شوارع مدينة السويداء خالية من صور المرشحين وناشطون يؤكدون أنه «مجلس لا صوت له»

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق – «القدس العربي»: نزل مئات المتظاهرين، أمس الجمعة، للمشاركة في المظاهرة المركزية في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء، تعبيراً عن رفضهم لانتخابات مجلس الشعب المقررة في 15 يوليو/ تموز الجاري، معلنين مقاطعتهم التصويت لأجل مجلس “لا صوت له”.
وكان رئيس النظام السوري، بشار الأسد، قد حدد موعد انتخابات مجلس الشعب ومنتصف الشهر الحالي، وهي رابع انتخابات تُجرى منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، بينما لا تزال مناطق واسعة شمال سوريا خارج سيطرته، ومقسمة بين فصائل المعارضة المسلحة وقوات سوريا الديموقراطية، إذ يمنع المقيمين في هذه المناطق المشاركة بالاقتراع، أسوة بحال ملايين اللاجئين السوريين المطاردين والمنفيين خارج البلاد.
وتجرى الانتخابات التشريعية محسومة النتائج، مرة كل أربع سنوات، حيث يفوز حزب البعث الحاكم، الذي يقوده رأس النظام، بشكل دوري وبغالبيّة المقاعد البالغة 250.
وبينما تتوزّع المقاعد مناصفة تقريباً بين قطاع العمّال والفلاحين، بواقع 127 مقعداً، وبقيّة فئات الشعب بواقع 123 مقعداً، أعلن موقع “صدى” الناطق باسم التجمع المهني في السويداء مقاطعة انتخابات مجلس الشعب، مؤكداً أن “المتظاهرين أعلنوا عن حملتهم لمقاطعة مهزلة الانتخابات النيابية واصفين مجلس الشعب السوري وأعضاءه، بالشركاء في مقتل الشعب السوري”.
ورغم انتشار صور المرشحين لمجلس الشعب في شوارع مدينة دمشق الرئيسية والفرعية، قبل انتخابات تشريعية مقررة يوم الإثنين، إلا أن شوارع مدينة السويداء القريبة خالية تماماً من صور المرشحين، وتقتصر حملاتهم الدعائية على زيارات عائلية متفرقة وصور ومنشورات على منصة الفيس بوك. ويخشى المرشحون في السويداء من تعليق صورهم في الشوارع، حيث لن تبقى مكانها أكثر من ساعة.
المتغير هذه المرة في انتخابات مجلس الشعب، وفق المتحدث باسم شبكة أخبار “السويداء 24” ريان معروف لـ “القدس العربي”، هو “حالة الرفض المعلنة للمشاركة في أوساط المجتمع، في حراك شعبي معارض مستمر منذ العام الماضي، حيث نظمت قوى المعارضة حملات تدعو لمقاطعة الانتخابات في العديد من قرى وبلدات المحافظة”.
مصادر محلية قالت إن الأهالي تجمعوا، أمس الجمعة، مجدداً في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء رافعين الشعارات المطالبة بالتغيير السياسي والحرية ورفض الممارسات الأمنية مؤكدين في الوقت ذاته على السلمية والاستمرار في التحركات المستمرة منذ أغسطس/ آب الماضي داعين إلى مقاطعة انتخابات مجلس الشعب.
ورصدت “القدس العربي” لافتات دعت إلى مقاطعة الانتخابات أبرزها “لا تعطي صوتك لمجلس لا صوت له” و”مبنى مجلس الشعب درة معمارية فارغة المضمون” و”قاطع الانتخابات… لا تخدم أحلامهم، بل اخدم أحلامك” و”مجلسكم لا يمثلنا” و”البرلمان يولد بعد إسقاط النظام” و”قاطعوا انتخابات مجلس الدمى”، و “لا شرعية لأي انتخابات قبل تطبيق القرار 2254”.

إسقاط النظام

وتخلل المظاهرة إلقاء القصائد الشعبية ورفع المطالب مكتوبةً على اللافتات وهتافات طالبت بالحرية والعدالة وإسقاط النظام، ومُقاطعة ما وصفوه بـ “انتخابات مجلس الدمى”.
المتحدث باسم شبكة أخبار السويداء 24″ ريان معروف قال من جهته إن “العشرات توافدوا من مختلف مناطق محافظة السويداء وعشائرها ومكوناتها، والتجمعات المدنية والمهنية، بعد دعوات لمقاطعة الانتخابات، فيما قدمت بلدة المزرعة تمثالاً مصغراً لصرح الشهداء الموجود فيها، تخليداً لذكرى الثورة السورية الكبرى”.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن المظاهرة بدأت، أمس، بأغان ثورية، حيث “خرج المئات من أهالي مدينة السويداء مجدداً في مظاهرة مركزية إلى ساحة الكرامة وسط المدينة، مطالبين بمقاطعة انتخابات مجلس الشعب، حيث نظمت المظاهرة من قبل نشطاء بلدة المزرعة”.
وحمل المتظاهرون صوراً لقائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش، بالإضافة إلى أعلام ولافتات كتب عليها “إنها سوريا العظيمة وليست سوريا الأسد”، هاتفين بالحرية وإسقاط النظام.

هل يسمح لمجلس الشعب أن يمارس دوره؟

المحامي نضال غزالي من أهالي مدينة السويداء عقب على دور مجلس الشعب قائلاً: “لا دور لمجلس الشعب في تحقيق المهام الموكلة إليه بموجب الدستور وبالتالي لا يمكن لأعضائه وبوجود منظومة الاستبداد أن يضطلعوا بالدور المنوط بهم، وسوف يبقون مجرد شخصيات لا تملك إرادة اتخاذ القرار ويتحملون وزر الانهيار الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد ومسؤولية تشريد الشعب السوري وربط سوريا باتفاقيات أفقدها سيادتها وحرمت أبناءها من ثروتها”.
وأضاف: “سأكتب بحيادية إلى حد ما مستنداً في ذلك إلى الدستور السوري، ولن أخاطب المرشحين لعضوية مجلس الشعب ولكني سأخاطب الناخبين تاركاً لوعيهم وضميرهم القرار الذي يجب عليهم أن يتخذوه حيال المشاركة أو عدم المشاركة في انتخابات مجلس الشعب وأُؤكد على ضميرهم لأن القرار الذي سوف يتخذونه سيتحملون مسؤوليته أمام أسرهم وشعبهم ووطنهم”.
وأضاف: “تنص المادة 75 من الدستور السوري الفقرة 2 على أن يتولى مجلس الشعب مناقشة بيان الوزارة والوزارة مسؤولة عن تنفيذ بيانها أمام مجلس الشعب، مع العلم أن البيان الذي يصدر عن الوزارة عند تشكيلها يتضمن خطط عملها المستقبلية. والسؤال كم من حكومة تشكلت في ظل منظومة الاستبداد وظل بيانها حبراً على ورق لأنها ليست هي صاحبة السلطة في تنفيذ أو عدم تنفيذ ما التزمت به في بيانها وبالتالي هل استطاع مجلس الشعب مساءلة أي وزارة عن عدم التزامها بما جاء في بيانها وعن مسؤوليتها ومسؤولية منظومة الاستبداد في الانهيار الاقتصادي الذي أصاب سوريا نتيجة النهب والسرقة من قبل هذه المنظومة التي تستخدم الحكومة ذراعاً لها ومطية لإفقار الشعب السوري”.
وتابع المحامي: “تنص الفقرة 3 من المادة 75 من الدستور السوري على أن لمجلس الشعب حجب الثقة عن الوزارة أو أحد الوزراء. والسؤال رغم الفساد المستشري في الحكومات المتعاقبة منذ أكثر من خمسين عاماً ولدى أغلب الوزراء في هذه الحكومات بدليل إقالة بعض الوزراء نتيجة ثبوت فسادهم وسرقتهم ونهبهم للمال العام وارتكابهم جرائم يعاقب عليها القانون وهذا الظاهر في أسباب إقالتهم في حين أن الحقيقة إضافة لهذه الأسباب، هناك أسباب أخرى منها أنهم ما عادوا يلبون مصالح منظومة الاستبداد. السؤال هل استطاع، أو هل يستطيع، أعضاء مجلس الشعب أن يحجبوا الثقة عن أي حكومة أو عن أي وزير وما سبب عدم قيامهم بذلك، هل لأنهم مغلوب على أمرهم يخالفون ما أقسموا عليه خوفاً من تهديدات منظومة الاستبداد والقهر؟! نصت الفقرة 4 من المادة 75 من الدستور على أن مجلس الشعب يتولى إقرار الموازنة العامة والحساب الختامي، والموازنة العامة من حيث النتيجة هي البرنامج المالي للخطة التي تعمل بها الدولة من أجل تحقيق أهداف محددة غايتها تحسين ورفع المستوى المعيشي للمواطن وتحقيق التقدم والازدهار للبلد”.
والسؤال هل استطاع مجلس الشعب رفض إقرار موازنة كانت كل مواردها عبارة عن ضرائب ورسوم جائرة مفروضة على الشعب أدت إلى تجويعه وتهجيره وإفقاره. وهل استطاع أو يستطيع مجلس الشعب أن يفرض على الحكومة المؤتمرة بأمر منظومة الاستبداد أن تلحظ مشاريع استثمارية من شأنها أن تحسن المستوى المعيشي والخدمي للشعب السوري؟ وهل استطاع مجلس الشعب أن يمنع حكومة تخضع لمنظومة استبداد من أن تعتمد في إيرادتها على رفع أسعار المحروقات وأسعار الخبز والدواء وفرض ضرائب ورسوم أرهقت الشعب السوري وجوعته؟ وهل استطاع مجلس الشعب مساءلة حكومة تنفذ أوامر منظومة الاستبداد عن هدر المال العام وسرقته؟
تنص الفقرة 6 من المادة 75 من الدستور على أن مجلس الشعب يتولى إقرار المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تتعلق بسلامة الدولة وهي معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة أو الاتفاقيات التي تمنح امتيازات للشركات والتي يبرمها رئيس الجمهورية.
والسؤال هل استطاع مجلس الشعب أن يمتنع عن إقرار الاتفاقيات التي تم بموجبها بيع الموانئ والمطارات وإعطاء امتيازات لشركات نهبت ثروات ومقدرات سوريا؟ هل استطاع أن يقول لا للاتفاقيات التي جلبت الاحتلال لسوريا وانتهكت سيادتها وقتلت وشردت أغلب الشعب السوري وهجرته؟

أكثر من 250 مركزاً انتخابياً

ورغم دعوات المقاطعة، أعلنت محافظة السويداء بالتنسيق مع اللجنة القضائية الفرعية لانتخابات مجلس الشعب، عن استكمال الإجراءات اللازمة لانتخابات مجلس الشعب.
وبحسب صحيفة الثورة الرسمية، فقد بلغ عدد المراكز الانتخابية المقرر إجراؤها في محافظة السويداء 268 مركزاً انتخابياً، توزعت كالتالي: 71 مركزاً في مدينة السويداء، 82 مركزاً في منطقة السويداء تشمل 18 مركزاً في ناحية المزرعة و17 مركزاً في ناحية المشنف، و62 مركزاً في منطقة صلخد، إضافة إلى 47 مركزاً في منطقة شهبا.
وأصدر حزب البعث قائمة “الوحدة الوطنية” في محافظة السويداء، والتي تضمنت أربعة مرشحين من أصل ستة مقاعد مخصصة للمحافظة. والمرشحون الأربعة عن قائمة البعث هم: خالد كرباج الذي أعيد ترشيحه من الدورة الماضية، والدكتور نضال العلي، والسيد وسيم عز الدين، والعميد المتقاعد حكمت أبو غازي.
أما المقاعد المتبقية للمستقلين، فأبرز المرشحين لها هما النائبان السابقان معين نصر ونشأت الأطرش، اللذان أعلنا ترشحهما للانتخابات. وبذلك “تبدو نتائج الانتخابات محسومة مسبقاً، سواء شهدت مشاركة من المواطنين أم لم تشهد إقبالاً كما في الدورتين الماضيتين”. وفقاً لمصادر رسمية، فقد بلغ عدد المتقدمين لهذه الدورة البرلمانية 8,953 مرشحاً، بينهم 1317 امرأة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية