صحيفة إسرائيلية: بين ترامب والسعودية: القوى التي تآمرت للإطاحة بعرش الملك الأردني

حجم الخط
3

المكالمة الهاتفية التي أصابت الحكومة الأردنية بالصدمة كانت في الأسبوع الثاني من آذار الماضي، حيث كانت السفارة الأمريكية على الخط الثاني مع مدير المخابرات العامة الأردنية، وكان لديها طلب للقاء مستعجل فيما يتعلق بموضوع ذي أهمية وطنية عليا. أحاطت المفاجأة برجال المخابرات في الأردن. ثمة خطر مصدره الجبهة الداخلية، قيل له، وهذا قد يهدد عرش المملكة قريباً.

أحاطت المفاجأة برجال المخابرات في الأردن. ثمة خطر مصدره الجبهة الداخلية.. وهذا قد يهدد عرش المملكة قريباً.

خلال ساعات، وجهت الإدارة كل مواردها نحو أحد أبناء العائلة المالكة الكبار جداً في الدولة، وهو الأمير حمزة الذي كان في السابق ولي العهد والأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني. تشكك الأمريكيون في أنه يثير معارضة للحكم ويجند حوله مؤيدين. وخلال أسبوعين، وُضع الأمير حمزة تحت الإقامة الجبرية، واتُّهم علناً بأنه وشخصين مقربين آخرين قد تآمروا على إزاحة الملك عبد الله عن الحكم.

في الوقت الذي كان فيه المتهمان بالمؤامرة (باسم عوض الله، الذي كان في السابق رئيس البلاط الملكي ورجل أعمال، وابن عم الملك الشريف حسن بن زايد) يستعدان للمحاكمة، اتضحت صورة أشمل للأسابيع الثلاثة التي هزت العائلة المالكة. بعيداً عن المحكمة، تتبلور أدلة على أن هذا النزاع العائلي تحركه مؤامرة أوسع، حصلت على دعم من الحليفة الأكثر قرباً للأردن. هذه المؤامرة كان يمكن أن تعرض للخطر سيطرة الملك عبد الله على الحكم لو انتُخب ترامب لولاية ثانية.

أبدى موظفون في إدارة الرئيس بايدن، تخوفهم من تضرر المصالح الأردنية لو أعيد انتخاب ترامب. وحسب أقوال مصادر شرق أوسطية تحدثت مع صحيفة “الغارديان”، ربما تكون هناك علاقة بين نشاطات الأمير حمزة المزعومة وسياسة إدارة ترامب الشرق أوسطية، بقيادة صهره جاريد كوشنر، وبدعم صديقه وحليفه ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.

اتُّهم الأمير حمزة بتجنيد مؤيدين عن طريق المس بأعصاب العائلة المالكة المكشوفة، ضمن أمور أخرى، بسبب زيارته لمستشفى مدينة السلط، الذي مات فيه 7 أشخاص من مرضى كورونا نتيجة نقص الأوكسجين. ووصلت مقاطع من مكالمات هاتفية في تلك الفترة لصحيفة “الغارديان” عرضت تنسيقاً وطيداً بين الأمير حمزة والشريف حسن.

حسب أقوال موظفين في الأردن، فإن العلاقات المستقرة بشكل عام بين عمان وواشنطن المستندة إلى 50 سنة من التعاون الأمني، وصلت إلى نقطة حاسمة في عهد ترامب، في الوقت الذي أراد فيه البيت الأبيض دفع أجندته الإقليمية الخاصة قدماً.
جاءت في المقام الأول محاولة صنع سلام بين إسرائيل والفلسطينيين بصورة فجرت جميع التفاهمات التي كانت سارية حتى ذلك الحين فيما يتعلق بالشكل الذي سيكون عليه الاتفاق النهائي. ورغم أن الأردن يتأثر بشكل مباشر من ذلك، إلا أنه لم يعرف أي تفاصيل حتى الإعلان الكبير في بداية العام 2019.

عندما تم الكشف عن الخطة في نهاية المطاف، شعر زعماء الأردن بالخطر بسبب النية المشار إليها بشكل رمزي، وهي تقسيم السيطرة على الحرم القدسي. إضافة إلى ذلك، ألغت الخطة عدداً من النقاط الأساسية في محادثات سلام سابقة، وضمت حوالي 30 في المئة من الضفة الغربية وغور الأردن، ورفضت طلب الفلسطينيين الأساسي بأن يعتبر شرقي القدس عاصمة للدولة المستقبلية. “تقاسم منطقة الحرم مع السعوديين والإسرائيليين هو بلا شك أمر فحصته إدارة ترامب”، قال موظف أمريكي. “لقد صمموا على إخراج ذلك إلى حيز الفعل. ورغم كل شيء، لم يترددوا في ابتزاز، سواء الأصدقاء أو الأعداء. أما ما يخص الإمارات فقد كان الأمر يتعلق بطائرة “اف35″. وبالنسبة للسودان، كان المطلوب هو إخراجه من قائمة الإرهاب. وكانت الجائزة (بالنسبة للدولتين) سيادة أمريكية وخبرة إسرائيلية تقنية”.

خلال بضعة أشهر في العام 2020 ازدادت الضغوط على الملك عبد الله من قبل أمريكا والسعودية، في الوقت الذي كان فيه الأردن بحاجة إلى دعمهما الاقتصادي. وحسب أقوال موظفين أمريكيين وسعوديين، عبرت الرياض عن خيبة الأمل في محادثات مغلقة، من عدم رغبة الأردن في تنفيذ سياسة ترامب الخارجية. خطة كوشنر كان يمكن أن تعزز مكانة السعودية كلاعبة رئيسية في الشرق الأوسط الجديد، وشق الطريق للسلام مع إسرائيل. في نهاية عهد إدارة ترامب، ازداد طلب التوصل إلى اتفاق. ولكن التحدي الأردني أثار غضب كوشنر وبن سلمان، اللذين لم يكونا أيضاً راضيين عن غياب استعداد الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

كل شيء تغير عندما هزم ترامب في الانتخابات وانهارت الصفقة. “لو أعيد انتخابه لاختلفت المنطقة”، قال مصدر استخباري إقليمي. ولكن بقيت هناك حتى الآن دعامة أساسية واحدة لصفقة القرن؛ إذ لم ينجح بن سلمان حتى الآن في تجنيد عمان إلى جانبه.

حسب أقوال الموظفين، تقريباً في بداية آذار الماضي، أجرى الشريف حسن اتصالاً مع سفارة معينة، يبدو أنها السفارة الأمريكية في عمان، بهدف الحصول على تأييد للأمير حمزة. وهي خطوة قادت إلى إعطاء التحذير الأمريكي ومحاولة معرفة ما يحدث. وموظفون كبار في عمان رفضوا في الحقيقة التطرق إلى قضية التدخل الأجنبي في المؤامرة ولم يؤكدوا أن الولايات المتحدة هي التي كانت قد حذرتهم. ورفض الأردن التطرق إلى سؤال: هل كان للسعودية دور في هذه القضية؟ أكدت واشنطن لصحيفة “الغارديان” بأنه وفي الأشهر الأخيرة من العام 2020، قام موظفون في الإدارة الأمريكية بفحص إمكانية منع ميزانيات معينة عن الأردن. مع ذلك، كان يمكن لعمان تنفس الصعداء من إعادة الإدارة الجديدة إصلاح العلاقات الأمنية معهم.
بقلم: مايكل سافي ومارتين تشولوب
هآرتس 27/5/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الصخري:

    فيلم مكسيكي بامتياز وبإنتاج وإخراج متقن ….
    ( ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا)

  2. يقول محمد غازى:

    بعد كل ما جرى، وما عرفه الملك عبدالله عما كان يدبر له وللمملكة، هل سيستمر على سياساته وتوجهاته، أم أنه سيفكر مليا فيما كان مخطط من قبل القريب والبعيد! ألوضع خطير، وخطير جدا، وعلى الملك ألجلوس مع ألكبار والصغار ومناقشتهم وبكل الصراحة عن رأيهم فيما يجرى فى المملكة،ويتخذ القرار الذى فيه صالح الشعب والأسرة الحاكمة. أذكر ألملك بأن ألكمال لله وحده.

  3. يقول ماغون:

    بين تهجير سكان حي الشيخ الجراح والإطاحة بعرش ملك الأردن مخطط لإرساء ما تسمى بصفقة العصر ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي سفن الإستيلاء على القدس وانقلاب الأردن بعد الصفعة التي تلقاها العدو الصهيوني.
    بعد خيبة الإحتلال مطلوب من الأردن دعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره لأن سلامة فلسطين من سلامة الأردن والأردن. وكلاهما مكمل للآخر.

اشترك في قائمتنا البريدية