شهادات لـ”نحطم الصمت”: سحب تراخيص الزيارة من الأهالي لقمع إضرابات الأسرى في السجون الإسرائيلية

حجم الخط
0

جنود مسرحون كانوا يخدمون في الإدارة المدنية شهدوا أنهم في هذه الوحدة يسحبون تصاريح الدخول إلى إسرائيل من الفلسطينيين بشكل اعتباطي، وأنه سمح لجنود صغار في الإدارة المدنية بالوصول إلى معلومات حساسة عن الفلسطينيين. إضافة إلى ذلك، شهد الجنود بأن مستوطنين يشاركون في رسم سياسة الإدارة المدنية، وبتأثير منهم بدأ هذا الجسم في رؤية “المعركة على المناطق ج” في الضفة الغربية كواحدة من مهماته. ظهرت هذه الشهادات في التقرير الذي نشرته أمس منظمة “نحطم الصمت” بعنوان “حكم عسكري”، الذي يتكون من مقابلات مع جنود خدموا في الإدارة المدنية.

جندي خدم في العام 2017 في قيادة الإدارة المدنية، شهد أنه أثناء الإضراب عن الطعام لسجناء أمنيين، الذي حدث أثناء خدمته العسكرية، تقرر إلغاء تصاريح الزيارة لجميع أبناء عائلات السجناء في محاولة للضغط عليهم من أجل وقف الإضراب عن الطعام. “كل ابن عائلة يريد زيارة السجين المشارك في الإضراب… طلبوا منا شطب تصريحه”، قال. “بل ولا يسمح لهم بالزيارة… من أجل الضغط عليهم لوقف الإضراب”. جندي آخر خدم في الوحدة في السنة نفسها، شهد أيضاً بأنه طلب من الجنود إلغاء تصاريح الدخول إلى إسرائيل، التي أعطيت لمئات الأشخاص، أحياناً بسبب أنهم من سكان القرية نفسها.

حسب أقوال الجندي، جرى إلغاء التصاريح في منظومة محوسبة يمكن من خلالها القيام بتفتيش حسب السن ومنطقة السكن. وبكبسة زر يتم منع كل سكان المنطقة من الدخول إلى إسرائيل، أو تقديم طلب لذلك. “لنقل بأنهم يريدون رؤية كل القرية، يكتبون “النبي صالح” [قرية شمالي مدينة رام الله]، وهذا يعطيك أسماء جميع الأشخاص الذين لديهم تصاريح في القرية، ويقومون بكبس زر إلغاء”، قال الجندي. في معظم الحالات، “الشاباك” هو الجسم الذي يأمر بسحب التصاريح من الفلسطينيين، وأحياناً الشرطة والإدارة المدنية أيضاً يقررون ذلك.

جندي آخر خدم في الإدارة المدنية في 2016، شهد على حجم القوة التي تعطى لجنود الوحدة: “لك مطلق القوة. يوجد ضابط في النافذة، لكنه لا يراقبك كثيراً. لك قوة نفسية. الخاتم هو خاتم الضابط، لكن خاتمك في الجارور. الضابط أيضاً يمكنه قول لا، لكن إذا قلت “لا” قبله فلا جهاز يراقبك إذا كنت تفعل الشيء بشكل صحيح. إذا أغضبك أحدهم تستطيع أن تأمره بالذهاب. أنا لم أفعل ذلك، ولكني شاهدته”.

الإدارة المدنية هي الجسم الذي يتوجه إليه الفلسطينيون للحصول على تصاريح لدخول إسرائيل لغرض العمل أو العلاج وأيضاً رخص البناء، وهي فعلياً المسؤولة عن إدارة كل مجالات الحياة في الضفة الغربية. الإدارة تستخدم منظومات محوسبة لمعالجة موضوع التصاريح وإدارة السكان، بواسطة: أحداها “حجر الحكماء”، وبها تتم إدارة عملية إعطاء التصاريح. والثانية “معلومات عن المواطن”، وهذه تشمل المعلومات الموجودة في سجل السكان ومعلومات أخرى قامت إسرائيل بتغذيتها للمنظومة.

منظومة “معلومات عن المواطن”، التي يمكن للجنود في الإدارة المدنية الاطلاع عليها، تشمل المعلومات الشخصية عن كل فلسطيني في الضفة، وفيها صوره التي تم تحويلها لإسرائيل على مدى السنين، ومكان سكنه، وتفاصيل علاقاته، وتسجيلات للحواجز التي مر بها، ومتى سافر من الضفة إلى الخارج، وما هي التصاريح التي لديه، وهل كان في السجن، وتفاصيل طبية، وملاحظات عن انتمائه التنظيمي، ورابط لكل من أبناء العائلة المسجلين في المنظومة.

مجندة خدمت في 2018 في “مكتب التنسيق والارتباط” في رام الله، في الإدارة المدنية، أبلغت “نحطم الصمت” عن كيفية تعامل الجنود مع المعلومات. “أتذكّر بأنه ومن أجل الضحك مع الجنود، كنا ندخل بطاقة هوية شخص رفيع في السلطة الفلسطينية، ونشرع بقراءة كل التفاصيل عنه”، قالت. “كنت أُدخل ذلك إلى المنظومة، وكان يمكنني رؤية كل شيء عنه. ببساطة، هذا أمر هستيري بالنسبة لي كفتاة عمرها 19 سنة، أن تكون لدي كل هذه المعلومات”.

الوظيفة الرئيسية للإدارة هي توفير تصاريح دخول إلى إسرائيل. ومنذ بداية 2017 والفلسطينيون الذين أرادوا الحصول على مثل هذا التصريح، كانوا ملزمين على الأغلب بإصدار بطاقة الهوية الممغنطة، التي تسمى بلغة الإدارة “البطاقة الذكية”. وللحصول على هذه البطاقة، يجب على الطالبين القيام بمسح الوجه وبصمات الأصابع مرة كل أربع سنوات. حسب المعلومات التي أعطتها الإدارة المدنية للصحيفة رداً على طلب حرية المعلومات، فقد تم إصدار 867 ألف بطاقة ممغنطة لسكان الضفة حتى نيسان الماضي، و11 ألف بطاقة لسكان القطاع. في موازاة ذلك، توجد تم تركيب منظومة مسح للوجه في معظم الحواجز التي تستخدم لعبور الفلسطينيين.

غرفة العمليات “ج”

الإدارة المدنية هي المسؤولة عن إنفاذ قوانين البناء، سواء على المستوطنين أو الفلسطينيين. ولكن شهادات الجنود تدل على رؤية تجذرت في الإدارة تقول بأن محاربة البناء غير القانوني للفلسطينيين جزء من “المعركة على مناطق ج”، وهو الوصف الذي أعطاه المستوطنون والسياسيون من اليمين في محاولة لمنع بناء الفلسطينيين في مناطق “ج”، التي يعتبرون أنها “احتياط بناء للمستوطنات”. جندي خدم في مكتب رئيس الإدارة المدنية قال في شهادته لـ “نحطم الصمت” بأن “هدف المعركة -كما تراه الإدارة- أن تكون أعيننا مفتوحة أكثر على البناء غير القانوني للفلسطينيين في مناطق “ج” أكثر مما هو على البناء اليهودي غير القانوني”. وأضاف: “أنت تبحث أكثر بقليل عن بناء غير قانوني للفلسطينيين لأنك تفترض أنه جزء من الخطة التآمرية الكبيرة للسيطرة على مناطق ج”.

من أجل هدم مبنى غير قانوني شيده الفلسطينيون، يجب على وحدة الرقابة التابعة للإدارة المدنية الحصول على المصادقة من رئيس الإدارة المدنية، في حين أنه يجب الحصول على مصادقة مكتب وزير الدفاع من أجل هدم بناء لليهود، في معظم الحالات. في 2020 أعلنت الإدارة المدنية عن إقامة جسم بعرف بـ “غرفة العمليات ج”، وهو خط هاتف يمكن الاتصال معه أو إرسال بلاغ عبر “الواتساب” من أجل الإبلاغ عن بناء غير قانوني للفلسطينيين في مناطق “ج”. جندي خدم في بيت لحم، تحدث عن الطريقة التي يعمل فيها هذا الجسم. “هو يتسلم شكاوى من مراقبين، يعملون بالأجر لدى المجالس الإقليمية والمجالس المحلية التابعة لمجلس “غوش عصيون” الاستيطاني”.

وأضاف هذا الجندي بأن الجيش نفسه يبلغ الإدارة المدنية أحياناً بأن فلسطينيين يقومون بفلاحة أراضي دولة، أي أراض تحت إدارة الدولة، التي قد تكون مخصصة إما لسكان الضفة الفلسطينيين أو للمستوطنين. عملياً، منذ العام 1967 لم يُخصص للفلسطينيين إلا 0.25 في المئة من أراضي الدولة في الضفة. “من يحذرك عن وجود أعمال زراعية في أراضي الدولة؟ قائد الفصيل في المنطقة. إذا كان قائد الفصيل يعتمر القبعة المنسوجة لـ”الصهيونية الدينية” فيبدو أنه سيتصل معك مرتين يوم السبت ليقول لك: اسمعي، يا إدارة التنسيق والارتباط، هنا شخص يقوم بحراثة الأرض. ولا أعتقد أن هذا شيء جيد. أنت تقوم بالقفز في يوم السبت لمصادرة أداة الحراثة”.

جندي آخر خدم في الإدارة المدنية عام 2019، شهد بأنه منذ تولى نفتالي بينيت منصبه كوزير للدفاع، فإن المفهوم الخاص المتعلق بمناطق “ج” اكتسب الزخم. “في الحقيقة، نحرس هذه الأراضي، نقاتل حقاً. وهكذا يعتبرون ذلك حرباً”.

وفقاً للشهادات، يمكن المعرفة عن تورط مستوطنين في رسم سياسة الإدارة المدنية. جندي خدم في مكتب رئيس الإدارة المدنية، شهد بأن رئيس الإدارة التقى ثلاث مرات في فترة خدمته مع زئيف حيفر (زمبيش)، سكرتير عام حركة “أمانة” التي تشارك في بناء المستوطنات وبناء بؤر استيطانية كثيرة. “ثمة مهمات كانت تخرج من لقاء كهذا. وكان علينا الاهتمام بتنفيذها. ولم يكن هذا هو قائدي”، قال.

جندي آخر خدم في مكتب رئيس الإدارة المدنية، قال بأن الرئيس التقى رؤساء مجالس لمستوطنات. “كان لدى سكرتيرة مكتب رئيس الإدارة المدنية قائمة تظهر مدة غيابه عن اللقاء بكل بلدة إسرائيلية. أحياناً كانت هناك لقاءات كهذه تقريباً مرتين في السنة، يلتقي فيها رؤساء البلدات اليهودية، التي كان يعرض فيها رئيس الإدارة الخطة الاستراتيجية، وكانوا أحياناً يطرحون الشكاوى”.

من منسق أعمال الحكومة في “المناطق” جاء الرد: “ضباط وجنود وموظفو الإدارة المدنية يعملون بصورة مهنية وقيمية ونزيهة إزاء جميع المجموعات السكانية، مع الحرص على إعطاء رد مهني ومناسب لاحتياجاتهم طبقاً للإجراءات والأوامر وتعليمات القانون. نأسف على أي محاولة للتشكيك في عمل ونزاهة أعضاء هذا الجهاز، ونرفض بشدة أي محاولة لنسب أجندة سياسية معينة لعمل هذا الجهاز، التي ترتكز على تصريحات عامة لمصادر مجهولة وخاطئة. هذا جهاز يحرص دائماً على فحص وعلاج الحالات التي يظهر فيها تجاوز للإجراءات والقانون والأوامر. هذه حالات استثنائية ولا تعكس سلوك الإدارة المدنية”.

بقلمهاجر شيزاف

 هآرتس 2/8/2022

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية