تصاعدت حدة العمليات العسكرية لخلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” خلال الشهرين الأخيرين وأخذت طابعا شبه يومي منذ مطلع شباط (فبراير) الجاري. ورغم تركزها في منطقة شمال السخنة خلال شهر كانون الثاني (يناير) واقتصارها على ضربات متفرقة جنوب مدينة تدمر الصحراوية تحديدا في جوار حقول الفوسفات في الصوانة، نشهد خلال الأيام الماضية توسع العمليات لتصل إلى القرى المأهولة في ريف حمص الشرقي والواقعة على تخوم البادية السورية ومناطق حقول الغاز شرقي سلمية.
وفي الأسبوع الأخير، شن عناصر التنظيم هجوما باتجاه ما تطلق عليه قوات النظام السوري اسم “نقاط التثبيت” وهي نقاط حراسة ثابتة تحيط بحقول النفط والغاز وتؤمن طرق المواصلات إليها، حيث حاول مقاتلو التنظيم التسلل إلى إحدى تلك النقاط بهدف قتل عناصر الميليشيات التابعة للنظام والتي تعتبر نقطة متقدمة لحراسة حقل أراك للغاز شمال شرق مدينة تدمر في منتصف المسافة بين السخنة وتدمر.
وتزامنت محاولة التسلل تلك مع هجوم على عدة نقاط بين السخنة وقرية الطيبة وهي أحد أضعف مواقع النظام العسكرية والذي اعتاد مقاتلو تنظيم الدولة الهجوم عليه بشكل دوري والسيطرة على عتاده العسكري وقتل من فيه من قوات الفرقة 17 المنتشرة فيه إلى جانب قوات ميليشيا الدفاع الوطني، وتعتبر تلك النقاط المنتشرة بين السخنة-والرصافة بمثابة مستودع امداد التنظيم بالسلاح، خصوصا في مقطع الطريق الممتد بين السخنة والكوم. ويعتمد مقاتلو التنظيم على صعوبة جغرافيا المنطقة، وهي منطقة تكثر فيها الوديان الصخرية والجروف ولا تشابه المناطق المنبسطة في البادية ما يساعد مقاتلي التنظيم بالتسلل ونصب الكمائن القريبة وهو ما يفسر مقتل أعداد كبيرة من جنود قوات النظام والميليشيات في كل هجوم، إذ تكون الكمائن محكمة بشكل لا يسمح بفرار أي عنصر من القوات الواقعة في الكمين.
وفي المنطقة المذكورة، أعلن التنظيم مسؤوليته عن مقتل 9 عناصر في جيش النظام بينهم ضابط في هجوم على إحدى نقاط قوات النظام غرب بلدة السخنة، الإثنين. وأشار التنظيم في منشور تناقلته المعرفات شبه الرسمية أن عناصر التنظيم في ولاية الشام “اغتنموا أسلحة متنوعة وذخائر” من الثكنة المُهاجمة.
وفي ذات اليوم، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن اشتباكات وقعت بين عناصر يتبعون تنظيم “الدولة” من جهة وآخرين من ميليشيا الدفاع الوطني يرافقون جامعي ثمرة الكمأة بالقرب من منجم الأسفلت في منطقة بادية البشري غربي دير الزور.
وإثر تعرض المناطق للهجمات، شنت القاذفات الجوية الروسية عدة هجمات على مناطق انتشار التنظيم القريبة بعد فرار عناصر التنظيم وانتهاء هجماتهم، ولم يعرف إذا حققت الهجمات أهدافها أو انها قد نجحت في تحقيق إصابات مباشرة في صفوف عناصر التنظيم.
وفي المنطقة، قالت شبكة البادية 24 إن قوات النظام عثرت على ثلاثة عناصر مقتولين شمال تدمر بعد فقدانهم لعدة أيام، حيث وجدوا مقتولين بطلقات برأسهم وهو ما يشير إلى وقوعهم بكمين واستسلامهم لعناصر تنظيم “الدولة” الذين قاموا بإعدامهم لاحقا. ونفذت قوات النظام عملية بحث استمرت ليومين تمكنت خلالها العثور عن جثث العناصر المفقودين.
وفي سياق منفصل، نعت صفحات مؤيدة للنظام السوري، الاثنين، مقتل ضابط وعنصر وإصابة أربعة آخرين بانفجار لغم بسيارة تتبع جيش النظام في محيط مزرعة الدرويشية التابعة لمنطقة المخرم بريف حمص الشرقي، وهي منطقة ذات أغلبية سكانية علوية وشركسية وتتاخم حدود البادية السورية وخلال نشاط تنظيم “الدولة الإسلامية” بقيت تحت سيطرة النظام وتعرضت أطرافها إلى عمليات تسلل وإغارة من قبل مقاتلي ولاية حمص في تنظيم “الدولة” ولم يتمكن الأخير من السيطرة عليها.
في تطور غير مسبوق منذ عام 2018 شهدت مناطق شمال حمص وغربها هجوما على دوريات وباص مبيت لعناصر جيش النظام، حيث هاجم مجهولون دورية في قرية المزرعة الواقعة بين حي الوعر ومصفاة حمص ولم تتمكن “القدس العربي” من معرفة نتيجة الهجوم. وفي ريف حمص الشمالي قالت صفحات محلية إن مسلحين مجهولين استهدفوا حافلة مبيت بالقرب من بلدة الحولة بالرشاشات وأسفر الهجوم عن مقتل عدد كبير من قوات النظام وجرح آخرين.
وتزايد هجمات التنظيم دفع القوات الجوية الروسية لتكثيف قصفها ضد الخلايا النشطة للتنظيم، وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان أن خمسة مقاتلين من التنظيم قتلوا في اشتباكات مع قوات النظام والميليشيات الإيرانية يوم السبت الماضي.
وفي شرق سوريا، قصفت طائرات بدون طيار ليل الجمعة عدة مواقع للحرس الثوري الإيراني بريف دير الزور الشرقي ردا على هجوم بصواريخ “الغراد” قصفت القاعدة الأمريكية في حقل كونيكو للغاز شمال مدينة دير الزور.
واستهدف القصف الأمريكي عدة مواقع على طول نهر الفرات من مدينة دير الزور وصولا إلى مدينة البوكمال قرب الحدود السورية العراقية. وارتفع عدد الهجمات التي تتبناها “المقاومة الإسلامية في العراق” ضد القواعد الأمريكية إلى 113 هجوما منذ بدء الهجمات في 17 تشرين الأول (أكتوبر).
وعززت القوات الأمريكية مواقعها بشرق الفرات من خلال وصول شحنات جديدة من الأسلحة والعتاد إلى قاعدة الشدادي التابعة لـ “التحالف الدولي لمحاربة داعش” شرقي محافظة الحسكة.
ان تصاعد حدة العمليات وتكرارها شبه اليومي من قبل تنظيم الدولة والحاق خسائر كبيرة في صفوف عناصر قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية في سوريا، سيؤدي بطبيعة الحال إلى فقدان السيطرة على الطرق الحيوية الواصلة لحقول النفط والغاز الذي تسيطر عليه روسيا، ورغم قلة الاهتمام الإيراني بقضية المصالح الروسية الاقتصادية وحمايتها، إلا أن تلك الحقول تقع على طريق حمص-دير الزور وهو طريق الامداد الذي لا ترغب طهران بخسارته كونه الطريق البري الوحيد الذي تنقل أسلحتها من خلاله إلى حزب الله وباقي الميليشيات في سوريا.
في الجهة المقابلة، فإن تهديد مصالح روسيا الاقتصادية المباشرة في البادية السورية يدفعها إلى التدخل المباشر والدفع بقاذفاتها الجوية لشن غارات على مواقع مفترضة تتمركز بها خلايا تنظيم “الدولة” في عمق البادية السورية والجبال المحيطة بدير الزور وتدمر. إلا إن تلك الهجمات غير قادرة على إحداث فارق في مقدرة التنظيم على تهديد المصالح الروسية في شرق سوريا، حيث تشير نوعية الهجمات وعددها والمناطق المستهدفة إلى أن التنظيم أصبح أكثر مقدرة على الاقتراب من الحقول النفطية والغازية التي تحميها شركة “فاغنر” الأمنية الروسية بمساعدة متعاقدين محليين سوريين. ولعل وصول التنظيم إلى أي من تلك الحقول سيجعل هيبة روسيا في موقع لا تحسد عليه أبدا ناهيك عن تعزيز حاجتها لمساعدة القوات الإيرانية في حماية الحقول النفطية والغازية في سوريا.
yغريب في امرهم لماذا لا يحاولون نصرة اخوتهم في الدين والمذهب في غزه الذين يذبحون كل يوم بايدي الصهاينه أم ان أوامر خالقهم وسيدهم الأميركي هي غير ذلك؟