الجزائر: ينذر التوتر الدبلوماسي غير المسبوق بين الجزائر وفرنسا المتصاعد، بتبعات اقتصادية تطال شركات باريس وتواجدها في البلد العربي، الذي فقدت فيه حصصا لافتة منذ صعود الرئيس عبد المجيد تبون إلى سدة الحكم نهاية 2019.
زيادة التوتر في علاقات البلدين التي تمر بأزمة منذ سنوات تفاقمت الصيف الماضي، حين أعلن قصر الإليزيه دعمه لمقترح الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب قبل سنوات، كحل وحيد للنزاع في إقليم الصحراء بين الرباط وجبهة البوليساريو.
وأعقب ذلك قرار الجزائر غير المسبوق بسحب سفيرها من باريس، في حين جرت العادة من قبل باستدعائه للتشاور، وجرى تخفيض التمثيل على مستوى القائم بالأعمال فقط.
ولم يعد الدبلوماسي الجزائري بعد إلى منصبه، وجرى تعيينه لاحقا سفيرا لبلاده في لشبونة عاصمة البرتغال.
وزادت حدة التوتر أكثر بعد أن أوقفت السلطات الجزائرية في نوفمبر/تشرين الماضي، الكاتب الجزائري الحاصل على الجنسية الفرنسية بوعلام صنصال بمطار العاصمة.
ووجهت محكمة جزائرية تهما لصنصال بموجب المادة 87 من قانون العقوبات الجزائري، تتعلق بـ “المساس بالوحدة الوطنية وتهديدها”، بعد تصريحات له في قنوات فرنسية زعم فيها أن مناطق من شمال غرب الجزائر تعود في الواقع للمغرب.
وتدهورت العلاقات أكثر بعد تصريحات من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعدد من وزراء حكومته، دعت إلى إطلاق سراح الكاتب صنصال، وهو ما اعتبرته الجزائر “تدخلا سافرا” في شؤونها الداخلية، خصوصا أن القضية بين أيدي القضاء.
وامتد التوتر إلى ما وصف بقضية توقيف المؤثرين الجزائريين في فرنسا، الذين تتهمهم باريس بإطلاق نداءات عبر المنصات الاجتماعية تدعو للكراهية والعنف.
ومن بين المؤثرين الجزائريين الشاب المعروف بـ”زازو يوسف” (25 عاما) الذي يحظى بمتابعة أكثر من 400 ألف شخص على منصة “تيك توك”.
ويرجع سبب اعتقاله إلى مقطع فيديو هدد فيه معارضي النظام الجزائري إذا تظاهروا في احتفالات بداية العام الجديد، وطالب بإطلاق النار عليهم في فرنسا والجزائر.
وعقب محاولة ترحيل المؤثر الجزائري نعمان بوعلام المعروف بـ”دولامن”، وجدت باريس نفسها في موقف محرج، بعد رفض السلطات الجزائرية القرار الفرنسي وإعادته إلى باريس على متن نفس الطائرة التي جاء بها.
واتهمت الجزائر السلطات الفرنسية بعدم احترام الإجراءات المنصوص عليها بين البلدين عبر اتفاقية للتعاون الدبلوماسي سبعينات القرن الماضي.
واعتبر سياسيون خصوصا من اليمين المتطرف الفرنسي على غرار وزير الداخلية برونو روتايو القضية بأنها إذلال من الجزائر لفرنسا، التي يجب التصرف تجاهها باستعمال كل السوائل المتاحة.
وتزامنا مع التوتر الدبلوماسي الذي غلب على علاقات البلدين منذ 5 سنوات، جرى أيضا انحسار في التواجد الاقتصادي الفرنسي بشكل لافت أيضا في عهد الرئيس تبون، مقابل تعزيز الشراكة مع دول أخرى على غرار الصين وتركيا وقطر وإيطاليا.
وأدى هذا الوضع إلى مغادرة شركة “راتيبي باريس” الفرنسية في أكتوبر/تشرين أول 2020 الجزائر، والتي كانت مكلفة بتسيير وصيانة مترو أنفاق العاصمة منذ عام 2011، بعد أن قررت السلطات الجزائرية عدم تجديد عقدها.
وعلى نفس المنوال سارت شركة “سياز” في 2021، وكانت مسؤولة عن إدارة وتسيير المياه والصرف الصحي بالعاصمة الجزائرية وولاية تيبازة المجاورة، بعقد حتى 2006 وتم تجديده عدة مرات.
وعقب وصول تبون إلى الحكم، توقف مصنع السيارات للعلامة الفرنسية “رينو” عن الإنتاج، وسرح عماله وموظفيه اعتبارا من 2020.
ورغم بعض التصريحات في الجزائر وفرنسا، إلا أن هذا المصنع بقي مجمدا ولم يستأنف نشاطه إلى اليوم.
وفي غضون ذلك، أطلقت الحكومة مشاريع مماثلة لتركيب وتجميع السيارات مع العلامة الإيطالية “فيات”، وخلال وقت سابق من الشهر الجاري، تم التوصل لاتفاق مع “هيونداي” الكورية الجنوبية لإقامة مصنع سيارات باستثمار يفوق 400 مليون دولار.
وكمثال لانحسار الشركات الفرنسية بالجزائر، أنهى بنك القرض الفلاحي “كريدي أغريكول” الفرنسي تواجده بالجزائر عام 2021 بعد أن سحب المركزي الجزائري رخصة نشاطه بعد دخوله البلاد عام 2007.
وفي عهد تبون أيضا، منعت السلطات الجزائرية استحواذ “توتال” الفرنسية على أصول “أناداركو” الأمريكية التي انتقلت إلى أوكسيدنتال بيتروليوم حينها.
وأشهرت الجزائر فيتو، من خلال اللجوء إلى حق الشفعة بموجب قانون المحروقات، وبذلك رفضت الصفقة بالكامل في شقها الجزائري، بالنظر إلى أن “توتال” الفرنسية التي اشترت أصول أناداركو الأمريكية في كامل القارة الأفريقية.
وفي عام 2023، انسحبت شركة “توتال” الفرنسية أيضا من مشروع مصنع بتروكيماويات كبير في وهران بغرب الجزائر بالشراكة مع شركة المحروقات الجزائرية “سوناطراك”.
وقرر الجانب الجزائري المضي قدما في المشروع بمفرده ومنح عقد البناء إلى مجمع صيني بريطاني مقابل 1.5 مليار دولار.
الخبير الاستراتيجي حسان قاسيمي، الذي شغل سابقا منصب مدير الهجرة بوزارة الداخلية الجزائري يرى أن “العلاقات مع فرنسا تشهد فعلا تدهورا خطيرا للغاية نظير تصرفات وتصريحات غير أخلاقية للطبقة السياسية الفرنسية وخاصة اليمين المتطرف الذي يشن حملة متعددة الجوانب ضد الجزائر ومصالحها”.
ويؤكد قاسيمي أن الجزائر وعلى مدار السنوات الأربع الماضية “اتخذت قرارات على الصعيدين الاقتصادي والتجاري في تعاملها مع فرنسا، وقد وصل صداها إلى الطبقة الحاكمة في باريس وكان بمثابة إنذار لها، وتسبب في خسائر كبيرة للجانب الفرنسي”.
وتحدث الخبير الاستراتيجي عن “خسائر بـ 18 مليار دولار طالت الشركات والتواجد الفرنسي بالجزائر على مدار أربع سنوات، وهو رقم كبير بحسبه، يؤثر على التوازنات المالية والاقتصادية الفرنسية”.
واعتبر أن فرنسا “عملت سابقا على مخططات لمحاولة إضعاف الدولة الجزائرية وإفشال مشاريع كبير للتنمية الاقتصادية، بتواطؤ بعض الأطراف الجزائرية لم يسمها”.
ومقابل دورها في إفشال مشاريع اقتصادية ضخمة، يضيف قاسيمي، أن فرنسا “حولت سابقا (حقبة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة)، مبالغ مالية كبيرة بمليارات الدولارات من الجزائر من دون مقابل”.
وبالنسبة لمستقبل تواجد فرنسا وشركاتها بالجزائر، توقع قاسيمي، أن “يبقى ذلك مرهونا بموقف فرنسا مما تطالب به السلطات الجزائرية، وفي مقدمتها الرئيس تبون، بضرورة أن تعترف فرنسا الرسمية بجرائمها الاستعمارية وتعتذر للدولة الجزائرية وللشعب”.
وأضاف أن “عودة العلاقات التجارية والاقتصادية إلى طبيعتها على غرار السياسية والدبلوماسية مشروط بتخلي فرنسا عن سلوكها وتعاملها مع الجزائر والدول الإفريقية بعقلية استعمارية، وتتعامل معهم الند للند”.
وخلص قاسيمي إلى أنه “في الظروف الحالية لا يمكن أبدا التفكير في بناء علاقات صداقة ومبادلات اقتصادية وتجارية مع اليمين المتطرف المتشبع بالثقافة الاستعمارية المجرمة، التي تتصادم مع العقيدة الجزائرية المبنية على التحرر والتعايش بسيادة وعدالة.
(الأناضول)
هناك تحليلات تصيب القارئ العربي بالدهشة حينما يقال الاقتصاد الفرنسي والشركات الفرنسية سوف تتضرر بسبب الأزمة الحالية بين الجزائر وفرنسا وكأن اقتصاد فرنسا هو اقتصاد تونس او جيبوتي اوالسودان فرنسا والمانيا هما من اسس الاتحاد الاوروبي لقوتهما المالية والسياسية المانيا وفرنسا هما من دعما اليونان والبرتغال حينما عرفا مشاكل اقتصادية في 2008 فرنسا هي من يشتغل عندها اكثر من ثمانية ملايين جزائري ومغربي ملحوضة الرئيس الجزائري يقول ان فرنسا اشتغلت الجزائر حين الاستعمار وقامت بتجارب نووية في الصحراء الجزائرية ولم نمنعها لأننا كنا مستعمرين لمعلومة القارئ العربي اخر تجربة نووية قامت بها فرنسا في الجزائر كانت سنة 1967 في عهد بومدين وكانت الجزائر مستقلة وكانت هي مكة الثوار
طالع جيدا تصريحات مصدري القمح الفرنسي نحو الجزائر و فقدانهم السوق الجزائرية.
فرنسا ٢٠٠٨ و فرنسا ٢٠٢٥ ليست نفس شيء
قلناها مرارا وتكرارا جزائر اليوم ليست جزائر بوتفليقة الذي سلم كل خيرات الجزائر لفرنسا وبمساعدة من إطارات ووزراء جزائرين كانوا يعملون على اضعاف الجزائر اقتصاديا واجتماعيا وبتخطيط من المخابرات الفرنسية وعلى رأسهم السفير الفرنسي السابق دريانكور . لكن بفضل الله عز وجل وبفضل الرجال المخلصون استطاعت الجزائر ان تقضي على عشرية حمراء بدأت منذ بداية عهدة بوتفليقة الى غاية 2019.
الفرنسيون لم يحكو حل مع عمي تبون
منذ انتخابه كتبت في هذه الجريدة بأن فرنسا يعاني كثيرا
منذ البداية قام بإلغاء كل الصفات التي أبرمت مع فرنسا في عهد الراجل بوتفليقة
الكثير من الشركات الفرنسية حزمت امتعتها ورجعت من حيث اتت
في عام 2024 حققت إيطاليا فائضاً في ميزانها التجاري وتفوقت على فرنسا من حيث أحجام الصادرات لأول مرة منذ عقود، وحققت إيطاليا هذه النتائج الجيدة بفضل الجزائر، الشريك الاقتصادي الأول لاطاليا. أوقفت الجزائر كل التجارة مع فرنسا، حتى بالنسبة للقمح!!… مما أدى إلى انخفاض الميزان التجاري الفرنسي إلى السلبية. استبدال فرنسا بإيطاليا اغضب و ازعج النضام الفرنسي الذي لم يتبقى له إلا ورقة “صنصال” للضغط على الجزائر و الحوار معها….عليكم الاطلاع على التسريحات الأخيرة ل Mateo Salvini، نائب الوزيرة الأولة اليطالية، عن العلاقات الجزائرية الإيطالية… و هذا هو الشيئ الوحيد الذي يهم الجزائر.