المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان
في نقاش الكابنيت الأخير بشأن مسألة ما إذا كان هناك حاجة لتوسيع دخول الجيش الإسرائيلي إلى رفح ومتى وكم، طرح أحد الوزراء اقتراحا مخلصاً. “هاتوا فرقة أخرى إلى غزة”، قال لضباط هيئة الأركان. “هاتوا فرقتين أخريين، لتدخل القوات إلى شمال القطاع وتبقى هناك. ما المشكلة؟”.
لم يكن سموتريتش ولا حتى بن غفير هو من اقترح، بل نتنياهو. بقدر ما أعرف، لم يأخذ أحد الفكرة على محمل الجد. اتفق على إضافة لواء واحد آخر للقتال في رفح – ليس شيئاً ما دراماتيكياً. كما أن حدود الجبهة لم تتغير جوهرياً، لكن الأمور قيلت ولها وزن.
لسنوات، كان يمكن لنا أن نواسي أنفسنا بأن نتنياهو كان يتصرف بحذر في كل ما يتعلق بالأمن؛ فهو لا يسارع إلى القتال. هناك من نسب حذره إلى فهم عميق لقيود القوة؛ ومن نسبه لخوف من المسؤولية الشخصية. مهما يكن من أمر، لم يسارع نتنياهو إلى إقرار خطوات عسكرية، وعندما أقرها مال لإلغائها.
في المداولات الأولى في كابنت الحرب، كان نتنياهو القديم والمعروف لا يزال معنا. فقد امتنع عن تأييد اقتراح غالنت والجيش لهجوم في لبنان في 11 أكتوبر؛ عاد وحذر من دخول بري عظيم المخاطر إلى غزة. وفي لحظة ما، انقلب إزاء غزة، ولبنان لا يزال خارج المجال. فهو يسعى لدحرجة الجيش الإسرائيلي لبقاء دائم في القطاع، بداية كجيش محتل، وبعد ذلك كحكم عسكري. أما سكان الشمال الذين نزحوا عن بيوتهم فلينتظروا؛ ولينتظر السعوديون. غزة أولاً.
إذا كان غالانت وغانتس محقين، فإن تحوله لم يكن نقياً من اعتبارات شخصية وحزبية. في إعادة صياغة لقول شهير “رجاء، ابحث في غوغل عن صموئيل جونسون”، غزة هي الملجأ الأخير.
وعليه، هو يعمل ليحول المراوحة في غزة إلى مرض عضال. يعرف بأن الدخول إلى رفح ينطوي على قيود جسيمة. فالحكم المصري لا يستطيب العمل العسكري على هذا القرب الشديد من أراضيه السيادية؛ وفقدان المداخيل من المعبر يثير حفيظة الضباط المصريين في المكان. الإدارة الأمريكية قلقة من التداعيات على حياة أكثر من مليون فلسطيني. رغم أن إسرائيل تعلمت درساً، وهي الآن تحذر في معالجة السكان المدنيين، فإن الصور التي تخرج إلى أمريكا من مخيمات النازحين – صور لا تكثر إسرائيل عرضه– تجبي ثمناً سياسياً. والأهم، كل تقدم في رفح ينطوي على مخاطرة، وبالتأكيد على حياة المخطوفين. هم هنا، محوطون برجال حماس.
يقول مسؤولون كبار في المنظومة في أحاديث مغلقة ما لا يمكنهم قوله علناً: يجب أن ينتهي القتال في غزة الآن. نحصل على مخطوفينا، وتحصل حماس على صفقتها، ويتمكن بايدن من التفاخر بالائتلاف الإسرائيلي – السني الذي أقامه ضد إيران. هذا ليس نصراً. لكن مثل جهود كيسنجر في أثناء حرب يوم الغفران، ثمة أساس لنصر في المستقبل. جاك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، جاء أمس إلى البلاد من الرياض حاملاً ورقة التطبيع في يده. وسيعود إلى واشنطن بيدين فارغتين.
وعليه، من الصعب التأثر بإنذار غانتس. بدا خطابه كبدلة حاكها خياطون أكثر من اللازم. من كثرة الجمل العامة، غير الملزمة، لم يكن واضحاً ما يدور عليه الجدال بينه وبين نتنياهو. مثل نتنياهو، هو يؤيد استمرار القتال وتوسيع الحرب في رفح؛ ومثل نتنياهو هو يستبعد دخول السلطة الفلسطينية لإدارة القطاع؛ ومثل نتنياهو، هو ينشر أساطير عن شراكة أمريكية-أوروبية- فلسطينية تسعى لإدارة القطاع. لا توجد شراكة كهذه في هذه الأثناء. صحيح أن بينهما فجوة في مسألة الصفقة: غانتس يؤيد تجسيدها؛ نتنياهو يرفض.
ثمة منطق في إصدار إنذار عند وجود احتمال حقيقي لتغيير مواقع الجانب المهدد. لكن غانتس لم يعد ولداً في السياسة؛ فهو يعرف أن نتنياهو لا يريد ولا يستطيع. هو أسير: الحريديم وقانون التملص؛ والكهانيون ونزعة الحرب. إنذار غانتس ولد من الخوف ومن فقدان أصوات في الاستطلاعات. هذه ليست زعامة بل سياسة.
إذا كنت تريد الانسحاب فافعل، وإن لم ترد فلا تنسحب؛ فالتهديدات لن تؤثر على أحد، خصوصاً نتنياهو، في حالته.
“لاهاي” كفيلة بأن تدعو إسرائيل لوقف الحرب هذا الأسبوع. إذا لم يحصل هذا، فستكون المحطة التالية هي مجلس الأمن. وقرار مجلس الأمن سيفرض على إسرائيل الطاعة: لسنا إيران ولسنا روسيا: العقوبات ستدفعنا إلى الانهيار. ستكون إسرائيل متعلقة بفيتو أمريكي: ولهذا ثمن.
غير قليل من الإسرائيليين في مواقع أساسية يتابعون الآن هذه المسيرة بقلوب منقسمة: من جهة، قرار مجلس الأمن لوقف الحرب سيوقع علينا ضربة شديدة. من جهة أخرى، هو كفيل بتحريرنا من المتاهة التي تورطنا فيها. من الخير وقف الحرب قبل ضرب الرأس في الحائط.
ناحوم برنياع
يديعوت أحرونوت 20/5/2024
اللهم نصرا عزيزا مؤززا لأحرار غزة العزة على حثالة جيش البامبرز الصهيوني الأمريكي الغربي الحاقد على الفلسطينيين منذ 1948 ✌️🇵🇸☹️☝️🐒🚀🐒🚀🐒🚀