القاهرة ـ «القدس العربي»: مع مرور الوقت واقتراب موعد الملء الثاني لسد النهضة الأثيوبي، المقرر في شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب المقبلين، تقل الخيارات أمام مصر والسودان لمواجهة الأزمة التي ستؤثر حسب البلدين على أمنهما المائي. وأمس الأحد، جدد رئيس الحكومة السودانية، عبد الله حمدوك، موقف بلاده، الداعي لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد، فيما كُشف عن أضرار كارثية ستتعرض لها مصر.
واستعرض، حسب بيان لمكتبه، تطورات مفاوضات سد «النهضة» مع رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي، موسى فكي، مؤكدا أن موقف بلاده يتلخص في ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد.
وشدد على ضرورة ذلك «حتى يتمكن السودان من تنظيم مشروعاته التنموية، وتفادي الأضرار التي يمكن أن تنتج عن غياب معلومات مفصلة حول الملء والتشغيل» حسب البيان ذاته.
فكي الذي التقى كذلك نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو «حميدتي» أعلن استعدادهم لدعم جهود الوساطة في مفاوضات سد النهضة المتعثرة، مؤكدا جاهزية الاتحاد لوضع كافة إمكانياته أمام السودان ومصر وإثيوبيا لإيجاد حل للأزمة.
وأعرب عن «استعداد مفوضية الاتحاد الأفريقي لدعم جهود الوساطة في ملف سد النهضة، التي يقودها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، ورئيس الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدي».
وأوضح أنه «تم الاتفاق على تقديم السودان معلومات إضافية فيما يتعلق بملف مفاوضات سد النهضة إلى مفوضية الاتحاد الأفريقي».
وفي لقاء مع حميدتي» أكد فكي أن «الاتحاد الأفريقي جاهز لوضع كافة إمكانياته أمام السودان ومصر وإثيوبيا لإيجاد حل لأزمة السد» فيما شدد» حميدتي» على «موقف السودان بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لكل الأطراف بشأن ملء وتشغيل سد النهضة» وفق بيان لمجلس السيادة.
والسبت وصل فكي إلى الخرطوم في زيارة رسمية تستغرق يومين.
بحث
مصرياً كشف العالم عصام حجي عن آثار سد النهضة على موازنة مصر المائية في خلال أعوام الملء. ونشر بحثا شارك فيه، أجرته جامعة جنوب كاليفورنيا بالتعاون مع جامعة كورنيل ووكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) يحمل عنوان «عجز المياه في مصر وسياسات التخفيف المقترحة لسيناريوهات ملء سد النهضة الإثيوبي».
وخلص البحث إلى أنه في حين أن السد الذي يبلغ حجمه 74 مليار متر مكعب يوفر فرصا تنموية واعدة لإثيوبيا، فإن التدفق المتغير لنهر النيل سيشكل عجزا مائيا صعبا بالنسبة لمصر.
عصام حجي يؤكد ارتفاع معدل البطالة لـ 25٪ وانخفاض نسبة الناتج القومي للفرد لـ 8٪
وكتب على صفحته الرسمية على «فيسبوك» أنه طبقا للبحث، فإن الآثار المتوقعة على مصر في حالة عدم معالجة العجز والوصول لاتفاق مشترك لخطة التخزين، فإن الرقعة الزراعية في مصر ستتراجع بنسبة قد تصل إلى 72٪.
وأوضح أن البحث تناول تأثير سنوات الملء على معدل البطالة، مؤكدا أن معدل البطالة سيرتفع إلى 25٪، فيما سينخفض الناتج القومي للفرد بنسبة قد تصل إلى 8٪، كما ستتعرض مصر لعجز مائي متوسط يقارب 31 مليار متر مكعب سنويا بما يمثل40٪ من الموازنة المائية الحالية لمصر.
تقييم الحلول
وتابع: البحث يقيم فاعلية الحلول المقترحة لسد العجز المنتظر ومنها مخزون السد العالي وإعادة تدوير المياه وتطوير وسائل الري والمياه الجوفية.
واختتم: ستتخطى مصر هذه الأزمة ولكن بثمن باهظ سيجعلها أكثر هشاشة أمام أزمات مائية وبيئية أخرى تلوح في أفق قريب، والمستثمرون المتعطشون للربح السريع والذين يقفون وراء هذا المشروع لإنتاج طاقة لها العديد من البدائل على حسب نهر ليس له بديل، مسؤولون مسؤولية تامة عن الكارثة التي يمكن أن تحل ليس فقط بمصر بل بكل المنطقة، علاوة على تدمير نهر هو مهد الحضارة الإنسانية وإرث للبشرية جمعاء.
في الأثناء، يعقد اجتماع غير عادي لوزراء الخارجية العرب يعقد في قطر غدا، فيما بدأت اللجنة المشكلة من الأردن والسعودية والمغرب والعراق في الجامعة بإجراء اتصالات في نيويورك لدعم مصر والسودان في ملف سد النهضة. جاء ذلك في وقت خاطبت مصر مجلس الأمن الدولي لشرح أبعاد أزمة السد ولتعلن اعتراضها على التعنت والتصرفات الأحادية الإثيوبية.
ويأتي الاجتماع على هامش الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب المقرر عقده في الدوحة الثلاثاء، بناء على طلب من مصر والسودان.
اللجنة العربية
حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، قال إن اللجنة المشكلة من الأردن والسعودية والمغرب والعراق في الجامعة تجري اتصالات في نيويورك لدعم مصر والسودان بملف سد النهضة.
وأضاف في تصريحات متلفزة، أن الحصول على الدعم في الأزمات المماثلة لسد النهضة (الإثيوبي) مقدر وهام سواء من الدول العربية أو دول أخرى ترتبط بعلاقات طيبة مع مصر والسودان.
ولفت إلى أن إثيوبيا ماضية في تعنتها ولا تعتد بتلك الأمور.
وأضاف أن الموقف العربي أو الأمريكي أو الأوروبي لا يفرق مع الجانب الإثيوبي لأنه يمتلك الجغرافيا ولديه على الأرض إمكانية لإقامة واقع جديد ببناء سد النهضة، من الناحية العملية.
توظيف الدعم
وأكد أن الأمر لا يعيب الموقفين المصري والسوداني بالحصول على دعم من مختلف الأطراف الدولية» قائلا إن «اكتمال الدعم وذهابه في اتجاه دول أفريقية مؤثرة، يضع الموقف الإثيوبي في عزلة ويدفع الطرف الإثيوبي لمراجعة حساباته».
وشدد على أهمية توظيف هذا الدعم سياسيا لخدمة الموقفين المصري والسوداني، مشيرا إلى أن اللجنة المشكلة من دول الأردن والسعودية والمغرب والعراق تم تكليفها ببعض الاتصالات في نيويورك على مستوى الجامعة العربية.
وأوضح أن الأمر انتهى إلى قيادة ممثل الجامعة العربية ومراقبها هناك الجهد بتكليف من المجموعة العربية.
ولفت إلى أن إجراء اتصالات مع مجلس الأمن ورئيسه والأعضاء هدفها توفير الدعم السياسي لمصر والسودان.
وتابع: بعض الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن لديهم تحفظات على ملف سد النهضة ليس لشيء ضد مصر أو السودان أو لصالح إثيوبيا، ولكن لأنهم دول منبع وحريصون على عدم المساس بما يعتبرونها حقوقا لتلك الدول» محذرا من أن «الأمر يعقد أي توجه لمجلس الأمن في هذا الخصوص».
ولفت إلى عقد مشاورات لمندوبي العرب غدا في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، متوقعا صدور قرار مماثل للقرارات السابقة يؤكد الدعم العربي لموقف دولتي المصب وإعادة النص على المواقف المصرية السودانية من القضية.
مجلس الأمن
وكان سامح شكري، وزير الخارجية المصري وجه خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن في الأمم المتحدة لشرح مستجدات ملف سد النهضة الإثيوبي.
وحسب بيان لوزارة الخارجية المصرية، فإن الخطاب جاء انطلاقاً من مسؤولية المجلس وفق ميثاق الأمم المتحدة عن حفظ الأمن والسلم الدوليين.
وتضمن خطاب وزير الخارجية تسجيل اعتراض مصر على ما أعلنته إثيوبيا حول نيتها الاستمرار في ملء سد النهضة خلال موسم الفيضان المقبل والإعراب عن رفض مصر التام للنهج الإثيوبي القائم على السعي لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب من خلال إجراءات وخطوات أحادية تعد بمثابة مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق.
«التعنت» الإثيوبي
السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، قال إن خطاب وزير الخارجية، الذي تم تعميمه كمستند رسمي لمجلس الأمن، يكشف للمجتمع الدولي عن حقيقة المواقف الإثيوبية المتعنتة التي أفشلت المساعي المبذولة على مدار الأشهر الماضية من أجل التوصل لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً حول سد النهضة في إطار المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي.
وأضاف أنه تم كذلك إيداع ملف متكامل لدى مجلس الأمن حول قضية سد النهضة ورؤية مصر إزاءها، ليكون بمثابة مرجع للمجتمع الدولي حول هذا الموضوع ولتوثيق المواقف البناءة والمسؤولة التي اتخذتها مصر على مدار عقد كامل من المفاوضات ولإبراز مساعيها الخالصة للتوصل لاتفاق يراعي مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوقها.
وتصر إثيوبيا على ملء ثانٍ للسد، يُعتقد أنه في يوليو/ تموز وأغسطس/ آب المقبلين، بعد نحو عام على ملء أول، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق، بينما يتمسك السودان ومصر بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي للحفاظ على منشآتهما المائية، وضمان استمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه نهر النيل
وتتفاوض الدول الثلاث منذ 2011 للوصول إلى اتفاق حول ملء السد وتشغيله، لكنها رغم مرور هذه السنوات أخفقت في الوصول إلى اتفاق.
وتبني إثيوبيا السد على النيل الأزرق الذي ينضم إلى النيل الأبيض في السودان لتشكيل نهر النيل الذي يعبر مصر. وترى أنه ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية، في حين تعتبره مصر تهديدا حيويا لها، إذ تحصل على 90 ٪ من مياه الري والشرب من نهر النيل.
…أوليس الماء أو المياه مورد سيادي لدولة المنبع أثيوبيا……..أثيوبيا تتصرف في منبعها ومياهها بكل سيادة وكل حرية وكل ايباء…على عساكر السودان ومصر القيام بحفر أراضيهم لعلهم يكتشفون منابع مائية مثل نيل أثيوبيا أو أكثر وأغزر……جربوا فلن تخسروا شيئ…