أطل الصباح الحر المشرق على سوريا، صباح ندي حلو العبير، على نسماته يرفرف العلم السوري، رمز الإيمان بالوطن واليقين في عودته، والصبر الطويل على مصابه. يرفرف العلم السوري ومن حوله ترفرف القلوب، يسجد الشعب السوري شكراً لله وترتفع تكبيراته تشق السماء وتُسمع الجميع وتهز أوتار الإيمان في القلوب. ضحكات على وجوه صهرها الحزن، وبسمات في عيون دامعة وعلى شفاه تتمتم بحمد الله، وفرحة تصعد على جبال شاهقة من الآلام والمآسي والأهوال. تحررت سوريا وسقط الطاغية المجرم، عاشت سوريا وماتت الخيانة الدنيئة، تشبثت أرض سوريا بالحرية وبكل ما هو حر، ولفظت أثقال الظلم والقهر وكل ما هو خبيث. عادت الحرية النائية إلى ربوع سوريا، وعادت سوريا إلى الحرية، وعادت إليها الروح.
في مثل هذا الوقت يذهب القلب إلى كل ما هو سوري فرحاً مستبشراً، ومع موسيقى سوريا نحب أن نكون، فلنستمع إذن إلى «سوريا نشيد الأحرار» للموسيقار مالك جندلي ابن حمص العدية مدينة خالد بن الوليد، وكنا نستمع إلى ذلك النشيد في الأمس القريب كحلم جميل نؤمن بتحققه يوماً ما، لكن الحلم كان يرافقه السؤال المؤلم «متى؟». ألّف مالك جندلي «سوريا نشيد الأحرار» بعد مرور عامين على قيام الثورة السورية، رغم الألم ومن عمق الإيمان بالوطن والحرية، كان مالك جندلي يؤلف هذا النشيد ويعد لتلك اللحظة المنتظرة، لحظة الحرية التي كان موقناً أنه على موعد مع الشعب السوري.
كان مالك جندلي طوال الأعوام الماضية يعمل من ناحية على توثيق نضال الشعب السوري من أجل الحرية والكرامة والعدالة وحقوق الإنسان، فيصور بموسيقاه مآسي الإبادة الجماعية والمجازر الرهيبة، وآلام اللاجئين والأطفال في المخيمات والمهجرين قسراً إلى شتى بقاع الأرض بعيداً عن الوطن. ويهدي موسيقاه إلى نساء سوريا المعتقلات والمختفيات قسرياً مثل طل الملوحي ورزان زيتونة وغيرهما الكثيرات من النساء. ويُخلد شهداء الثورة السورية كالشهيد إبراهيم القاشوش، ويحفظ نداءات الثورة السورية في موسيقاه السيمفونية العالمية. ومن ناحية أخرى إلى جانب التوثيق كان جندلي يؤلف موسيقى المستقبل الذي يتطلع إليه كل سوري، نظر جندلي إلى النشيد الوطني السوري في عهد الطاغية الساقط، فوجده خالياً من اسم سوريا فلا يُذكر فيه بتاتاً، ووجده كذلك يفتقر إلى كلمة الحرية فلا وجود لها على الإطلاق، فأمسك بالقلم وكتب بنفسه كلمات «سوريا نشيد الأحرار» وبدأه باسم سوريا وختمه بكلمة الحرية. ثم منح الكلمات لحناً سيمفونياً رفيعاً فيه قوة الشعور الوطني وجمال النغم والتوزيع الأوركسترالي، وحماسة الأداء الصوتي الجماعي الكورالي.
عندما كانت الأهوال تسقط على رؤوس الشعب السوري، كان مالك جندلي يؤلف «سوريا نشيد الأحرار» تشبثاً بالإيمان والأمل ورجاءً في الغد، واستعداداً للمستقبل المقبل. أراد أن يكون لسوريا نشيد يردد اسمها ولا يتجاهله، ويُعلي أسمى قيمة تبنى عليها الأوطان وهي الحرية. يحمل النشيد في طياته اليقين بتحقق الحرية في النهاية، وإن بدا ذلك حلماً آنذاك، لكن ها هو الحلم قد تحقق. في كلمات موجزة مكثفة خطها قلم مالك جندلي، يصف النشيد سوريا بما يليق بها، ويذكر بعضاً من تاريخها العريق وحضارتها المجيدة، ويحدد ملامح مستقبلها المنشود. على وقع موسيقى تلتهب بحرارة الثورة السورية يتدفق الغناء الصادر من قلب الجموع، بعد نغمة افتتاحية تعد نموذجية لكي يفتتح بها هذا النوع من الأناشيد الوطنية. يتناول النشيد ويصور بالكلمات والموسيقى ملامح وجه الوطن، ويذكر مفاخر سوريا وصفاتها وما يميزها بين الأوطان والأمم، يذكر الأرض الغنية المليئة بالخيرات في موضعين متفرقين حين يقول: «سوريا سوريا أرض السنابل الذهبية» وعندما يقول «زيتون أجدادي»، وهنا يشير إلى خيرات سوريا وثراء أرضها الزراعية، فقد كانت في الأزمان القديمة سلة الغذاء للعالم في عصر الإمبراطورية الرومانية. ويصف جندلي سوريا بـ»مهد الأمم» في إشارة إلى مآثر الحضارة السورية، وكونها من أقدم البلدان والحضارات التي يربو عمرها على آلاف السنين، وعندما يقول: «نور تراثها ألهم القلم» يشير ذلك إلى حقيقة أن سوريا كانت سباقة إلى الكثير من الأمور الحضارية والثقافية ـ التي تنير التاريخ الإنساني، كالكتابة واختراع الأبجدية والتدوين الموسيقي، وأقدم أنواع الغناء والآلات الموسيقية وأقدم المطربات أيضاً. وفي قوله: «يا بلادي يا نهر العبر يروي مجدها الرُقم والحجر» إشارة إلى النقوش والكتابات الأثرية، ومجد سوريا المحفور على أحجارها وكل ما دلت عليه الآثار التي تركتها الحضارة السورية القديمة. يستمر الفخر بالوطن في ثنايا كلمات النشيد، فيقول: «موطن الأنبياء أبجدية وغناء»، ويقول أيضاً: «موطن الشرفاء مرقد الشهداء.. شمسنا في السماء نسرنا في العلاء» اعتزازاً بالشعب وشهداء الوطن، تمثل هذه العبارة ذروة موسيقية وصوتية غنائية، وتحمل شحنة معنوية هائلة وإيماناً كبيراً بقوة الوطن ومكانته الرفيعة المستحقة مهما تكالب عليه الطغاة والمعتدون. على الرغم من براعة الصياغة الفنية للنشيد بتفاصيله الموسيقية الدقيقة وربما تعقيداته، إلا أنه معد لأن يكون نشيداً سهلاً يغنيه الجميع، فمنذ لحظاته الأولى يرغب السامع في الانضمام إلى ذلك الصوت السوري الذي يردد كلمات سوريا الحرة في نشيد يضم الجميع إلى الوطن.
سوريا نشيد الأحرار
سوريا سوريا وطن الأحرار والحرية
سوريا سوريا أرض السنابل الذهبية
يا بلادي يا مهد الأمم.. نور تراثها ألهم القلم
موطن الشرفاء مرقد الشهداء
شمسنا في السماء نسرنا في العلاء
يا بلادي يا نهر العبر
يروي مجدها الرُقم والحجر
موطن الأنبياء أبجدية وغناء
ندعو رب السماء لا جفاء لا فراق
عن بلادي وأهلي وزيتون أجدادي
وأنامل الأطفال
تراب الأحرار وطن الحرية
سوريا سوريا وطن الأحرار والحرية
كاتبة مصرية
كلمة قصيرة جد ا جد ا ادا سمحتم وكدالك الكاتبة المحترمة الباحثة ودائما بلغة الفن وبلغة التاريخ وبلغة الواقع كدالك شكرا لكم ولها كدالك الموضوع في محله عالمنا يعيش رياحا متنوعة الألوان ومختلفة الأسباب .
هذه يادكتوره مروة…محطة تاريخية..لها ما لها..وعليها ما عليها..والاهم فيها بالنسبة إلى الشعوب العربية هو أخذ العبر والدروس الصحيحة..بعد انفعالات اللحظة..وجمود التفكير بفعل المفاجأة ..؛ وبعيدا عن انطباعية البعض…وتوجس البعض الآخر من مصير مماثل.. فإن الدرس الأول هو افلاس النموذج السياسي الذي بني على إرادة الثكنة وزوار الليل..والحزب الوحيد الذي اختزل المجتمع والتاريخ في زمرة من الانتفاعيين وعباد الكراسي والمناصب والمؤلفة حناجرهم وبطونهم..؛ وباستثناء حركة الزعيم جمال عبد الناصر الذي انطلقت من أرضية سياسية وقومية متجاوبة مع طموح العرب التاريخي والاستراتيجي..قبل أن يتم طعنها من طرف ثوار الصدفة مثل الصاغ المشير.. والرئيس المؤمن..؛ فإن كل نماذج الأنظمة التي ركبت على الدبابة الأجنبية أو المحلية..لم تراكم سوى أشكال من المداحين والمدلسين..الذين فرضوا على شعوبهم واقعا متصحرا من كل إنجاز حقيقي..سوى تلك الافتراءات والاكاذيب التي تلوكها نشرات الأخبار الرسمية..؛ وأما الدرس الآخر فهو أن من رهن قضية فلسطين في يد أنظمة ذبحت شعوبها…وجعلها أداة لخدمة اجندات كل سفاح ولص اثيم..قد حرف بوصلة القضية وجعلها في هذا الوضع الراهن الذي يثير شفقة الأعداء قبل الأصدقاء..مع كامل التقدير للمتألقة مروة..
شكرا جزيلا دكتور عبد الرحيم وتحياتي الخالصة لك.
عندما تقرأ كتابات سيد قطب الموتورة البشعة بعد 1952 تقول أنه هو من قام بالتخلص من الملك فاروق، تجد افتتاحية مجلة الرسالة صار هو من يكتبها، يصرخ كما يشاء ويأمر ويتحكم ويهدد ويتوعد ويخيف، ويطالب بمنع الموسيقى والغناء من الإذاعة وأن يخرس صوت محمد عبد الوهاب وغيره من المطربين ممن أسماهم بالأصوات “الدنسة”، ويتحدث عن ضرورة “التطهير” وكيف كان يحتقر الشعب المصري ويصفه بألفاظ منحطة كالترهل والرؤوس المتعفنة وغيره. في وقت كان الكل فيه خائفا كان سيد قطب يصرخ بأعلى صوت منتشيا بالجنون. أحزن كثيرا عندما أقرأ مثل هذا الجنون في مجلة الرسالة بعد 1952 التي كانت نموذجا مدهشا متقدما وحرا للغاية، وبعدها انتهت الرسالة وتوقفت عن الصدور ثم عادت مسخا.. فترى الزيات باشا بجلالة قدره يكتب في عبد الناصر ما لم يكتبه يوما في الملك فاروق أو في الملك فؤاد، وتشعر بهول التغيير! ثم ماتت مجلة الرسالة إلى الأبد.
الأحزان كثيرة ودروس التاريخ نعيشها وندفع ثمنها.. أتمنى أن تنهض سوريا الحرة وتعلو فوق الفتن وألاعيب الداخل والخارج وأن تكون النموذج للدولة المدنية القائمة بحق على الديمقراطية والعدل والكرامة وحقوق الإنسان. وأتمنى ألا يطول الطريق إلى فلسطين أكثر من ذلك.
هناك مقولة لم أعد أتذكر جيداً قائلها..يادكتورة مروه..مفاذها أنه من لم يتطرف بعد سن العشرين فلا قلب له..ولكنه إذا استمر في تطرفه بعد الأربعين فلا عقل له..؛ وبالرجوع إلى فكر سيد قطب الذي استقطب الانطباعيين من مراهقي الفكر والمسطحين على حد سواء.. فإنه لم يخرج عن سياق ما نجده في كل الأمم التي وصلت إلى التخلف المطبق بعد تطور مشرق….والذي يقوم على الجمع بين الترغيب والترهيب وجلد الذات..من غير استناد إلى عمق معرفي وديني وعلمي حقيقي يستطيع إنتاج البدائل والحلول المطلوبة…؛ مع اعتبار عنصر التأثير الأجنبي الإستعماري الذي يسعى إلى تكبيل الأمم المحتلة أو المستعمرة سابقاً أو لاحقاً بقيود الفتن الداحسية والبسوسية…والتحجير على كل أدوات الفعل الحضاري..عن طريق جعل الدجالين وتجار الترهيب الفكري.. قادة للرأي والسياسة..بغية ضمان النتيجة الحتمية وهي ترسيخ التخلف والبدائية..وبطبيعة الحال فإن الإستعمار الذي درس مجتمعاتنا جيداً يعرف أن الإسلام العقلاني المنفتح هو الذي جعل للعرب حضارة وقوة لم تكن لهم من قبل.. وأن تغييب هذا الإسلام هو سلاح فعال للاستعمار..مع تقديري للدكتورة مروة..
صراحة.. النشيد والانغام للموسبقار جندلي قد يكون
.
نشيدا وطنيا موفقا جدا لسوريا الجديدة..
.
ربما بعض التعديل التقني في ارتفاعات الصوت.. كي
يصبح أداؤه ممكنا للجميع.. عدى هذا فيه كل شيئ
يليق بسوريا وتاريخها.. والأمر متروك طبعا لأهل سوريا…
طبعا هذا اختيار الشعب السوري الحر.. على الصفحات والمواقع المختلفة ومنذ سنوات تجد الناس يقولون هذا بالفعل.. وكانوا وقتها يحلمون بأن يكون “سوريا نشيد الأحرار” النشيد الوطني لسوريا بعد أن تتحرر.. هذا نشيد كان ينتظر عودة الوطن.
اشكر الكاتبة الكريمة مروة على كلماتها الجميلة التي تنم عن فرحة غامرة في قلب كبير يحمل حبا جما لسوريا ولشعبها الأبي وانحيازا واضحا للمستضعفين ضد الطغاة وتوقا للحرية التي نالها اهلنا في الشام بعد تضحيات جسام… وأود أن أضم صوتي إلى صوت اخي عبد الرحيم واوافقه على ما قاله عن المتاجرين في قضايا الشعوب ومن وصفهم (بالنموذج القائم على إدارة الثكنة) وقد افتضح أمرهم وهم يدعمون بشار الأسد حتى آخر اللحظات قبيل فراره رغم مارتكبه من فظائع في حق شعب سوريا الكريم من قتل وتنكيل وتهجير… ويصفون الشعب السوري التواق للحرية بالارهابيين في الوقت الذي يزعمون أنهم مع حق الشعوب في تقرير المصير، ادعوا الله القدير أن يوفق الشعب السوري إلى مافيه خير البلاد والعباد وان يسود التوافق والمودة بين مختلف الأطياف حتى يتجه الجميع إلى بناء الوطن كما يليق بشعب عظيم وبلد عريق ونسأل الله أن تكتمل الفرحة بتحرير فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.
آمين يا رب.. السوريون لن يضيعوا بلدهم بعد أن عادت إليهم. للأسف تعرض الشعب السوري لأقسى وأقصى أنواع الطغيان والظلم.. والخذلان والتواطؤ والتجاهل لمأساة تسد عين الشمس.. أما المتاجرون بالقضايا فهذا دأبهم دائما.. المضحك أن من هؤلاء من اكتشف بالأمس فقط أن سوريا كان فيها سلخانات وسجون وجحيم ما بعده جحيم.
شكرا جزيلا أستاذ الحسن
خالص التحية والتقدير
سوريا يا حبيبتي
أعدتِ لي قضيتي
أعدتِ لي كرامتي
أعدتِ لي حريتي
الغناء للحرية شيئ رائع ونادر المعني الحقيقي في مقاطعات ” سايكس بيكو ” … أنا لا أقل فرحا عنك لأن رؤية ذلك المكبس في ” صيدنايا/ غوانتنامو” كفيل بتوعية ” هولاكو الأسطورة ” بأن هولاكو(ااات) العرب الحقيقيين قد تجاوزوه إبداعا …..لكن (لكن اللعينة) تضغط بشدة بالأسئلة الحارقة وتحديدا لأولائك الذين حددوا سلفا معني ومفهوم للحرية يفصل المجتمع عن مساره التاريخي الحقيقي … دعينا نتفق أولا ” لمن أعد الصهاينة اليهود والصهاينة الغربيين والصهاينة الروس ( معهم الهنود ..الأحزاب القومية الهندية) والصهاينة العرب ذلك المكبس المذكور أعلاه والمناشير( جمع منشار وليس منشور) التابعة له ؟؟؟…عند الإجابة الصادقة والحقيقية فقط يمكن عندئذ تصور حرية تخصنا نحن تحفظ لنا آدميتنا وتميزنا عن الآخرين وتمكننا من نحت مستقبل نكون فيه فاعلين … عذرا سيدتي في نصك وربما في غمرة الفرح نسيت أن تذكرى الذين قدموا ويقدموا أرواحهم “من أجل هذه اللحظة التاريخية” من مجزرة حماه إلى إحراق حلب …..(( عذرا عن التحرير فأنا باحث في علوم الرياضيات))) …
ورياضيا.. بلغة الرياضيات أعني.. هرب الأسد.. تساوي.. حرية..
.
ببساطة ال Algebraic topology 😉