سيناريوهات ما بعد “طوفان الأقصى”.. ورقة علمية تتوقع مسارات العامين القادمين وتحذّر من “ابتزاز المقاومة”

حجم الخط
4

غزة- “القدس العربي”: توقّعت ورقة علمية أصدرها “مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات” أن تحمل عملية “طوفان الأقصى” للعامين القادمين مسارات متعددة، وأنه لا بدّ من التفكير في إعداد الخطط الإستراتيجية للتعامل معها.

وحملت الورقة، التي أعدّها الدكتور وليد عبد الحي، عنوان: “سيناريوهات ما بعد طوفان الأقصى”، حيث درست من خلال تطبيقات الدراسات المستقبلية مسارات اتجاهات الأحداث، وسَعَت لتحديد الاتجاه الأعظم، والبناء عليه في التوقعات.

على المسار الفلسطيني، توقعت الورقة أن تواجه القيادة والمجتمع الفلسطينيان تحدي إعادة تأهيل الحياة الاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة إلى طبيعته التي كانت سائدة، على أقل تقدير، قبل العدوان، وهو ما سيواجه قدراً من العراقيل.

الدراسة: الدول العربية الأكثر قدرة على تقديم المساعدات هي الأقل تناغماً مع توجهات المقاومة الفلسطينية، وهو ما سيدفعها إلى وضع شروط سياسية

وقد حذّرَ معدُّ الدراسة مِن أن يصبح جمع مبالغ إعادة التأهيل موضع “ابتزاز للمقاومة”، خصوصاً أن مفاوضات الأسرى والرهائن قد تطول أو تقصر طبقاً لمعطيات ميدان المعركة.

وأشار إلى أن المقاومة قد تواجه ضغوطاً وإغراءات في معالجة هذا الملف، وأن تحاول إسرائيل والولايات المتحدة وبعض الدول العربية الضغط على المقاومة للتنازل عن فكرة “تبييض” السجون من المعتقلين الفلسطينيين، وأن يتم ربط بعض هذه الجوانب بتقديم المساعدات وفتح المعابر.

وأوضح أن جمع الأموال سيأخذ وقتاً قد يطول وقد يقصر، طبقاً لدرجة الاستجابة، المرتبطة بمواقف الدول المانحة، بعكس المساعدات العينية التي قد تتدفق سريعاً. ورأى أن الدول العربية الأكثر قدرة على تقديم المساعدات هي الأقل تناغماً مع توجهات المقاومة الفلسطينية، وهو ما سيدفعها إلى وضع شروط سياسية.

وتوقع عبد الحي أن تفرض الولايات المتحدة والدول الأوروبية واليابان شروطاً سياسية وإدارية على مساعداتها، وستكون دالة تلك الشروط إضعاف المقاومة من كل الوجوه، ووضعها أمام خيارات سياسية صعبة ودقيقة، أما المساعدات الصينية والروسية فقد تكون دون شروط سياسية، لكنها، وخصوصاً الروسية، ستكون متواضعة قياساً إلى حجم المبالغ المطلوبة، نظراً للظروف الحالية في روسيا.

كما توقع أن تربط مصر بين مرور المساعدات والمواد المطلوبة لإعادة البناء والتأهيل الاجتماعي، وبين أن يكون لشركاتها نصيبٌ وافر في مشروعات إعادة التأهيل، على غرار ما جرى بعد العدوان الإسرائيلي في سنة 2021.

وقد أشارت الورقة أيضاً إلى احتمال أن تواجه المقاومة “تنازعاً في الاختصاص” بينها وبين السلطة الفلسطينية، خصوصاً في مجال تلقي أموال المساعدات وكيفية توزيعها وأولويات الصرف منها.

أما على المستوى الإقليمي، فأشارت الورقة إلى أن الموقف العربي يتمثّل في جوهره في بُعدين، هما الموقف المصري والسعودي، والبعد الثاني هو موقف “محور المقاومة”.

وأشارت إلى أنه لا يبدو أن الموقفين المصري والسعودي سيمسّهما أيّ تغيّر جوهري، بينما قد “يخبو” دور “محور المقاومة”، أو يبقى على حاله طبقاً للنتائج الميدانية في قطاع غزة.

أشارت الورقة إلى أن عملية “طوفان الأقصى” قد عزَّزت من القناعة بين القوى الكبرى خصوصاً الولايات المتحدة بضرورة إيجاد تسوية سلمية

وبالنسبة لدور إيران وتركيا، فقد أشارت الورقة إلى أن كلا البلدين سيعملان على البقاء على موقفهما، وهو التأييد العلني للحقوق الفلسطينية، مع فارق أساسي هو استمرار الدعم الإيراني للمقاومة دون الدخول المباشر في أيّ مواجهة لاحقة، إلا إذا وقع تطورٌ كبير يصيب إيران ذاتها، وأما تركيا فسياق سياستها لن يتجاوز حدود النقد العلني للسياسة الإسرائيلية، مع بقاء علاقاتها التجارية والسياسية معها دون تغيير عملي.

وعلى الصعيد الدولي، أشارت الورقة إلى أن عملية “طوفان الأقصى” قد عزَّزت من القناعة بين القوى الكبرى خصوصاً الولايات المتحدة بضرورة إيجاد تسوية سلمية.

وذكرت أن حلّ الدولتين هو الحل الذي تؤيده أغلب دول العالم، وهو ما سيضع إسرائيل في موقف حرج، وأمام خيارين اثنين، إما القبول بحل الدولتين، وقد تعمل على تكييفه بشكل يخدم أمنها، مع احتمال أن يفجر ذلك صراعاً بين القوى السياسية في داخلها، وقد يصل إلى قدر من العنف، أو أنها قد ترفض حلّ الدولتين، وهو ما سيزيد من تقلّص مساحة التأييد الشعبي والدولي لـ “إسرائيل”، وسيضع الدول العربية التي تُطبِّع معها في موقف أكثر حرجاً، وبالتالي ستزداد ظاهرة انتقال إدارة الصراع من يد الدول إلى يد الحركات المسلحة.

وبناء على هذه التداعيات، رأى معدّ الورقة أن النتائج المباشرة لمعركة “طوفان الأقصى” تؤسس خلال العامين القادمين لما بعدهما، أي أن نتائج المعركة العسكرية والإدارة العقلانية من طرف المقاومة للصراع للمرحلة المباشرة بعد وقف القتال ستبقى هي الطاغية في العامين القادمين، ولكي يعود القطاع إلى حياته الطبيعية على أقل تقدير، فإن الأمر قد يستغرق أكثر من العامين القادمين.

وقد أشار خبير الدراسات المستقبلية الدكتور وليد عبد الحي، إلى أن عملية “طوفان الأقصى” في قطاع غزة شكَّلت نقطة تحول إستراتيجية فعلية لا افتراضية، وكرَّست العملية انتقال المواجهة من يد الجيوش الرسمية إلى يد الحركات الشعبية المسلحة والمسنودة بتأييد شعبي عربي واسع، وسرَّعت التغيير الإيجابي في الرأي العام الدولي، ليصل مداه إلى مجتمعات الدول الأكثر عداءً للحقوق الفلسطينية، كما فرضت العملية على العقل الإسرائيلي إعادة النظر في أدبيات التفاؤل السياسي بمستقبل إسرائيل التي روَّج لها اليمين الصهيوني.

“طوفان الأقصى” شكَّلت نقطة تحول إستراتيجية، وكرَّست العملية انتقال المواجهة من يد الجيوش الرسمية إلى يد الحركات الشعبية المسلحة والمسنودة بتأييد شعبي

وكانت المقاومة الفلسطينية وجّهت ضربةً قوية في السابع من أكتوبر الماضي، حين تمكّنت من شنّ هجومٍ قوي على مستوطنات غلاف غزة، عند تمكّنها من اجتياز الحدود الفاصلة، والوصول إلى تلك المستوطنات، وخوض اشتباكات فيها، وإيقاع خسائر في صفوف الإسرائيليين، وأسر العشرات منهم، ضمن عملية أطلقت عليها اسم “طوفان الأقصى”.

وشنت دولة الاحتلال حرباً على غزة منذ ذلك اليوم، لا تزال مستمرة، أسمتها “السيوف الحديدية”، نجمَ عنها استشهاد أكثر من 24 ألف مواطن فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى إصابة أكثر من 60 ألفاً آخرين، وتدمير عشرات آلاف المنازل والبنى التحتية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Mazd Abu - Nseir:

    لم تأتي بشيء جديد هذه الدراسة .
    لن يكون دور للسلطة الفلسطينية في ‘دارة غزة الا اذا كانت تحت قيادات جديدة متماهية مع المقوامة.

  2. يقول عمر علي:

    آعتقد أن الأمر يعتمد على صمود الشعب الفلسطيني في غزة والحمد لله هذا الصمود مستمر رغم الحصار والدمار الاسرائيلي
    ثانياً ما هو الدور الذي ستلعبه السلطة الفلسطينية وكذلك مصر. هل يتقف السلطة الفلسطينية مع. الشعب الفلسطيني في غزة ام ستكون مهتمة بمكاسب سياسية تافهة. اما مصر السوءال هل ستقاوم الظغوط الاسرائيلية وغيرها ام ستقف مع الشعب الفلسطيني ؟

  3. يقول تيسير خرما:

    بانتهاء حرب 1948 بدأ استقرار لعقدين (1948-1967) وكان قطاع غزة تحت حكم مصر وكانت الضفة والقدس الشرقية تحت حكم الأردن وكان الأصل أن تنص اتفاقيات سلام العرب وإسرائيل على استعادة الوضع المذكور قبل 1967 كمرحلة انتقالية لكن جامعة دول عربية شطبت ذلك 1975 وفضلت إتاحة مجال للفلسطينيين لحكم أنفسهم بأنفسهم فثبت العكس حيث كل دولة إقليمية لها تنظيمات مسلحة فلسطينية وأجندات ضد إستقرار بتأويلات لا تطابق ظروف وللتذكير لم يكن هناك دولة فلسطينية مستقلة قبل عام 1948 بينما كانت هناك دول عربية مستقلة مثل مصر والأردن

  4. يقول فصل الخطاب:

    هه سينقلب السحر على السحرة 🇵🇸🤕☝️

اشترك في قائمتنا البريدية