في حين كان الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف) يعيد انتخاب الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي رئيسا لولاية جديدة مدتها أربع سنوات، كانت مصر تعبر عن رغبتها باستضافة مجموعة ضمن مونديال 2034 المقرر في السعودية، بطريقة أثارت زوبعة كبيرة مع «الأشقاء» وسخرية من المتابعين.
وبعدما تم التأكيد على اختياره عضوا في انتخابات أعضاء «كاف» في مجلس الاتحاد الدولي (فيفا)، تقدم المصري هاني أبو ريدة بطلب مفاجئ، حيث عبر عن رغبة مصر باستضافة إحدى مجموعات كأس العالم 2034 لكرة القدم من أجل إحياء مئوية أول مشاركة إفريقية في البطولة، بحسب ما كشف رئيس الاتحاد المصري أبو ريدة، الذي قال: «إذا كانت مصر الدولة الرابعة عشرة المدعوة إلى النسخة الأولى عام 1930 وحالت الظروف دون مشاركتها، إلا ان مصر وإفريقيا كانتا حاضرتين في الدورة التالية إيطاليا 1934 كأول منتخب من خارج قارتي أوروبا وأمريكا يشارك في الحدث العالمي». وتابع أبو ريدة متوجها إلى إنفانتينو الحاضر في القاعة «بعد 100 عام على هذا الحدث التاريخي سوف تتصدى السعودية بكل اقتدار لتنظيم نسخة تاريخية لكأس العالم، متمنين لاشقائنا السعوديين كل التوفيق والنجاح، إلا أننا في الوقت نفسه نطمح بأن يمنحنا السيد انفانتينو في مئويتنا عام 2034 كأفارقة ومصريين شرف استضافة وتنظيم احدى مجموعات مونديال 2034».
ربما هنا نسي أن يطلب أبو ريدة الرغبة من السعودية نفسها التي حصلت رسميا في 11 كانون الأول/ديسمبر 2024 على شرف استضافة المونديال بمشاركة 48 منتخبا، بعدمأ كانت المرشحة الوحيدة. بل وأردف: «إننا على أمل وثقة كبيرين بأن السيد إنفانتينو لن يتوقف عن مسعاه بزيادة رقعة احتفال المونديال بين العديد من القارات وإننا على يقين بأن أشقاءنا في السعودية سوف يرحبون بذلك انطلاقا من العلاقة التاريخية بين البلدين والشعبين الشقيقين وإننا على أمل وثقة بأن السيد انفانتينو سيفتتح بنفسه عام 2034 هذه المجموعة كرئيس للاتحاد الدولي».
هذا الطلب بهذه الطريقة «السخيفة» أوقعت أبو ريدة في عدد من المطبات، ووضعت بلده في مقام أقل بكثير مما تستحق، خصوصا أن النيران تلتهب في دوري كرة القدم في بلاده مع أزمات غير مسبوقة وفي خضم حالة رياضية مزرية، خصوصا مع اعلان النادي العريق والكبير الاهلي نيته الانسحاب بسبب أزمة التحكيم، وأبو ريدة نفسه هو رئيس الاتحاد المصري، وعضو في اللجنة التنفيذية للفيفا منذ 2009، ومن الناجين من محرقة فضائح «فساد الفيفا» التي راح ضحيتها المئات من زملاء جوزيف بلاتر، أي أن له علاقات كبيرة يستطيع من خلالها حل أزمة بلاده، بدل الدخول في طلب أحرج به أشقاءه، بل وضع نفسه وبلاده محل سخرية من رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
صحيح أن الجميع يعلم رغبة مصر باستضافة المونديال منذ زمن طويل، وكان المسؤولون المصريون عبروا في عدة مناسبات عن رغبتهم باستضافة كأس العالم 2030 و2034، وأشارت تقارير إلى رغبتهم بالتقدم بملف مشترك مع السعودية، قبل أن تنفرد الأخيرة بالاستضافة، لكن يتم ذلك عادة عبر التنسيق مع البلد المنظم، وليس باحراج رئيس الفيفا بكلمتين بطريقة «فهلوية». وما زلنا نتذكر محاولات الشراكة مع قطر في تنظيم مونديال 2022، عندما كانت تحت الحصار، لكن في النهاية نجحت وحدها في تنظيم واحدة من أفضل النهائيات غي تاريخ المونديال.
وكان الاتحاد الآسيوي عبر عن امتعاضه من الطلب المصري ورد عبر رئيسه بقوله: «استضافة السعودية لكافة مباريات كأس العالم 2034 حق أصيل يكفله حصول ملف المملكة على اعتماد الجمعية العمومية للاتحاد الدولي التي تمتلك وحدها حق تسمية الدول المستضيفة لكأس العالم وفق النظام الأساسي للاتحاد. احترام أنظمة ولوائح الاتحاد الدولي يعد أمرا واجبا على كافة الاتحادات القارية والوطنية المنضوية تحت مظلة الاتحاد، وهو الامر الذي ينطبق على حصول السعودية على شرف تنظيم كأس العالم 2034 بقرار من الجمعية العمومية للاتحاد الدولي، حيث لا مجال للعودة للوراء، خصوصا أن السعودية قدمت الملف الوحيد لاستضافة كأس العالم 2034، في ظل عدم تقدم أية دولة أخرى للدخول في سباق الترشح». وتابع: «فالواجب يحتم على الجميع الان الالتفاف حول استضافة السعودية للحدث العالمي وعدم فتح المجال أمام أية محاولات لا تخدم الإجماع الدولي الكبير على دعم استضافة المملكة».
وبعد الردود الغاضبة والساخرة من تصريحات أبو ريدة، كان لا بد من التفكير في أسباب دفعه الى ذلك، فهل الهدف كان التهرب من المشاكل الداخلية وأزمة النادي الأهلي والتحكيم، وربما لاشغال الرأي العام بأمر مختلف؟ أم كان ينفذ تعليمات جاءته من جهات عليا؟ أو ربما مجرد «جدعنة» منه لكنها ارتدت بالسلب عليه؟ لكن مهما يكن فان المحاولة كانت بائسة ولا تليق بمصر وتاريخها.