شهادات جديدة حول مذبحة النصيرات: قصف جنوني وإعدامات ميدانية

حنين حمدونة ومحمد عيسى
حجم الخط
0

غزة ـ «القدس العربي»: حصلت «القدس العربي» على شهادات جديدة من فلسطينيين، حول مجزرة مخيم النصيرات التي ارتكبها الاحتلال يوم 8 حزيران/ يونيو 2024، موقعا أكثر من 270 شهيدا، فضلا عن مئات المصابين.
وفي ذلك التاريخ نفذت قوات وحدة الشرطة الخاصة الإسرائيلية عملية خاصة في مخيم النصيرات تم من خلالها تحرير أربعة من الأسرى الإسرائيليين داخل قطاع غزة، وفي ذلك اليوم استهدف الجيش الإسرائيلي المنازل المجاورة للبيت المستهدف بأحزمة نارية من القصف المتواصل من خلال طائرات الاستطلاع والكواد كابتر والـ أف 16 ورشاشات طائرات الأباتشي، وأطلقت القوات الخاصة الإسرائيلية النار على كل مدني يتحرك في الطريق، ليجد المواطنون أنفسهم محاصرين من كافة النواحي.

«يوم القيامة»

وروى أنس عليان (31 عاماً) وهو أحد المدنيين الذي كان في بيته الملاصق لمنزل عائلة الجمل في مخيم النصيرات عن يوم تنفيذ العملية. وقال: «سمعت أصوات انفجارات عنيفة، ولم أكن أعلم ما الذي يحدث، على الفور نزلت من شقتي إلى شقة والداي فوجدت النوافذ تتفجر وكان البيت يهتز تحت قدميّ، وعندما وصلت وجدت كل من في البيت قد أصيب، والقذائف تستهدف البيت وأخي أصيب بساقيه بقذيفة بشكل مباشر، فخرجت مسرعاً دون أن أهتم لكم القصف المحيط في البيت، كان هدفي تأمين سيارة إسعاف لإنقاذه».
وأوضح « شاهدت في الشارع شاحنة تحتوي على عفش بيت وخيمة كانت بها قوات خاصة يرتدون ملابس مدنية وكانت طائرات الأباتشي وأف 16 والكواد كابتر والبحرية تضرب في اتجاه المنطقة، وكانت قوات خاصة أخرى في بيت الجيران، في تلك اللحظة شاهدت جثامين الشهداء ملقاة على الأرض والمصابين أيضاً ولا أحد يمكنه مساعدتهم»؛ موضحاً أنه لم يستطع التحرك من المنطقة لجلب إسعاف لشقيقه وأجبر على الاستلقاء على بطنه على الأرض قرب جاره لتفادي القذائف وإطلاق النيران.
وأضاف «القوات الخاصة كانت تطلق النيران على كل من يتحرك، والأحزمة النارية تقصف كل البيوت دون استثناء. لقد استهدف شارع طوله 150 مترا وفيه 40 بيتا تقريبا. وكانت القوات الخاصة التي ترتدي ثيابا مدنية تعدم المدنيين الذين يتحركون في الطريق فقد كانت تطلق النيران على الجزء العلوي من الجسم أو في الرأس مباشرة».
وشدد على أن الشهداء الذين كانوا على الأرض «كانوا أناسا مدنيين، وقد عادوا من السوق، فقد شاهدتهم وهم يحملون مشترياتهم، وهي خضار أو خبز» مضيفاً «شاهدت أشخاصا يعانون من الإصابة ولا يستطيعون التحرك وكان قد تم إطلاق النار عليهم قبل دخول القوات الخاصة للبيت وكان إطلاق الرصاص في الجزء العلوي من الجسم، ومن أحد المصابين مواطن شاهدته كان فمه ينزف والدماء تخرج من الرأس».

حصلت عليها «القدس العربي» من فلسطينيين ناجين

وعن عائلة الجمل التي كانت هدف العملية قال أنس عليان: «أخبرتني زينب أحمد الجمل (31 عاما) التي خرجت من البيت وقد أصيبت في بطنها وساقها وأُمرت بمغادرة المنزل أن القوات الخاصة أعدمت كل من كان في البيت» موضحاً أن القوات الخاصة خلال دخولها للبيت وأثناء خروجها كانت تطلق النيران على الجميع والشارع كان ممتلئا بالشهداء الملقين على الأرض، وكان الرصاص إما في الكتف أو في الرأس، وطائرات الكواد كابتر كانت أيضاً تطلق النيران على المدنيين.
وفق عليان «لقد كان يوجد في خلف المنزل مخيم للنازحين أقدمت القوات الخاصة على إحراق خيامهم وقتل نصف الموجودين هناك وأحرقوا خيامهم وكانوا يلقون عليهم قنابل متفجرة أو قنابل حارقة»؛ مشيراً إلى وجود قوات خاصة إسرائيلية خلف البيت أعدمت كل الموجودين في محيطه لتفسح المجال للقوات الخاصة الأخرى بالبدء بتنفيذ العملية. وختاما قال «كل ما أصفه هو قليل عما حدث، لقد كان أشبه بيوم القيامة».
وتقول أم محمود عليان (61) سنة، «عند الساعة 11 صباحاً، تفاجأنا بقصف شديد، في تلك اللحظة استهدفت قذيفة سقف المطبخ حيث كنت موجودة وخرجت راكضة لزوجي ووجدته مصاباً وابني مصاب، كل جسمه ينزف دماء وتجمعنا في الغرفة وكان يوم مثل يوم القيامة قصف وإطلاق نيران، ونظرت من النافذة وجدت ابني أنس ملقى على الأرض واعتقدت أنه استشهد ووجدت شهداء كتيرين كانت أجسادهم قد تقطعت، وكان هناك الكثير من المصابين».
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة قد أعلنت أن عدد ضحايا مجزرة النصيرات قد وصل لـ 274 شهيداً.
وأضافت «بقينا محاصرين نحو ساعة ونحن نحاول وقف النزيف لأبني المصاب معنا، ولكن بعد ذلك أخبرنا الجيران بضرورة المغادرة وبالفعل خرجنا من البيت وكنت أخطو من فوق الجثث في الشارع، وبالفعل كانوا أناس مدنيين من الجيران، ومن النازحين قد استشهدوا أو كانت أصابتهم بليغة وجميعها في الجزء العلوي من الجسم، وشاهدت مصابين في الطريق ولم استطع أن أفعل لهم شيئاً، فأنا أحمل حفيدتي المصابة وأركض لإنقاذها» مضيفةً «شعرت بأن عينيّ قد أعميتا فكنت أخطو من فوق الجثث على باب البيت ولم استطع السير من كثرة الجثث في الطريق فلم أكن استطيع السير إما على الركام أو على جثامين الشهداء. أنا عمري 61 سنة لم أعش في حياتي خوفاً كالذي عشته في ذلك اليوم».
أما من الناحية قانونية فقد كتب رامي عبده رئيس المرصد «الأورومتوسطي لحقوق الإنسان» عبر منصة (إكس): «في إطار محاولة تبرير إعدام مواطنين من عائلة الجمل في النصيرات تحاول مصادر إسرائيلية وبعض داعمي الاحتلال تبرير الجريمة بالقول أن الأسيرة أرغماني ربما كانت تتواجد لدى العائلة، لقد وثقنا مبدئياً عمليات قتل ميداني وإعدام في 7 منازل على الأقل، بينها منزل الطبيب المسن أحمد الجمل الذي تم إعدامه وأفراد من أسرته، من بينهم ابنه الصحافي عبدلله الجمل الذي يعمل موظفا في الخدمة المدنية كمتحدث باسم وزارة العمل الفلسطينية في غزة.
الملفت في هذا التشويه وضخ المعلومات الكاذبة هو حرص إسرائيلي محموم على تبرير جريمة حرب كتلك التي ارتكبت بحق أكثر من 200 بريء بحجج واهية».

مخالفة للقانون الدولي

ووفقاً للنقطة (أ) من المادة الثالثة من اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12آب/أغسطس لعام 1949 يحظر الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب فيما يتعلق بالأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر، يعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية، دون أي تمييز ضار يقوم على العنصر أو اللون، أو الدين أو المعتقد، أو الجنس، أو المولد أو الثروة أو أي معيار مماثل آخر، وتبقى محظورة في جميع الأوقات والأماكن. وحسب تقرير صحافي نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الذي استندت بمعلوماته إلى مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، فإن الولايات المتحدة كانت الشريك الاستخباراتي الرئيسي لإسرائيل في عملية استعادة الأسرى الأربعة المحتجزين لدى المقاومة في غزة. وعملية استعادة الأسرى التي قامت بها قوات الاحتلال في غزة يوم السبت 8حزيران/ يونيو، اعتمدت على كميّة ضخمة من المعلومات الاستخباراتية التي كانت الولايات المتحدة فيها الشريك الأكثر أهمية لإسرائيل، تبعا للصحيفة.
ونقل التقرير عن مسؤولين استخباراتيين أمريكيين وإسرائيليين حاليين وسابقين قولهم إنه منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، كثفت الولايات المتحدة جمع المعلومات الاستخباراتية على قطاع غزة، وشاركت كميّة غير عادية من لقطات الطائرات المسيّرة وصور الأقمار الصناعية واعتراض الاتصالات وتحليل البيانات باستخدام برامج تكنولوجية متقدمة جدًّا، بعضها مدعوم ببرامج الذكاء الاصطناعي.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية