سعيا لتحقيق تفوق استراتيجي لسلاح الجو.. تركيا تكثف جهودها لإنجاح صفقة إف- 16 واليونان تطلب إف- 35 رسمياً

إسماعيل جمال
حجم الخط
1

إسطنبول- “القدس العربي”: بالرغم من الهدوء النسبي الذي يشهده صراع شرق المتوسط بين تركيا واليونان، تدور في الظل معركة حامية بين البلدين في مسعى لتحقيق تفوق استراتيجي لسلاح الجو يتمثل في مساعي اليونان للحصول على طائرات إف- 35 الأمريكية، التي خسرتها تركيا الساعية حالياً للحصول على طائرات إف- 16 وإن كانت لا تلبي احتياجاتها الاستراتيجية، لكنها ما زالت تواجه خطر رفضها من الكونغرس الأمريكي، ما يهدد بالفعل تفوق سلاحها الجوي في المنطقة وهو ما دفعها للبحث مبكراً عن بدائل لتكون جاهزة للبحث في حال رفض الكونغرس الصفقة.

وفي تطور تأخذه الأوساط السياسية والعسكرية في تركيا على محمل الجد والحذر، أعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس أن بلاده تعتزم شراء مقاتلات اف- 35 في إطار مساعيها لتعزيز قواتها الجوية. وأوضح في ختام قمة حلف شمال الأطلسي التي استضافتها مدريد: “نعتزم الاستحصال على سرب اف- 35 مع خيار (الاستحصال) على (سرب) ثان”، لافتاً إلى أن أثينا كانت قد قدّمت طلبية شراء لتسلّم الطائرات “في العام 2027 أو 2028”.

وسبق أن وقّعت الحكومة اليونانية اتفاقا بمليارات اليورو مع فرنسا للحصول على مقاتلات من طراز رافال وفرقاطات من طراز بيلهارا، وذلك في إطار برنامج لشراء الأسلحة أعلن عنه في 2020 هو الأكبر منذ عشرات السنين، على إثر مواجهة خطيرة مع تركيا حول الموارد النفطية والنفوذ البحري في المياه الإقليمية.

ومن شأن امتلاك اليونان طائرات حربية متقدمة من الجيل الخامس من طراز إف- 35 بعد امتلاك طائرات رافال المتقدمة أيضاً أن يعمل على إضعاف التفوق الإقليمي لسلاح الجو التركي، وربما التفوق عليه في حال واصلت أثينا برنامج تسلحها الجوي بهذه السرعة وفي حال عدم مجاراة أنقرة للمساعي اليونانية المتسارعة لتطوير سلاحها الجوي بأحدث الطائرات الحربية الفرنسية والأمريكية.

من شأن امتلاك اليونان طائرات حربية متقدمة من الجيل الخامس من طراز إف- 35 بعد امتلاك طائرات رافال المتقدمة أن يعمل على إضعاف التفوق الإقليمي لسلاح الجو التركي

لكن في المقابل، تواصل أنقرة جهودها الحثيثة لتطوير سلاحها الجوي ولمنع حصول أي اختلال في تفوقها الجوي بالمنطقة وخاصة على اليونان، وذلك من خلال تكثيف مساعيها للحصول على طائرات إف- 16 من أمريكا، وربما طائرات تايفون من بريطانيا، إلى جانب التفوق الكبير الذي أضافته المسيرات المختلفة لسلاح الجو التركي، والبرامج الواعدة لتطوير طائرة حربية مسيرة وطائرة حربية من الجيل الخامس أيضاً.

وقبل أيام، شدد الرئيس الأمريكي جو بايدن على ضرورة بيع مقاتلات من طراز إف- 16 لتركيا وتحديث أسطول تركيا من هذه المقاتلات. وقال عقب مشاركته في قمة الناتو ولقائه أردوغان في مدريد “ما قلته (لأردوغان) هو نفس ما قلته له في ديسمبر (كانون الأول الماضي). علينا بيع مقاتلات إف- 16 لتركيا وتحديث أسطولها من هذه المقاتلات وعكس ذلك ليس من مصلحتنا”،

وأضاف “أبلغتهم بأنني لم أغير موقفي منذ ديسمبر”. وتابع: “نحتاج للحصول على موافقة من الكونغرس (بشأن بيع طائرات إف- 16 لتركيا) وأعتقد بإمكاننا الحصول عليها”.

وقبل أيام، أعلن السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام عن دعمه بيع مقاتلات إف- 16 إلى تركيا. فيما قالت سيليست والاندر، المستشارة المسؤولة عن شؤون الأمن الدولي في وزارة الدفاع الأمريكية، إن بلادها تدعم خطط تحديث أسطول تركيا الجوي بالمقاتلات.

والسبت، جرت مباحثات حول الملف بين المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، والسيناتور الأمريكي ليندسي غراهام. وغرد غراهام قائلاً: “سأقوم بكل شيء ممكن من أجل دعم بيع إدارة بايدن طائرات إف- 16 إلى تركيا. بيع هذه الطائرات إلى حليفتنا في الناتو (تركيا) سوف يخلق شعورا بالاستقرار، وسيعود حصول الجيش التركي على هذه الطائرات بالنفع على الأمن القومي الأمريكي”.

ومنذ سنوات، تسعى تركيا للحصول على طائرات إف- 35 التي كانت شريكا أساسيا في برنامج إنتاجها إلا أن أخرجت من برنامجها بعقوبات أمريكية نتيجة شرائها نظام الدفاع الجوي الروسي إس- 400. وجرت مفاوضات ومحاولات على مدار السنوات الماضية باءت جميعها بالفشل وهو ما أوصل صناع القرار في تركيا إلى قناعة نهائية باستحالة الحصول عليها، إذ تجري حالياً مباحثات للحصول على طائرات إف- 16 مقابل المبالغ التي دفعتها تركيا للجانب الأمريكي في إطار صفقة إف- 35 كحل وسط للازمة.

على الرغم من أن تركيا تمتلك أسطولا من الطائرات الحربية المتنوعة ونجحت في السنوات الأخيرة في تطوير الطائرات المسيرة، إلا أن ذلك لا يضمن استمرار تفوق سلاح الجو التركي الذي ما زال بحاجة إلى طائرات حربية متقدمة من الجيل الخامس

إلا أن طائرات إف- 16 لا تكفي لتلبية الاحتياجات الاستراتيجية التي كانت ستلبيها طائرات إف- 35 الأحدث والأكثر تطوراً بحسب خبراء عسكريين، وهو ما يدفع الحكومة التركية إلى الاستمرار في البحث عن بديل مناسب يضمن استمرار التفوق الإستراتيجي لسلاح الجو التركي في المنطقة في ظل صراع محتدم في شرق البحر المتوسط وخطر حصول مواجهة مع اليونان وظهور برامج تسلح واسعة لسلاح الجو المصري والسعودي والإماراتي والإسرائيلي، والأهم الخشية من حصول اليونان على طائرات إف- 35 وهو ما يهدد التفوق الإقليمي لسلاح الجو التركي.

وعلى الرغم من أن تركيا تمتلك أسطولا من الطائرات الحربية المتنوعة ونجحت في السنوات الأخيرة في تطوير عدد من الطائرات المسيرة التي تعتبر حالياً من الأهم في العالم، إلا أن ذلك لا يضمن استمرار تفوق سلاح الجو التركي الذي ما زال بحاجة إلى طائرات حربية متقدمة من الجيل الخامس وهو ما كانت ستلبيه 100 طائرة من طراز إف- 35 كانت ستحصل عليها تركيا لولا إخراجها من البرامج وسط خلافات حادة مع الإدارة الأمريكية.

وبينما يتمثل الهدف التركي الاستراتيجي في تطوير مقاتلات حربية وطنية من الجيل الخامس، إلا أن الخشية من المعادلات والتهديدات على المدى القصير والمتوسط يدفع الحكومة نحو البحث عن بدائل أسرع لا سيما وأن الصناعات الدفاعية التركية تعمل على برنامج لطائرة حربية متقدمة من الجيل الخامس “MMU” وطائرة أخرى حربية مسيرة “قيزيل إلما” إلا أنهما يتوقع أن تدخلا الخدمة بحلول عام 2030.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ميساء:

    شر البلية ما يضحك حقا وصدقا، لتركيا السلاح القديم ولليونان السلاح الجديد، و هناك المزيد المزيد من الخردة العسكرية المهترئة الأمريكية، والله يكسر ظهر أمريكا راعية دويلة إسرائيل المحتلة لأرض فلسطين التي تقتل الفلسطينيين وتهدم منازلهم بغير وجه حق منذ 1948 ????

اشترك في قائمتنا البريدية