الناصرة ـ «القدس العربي»: كما هو الحال مع انتشار أشجار السنديان والبلوط في الجليل، هكذا شجرة «السيال» المعروفة أيضا بشجرة السنط أو الطلح، تنتشر في صحراء النقب داخل أراضي 48 وجزء بارز من ملامح طبيعتها، لكن أعدادها في تراجع مما دفع بعض الجهات المحلية لزرع آلاف الأغراس منها في جنوب البلاد.
لا يقتصر دور شجرة «السيال» على توفير الظلال ونقاط الاستراحة للمتنزهين في مناطق جنوب البلاد، فلها عدة وظائف للإنسان وللحيوان وللصحراء نفسها، وهي تتكيف مع الطقس الحار جدا وتنجح في البقاء كل صيف.
على ضفاف الوديان الجافة الكثيرة في النقب يلاحظ الزائرون أشجار «السيال» ويفرحون بها عادة، فهي تعطيهم فرصة لالتقاط أنفاسهم واستعادة طاقاتهم والهرب من أشعة الشمس الكاوية بعد مسير في هذه المنطقة الجافة حتى في الشتاء والربيع.
تظهر دراسة جديدة لمديرية البحث الزراعي في البلاد أن هناك حاجة لاستعادة غابات شجر «السيال» الآخذة بالانقراض، ولذا تجري محاولات إنقاذها من خلال تحسين نوعها بواسطة استخدام بذور الأشجار الكبيرة المتميزة بجودتها منها وتحويلها لأغراس في منطقة بئر السبع. ويستدل من جولة في أرجاء النقب أن هناك ثلاثة أنواع من شجر السيال أو السنط أو الطلح بعضها يحب الطقس الحار، ولذا ينبت في مناطق وادي عربة ومحيط البحر الميت، ويعتبر وادي الدريجات النقطة الأكثر شمالا التي يعيش فيها هذا النوع من السيال، فمن هذه النقطة شمالا لا تكفي درجة الحرارة كي ينبت ويتطور هذا النوع من السيال وهي عادة شجرة صغيرة نسبيا وفروعها تتفرع من منتصف جذعها وجاءت تسميتها من قمتها المستوية التي تشبه السقف. ويوضح الباحثون أن شجرة السيال في النقب تمتاز بصمودها في طقس صحراوي حار جدا في النهار وفي درجة حرارة منخفضة أثناء الليل، ولذا فهي منتشرة في رحاب صحراء النقب. و»السيال» بشكل عام شجرة كبيرة لها جذع مركزي وحيد وأشواكها كبيرة وحادة تستطيع أن تنمو وتعيش في الوديان وفي قمم الجبال وتنتشر في محيط البحر الميت وتصل حتى حدود سيناء.
ويرجح الباحثون أن صحراء النقب كانت غنية بغابات السيال أو السنط حتى بدأت أعدادها في التراجع بسبب تدخل الإنسان في الطبيعة وسيطر عليها من أجل الاستيطان والسكن والزراعة واستخدام الأشجار مما مس بانتشارها.
وتشهد صحراء النقب حملة زرع لأشجار السيال في محاولة لاستعادتها واستعادة مشاهد طبيعية خضراء تحميها من عملية تصحر خطيرة التي تنتقل من أفريقيا للبلاد وتحول مناطق خضراء لأماكن جافة وميتة. وتساهم أشجار السيال بذلك في مختلف أنحاء النقب من خلال احتفاظ جذورها بالرمال والحيلولة دون انتقالها مع الريح.
وعلاوة على حماية أراضي النقب ومنع التصحر فإن هده الشجرة تساهم بشكل جوهري في حماية الحيوانات والحشرات والطيور على أنواعها في صحراء النقب، كما يؤكد مرشد الطبيعة ابن النقب منصور أبو قرن لـ «القدس العربي»، لافتا إلى كونها ملاذا لمئات وربما آلاف الحشرات الصغيرة التي تبحث عن الظل خلال ساعات النهار، وهذه تشكّل طعاما لطيور كثيرة، أما بذور السيال فتزود الغذاء الغني للغزلان والظباء والجمال وأرانب الصخور وبقية الحيوانات وهي من جهتها تنقل بذورها لمناطق أخرى بإفرازاتها وتسهم بذلك في انتشار شجرة «السيال» وبقائها واستمراريتها.
ويوضح أبو قرن أن شجرة «السيال» متفرعة الأغصان، أما شقيقتها شجرة «الطلح» فهي في قمتها مستوية تبدو مقلمة الرأس. ويضيف «شجرة السيال والطلح أصلها من أفريقيا وهي تنبت في المناطق الحارة وتمتاز بقوة جدورها وقدرتها على تحمل القيظ إذ تنبت في مناطق الجفاف الصحراوية»، منوها أن السيال/ الطلح/ السنط تشبه شجرة السدر لكن الأخيرة تمتاز بأن أوراقها أكبر وهي تنبت وتعيش في كل مناطق فلسطين ولها ثمار يأكلها الإنسان والحيوان.
كما ينبه أبو قرن إلى أن السيال/ السنط من نباتات الوديان الكبرى والمنخفضات، شجرة وارفة تبسط أغصانها في الهواء الدافئ، أوراقها مجزأة الى أزواج وريقات ريشية. ويقول إنها في المناطق الصحراوية تكافح التبخر بتحرك خفيف للوريقات التي ينحني بعضها فوق بعض لترك مساحة محدودة معرضة للهواء الطلق.
وقال أيضا إن هناك مئات من أنواع السيال/ السنط في العالم نوع منها عدد كبير من الأنواع تعيش في أستراليا والبقية تنتشر في مناطق يراوح مناخها بين الاستوائي الجاف الحار الى المعتدل في أفريقيا وجنوب آسيا والأمريكتين . وتعرف أيضا باسم الطلح أو الأكاسيا أو الميموزا وهي شائعة في الجنوب الجزائري والمغربي والتونسي/ وفي ليبيا ومصر وشبه الجزيرة العربية. وتابع «هناك خمسة أنواع رئيسية من السنط تعيش في المناطق شبه الجافة في شمال أفريقيا، وهي كلها مشوكة».