روح التضامن تسود أهل السلطة في دمشق وخدّام مستاء لخسرانها!
المخضرمون يقتاتون علي الشائعات ويستعيدون دلال الأيام الخواليروح التضامن تسود أهل السلطة في دمشق وخدّام مستاء لخسرانها!باريس ـ القدس العربي ـ من صبحي حديدي:اختارت وسائل الإعلام السورية الرسمية عبارة يوم طويل للتضامن العربي في وصف النهار، الطويل بالفعل، الذي صرفه الرئيس السوري بشار الأسد يوم أمس، بين اجتماع في دمشق مع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، وقمة في جدة مع خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، وقمة ثانية لاحقة في شرم الشيخ مع الرئيس المصري حسني مبارك.ولا يخفي أن مفهوم التضامن في هذا اليوم الطويل لا يسري بشكل متبادل علي كلّ من سورية والمملكة العربية السعودية ومصر، لأنّ الفريق السوري هو وحده الذي يلوح بحاجة ماسة الي تضامن الأشقاء معه في المحنة الراهنة، التي ما فتئت عواملها تتراكم وعواقبها تتفاقم، وباتت تهدد النظام جدياً، وتستدعي بالتالي هذه السلسلة المحمومة من الوساطات والمبادرات. ولقد انقضت اللقاءات الثلاثة دون أن ترشح معلومات كافية تفيد أن إجراءات ملموسة للتضامن مع نظام الرئيس الأسد قد أقرّتها فعــلياً قمّتا جدة وشرم الشيخ.لكن التضامن يظل، مع ذلك، هو الكلمة المفتاح في دمشق هذه الأيام. مطلوب ان يتضامن حزب البعث ومجلس الشعب والحكومة وأحزاب الجبهة الوطنية مع القيادة السياسية، وأن لا يقتصر التضامن علي الإلتفاف حول الرئاسة والرئيس الأسد شخصياً فحسب، بل ينبغي كذلك إصدار حكم بالخيانة العظمي علي عبد الحليم خدام، نائب الرئيس السابق والرجل الثاني في الهرم السياسي حتي وقت قريب.وتحت شعار التضامن هذا يجد بعض المخضرمين من رجالات الحركة التصحيحية السابقين، ممن شغلوا مواقع حساسة وعاصروا الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد وعملوا معه مباشرة وكانوا من أقرب المقربين اليه قبل أن يحالوا إلي التقاعد لأسباب شتي، يجدون أنهم استردوا فجأة عدداً من المزايا الخاصة التي حُرموا منها منذ ابتعادهم عن مسرح السلطة، مثل زيادة عدد السيارات والمرافقين ودعوات العشاء في القصر الجمهوري. بل إن بعضهم أخذ يقتات علي الشائعات ويتنعّم من جديد بنوع من الدلال يذكّر بالأيام الخوالي ويرقي إلي مستوي إعادة الإعتبار، كما هي حال اللواء المتقاعد علي دوبا، الرئيس السابق التاريخي لجهاز الإستخبارات العسكرية، الذي راجت شائعة تقول إنه خرج إلي لندن وسينضم إلي خدام، قبل أن يكذّب دوبا الشائعة بنفسه فيكثر من الظهور في المطاعم الدمشقية المشهورة.الأرجح، كذلك، أنّ روح التضامن هي التي دفعت اللواء بهجت سليمان، الذي كان حتي أشهر معدودات الرجل الأقوي في جهاز المخابرات العامة، إلي المشاركة بشكل غير مسبوق في برنامج علي فضائية المستقبل اللبنانية، والدخول في مشادّة ساخنة مع ضيف البرنامج، علي الهواء مباشرة. وكان مدهشاً أن لا يجد اللواء سليمان أيّ حرج في التلميح إلي تصريحات كان قد أدلي بها الأمين العام الأسبق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي قبيل اغتياله بأسابيع، اتهم فيها رفعت الأسد بالضلوع في اغتيال الزعيم اللبناني كمال جنبلاط، وهو ما نفاه رفعت الاسد في حينه. ومن الجدير بالذكر أن رفعت الأسد كان ساعة اغتيال جنبلاط في قمة سطوته العسكرية وصلاحياته الأمنية، وكان شديد القرب من شقيقه حافظ الأسد بحيث يصعب التفكير في أن يكون قد اتخذ ذلك القرار الخطير، إذا كان قد اتخذه حقاً، دون الرجوع إلي شقيقه الرئيس. وما يدهش في مداخلة اللواء سليمان هو أنها تنال بالتالي من حكم حافظ الأسد نفسه، وليس من ذريعة أخري تغطيها سوي روح التضامن هذه الأيام!من جانب آخر وفي دلالات مختلفة، لعلّ خسران روح التضامن هي التي جعلت النائب خدام يستشيط غضباً وسخطاً ومرارة، علي ما أفاد زوّاره في اليومين السالفين، بسبب انقلاب وسائل الإعلام السعودية عليه، وتوقفها عن تغطية أخباره ونشر تصريحاته وبث مقابلاته. وإذا كان من غير الواضح، حتي الساعة، مقدار وطبيعة التضامن الذي حظي به خدام من جهات سعودية رسمية رفيعة، كانت استطراداً صانعة قرار احتضان انشقاقه في معظم وسائل الإعلام السعودية داخل المملكة وخارجها، فإنّ من المفهوم تماماً أن يشعر الرجل بالغبن تجاه صمت القبور الذي أخذ يكتنف الموقف من نشاطاته في الصحف والفضائيات السعودية، ذاتها التي طبّلت له وزمّرت!ولعلّ من الإنصاف القول إنّ الشارع السوري العريض ما يزال، حتي الساعة، هو وحده الذي يبدو معافي تماماً من هجمة التضامن هذه… علي اختلاف أنماطها وأطرافها وأغراضها ومفرداتها.