سوريا تكشف عن هويتها البصرية الجديدة: احتفال شعبي واسع وانتقادات قانونية

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق ـ «القدس العربي»: أطلقت الحكومة السورية الجديدة، الخميس، الهوية البصرية الرسمية لسوريا في حفل احتفالي في قصر الشعب في دمشق، بحضور الرئيس السوري للمرحلة المؤقتة أحمد الشرع، وسط تفاعل شعبي واسع وجدل قانوني ودستوري.
افتتح حفل إشهار الهوية البصرية بكلمة ألقاها المتحدث باسم فريق تصميم الهوية الجديدة وسيم قدورة، قال فيها: «لم تكن مهمتنا سهلة ولم نبحث عن البهرجة، بل عن الحقيقة. ذهبنا إلى الحرف الأول، إلى اللون في ملابس الفلاح، إلى ظل الأعمدة في تدمر، إلى رائحة الياسمين في دمشق، إلى النقوش في الخزف، وإلى الإيقاع الخفيف في الخد العربي».
وفي كلمة له أمام الحضور، خاطب الشرع الشعب السوري قائلاً: «إنها الشام، إنها دمشق، إنها العزّة والمجد. إن من يستعرض التاريخ يجد أن الشام بداية حكاية الدنيا ومنتهاها، ويتبين له أن ما عشناه في زمن النظام البائد لهو أذل وأهون حقبة في تاريخ الشام، وأن لتاريخ الشام الأثر البالغ في مفاصل التاريخ الكبرى». وأضاف: «أيها الشعب السوري، إن حكاية الشام تستمر بكم، فيحكي التاريخ إن عصر أفولكم قد ولى، وإن زمان نهضتكم قد حان، ودماؤكم لم تذهب سدى، وعذاباتكم لاقت آذاناً مصغية، وإن هجرتكم قد انقطعت، وسجونكم قد حُلت، وإن الصبر أورثكم النصر». وشدد على أن «الهوية التي نطلقها اليوم تعبّر عن سورية التي لا تقبل التجزئة ولا التقسيم، وهي من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها واحدة موحّدة، وإن التنوّع الثقافي والعرقي عامل إغناء وإثراء لا فرقة أو تنازع».
ويتصدر طائر العقاب الهوية البصرية الجديدة رمزاً للقوة والتوازن، تعلوه النجوم السورية الثلاث، وتحمل الأجنحة 14 ريشة ترمز إلى عدد المحافظات، فيما يحمل الذيل خمس ريش ترمز إلى المناطق السورية الكبرى، دلالة على وحدة أراضي البلاد.

احتفالات شعبية

تزامنا، شهدت مختلف المحافظات، باستثناء الرقة والحسكة، شمال شرقي سوريا، الواقعتين تحت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» احتفالات جماهيرية وسط عروض وشعارات استحضرت مشاهد من الثورة السورية.
وائل علوان الذي قدم الحفل في ريف دمشق تحدث لـ «القدس العربي» عن أهمية «اللحظة التاريخية بعد تحرر سوريا من خمسة عقود لم تُجسّد أصالة البلاد ولا عمق حضارتها، إذ كان لا بد للحكومة السورية الجديدة، المعبّرة عن إرادة الشعب، أن تطوي تلك الحقبة بما حملته من رموز وأشكال وألوان». وأضاف: ومن هذا المنطلق، وجد العقاب الذهبي السوري ضمن الهوية البصرية الجديدة للدولة. هذا العقاب، المستمد من تراث سوريا العريق، يرمز إلى القوة المنبثقة من الشمس الساطعة، وإلى قمح البلاد الذي لطالما كان رمزا للخير والوفرة.

فعاليات في كل المحافظات باستثناء الرقة والحسكة

وحول التصميم الجديد أوضح أن «العقاب، جامعا بين التاريخ والمستقبل في رمز واحد يعكس هوية وطن صامد»، لافتا إلى أن هذا التصميم «لم يكن مجرد تغيير شكلي، بل أعاد بناء العلاقة بين الدولة والشعب، على أسس تتماشى مع متطلبات الحاضر وطموحات المستقبل: دولة تحرس، وشعب يشارك فعليا في صناعة سوريا جديدة، مزدهرة وآمنة».
وشرح بأن العقاب، هذا الرمز التاريخي العريق، «يبسط جناحيه ليضمّا 14 ريشة موزعة على جانبيه، تمثّل تكامل محافظات سوريا. وفي ذيله، خمس ريشات عريضة ترمز إلى توازن الجغرافية السورية وتمثل كل واحدة منها محافظات الجنوب والوسط والشمال، وغرب، وشرق سوريا».

ردود أفعال

«القدس العربي» رصدت ردود أفعال السوريين على إطلاق الهوية البصرية للدولة الجديدة، حيث كتب الإعلامي المعروف باسم ماغوط حوران في منشور، أعاد نشره الإعلامي البارز فيصل القاسم يقول فيه: يتهكمون اليوم على الهوية البصرية السورية الجديدة! هذا العقاب تاريخياً موجود في سوريا منذ فجر بدايتها الأول. حتى أجدادنا التدمريون نحتوه على حيطان معابدهم قبل آلاف السنين، ومن تلك الحضارة السورية الراقية اقتبس مستشرق ألماني هذا الرسم ونقله لألمانيا ومنه لباقي أوروبا التي باتت تستخدمه كماركات تجارية لأغراض مختلفة وأرادت من ذلك اظهار قوة منتجها وقدرتها على المنافسة، حضارة تدمر ابتدأت تقريبا في نهاية القرن الثاني قبل الميلاد، بينما بعض الشركات الألمانية التي تعتمد شعار العقاب السوري والذي تم الاستدلال بها للطعن في مضمون الهوية البصرية السورية عمرها 100 عام فقط لا غير. وأضاف: هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية.
من جهة قانونية، انتقد القاضي حسن حمادة إطلاق الشعار الجديد، معتبرا أنه «تصرف مخالف للدستور ويعتبر بحكم المعدوم، بغض النظر عن أي معايير أخرى».
واستند إلى المادة الخامسة من الإعلان الدستوري السوري التي تنص على أن «شعار الدولة يحدد بقانون»، مؤكدا أن «دمشق هي عاصمة الجمهورية العربية السورية، ويُحدّد شعار الدولة ونشيدها الوطني بقانون».
وأضاف: السيد الرئيس أحمد الشرع لا يُفترض به أن يكون خبيرًا في القانون، لكن من الضروري أن يُحيط نفسه بفريق من المستشارين (دستوريين وقانونيين) ليضمن أن قراراته تتماشى مع القانون وتُراعي الأطر الدستورية: اللجنة القانونية «كهيئة استشارية « تقدم له المشورة في القضايا التالية: صياغة المراسيم الجمهورية والقرارات ذات الطابع القانوني قبل إعلانها لتكون مطابقة لأحكام الإعلان الدستوري والقوانين النافذة، إضافة إلى «إلغاء القرارات الادارية المخالفة لمبادئ الإعلان الدستوري أو أحكام القوانين النافذة» و«تقديم دراسات عن القوانين المعمول بها واقتراح تعديلها او الغائها من مجلس الشعب المرتقب تشكيله» و«المشاركة في الحوار الوطني، وذلك من خلال فتح آفاق واسعة لحوار مع كافة فرقاء الوطن يؤسس لمنظومة دستورية وقانونية تضمن وحدة البلاد واستقرار المجتمع». وقد اتفق معه المحامي الناشط في مجال حقوق الإنسان، ميشال شماس حيث كتب: «لمن يدافع عن الهوية البصرية الجديدة بحجة القطع مع كل ما يرمز للعهد المخلوع، أذكرهم أن شعار الجمهورية السورية أقر بموجب المرسوم رقم 158 في 18 فبراير 1945. ولا علاقة للنظام البائد به. وأذكرهم أيضا أن القصر الجمهوري يرمز للدماء والقمع».
وأضاف: «إذا كانوا فعلا يريدون التخلص من كل ما يمت بصلة للعهد البائد، كان عليهم تغيير اسم الجمهورية العربية السورية المرتبطة بالعهد البائد. والعودة لاسم الجمهورية السورية».
وأكمل «واضح الفرق في الجمال والأناقة لمصلحة الشعار الذي صممه الفنان والدبلوماسي خالد العسلي ابن الشهيد شكري العسلي».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية