محتجون مصريون أمام معبر رفح الحدودي
“رفض الهجرة (من غزة) هو مبدأ مصري صلب – بالضبط مثل الحفاظ على السلام وعدم التدخل في أي حرب” – هكذا أوضح إبراهيم عيسى مقدم تلفزيوني مصري معروف مقرب من الحكم. قد يبدو هذا القول للإسرائيليين غريباً بعض الشيء. ففي كل بضعة أيام، ينشر شريط آخر لمسيرة عسكرية في بلاد النيل. ويمكن للمرء سماع طبول الحرب. فضلاً عن ذلك، قيل إن لمصر جيشاً له دولة، وليست دولة لها جيش. فهل تتحفظ هذه الدولة على الحرب؟ ولفهم المنطق، يجب أن نفهم المبنى الهرمي للمجتمع المصري.
الجنرالات يسيطرون في الدولة
منذ ثورة الضباط الأحرار في 1952، التي أطاحت بالملكية، تسيطر النخبة العسكرية في مصر. في أحداث الربيع العربي أيضاً، كان من أطاح بحسني مبارك هم الضباط الكبار. في بداية الأسبوع، أحيت القاهرة 14 سنة على إعلان نائب الرئيس، عمر سليمان، الذي أعلن فيه عن نقل الصلاحيات السلطوية من مبارك إلى المجلس العسكري الأعلى.
الجيش المصري ليس مجرد منظمة عسكرية؛ فالجنرالات يسيطرون على مئات المخابز ومشاريع البناء والفنادق. حسب التقديرات، فإن ثلث الاقتصاد المصري تحت سيطرتهم. من هنا، ندرك من هو التهديد الأكبر على حكام مصر، فهو ليس الإخوان المسلمين ولا حتى المتظاهرين؛ فهؤلاء وأولئك قابلون للقمع.
التهديد الأكبر موجود في صفوف الجنرالات. إذا لم يواصل السيسي تضخم ميزانيات الجيش، فالقرار سيؤثر فوراً على مصالحهم الاقتصادية والشخصية. عتاد أقل وقوات أقل – مال أقل وهكذا دواليك. للسبب إياه بالضبط، فإن الحرب تشكل خطراً ربما لا تستعد القيادة في القاهرة لأخذه. يكفي أن نذكر أن هزائم الجيوش العربية أدت إلى انقلابات وتغييرات في الحكم. ففي سوريا، وزير الدفاع حافظ الأسد، صعد إلى الحكم بعد حرب الأيام الستة. وهي المعركة التي أدت إلى نهاية طريق الرئيس المصري جمال عبد الناصر. بعد ثلاث سنوات من ذلك، توفي وحل محله نائبه أنور السادات. باختصار، لا طريق أكثر ضمانة لفقدان الحكم من حرب ضد إسرائيل.
مصالح وكراهية لاذعة
بالمقابل، حتى نحو خمسة عقود على اتفاقات السلام، لم تلغ جنون الاضطهاد المصري. في بلاد النيل تخوف دائم في أوساط دوائر معنية من “تطلعات التوسع الإسرائيلية”.
السيناريو الدائم في مناورات دورية هو اجتياح من جانب الجيش الإسرائيلي. والأخطر من ذلك، لم تبذل القيادة المصرية على مدى عقود جهداً لتغيير مضامين تحريضية ضد إسرائيل. وطرأ في السنوات الأخيرة بعض التغيير في المضامين. هكذا نشأ اتفاق سلام بارد يقوم على مصالح أمنية وسياسية فقط. وإذا كان ثمة درس ينبغي استخلاصه من قصور 7 أكتوبر، فهو أنه المصالح غير كافية للحفاظ على الاستقرار والهدوء في الشرق الأوسط.
أحياناً، الكراهية اللاذعة قد تعطل الاعتبارات العقلانية. حتى الآن يخيل أن هذا ليس الوضع في مصر، وأن السيسي أقرب إلى السلام من أسلافه، لكنه بعيد عن أصولية الإخوان المسلمين. العكس هو الصحيح؛ أدى الرئيس المصري إلى تعزيز التعاون مع إسرائيل.
إن معارضته الحادة لخطة ترامب لإخلاء الفلسطينيين ينبغي أن نعيدها إلى التهديد بأن تصبح شبه جزيرة سيناء عش إرهاب برعاية الغزيين. وإسرائيل تعلمت بالطريقة الأصعب بأنه يجب الاستعداد لكل سيناريو.
شاحر كلايمن
إسرائيل اليوم 13/2/2025