لا يمكن إعادة عقارب الساعة في عفرين إلى ما كانت عليه قبل دخول «تحرير الشام» خصوصا وأن تواجدها محمي بإرادة فرقتي «الحمزة» و«العمشات» وصمت «فيلق الشام» وفصائل أخرى.
تخادع هيئة «تحرير الشام» القوات التركية في منطقة عفرين بريف حلب الشمالي، ويتلون مقاتلوها كحرباء الصحراء، تارة يرتدون بزة الشرطة العسكرية وأخرى الشرطة المدنية وثالثة يضعون شارات فصائل فرق الحمزة وسليمان شاه وهيئة ثائرون أو يرفعون رايات حركة «أحرار الشام» على آلياتهم رباعية الدفع. ورغم إعلان الانسحاب بعد تحذير الجيش التركي لهم، إلا ان عناصر الجهاز الأمني ما زالوا يتمركزون بعشرات المقرات التابعة للحكومة أو المؤسسات المدنية والعسكرية والأمنية.
وطارد الجيش التركي عناصر «تحرير الشام» على الحواجز وفي المقرات المشتركة وخصوصا على الحواجز المنتشرة على الطريق بين اعزاز وعفرين وعلى مداخل الأخيرة، وأكد مصدر ميداني في جنديرس انسحاب الهيئة بشكل رسمي مع بقاء بعض المتخفين من «جهاز الأمن العام» وخصوصا المنحدرين من المنطقة الشرقية لدى أقاربهم، وهم أساسا من الخلايا النائمة التابعة لتنظيم «تحرير الشام» كانت قد نشطت في حزيران (يونيو) الماضي لصالح حركة «أحرار الشام» الإسلامية، حيث تعرضت الأخيرة لهجوم من قبل «الجبهة الشامية» في منطقة الباب بريف حلب الشرقي، وهو ما أجبر الشامية على وقف الهجوم. وكما حصل في الصيف، تكرر عمل الخلايا في تسريع سيطرة «تحرير الشام» على جنديرس والغزاوية، الأسبوع الماضي.
مساء الجمعة، أرسلت وحدات الهندسة العسكرية التركية كتلا أسمنتية إلى منطقة الغزاوية وهي المعبر المخصص لدخول وخروج المدنيين بين منطقتي عفرين وإدلب، كان يسيطر عليها «فيلق الشام « وهو الجهة التي سهلت دخول مقاتلي «الهيئة» في حزيران (يونيو) الماضي والأسبوع الأخير، ونتيجة تسهيل دخول مقاتلي الهيئة تعرض «الفيلق» إلى تأخير في صرف كتلته المالية من قبل أنقرة وهو ما اعتبره كثير من المتابعين بمثابة عقوبة له ولفرقة «الحمزة» الذين سهلا دخول قوات «تحرير الشام» من محور الغزاوية-الباسوطة وصولا إلى مشارف مدينة عفرين الجنوبية. وانتهت تلك الجولة بوقف هجوم «الشامية» على «أحرار الشام-القاطع الشرقي».
وتبذل القوات التركية جهودا كبيرا في مطاردة عناصر «تحرير الشام» وإبعادهم عن الحواجز وإخراجهم من نقاط الرباط في محور اناب- مريمين- جلبل. وأكد مصدر محلي في المنطقة خلال اتصال مع «القدس العربي» أن فرقتي «الحمزة» و«سليمان شاه» (المعروفة محليا باسم العمشات نسبة لقائدها محمد الجاسم أبو عمشة) يحاولان السيطرة على المنطقة ويرفضان تسليمها لحركة «ثائرون» حسب الاتفاق، وعزا المصدر سبب التمسك إلى كونها منطقة تهريب بين مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية «قسد» وعفرين، كانت «الجبهة الشامية» تتحكم بذلك الخط وهو المعتمد لدى شبكات تهريب البشر التي تنقل المواطنين السوريين المقيمين في مناطق سيطرة النظام والراغبين باللجوء إلى أوروبا، حيث توصلهم الشبكات إلى المنطقة ومنها إلى تركيا. كما تتمسك الفرقتان بالمنطقة كون «الجبهة الشامية» تسيطر على المعابر بريف حلب الشرقي وخصوصا معبر الحمران الذي تدخل منه المشتقات النفطية القادمة إلى مناطق عمليات «درع الفرات» و«غصن الزيتون» وإدلب. ولفت المصدر المحلي في قرية أناب أن عناصر «تحرير الشام» متواجدين جنبا إلى جنب بمقر «العمشات» في حين أن الهيئة أبقت عنصرين في دار الأيتام بمريمين وهو مركز أنشطة للأطفال الأيتام ومثلهما في المعهد الشرعي، مشيرا ان العناصر يرتدون لباس فرقة «الحمزة» ويرفعون شعارها.
وفشلت حركة «ثائرون» بفرض سيطرتها على مريمين رغم أنها تسلمتها، يوم الأربعاء من مقاتلي «تحرير الشام» إلا أن الوضع عاد للتوتر مع دخول رتل مشترك من فرقة الحمزة و«تحرير الشام». وتسابق نشطاء ريف حلب الشمالي بنشر المواقع التي يتواجد بها عناصر «الهيئة» (النصرة سابقا) وهي مقر لجنة رد المظالم وسط عفرين ومقر البناء الأبيض جانب رد المظالم ومقر البنك وسط عفرين ومقر امنية كاوا مقابل باب الصناعة ومقر جيش الإسلام جانب سوق الهال ومقر المربع الأمني جانب مشفى ديرسم ومقر أبو وكيل الحمصي ومقر فرقة 51 عند دوار القبان ومقر القلعة ومقر الأمن الداخلي «الأسايش» وسط عفرين.
وفي ردود الفعل الدولية على سيطرة هيئة «تحرير الشام» على عفرين، قال المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف أن هناك محاولات تركية لتحويل هيئة تحرير الشام إلى معارضة معتدلة حسب وصفه، وأضاف الدبلوماسي المخضرم أن «تركيا تتمتع بدعم من بعض الدول الغربية للمضي في هذه المحاولات» مشيراً إلى أن «هذه السياسة التي يتم تطبيقها حالياً في منطقة خفض التصعيد الرابعة (إدلب ومحيطها) ومناطق أخرى، بهدف إبعاد إمكانية فرض الحكومة السورية لسيطرتها على تلك المناطق». ونوه في حديث مطول مع صحيفة «الوطن» السورية المقربة من النظام أن تركيا «لم تنفذ كامل التزاماتها في الاتفاقيات التي وقعت عليها في موسكو في آذار (مارس) 2020».
من جهة أخرى، قالت السفارة الأمريكية في سوريا، أنها تشعر «ببالغ القلق من التوغل الأخير لهيئة تحرير الشام، وهي منظمة مصنفة إرهابية، في شمال حلب». وأضافت في تعليق مختصر على حسابها الرسمي على «فيسبوك» أنه «يجب سحب قوات هيئة تحرير الشام من المنطقة على الفور» في حين لم تنقل مصادر موثوقة أي اتصال بين المخابرات المركزية الأمريكية وجهاز الاستخبارات التركي حول الأمر. وتناقل نشطاء ومدونون سوريون، كلاما مجتزأ من مقالة في معهد واشنطن تشير إلى أن «الأمريكيين هددوا الأتراك يوم الجمعة: على الجولاني مغادرة عفرين وإلا ستسمح (الولايات المتحدة) لقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد بالدخول وهذا ما أثار غضب الأتراك وساعد على موازنة الوضع» إلا أن كاتب المقال نقل عن مصدر مقرب من المفاوضات في عفرين، في غالب الظن أنه سوري مقرب من قيادة «الفيلق الثالث» والجيش الوطني المعارض.
ويعتمد قائد هيئة «تحرير الشام» أبو محمد الجولاني لعبة القط والفأر في عفرين هربا من ضغوط الجيش التركي عليه، مستفيدا من أن الأخير لا يفضل الاحتكاك بأي من الفصائل وهو ما جرت العادة عليه حفاظا على سلامة وأمن العسكريين في شمال غرب سوريا وشرقها. كما أن إمكانية التمييز بين عناصر الجولاني المستترين بغطاء الفصائل المتحالفة معه هو أمر في غاية الصعوبة، وتحقيقه يعني أن تتدخل القوات التركية في التدقيق الأمني لحاملي بطاقات التعريف الشخصية للمجالس، وحتى هذه ليست مجدية كون المدنيين المقيمين في إدلب لا يملكونها ومن الاستحالة منع المدنيين القادمين من إدلب الوصول إلى عفرين واعزاز. كما أنه من المرجح أن خلايا الجولاني المنتشرة في عفرين منذ وقت طويل قد استخرجت بطاقات التعريف التي تصدرها المجالس المحلية.
عمليا، لا يمكن إعادة عقارب الساعة في عفرين إلى ما كانت عليه قبل دخول «تحرير الشام» خصوصا وأن تواجد الأخيرة محمي بشكل كبير بإرادة فرقتي «الحمزة» و«العمشات» وصمت «فيلق الشام» وفصائل أخرى.
أخيرا، في حسابات الربح والخسارة، من المهم الأخذ بعين الاعتبار أن الجولاني الذي يتهم بتقديم خدمات أمنية، لم يخسر الكثير في تلك المعركة حيث يُتهم طرف من حلفائه بدفع فاتورة الهجوم الأخير، كما أن أغلب المقاتلين الذين قتلوا في صفوفه لم يكونوا من عناصر «تحرير الشام» وانما من تنظيم «أنصار التوحيد» (جند الأقصى سابقا) و«الحزب الإسلامي التركستاني» حيث أكد مصدر موثوق أن الفصيلين خسرا نحو 50 عنصرا من خيرة الاقتحاميين في الهجوم على كفرجنة غربي اعزاز. وهذا يعني بطريقة غير مباشرة أن الجولاني يلتزم بقضية حل معضلة المقاتلين الأجانب التي تؤرق الاستخبارات الغربية. وكان سابقا قد دفع المئات من المقاتلين الأجانب إلى الموت في الحرب مع «صقور الشام» وحركة «نور الدين الزنكي» في حرب السبعين يوما، انتهت بسيطرته على ريف حلب الغربي وأريحا في يناير (كانون الثاني) 2019. إضافة إلى مطاردة تنظيم «حراس الدين» الموالي للقاعدة وتفكيكيه وتفكيك المقاتلين الشيشان.
لا يوجد اكثر تشتتا من المعارضه السوريه و لا يمكن عد هذه الفصائل او احصاءها فما بالكم بمعرفه اهدافها او توحيدها…والكارثه ان معظم قوات الاسد من السنة ..فمن كان مخلصا للشعب او للدفاع عنه ؟ لمن ولاء كل هذه الفصائل للشعب و حمايته ام ماذا؟ تركيا في وضع لا تحسد عليه فلا الفصائل موحده وبينها اقتتال منذ 10 سنين وعبء اللاجئين القدامي والجدد وعليها اخطار من قسد و ورائها امريكا و النظام وخلفه روسيا و ايران …..