابية.
ولا يبتعد المؤرخ بنجامين ستورا، كثيرا في التحليل حول هذا الموضوع، إذ يرى أن هناك خلافًا داخل الحكومة الفرنسية حول الجزائر، بين وزيري الداخلية والخارجية، مشددا على ضرورة استئناف الحوار لمعالجة الأزمة.
وذكر المؤرخ في حوار مع جريدة “الخبر” أن هناك موقفا متشددا من وزير الداخلية، الذي يتحدث عن “شد وجذب” مع الجزائر، وموقفا تصالحيا من وزير الخارجية، الذي يدعو للخروج من الأزمة من خلال الحوار.
وأوضح أن الرئيس ماكرون يميل إلى الموقف الأخير، لكنه لم يناقش معه هذه القضايا منذ عدة أشهر. وأضاف: “لا أرى كيف يمكن الخروج من هذه الوضعية، إلا من خلال استئناف الحوار”.
من جانب آخر، وعن انعكاسات هذه الأزمة على مشروع “مصالحة الذاكرتين”، أكد ستورا قائلاً: “لم نجتمع منذ ماي 2024، رغم أن اللقاءات السابقة، والتي بلغ عددها خمسة منذ 2023، كانت إيجابية للغاية، خاصة في ما يتعلق بالعمل التاريخي حول القرن التاسع عشر، وتحديداً في جرد زمني للتوغل الاستعماري الفرنسي، وبحث المراجع من كتب وأرشيفات”.
وأشار إلى أنه “تم أيضًا مناقشة إمكانية استرجاع فرنسا للأشياء التي تخص الأمير عبد القادر، لكن ذلك لم يكن ممكنًا على الفور، حيث ذكر المسؤولون ضرورة وجود قانون عام لهذا الاسترجاع”. وأعرب عن أسفه قائلاً: “للأسف، جاءت تقلبات الأزمة السياسية لتصطدم بهذا العمل، وأصبحت أنشطة اللجنة في حالة تعليق”.
وبخصوص الجدل الذي أثاره الصحافي جان ميشيل أباتي حول مقارنة الجرائم النازية بالممارسات الاستعمارية في الجزائر، قال ستورا: “تاريخ التوغل الاستعماري الفرنسي طوال القرن التاسع عشر، بما في ذلك المذابح والمقاومات من الغرب إلى الشرق، مع معارك الأمير عبد القادر، وحصار واحتلال قسنطينة في 1837، ومجزرة سكان الأغواط، وثورة القبائل في 1871، وما تلاها من مصادرة واسعة للأراضي ونفي الثوار إلى كاليدونيا الجديدة، مع إقامة المستعمرات الاستيطانية… كل ذلك غير مُدرّس في فرنسا. بدلًا من ذلك، يُذكر ما يسمى بـ”الاستعمار السعيد””.
وأضاف: “كانت المفاجأة كبيرة عندما أراد جان ميشيل أباتي مقارنة الفظائع الفرنسية بالجرائم التي ارتُكبت خلال الحرب العالمية الثانية. في الواقع، هو ليس الأول الذي يتحدث بهذه الطريقة، فقد طرح هذا السؤال بالفعل فلاسفة مثل أرندت في الأربعينيات”.
وشدد على أنه “من الضروري بذل جهود كبيرة في مجال التعليم لنقل تاريخ فرنسا بشكل صحيح. ما قمت به من جانبي كان نشر كتاب بعنوان “تاريخ الجزائر الاستعماري” في عام 1992، لكن المجتمع لم يكن مستعدًا بعد للاستماع. ومع ذلك، الأجيال الشابة تبحث عن هذا التاريخ الاستعماري وعن تاريخ العبيد. سيكون من الصعب إيقاف هذه الحقيقة التي تسير قدمًا”.
ليكن في علم هذا الوزير ان الجزائر ليست حديقة خلفية لفرنسا كبعض الدول الافريقة.
وسيكون للجزائر ما تريد ..لا أحد يعرف تىكيع خشم فرنسا الاحتلال و فرنسا اليمين المتطرف واللوبي الصوصي مثل الجزائر ..فعلا دولة ذات سيادية و تتعامل بندية قل نظيرها …هذا الرئيس الجزائري فعلا رجل.