شارون اعتُبر آخر ممثل لجيل القيادة الذي انتزع الأبوية .. وبيريس اخر الموجودين
في اسرائيل يوجد تمييز جنوني بين القائد و الانسان شارون اعتُبر آخر ممثل لجيل القيادة الذي انتزع الأبوية .. وبيريس اخر الموجودين هذه ايام اليُتم. ارييل شارون اعتُبر آخر ممثل لجيل القيادة الذي انتزع الأبوية . بعد تجربة الفشل الطويلة لزعيمين حديثي العهد نجح شارون في إشعار الناس بصورة تصحيحية بأن لهم قائدا مُجربا وصاحب مسؤولية وقدرات. الآن انتهي هذا العهد بطبيعة الحال وطبيعة العالم.جيل الآباء آخذ في التلاشي، ولم يتبق منه إلا شمعون بيرس، والسؤال هو كيف ستكون القيادة القادمة. المقصود هنا ليس اسئلة مثل من أي معسكر سياسي سيأتي رئيس الوزراء القادم، أو الي أي جيل ينتمي ـ وانما من أين ستأتي وبأي طريقة ستُعبر عن نفسها وقدراتها بحيث تعكس أبويتها المطلوبة.بما أن كل يُتْم ينطوي بالضرورة علي عملية نضج، يجب أن نأمل بأن يظهر من هنا ايضا الجواب وأن تكون لدينا قيادة ملائمة وجديرة. القيادة التي أُعيدت الي جيل الديناصورات تعود الآن الي مكانها الطبيعي، وتصبح بيد الأجيال اللاحقة. ليس من المؤكد أن الفشل الذي حدث في نقل القيادة السابق ملزم بأن يحدث هذه المرة ايضا. يجب أن نأمل أن تكون العِبرة قد استوعبت وأن لا تحتاج القيادة القادمة الي كل العبء التاريخي حتي تصنع التاريخ.من المسموح به أن نأمل أن تملأ الآن قيادة واقعية وبراغماتية مكان القيادة التاريخية. قيادة أكثر شبابا تستوعب القيادة بصورة أكثر نضجا. ليس قيادة للفرد وانما قيادة جماعية.القيادة القادمة لا تدخل الي فراغ محطَّم وانما تحصل من شارون علي جسر اريك . جسر قوي يتوجب السير عليه وبالامكان المواصلة من خلاله.كيف يعرف الناس في اسرائيل أن شخصا جديدا قد عُين لرئاسة الوزراء؟ حسب المرافقين والحراسة التي تحيط به، بحيث يصبح الشخص المقصود بعيدا ومحصنا خلف حواجز مانعة. ظاهرة ذات مغزي جديد في هذه الايام بالرغم من أننا قد اعتدنا عليها.لنفترض أننا نسينا أن الحراسة كانت مخصصة قبل عقد من الزمان لحماية رئيس الوزراء من الارهاب الخارجي فقط. ولنفترض أننا نسينا في ظل صدمة المعركة بسبب وضع شارون أن رئيس الوزراء قد احتاج بصورة دائمة قبل عدة ايام الي مروحية، ليس لانقاذ حياته ونقله الي المستشفي، وانما لحمايته من الارهاب اليهودي. ولكن في هذه المناسبة الحزينة يُسمح بقول الحقيقة، ويجب مواجهتها وتغييرها لأن حقيقتنا مثيرة للجزع: في اسرائيل يوجد تمييز جنوني بين القائد و الانسان .دم القائد مُباح وهو بحد ذاته لا يتسبب في صدمة ولا في وضع طاريء. ولكن عندما يكافح ذلك الشخص من اجل حياته بسبب المرض، تصرخ الصدمة وتصل الي عنان السماء، وتصبح صدمة طارئة حقيقية. هذا الأمر قيل حتي بصورة صريحة وبلا خجل من المعسكر الذي حرض ضد شارون وهدد حياته: من صلّوا لاصابته بالضرر في السابق، يُصلّون الآن من اجل حياته لأننا نذكر أنه انسان .الآن حيث ينتهي عهد زعامة شارون في ظروف مأساوية يتذكرون أن الأمر يتعلق بحياة انسان. فجأة عندما أصبح مصير اريك بيد الله، تنقلب في أفواههم عبارات الصلاة ولا تصبح هناك قيمة أسمي من انقاذ حياته وهو علي سرير المرض.الأحداث القومية المأساوية، والحزن والفوضي تخلق ايضا فرصا سانحة للاصلاح. ربما يمكن أن تؤدي العِبرة التي لم يتم استيعابها من قتل رابين، الي عملية التفاف وطني وتراص في ظل المأساة الحالية التي تربط بين الوطن و الشخص . لدينا هنا عِبرة واضحة يتوجب علي المجتمع الاسرائيلي وجهاز الدفاع استيعابها. وبتأخير مثير للتكدر ـ يتوجب ايضا علي القيادة التي ستقود هذه الدولة بعد شارون.اسرائيل اجتازت في ظروف مشابهة ومختلفة مأساتين صعبتين من فقدان الزعماء في ذروة قوتهم وذروة الأمل المُعلق بهم. بما يكفي من اجل ايقاف حقبة العنف في حياتنا. هذا الأمر لن يتم بواسطة تكثيف الحراسة حول القادة وانما بخوض حرب لا هوادة فيها ضد الارهاب السياسي.ياعيل غبيرتسكاتبة في الصحيفة(يديعوت أحرونوت) 8/1/2006