غزة – “القدس العربي”:
أظهرت شهادات جديدة أدلى بها أسرى فلسطينيون بينهم من هو مبتور القدم من قطاع غزة، وتزج بهم سلطات الاحتلال في “معسكر عوفر”، مدى التعذيب الجسدي والنفسي، الذي لا يزال يتعرضون له، منذ أن بدأت الحرب ضد قطاع غزة.
وفي تقرير نشرته هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، بعد تمكن محامين من زيارة الأسرى، جاء أن الأوضاع في ذلك السجن تشهد “تصاعداً جديداً” في أعداد معتقلي غزة، مع استمرار “حرب الإبادة” واستمرار عمليات الاعتقال في شمال غزة.
وذكر التقرير الصادر عن المؤسستين اللتين تهتمان بملف الأسرى، أن الاحتلال أعلن مؤخرا أن حصيلة عمليات الاعتقال في شمال غزة تجاوزت الألف حالة.
وبيّنت الهيئة والنادي أنه وفي إطار استمرار الاحتلال تنفيذ “جريمة الإخفاء القسري” بحق المئات من معتقلي غزة، فإنه لا يوجد معطى واضح لدى المؤسسات المختصة حول إجمالي أعداد المعتقلين من غزة في سجون الاحتلال ومعسكراته، سوى ما أعلنت عنه إدارة السّجون في بداية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، بأنّ هناك 1627 معتقلا من غزة، ممن يصنفهم الاحتلال بـ “المقاتلين غير الشرعيين”، علماً أن هذا الرقم لا يتضمن كافة المعتقلين من غزة، وتحديداً من هم في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال.
وعقب زيارة طواقم المحامين مؤخرا لـ 15 معتقلا، فقد أكد المحامون أن الإفادات “تعكس الفظائع التي مارسها الاحتلال بحقهم، وتضمنت كافة أساليب التّعذيب الجسديّ والنفسيّ، إلى جانب الجرائم الطبية، وجرائم التّجويع، والاعتداءات الجنسية”.
وكان أبرز ما ورد في إفاداتهم، استخدام إدارة المعسكر بشكل ممنهج، فتحة الزنازين، لعقابهم، حيث يتم ذلك من خلال إجبار المعتقلين المقيدين على إخراج أيديهم حتى الإبط من فتحة الزنزانة، وقيام السجانين باستخدام عدة أدوات لضرب أيدي المعتقلين بشكل مبرح، وثنيها بشكل مؤذ ومؤلم جدا، حيث تحول هذا النوع من التّعذيب الجسدي، إلى أبرز أشكال التعذيب اليومية، وذلك دون استثناء أي من المعتقلين سواء قاصرين، أو مرضى ومقعدين وجرحى، وكبار في السن.
وفي شهادة لأحد المعتقلين المبتورة أقدامهم وأشار له التقرير برمز الحروف (أ.أ) قال “تم إجبار المعتقلين المحتجزين معه في الزنزانة، بحمله لكي يصل إلى مستوى فتحة الزنزانة لإخراج يديه منها، حيث تم ضربه على يديه وثنيها، كعقاب له، لأنه لم يتمكن من النزول عن البرش (مكان النوم الخشبي) أثناء ما يسمى بالفحص الأمني، رغم أن قدميه مبتورتان”.
وأضاف هذا المعتقل في شهادته، أنه على الرغم من أن قدميه مبتورتان، إلا أنّ إدارة المعسكر تجبره يومياً على النزول على الأرض، والاستلقاء على بطنه، وذلك حتّى انتهاء إجراء العدد لجميع الزنازين بالقسم”، لافتا إلى أن ذلك يتكرر يومياً أربع مرات.
ويؤكد هذا الأسير أنه منذ اعتقاله في 15 شباط/ فبراير 2024، فإنه مكبل على مدار الوقت، ويعاني جراء ذلك من أوجاع حادة في يديه وكدمات وتورمات، وحرقة شديدة نهاية قدميه المبتورتين.
وإلى جانب هذه الإفادة، وهي جزء من عشرات الإفادات الصادمة لمعتقلين، تؤكد المؤسستان، ان المعتقلين أكدوا على جملة إجراءات قائمة في المعسكر، أبرزها استمرار تكبيلهم منذ أكثر من عشرة شهور على مدار الوقت.
وأوضح الأسرى في إفاداتهم أنهم فقدوا قدرتهم على تقدير الزمن، كونهم محرومين من معرفة الوقت، كما أنهم محرومون من استخدام المحارم والصابون، حيث يتم السماح لهم فقط بالاستحمام كل عشرة أيام، ويمنح كل أسير ثلاث دقائق فقط للاستحمام.
ولفتت الهيئة والنادي مجدداً إلى قضية ما يسمى بـ “الفحص الأمني” الذي يشكّل أداة من أدوات التّعذيب والتّنكيل في بنية السجن، حيث تقوم إدارة “معسكر عوفر” بإجراء العدد أربع مرات في اليوم منذ ساعات الفجر حتّى منتصف الليل، وخلال العدد يتم إجبار المعتقلين على الاستلقاء على البطن حتى انتهاء العدد من كل الزنازين، ويستمر ذلك كتقدير لمدة ساعتين.
ويتعرض الأسرى الذين يخالفون إجراءات “الفحص الأمني” للعقاب، الذي يكون بأحد أشكال التّعذيب الجسدي، وأبرز هذه الأساليب العقاب بواسطة فتحة الباب.
ويشير الأسرى إلى أنهم يتعرضون لنوع آخر من التعذيب، خلال نقلهم إلى جلسات المحاكم، منذ الساعة السابعة صباحا، حيث يتم وضعهم في “قفص حديدي”، ويجبرهم السجانون على الجلوس بوضعية غير مريحة على الركب أو البطن، حتى انتهاء إجراءات المحاكم.
وفي السياق، ذكرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أن الأسرى الأطفال وعددهم 280 أسيرا، ويتواجدون في “سجن مجدو” يعانون من أسوأ الظروف الحياتية، حيث فقد الكثير منهم أوزانهم بسبب سوء جودة وكمية الطعام.
وأكدت الهيئة أن سلطات الاحتلال لا تزال تواصل سياسة التفتيشات والضرب ما زال مستمرا.
وأوضحت الهيئة أن الوضع لدى الأسرى “ازداد سوءا مع دخول فصل الشتاء وغياب الملابس”، لافتا إلى أن الأسرى يمتلكون لباسا صيفيا واحدا، ويفتقدون الأغطية ومراتب النوم، وأن المتوفر منها حاليا لا يقي البرد علاوة على أن رائحته نتنة.