سلام يشتكي “عادات موروثة وحسابات ضيّقة” في عملية تشكيل الحكومة- (فيديو)

سعد الياس
حجم الخط
0

بيروت- “القدس العربي” : “اشتدي يا أزمة تنفرجي” مثال ينطبق على التشكيلة الحكومية، التي شهدت حلحلة لافتة لإحدى العقد الأساسية المتمثلة بالتمثيل المسيحي، من خلال اتصالات ليلية بين الرئيس المكلف نواف سلام وحزب “القوات اللبنانية”، دخل على خطها رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، وأفضت إلى إسناد حقيبة الخارجية السيادية إلى القوات للسفير جو رجي، بعدما تم إسناد حقيبة المال السيادية للثنائي الشيعي.

وقد تواصل حزب الكتائب مع الرئيس المكلف، وأبدى دعمه لمطلب “القوات”، وربط مشاركته في الحكومة بمشاركة “القوات”، التي ستتسلم 3 حقائب أخرى هي الطاقة والاتصالات والصناعة لكل من جو صدي وكمال شحادة وجو عيسى الخوري، وهذا ما سيوفّر لحكومة سلام الثقة في مجلس النواب انطلاقاً من كون القوات لديها 19 نائباً.

وبناء على هذا التطور، توجّه الرئيس المكلف عند السادسة مساء إلى قصر بعبدا حاملاً تشكيلته الحكومية إلى رئيس الجمهورية في ظل ترجيحات بإعلان الحكومة وصدور مراسيمها. إلا أن المحاولة باءت بالفشل، وخرج الرئيس المكلف ليدلي ببيان مكتوب رافضاً الإجابة عن الأسئلة، ما أظهر أن ثمة تحفظات مستمرة على عدم تمثيل بعض الكتل النيابية كتكتل “الاعتدال” أو على الاجحاف في التمثيل كحالة “التيار الوطني الحر”، أو على عدم التوافق بعد على الاسم الشيعي الخامس بين الرئيسين عون وسلام والثنائي الشيعي، إذ لم يوافق الثنائي على لميا مبيّض، وهو ما حال دون انتقال رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى القصر الجمهوري تمهيداً لصدور مراسيم التأليف.

عادات موروثة

وبعد اجتماعه برئيس الجمهورية لمدة ثلاثة أرباع الساعة، توجّه الرئيس سلام إلى اللبنانيات واللبنانيين بالقول “أول ما يهمني أن أقوله هو أنني أسمعكم جيداً وتطلعاتكم هي بوصلتي. أود أن أطمئنكم أنني أعمل على تأليف حكومة إصلاح تضم كفاءات عالية وتكون على درجة عالية من الانسجام بين أعضائها وملتزمة مبدأ التضامن الوزاري ولن أسمح أن تحمل في داخلها إمكان تعطيل عملها بأي شكل من الأشكال”.

وأضاف “أواجه عادات موروثة وحسابات ضيقة لكنني مصر على التصدي لها وعلى الالتزام بالدستور وبالمعايير التي أتبعها ضماناً لاستقلالية عمل الحكومة ونزاهة الانتخابات المقبلة وحياديتها. طبعاً هناك من يقول إن الدستور لا يتحدث عن عدم توزير نواب أو حزبيين ولكن ليس في الدستور ما يمنع ذلك. أما موضوع الحزبيين فأنا أدرك تماماً أهمية دور الأحزاب في الحياة السياسية في أي بلد، وإنني مؤمن أنه بلا أحزاب لا يستقيم البلد ولكنني في هذه المرحلة الدقيقة إخترت تغليب العمل الحكومي على التجاذبات السياسية”.

وتابع “ما نحن أمامه هو إرساء قواعد الإصلاح بما يليق بكم. وقد عملتُ بتأن وصبر وأواجه حسابات يصعب على البعض التخلي عنها أو يتقبّل اسلوباً جديداً في مواجهتها. أما المعايير الأخرى التي تحدث عنها البعض فلا علاقة لي بها، فمنهم من قال إن كل 5 نواب أو 4 نواب لهم وزير”.

وختم “أعرف أني أواجه حملات عديدة ظاهرها حق ولكن مقصدها مجحف. وأؤكد أنني رغم كل ما قيل ويقال مستعد للدفع من رصيدي الشخصي من أجل أن نصل معاً إلى حكومة تضع لبنان على طريق الإصلاح وإعادة بناء الدولة وهذا همي الأول والأخير. خياراتي هي تعبير عن وفائي للثقة التي أوصلتني إلى المسؤولية الملقاة على عاتقي ولن أفرّط بها. رهاني هو رهان اللبنانيات واللبنانيين، والإنقاذ لا يحصل بكبسة زر”.

بورصة الأسماء

وكانت المعلومات حول التشكيلة الحكومة رست بورصتها على ما يلي:

السنّة: نواف سلام رئيساً للحكومة، العميد المتقاعد أحمد الحجار وزيراً للداخلية، ريما كرامي وزيرة للتربية، حنين السيد للشؤون الاجتماعية.

الشيعة: ياسين جابر وزيراً للمالية، تمارا الزين وزيرة للبيئة، ركان نصر الدين وزيراً للصحة، أمين الساحلي للعمل.

الدروز: فايز رسامني للأشغال ونزار الهاني للزراعة.

الحصة المسيحية: طارق متري نائباً لرئيس الحكومة، غسان سلامة وزيراً للثقافة، العميد المتقاعد ميشال منسى وزيراً للدفاع، سفير لبنان في الأردن جو رجي وزيراً للخارجية، جو صدي للطاقة، كمال شحادة للاتصالات، جو عيسى الخوري للصناعة، عادل نصار للعدل، كريستين خاتشيك بابكيان للشباب والرياضة، زياد رامز الخازن للسياحة.

عون يستعجل التأليف

تزامناً، أكد رئيس الجمهورية أنه “على توافق وتشاور مستمر مع رئيس الحكومة المكلف في سبيل التوصل إلى تشكيلة حكومية تراعي المعايير والمبادئ التي وضعناها”، آملاً “أن تكون الأمور قد اقتربت من خواتيمها بعد حلحلة غالبية العقد”.

وقال عون أمام وفد “جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية” في بيروت “إنني مستعجل على تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، لأن أمام لبنان فرصاً كثيرة في هذه المرحلة في ظل الاستعداد الذي يبديه العديد من الدول لمساعدته وكل ذلك بانتظار التشكيل”. وأعاد التأكيد على “أن مسؤولية النهوض بالبلد مشتركة ويتحملها الجميع لا رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة وحدهما”، مضيفاً “آن لنا بناء دولة قائمة على العدالة والكرامة والحياة الهانئة لكل المواطنين”، ومعتبراً “أن الامر ليس بصعب في ظل توافر الإرادة والنوايا الحسنة”.

التفاوض مع القوات

وذكر رئيس جهاز الإعلام والتواصل في “القوات اللبنانية” شارل جبور لـ “القدس العربي” “أن الأمور أخذت منحى مختلفاً في طريقة التفاوض عما سبق”. وأوضح “أن المفاوضات المتعلقة بوزن القوات اللائق والمطلوب من اجل فعالية دورها داخل الحكومة أخذ مجراه في عملية التفاوض مع التركيز على مسألة فعالية الحكومة في المرحلة المقبلة، وتحديداً لجهة تجانسها، وأن تكون وزارة المالية غير معرقلة لأعمال الوزارات الأخرى ولا للإصلاح ولا للتدقيق الجنائي وأن تقوم بدورها المطلوب في هذا السياق، وأن يكون للحكومة رؤيتها في موضوع السيادة، وأن يشدد البيان الوزاري على مركزية دور الدولة”.

من جهته، أكد نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان “أننا طلبنا من رئيس الحكومة المكلف ضمانات للتأكد من أن الحكومة ستمارس دورها وفقاً للقواعد المطلوبة وطنياً ودستورياً، قبل احترام المعايير التي لا نقبل بتجاوزها في التشكيلة الوزارية”. وحدد عدوان هذه الضمانات كالآتي: “أولاً: تنفيذ القرارات الدولية على كامل التراب الوطني وليس في الجنوب فقط، ثانياً: توضيح التدابير للتأكد من عدم التعطيل أو التوقيع أو التأخير، ثالثاً: الالتزام من قبل الحكومة بالتدقيق الجنائي في كافة الوزارات من دون استثناء”. وختم: “ننتظر الضمانات المطلوبة ليبنى على الشيء مقتضاه والتي يجب أن تعطى لكل اللبنانيين كي لا نفوّت الفرصة المتاحة”.

تمثيل التيار والسنّة

أما تمثيل “التيار الوطني الحر” في التشكيلة فليس محسوماً بعد اعتراض رئيسه النائب جبران باسيل على اقتراح حقيبتين ثانويتين لتكتل “لبنان القوي” إحداها الشباب والرياضة لحزب “الطاشناق”.

وبالنسبة إلى التمثيل السنّي، وخصوصاً تمثيل عكار والشمال وبيروت، فقد طُرحت المسألة في لقاءات جمعت الرئيس المكلف مع نائبي تكتل “الاعتدال” وليد البعريني ومحمد سليمان ومع عضو “لبنان الجديد” النائب نبيل بدر حيث وعدهم سلام بالنظر في الأمر. وقال أمين سر تكتل “الاعتدال” النائب السابق هادي حبيش “إذا لم نُمثّل في الحكومة سنتخذ قراراً حول ما سنفعله بموضوع إعطاء الثقة”.

من جهته، تمنى أمين عام “تيار المستقبل” أحمد الحريري بعد زيارته مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان “أن تتشكل الحكومة سريعاً للاستفادة من الزخم والدعم الدولي والعربي للبنان”. وقال “ما نسمعه عن تشكيل الحكومة هو من وسائل الإعلام فقط، ولا يمكننا ان نأخذ موقفاً من الحكومة التي لم تتشكل حتى الآن والأسماء تتغربل حالياً والأساس هو تشكيل الحكومة سريعاً، لأن هناك مهمات عديدة اقتصادية واجتماعية وسياسية ونهضوية وننتظر ما ستؤول إليه انتخابات مجالس البلدية لأن قانون التمديد للمجلس البلدي ينتهي بشهر خمسة، وهناك التحضير لانتخابات نيابية السنة المقبلة فيجب تشكيل الحكومة سريعاً بالممكن وليس بالمستحيل. ولدى سؤاله عن مطالبة “تيار المستقبل” بحصة، أجاب “تيار المستقبل مازال عمله السياسي معلقاً ولم يطالب بأي حصة، ويتمنى بكل طيب خاطر أن ينجح الرئيس سلام بتشكيل الحكومة والقدرة على العمل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية