سجون السودان: تأخر إجراءات العفو يزيد المخاوف من الإضرابات وانتشار الوباء

نهلة مجذوب
حجم الخط
1

الخرطوم «القدس العربي» : طالب حقوقيون وسجناء الحكومة السودانية بالاستعجال في إطلاق سراح السجناء من كافة سجون السودان فورا خوفا من تفشي مرض كورونا، بسبب الأوضاع الصعبة التي يعيشها السجناء من ترد بيئي وعدم توفر متطلبات الوقاية من كورونا من معقمات وأدوية ومنظفات.
وعلمت «القدس العربي» أن الافراج شمل حتى اليوم 4217 نزيلا من سجن الهدى شمالي أمدرمان فقط، ولم يشمل كل السجون وفيها عدد يقارب 36 ألف نزيل قبل إطلاق بعضهم أخيرا، ويقدر أصحاب الحق العام منهم هؤلاء بحوالى 30 ألفا.
وتسلم مدير الإدارة العامة للسجون والإصلاح، اللواء فيصل عربي، قرار المجلس السيادي الخاص بالإفراج عن أصحاب الحق العام في كل سجون البلاد. لكن سجناء جددا يدخلون إلى المعتقلات منذ إصدار العفو، فقد دخل سجن الهدى 300 شخص، تم حجرهم داخل السجن مدة 15يوماً، ولكن، وفق مصادر، فإن عزلهم لا يقلل من خطورة احتمال نشر كورونا لعدم وجود مستلزمات الحماية والوقاية.
وكان المجلس السيادي برئاسة عبد الفتاح البرهان، قد أصدر الأسبوع الماضي، قرارا بالعفو العام عن كل محكومي الحق العام في كل السجون السودانية في المركز والولايات.
وصرحت عضو المجلس، عائشة موسى، أن المجلس استعجل إجراءات الإفراجات بالتنسيق مع الجهات العدلية، وكان من المقرر اكمال الأوراق الخاصة بالسجون خلال أسبوعين».
وقالت إن «حالة الطوارئ الصحية التي شهدتها البلاد والعالم أسهمت في الاستعجال بالإفراجات»، مبينة أن «الإفراجات ستبدأ في سجن الهدى لأنه أكثر اكتظاظا، وذلك وفق شروط يوقع عليها النزلاء بعدم العودة مرة أخرى لارتكاب التهم التي أدينوا بها».
اللواء معاش سجون حسن يحيى وهو صاحب مبادرة لإطلاق السجناء أكد لـ»القدس العربي» أن القرار سيشمل كافة سجون البلاد، وعزا البطء للإجراءات البيروقراطية.
وطالب بـ «ضرورة تسريع عمليات الإفراج عن السجناء لعدم خلق زعزعة وتوتر داخل المعتقلات في ظل كورونا».
ولا يزال أكثر من 2000 نزيل، من جملة 600 ألف، في سجن الهدى أكبر سجون السودان، إذ يتسع لما يقارب الـ750 ألف نزيل.
وشدد مصدر من داخل السجن، لم يكشف عن هويته، على «ضرورة إطلاق سراح النزلاء بشكل عاجل».

أوضاع سيئة

وأضاف أن السجناء «يعشون أوضاعا سيئة، الآن، في ظل تباطؤ من الدولة واكتظاظ العنابر بالنزلاء الذين قضى بعضهم أكثر من خمس سنوات ولم تتم محاكمتهم».
وزاد: «العنابر غير مجهزة الآن للحد من انتشار كورونا، في العنبر الواحد 50 شخصا و5 حمامات، ووضع السرائر مترادف فوق بعضها البعض، ولا توجد مكيفات فقط مراوح سقف ونوافذ صغيرة الحجم مساحتها أقل من نصف متر».
وحسب المصدر «لم يتم تقديم أي معقمات أو صابون أو كمامات، كما أن الغذاء سيىء»، فضلاً عن إبقاء «السجناء من الساعة الرابعة عصرا حتى السابعة صباحا داخل العنابر المكتظة في ظل انقطاع التيار الكهربائي المستمر في السودان عامة». وإضافة إلى ذلك «عناصر الشرطة يتغيرون كل يوم، ما يزيد احتمال نقل المرض لأن رجال الشرطة يخرجون ويختلطون مع أسرهم والناس خارج السجن».
وأضاف «تمت مناشدة القضاء بأن يتم الإفراج عن كل السجناء»، لافتا إلى «تلكؤ كبير من قبل الدولة في النظر لهؤلاء، خاصة، وأن سجون الولايات مكتظة بصورة كبيرة وهناك أمراض غير كورونا يعاني منها النزلاء وتصيبهم في شكل وباء خاصة الأمراض الجلدية،
فضلا عن ضرورة النظر في محكومي الحق الخاص الذين من المفترض أن يطلق سراحهم بالضمانة في ظل وباء كورونا كما فعلت معظم سجون العالم».
وحسب المصدر هناك «حوالى 100 سجين هم محكومو الحق الخاص، حيث أكدت الدولة النظر في أمرهم، إلا أنها لم تحرك ساكناً، مما دفعهم لكتابة مذكرة للنائب العام والمجلس السيادي ذكروا فيها أنهم مكثوا فترات متفاوتة ما بين عشرين عامي وعام، داخل أسوار السجون حسب نص المادة (225) من قانون الإجراءات المدنية لعام 1983 تعديل 2009. وذلك بناء على ديون ومعاملات تجارية كانت من أسباب الفشل في السداد (نظم وقوانين واقتصاد) خلال العهد السابق والممارسات الخاطئة من قبل الدولة الظالمة البائدة».
ويأمل هؤلاء، وفق المصدر، أن تجد المذكرة آذانا صاغية وتفاعلا لازما، في ظل وضع بفيروس كورونا الفتاك الذي اجتاح العالم ويصيب التجمعات وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة ويتواجد كثير منهم بالسجون»، ويطالبون أن «يتم الإفراج عنهم أسوة بنزلاء الحق العام».
ويحذر حقوقيون من انتقال عدوى فيروس «كورونا» إلى السجون السودانية، في ظل تدفق عدد كبير من المحكومين الجدد للسجون.
وقال الحقوقي عبد الرحمن عابدين، السكرتير العام للجبهة الديمقراطية للمحامين السودانيين لـ «القدس العربي»، إن «وباء كورونا يستدعي إطلاق سراح السجناء المحكومين في الحق العام، مشيرا إلى إن «العفو في الحق العام منصوص عليه في قانون السلطات الجنائية ويتعلق بسلطة رئيس الجمهورية، وحسب الوثيقة الدستورية تؤول هذه السلطة لرئيس مجلس الوزراء».
وأضاف أن «القانون الآن في ظل وضع كورونا الحرج يستدعي أن يتم الإفراج عن السجناء تجنبا للازدحام مما يحد من انتشار المرض وتخفيف السجون».
وبين أن «وضع العفو في حالة جائحة كورونا يتطلب إطلاق السجناء الذين ارتكبوا جرائم بسيطة، كما فعلت كبرى الدول».
وزاد: «يجب أن يتم الإفراج على معظم السجناء عدا المحكومين بالإعدام والمؤبد والسياسيين المعتقلين من النظام البائد فهؤلاء لا يحق الإفراج عنهم لأنهم متهمون بارتكاب جرائم كبيرة، منها قتل خارج القانون وتقويض النظام الدستوري، وترويج ذويهم ودعوتهم للإفراج عنهم لا يجدي، لأنهم تحت إجراءات التحري بموجب اللجان التي كونها النائب العام والبلاغات التي قدمت ضدهم».
ودعا إلى «إطلاق سراح عدد كبير من النزلاء في سجني الهدى والجريف في ولاية الخرطوم ، لأن الجرائم التي ارتكبوها وتمت إدانتهم بها هي جرائم غير خطيرة، عكس السجناء في سجن كوبر الذي يضم سجناء أحكامهم طويلة أو مؤبدة، أو إعدام».
وسبق أن أكدت النيابة العامة السودانية أن قرار الإفراج عن عدد من السجناء لتخفيف الازدحام في السجون، لا يشمل معتقلي النظام البائد، بمن فيهم الرئيس المعزول عمر البشير، وأبلغت أسرهم التي احتجت امام مباني النيابة العامة وطالبت بإقامة جبرية لهم في منازلهم أن قرارات الإفراج لا تشملهم لأنهم يواجهون تهماً لا يجوز فيها الإفراج بالضمان.
كذلك أبلغ النائب العام، تاج السر الحبر، ممثلي أسر رموز نظام الإنقاذ، بإن إطلاق السراح والإفراج عن المسجونين الذي يجري تنفيذه يتعلق بمحكومين، وأن الأمر لا ينطبق على سياسيي النظام السابق لأنهم يواجهون اتهامات لا يجوز فيها الإفراج بالضمان.

مخاوف وتحذيرات

يأتي ذلك وسط تحذيرات من تصاعد الاحتجاجات في السجون نتيجة تدهور الأوضاع فيها وخوفا من تفشي فيروس كورونا في حال تأخر السلطات في إطلاق سراح المعتقلين، وتصاعد الاحتجاجات مثلما حدث في سجون إيران ولبنان بسبب المرض.
والأحد الماضي وقع تمرد في سجن الهدى، حيث أطلقت الشرطة الرصاص على المحتجين وأصدرت بيانا ذكرت فيه أن «الحادثة تعد تمردا محدودا اشتبك فيه بعض النزلاء مع قوات الشرطة وتم احتواؤه».
هذا الحادث يرى فيه البعض شرارة للتعبير عن رفض السجناء لأوضاعهم، والخوف من الإصابة بكورونا، ومطالبتهم بإطلاق سراحهم.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول alaa:

    العسكرأشد قسوة وجهل وعناد من أي فئة في مجتمعاتنا العربيه للأسف.. فهم يقتلون ويسجنون ويسرقون وليس عندهم ضميروإحاسيس إنسانيه وفي المقابل تجدهم ضعفآء وأذلآء أمآم العدو الحقيقي للأمة ..

اشترك في قائمتنا البريدية