زلزال سياسي في فرنسا بعد حلّ برلمانها.. هل تتجه نحو “التعايش” بين ماكرون واليمين المتطرف؟ 

حجم الخط
10

باريس- “القدس العربي”: دفع الفوز الساحق الذي حقّقته قائمة حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف، التي يرأسها رئيس الحزب الشاب جوردان بارديلا، في الانتخابات البرلمانية الأوروبية على مستوى فرنسا، الرئيس إيمانويل ماكرون إلى حلّ الجمعية الوطنية الفرنسية والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة في نهاية شهر يونيو/حزيران الجاري، في خطوة وصفت “بالزلزال السياسي” لم تعرف لها البلاد مثيلاً منذ 27 عاماً.

ماكرون، وفي كلمته المتلفزة غير المسبوقة من نوعها من حيث التوقيت، قال: “الدرس الرئيسي واضح.. هو أنها ليست نتيجة جيدة للأحزاب التي تدافع عن أوروبا، بما فيها حزبُ الأغلبية الرئاسية. فالأحزاب اليمينية المتطرفة التي عارضت في السنوات الأخيرة التقدم الذي أتاحته أوروبا، بما في ذلك الانتعاش الاقتصادي، والحماية المشتركة لحدودنا، ومساعدة مزارعينا، ومساعدة أوكرانيا، تحرز اليوم تقدماً في كل مكان في القارة. في فرنسا حصل ممثلوها على حوالي 40 في المئة ( حزب مارين لوبان حصل على حوالي 32 في المئة، وحزب إريك زمور على حوالي 5 خمسة في المئة)”.

وأضاف ماكرون القول: “صعود القوميين والديماغوجيين يعدّ خطراً على أمّتنا، ولكن أيضاً على أمتنا والقارة الأوروبية، ولمكانة فرنسا في أوروبا والعالم […] لا يمكن أن أتصرف وكأن شيئاً لم يمكن!. يضاف إلى هذا الوضع الحمى التي اجتاحت النقاش العام والبرلماني في بلادنا في السنوات الأخيرة […] التحديات التي تواجهنا تتطلب الوضوح في مناقشاتنا.. ولهذا […] قررت أن أعيد إليكم خيار مستقبلنا البرلماني من خلال التصويت. أحلّ اذن الجمعية الوطنية، والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة  […]”.

تسمح المادة12  من الدستور الفرنسي لرئيس الجمهورية إصدار قرار بحل الجمعية الوطنية، بعد التشاور مع رؤساء الوزراء والجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ. ويؤدي هذا القرار الذي اتخذه الرئيس الفرنسي إلى إجراء انتخابات تشريعية جديدة لإعادة رسم تشكيلة أعضاء الجمعية الوطنية. أما مجلس الشيوخ فيبقى على حاله.

يُعد حل الجمعية الوطنية رهاناً محفوفاً بالمخاطر، نادر الحدوث في فرنسا، يتم اللجوء إليه حين ترى السلطة التنفيذية أنه لم يعد من الممكن الحكم ببرلمان متباين للغاية، دون أغلبية كبيرة، أو عندما لا يعدّ البرلمان ممثلاً لأصوات المواطنين. وعليه، فإن الحل يعيد رسم التشكيلة السياسية للجمعية الوطنية وللحكومة، لأن المجموعة ذات الأغلبية في الجمعية الوطنية هي التي تقترح رئيسًا للوزراء.

وبالتالي، فإن هذا الحل يؤدي أحياناً إلى ما يعرف بـ “التعايش”، حيث يحكم رئيس الجمهورية إلى جانب رئيس وزراء من حزب آخر، ويتم تشكيل حكومة جديدة، وهنا يصبح الأمر صعباً جداً، إن لم يكن مستحيلاً بالنسبة لرئيس الجمهورية، من أجل تمرير مشاريع إصلاحاته، كونه لم يعد يتمتع بصلاحية مشاريع القوانين، التي تخضع من حيث المبدأ للمناقشة والتصويت من قبل رئيس الحكومة.

حل الجمعية الوطنية، الذي أعلنه إيمانويل ماكرون، ليلة أمس الأحد، رداً على الفوز الساحق لليمين المتطرف في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، يُعدّ السادس في البلاد منذ إنشاء نظام الجمهورية الخامسة عام 1958 .

في ظل “الجمهورية الخامسة”، حلّ كل من الجنرال ديغول والاشتراكي فرانسوا ميتران الجمعية الوطنية مرتين، وأسفر ذلك في الحالات الأربعة عن فوز انتخابي للأغلبية الرئاسية. أما الرئيس اليميني التقليدي جاك شيراك فقد أسفر حله للجمعية الوطنية عام 1997 عن فوز اليسار بأغلبية المقاعد، وتعيين ليونيل جوسبان رئيساً للوزراء، وبالتالي “التعايش”.

فهل سيتكرر سيناريو شيراك- جوسبان، ويحقق حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف فوزاً كبيراً ويفرض “تعايشاً” على رئيس الجمهورية الوسطي إيمانويل ماكرون، على بعد حوالي عامين ونصف من انتهاء فترته الرئاسية الثانية والأخيرة؟. أم أننا سنشهد سيناريو ديغول -ميتران، أي حصول المعسكر الرئاسي على الأغلبية، وبالتالي بقاء الأمور على حالها؟ ويخرج الرئيس إيمانويل ماكرون منتصراً، بعد رهانه المحفوظ بالمخاطر.

 هذا ما سيجيب عليه الفرنسيون من خلال الانتخابات التشريعية المبكرة التي ستجرى جولتها الأولى يوم 30  يونيو/حزيران الجاري، والثانية يوم 7 من يوليو /تموز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فصل الخطاب:

    هه فرنسا الفاشية العنصرية التي تكره المهاجرين العرب والمسلمين و الأفارقة سيحدث بها زلزال سياسي رهيب 😎😅

  2. يقول أبو تاج الحكمة الأول وارث الخاتم النبوي الشريف:

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحل الحقيقي بالنسبه لرئيس الجمهورية ماكرون هو” إعلان الجمهورية السادسة بإصلاحات جديدة “وهذا يمكنه أيضا من الاحتفاظ بموقعه كرئيس للجمهورية في حال أعيد انتخابه في الجمهورية الجديدة.

  3. يقول Yousif:

    ماكرون يلعب على حبلين مثل ما نقوله بالعراقي ماكرون هو أكبر متطرف في أورباء

  4. يقول محمد أبو العزم من المغرب:

    هل هذه فعلا هي فرنسا الديمقراطية؟بدأت تتكشف الآن عورات فرنسا الديمقراطية ،يبدو أن فرنسا ماكانت ولم تكن دولة ديمقراطية.بل كانت دولة دكتاتورية ،وإنما كانت تمارس تسلطها وقوتها على الدول الفقيرة ،وخصوصا مستعمراتها السابقة ،كما كانت تستنزف موارد هذه الدول ،كل هذا كان يتم يداعي الديمقراطية. الجديد، الآن، أن فرنسا ماكنت تمارسه الشعوب من تسلط واحتقار وإذلال ،بدأت تمارسه على الشعب الفرنسي نفسه؛وإلا ما الداعي الى حل الجمعية العامة الفرنسية بمجرد فوز الاحزاب المعارضة للحزب الحاكم ،بغض النظر عن التوجهات اليمينية المتطرفة لهذه الاحزاب ،إذاكانت هناك ديمقراطية حقيقية فعلا في فرنسا ؛فإن الكلمة الأولى تبقى،أولا وأخيرا ،للناخب الفرنسي الذي عبر عن اختياره في هذه الانتخابات .
    إن النفاق الغربي ،وزادواجية المعايير الغربية،ظهرت في غزة ،وكانت معبرة عن جميع نفاق الدول الغربية ،وهاهي الآن(إزدواجية) تظهر جلية في الانتخابات الفرنسية.

  5. يقول كريم إلياس/.....:

    الدول التي تحكمها المؤسسات المنتخبة من طرف الشعب ..لا يمكن لها الإنزلاق الى الهاوية ..مهما كانت التحديات ! لسبب بسيط ..و هو ان رؤوس الافاعي السامة ( العسكر) لا يتدخلون في السياسة و لا يُسمح لهم بالتدخل او الانقلاب على إرادة الشعوب…عكس ما يحدث ( عند قومنا) في جمهوريات الموز و جملوكيات بلاد الواق واق …أين تجد ضباط الافاعي السامة ..ينقلبون و يصادرون و يتدخلون في كل كبيرة و صغيرة ..عبر بث سمومهم من قبيل حماية الدولة من السقوط او من التهديدات الارهابية و المؤامرات الخارجية ..و كل ما نسمعه هو من ( صنعهم و إخراجهم ) لانهم يعرفون جيدا عقليات القطيع…بالمختصر مهما كانت التحديات و الصعاب ..هاته الدول التي تحكمها المؤسسات ..خُلقت لتبقى و لتحافظ على شعوبها و كلمتهم …عكس الكثير من الرعاع الذين يحكموننا ..بإسم شعارات جوفاء تافهة ..شعارهم الوحيد لا نريكم الا ما نرى…و ما حدث في مصر و الجزائر و سوريا و السودان و تونس و اليمن و القائمة طويلة و مملوءة بالمآسي و الدم و الدموع…

    1. يقول زياد عياد:

      أود ان أقول شيءا . فرنسا و الغرب عموما دول نفعية تقدم مصلحة راس المال. عنيفة متسلطة و همجية. العرب انساقوا لهم بالقوة

  6. يقول بنت الحرية:

    يا ريت يفوز حزب مارين لوبان المتطرف و تحدث مشاكل كبيرة لفرنسا مع الدول الافريقية و العربية بسبب مشكل المهاجرين و مع اوربا و الاتحاد الاوربي

  7. يقول محمد أبو العزم من المغرب:

    ياأخي كريم إلياس ،إن ماتسميه مؤسسات هو مجرد وهم ،لان الدول الغربية تمارس الدكتاتورية انطلاقا من هذه المؤسسات والتي تسمى بالدولة العميقة.
    أخي كريم إلياس ،لو كانت هناك ديمقراطية والتي من بين ماتعنيه(الديمقراطية)أن الأقلية تخضع للأغلبية.هل خضعت هذه الدول أعني الغربية ،لمطالب شعوبها التي تطالب بوقف الحرب الاسرائيليه على غزة هذه الحرب التي تباركها وتمولها الدول الغربية.فرغم مطالب هذه الشعوب بوقف الحرب على غزة،فإن هذه المؤسسات ،كما تسميها ،او الدولة العميقة مازالت لم تقل كلمتها بعد.

  8. يقول جاد:

    ماكرون كسياسي يستحق احتراما كبيرا لأنه اثبت انه لا يسعى ولا يلهث وراء السلطة ورمى الكرة في ملعب المواطن ليتحمل مسؤوليته كاملة.

  9. يقول إغلاق أبواب الهجرة🐕:

    اليمين المتطرف يكره المهاجرين.🐕
    بالنسبة لليمين المتطرف في أوروبا أو أمريكا فإن جميع المشاكل سببها المهاجرون🐕
    لهذا السبب يعتقد اليمين المتطرف بأنه يجب طرد المهاجرين وتشديد شروط الهجرة.🐕

اشترك في قائمتنا البريدية