سياسيون سنة في العراق يتحفظون على اتفاق تقاسم الأملاك بين الوقفين الشيعي والسني

حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: عبر عدد من السياسيين العراقيين السنّة، عن رفضهم للاتفاق المشترك بين الوقفين الشيعي والسني حول حسم أملاك وزارة الأوقاف الملغاة الذي وقع بإشراف أمانة مجلس الوزراء، مستندين إلى عدم امتلاك رئيس الديوان بالوكالة، سعد كمبش، صلاحية التوقيع، وعدّوا الاتفاق «استهدافاً لأوقاف وممتلكات السنة».
ويضم نص إقرار محضر الاتفاق المشترك بين ديواني الوقفين الشيعي والسني لحسم أملاك وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الملغاة، الصادر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء/ دائرة شؤون مجلس الوزراء واللجان، صيغيتين لحسم الخلاف القائم منذ عام 2003 حسب موقع «رووداو».
وينص الخيار الأول على نقل أرشيف وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الملغاة الى وزارة الثقافة/ دائرة الكتب والوثائق وعلى جميع الجهات الحكومية الأخرى تسليم الأرشيف والوثائق والأحكام القضائية والمتعلقات كافة التي كانت عائدة الى الوزارة الملغاة قبل 9 نيسان (أبريل) 2003 الى وزارة الثقافة/ دائرة الكتب والوثائق خلال مدة أقصاها نهاية عام 2020 كما يشير القرار إلى توزيع الأرشيف لاحقاً على الدواوين المختصة حسب نتائج عمل اللجنة العليا المذكورة في الاتفاق آنفاً.
أما الخيار الثاني فينص على إقرار محضر الاتفاق المشترك بين ديواني الوقفين الشيعي والسني لحسم أملاك وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الملغاة المرافق ربط بمذكرة مكتب مستشار رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاستراتيجية المؤرخة في 20 تشرين الأول /أكتوبر 2020.
وحسب الاتفاق المشترك، سيتم تشكيل لجنة عليا برئاسة رئيس مجلس الوزراء ووزير العدل ورئيسي ديواني الوقفين الشيعي والسني، للإشراف على تنفيذ فرز الأوقاف الإسلامية والأموال التابعة للوزارة الملغاة، إضافة إلى تشكيل لجنة فرعية أخرى لتسجيل الأوقاف والأموال التي تتوافر فيها حجج شرعية صحيحة باسم الوقف المعني، أو الركون إلى النسبة السكانية المعتمدة في كل محافظة في حال عدم وجود سند مصادق عليه، باستثناء كركوك التي يطبق عليها مبدأ النصفية، أما المساجد المشيدة من الأفراد ستكون حسب مذهب الواقف.

«مخالفة قانونية»

ورداً على ذلك، وصف تحالف» القوى العراقية» توقيع رئيس الوقف السني بالوكالة سعد كمبش، على اتفاق تقاسم الأوقاف الدينية أنه «مخالفة قانونية واستغلال وظيفي لتحقيق غايات ومنافع شخصية، كونه غير مثبت ولم يصوت عليه مجلس النواب وليس له صلاحية التوقيع على قرارات مصيرية تتعلق بالتخلي أو التنازل أو التفريط بأوقاف المسلمين» مطالباً رئيس الوزراء العراقي بـ«إنهاء عمل رئيس الوقف واختيار أحد مرشحي المجمع الفقهي لإدارة الوقف السني أصالة، وسحب محضر الاتفاق».
وفي السياق، قال النائب محمد الكربولي، في «تغريدة» على «تويتر» إن «تمرير مجلس الوزراء لمحضر اتفاق الوقف السني والشيعي لإحالة أرشيف وزارة الأوقاف المنحلة إلى وزارة الثقافة هو إجراء خطير يهدد ملكية الأوقاف السنية ومؤسساتها وإخراجها من يد أصحابها الشرعيين عن طريق احتمالية التلاعب بها وتزويرها» مبيناً أن «على الحكومة الانتقالية ترك الملفات الشائكة للحكومة المقبلة» واختتم «تغريدته» بوسم «الأوقاف السنية تتعرض للخيانة».

«سيطرة شبه مطلقة»

كما أشار رئيس تحالف «القرار» أسامة النجيفي في «تغريدة» إلى أن «قرار مجلس الوزراء لحسم مصير الأوقاف في العراق كارثي ومخالف للقانون ويمهد للسيطرة شبه المطلقة على أوقاف السنة في العراق ويجب التصدي له سياسياً وقضائياً».

تحالف العامري يحذّر من عودة الخطاب الطائفي لأغراض سياسية

إلى ذلك هدد القيادي في «تحالف القوى العراقية» النائب مثنى عبدالصمد السامرائي باللجوء «لكل الطرق القانونية لنقض مثل هذه التصرفات» مبيناً أن «قضية الخلاف حول الأوقاف يجب أن تُحل وفقاً للقانون وأمام القضاء العادل وليس من خلال عقد اتفاقات في الغرف المظلمة، لأن ذلك سيسبب المزيد من التعقيدات في المشهد السياسي العراقي المعقد أصلاً» واتهم السامرائي، كمبش، بتقديم التنازلات «لمنحه فرصة البقاء في منصبه على حساب حقوق مكون بأكمله».
جبهة «الإنقاذ والتنمية» أصدرت بياناً تضمن سبع نقاط لرفض الاتفاق ومنها نقل الأرشيف إلى وزارة الثقافة كونها «تتعلق لأملاك وحجج وقفية خاصة» واعتماد النسبة السكانية لانتخابات مجالس المحافظات 2013 لحسم عائدية الأوقاف واعتماد النسبة السكانية في تقسيم المساجد الرئاسة والمشيدة من قبل النظام السابق.
وسبق أن اتهم» تحالف القوى العراقية» مسؤولين من ديوان الوقف الشيعي بالعمل على تغيير سندات العقارات الوقفية العائدة لديوان الوقف السني لإزالتها أو تحويلها إلى حسينيات، بالاتفاق مع دوائر التسجيل العقاري، وخاصة تلك المساجد في الشوارع الرئيسية في بغداد، وكذلك في مناطق صراع ديمغرافي مثل سامراء وديالى وشمال بابل والبصرة.
في مقابل ذلك، أصدر «تحالف الفتح» بزعامة هادي العامري، أمس، بيانا بشأن الاعتراضات على اتفاق تقسيم الاملاك بين الوقفين السني والشيعي.

أغراض انتخابية

وقال رئيس كتلة التحالف محمد الغبان في بيانه: «طالعنا تصريحات من بعض الشخصيات تعترض على الاتفاق التنظيمي لشؤون الأوقاف، وقد أعادتنا هذه التصريحات الى لغة الخطاب الطائفي الذي ظننا أننا غادرناه وبدأنا نفكر بخطاب وطني جامع يهتم بمصير ومصالح ومستقبل المواطنين العراقيين وليس مصالح الفئات والطوائف ولأغراض سياسية وانتخابية مبكرة».
وأضاف: «إننا في كتلة الفتح ندعو إلى الحذر الشديد من العودة إلى خطاب الطوائف وتقسيم الوعي الاجتماعي والسياسي بدوافع وآفاق طائفية، وندعو إلى تغليب المصلحة الوطنية والنظر إلى العراقيين من منظار الهوية الوطنية الجامعة، فالأوقاف في زمن النظام السابق كانت تضم أوقاف جميع الطوائف والأديان ولم تكن مختصة بأوقاف جهة معينة حتى يقال أن تنظيمها يضر بمصالح تلك الجهة أو يجردها من نفوذها».
وبدأت جهود توزيع الأوقاف الإسلامية منذ عام 2004 من خلال لجان استشارية أو حتى دعاوى قضائية لكنها لم تتمخض عن اتفاق واضح، بعد قرار إلغاء وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في آب /أغسطس 2003 الصادر عن مجلس الحكم الانتقالي.
وقضى القرار السابق باستبدال الوزارة بدواوين وقفية لكل طائفة دينية، ونشأ عن هذا الإجراء ديوان الوقف الشيعي، وديوان الوقف السنّي، وديوان أوقاف الديانات المسيحية والإيزيدية والصابئة المندائية بهدف إنهاء سيطرة الدولة على المجال الديني، ومنح حرية أكبر للمذاهب والأديان المتعددة في العراق للتعبير عن هوياتها ومعتقداتها.

مؤسسة واحدة

يأتي هذا الجدل مع دعوات لدمج الأوقاف الدينية بمؤسسة واحدة، لتقليص عدد الموظفين والمدراء العامين، وتقليل الأعباء المالية على الموازنة، حيث تم تخصيص 877 مليار دينار (731 مليون دولار) للأوقاف الدينية في الموازنة العامة للعام 2019، منها 585 مليار دينار للوقف الشيعي (488 مليون دولار) و284 مليار دينار (237 مليون دولار) للوقف السني، فضلاً عن 7 مليارات (نحو 6 ملايين دولار) لأوقاف الأقليات الدينية في العراق، وبدلاً من وجود 14 موظفاً بدرجة مدير عام فما فوق في الوقف وحده، و13 آخرين في الوقف السني، يصبح العدد الكلي ما يقارب الـ20 موظفاً في المؤسسة المدمجة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية