صحيفة إسرائيلية: من قال إن وجه الشرق الأوسط سيتغير من دون الفلسطينيين؟

حجم الخط
1

الحرب التي شنتها إسرائيل على إيران تشكل -حسب رأي الجميع- انعطافة تاريخية. إسرائيل، بتشجيع نشط من الولايات المتحدة، تستمر في تشكيل الشرق الأوسط حسب احتياجاتها الأمنية ومصالحها الجيوسياسية. ولكن خلال العملية الدراماتيكية لتشكيل وجه المنطقة، ثمة مجهول واحد، وهو الشعب الفلسطيني.
هجوم إسرائيل على إيران، مع كل نتائجه في الساحة الداخلية والإقليمية والدولية، دفع إلى الهامش، وحتى أخرج الكارثة الإنسانية في قطاع غزة من جدول الأعمال، الإعلامي – السياسي، وبدرجة كبيرة أيضاً كارثة المخطوفين الإنسانية. حتى لو كانت بعض أصوات في إسرائيل تردد شعار “لم ننس المخطوفين”.
عملياً، لا يدور الحديث فقط عن إهمال الوضع في غزة، بل عن إقصاء القضية الفلسطينية كلها وإهمالها وكأنها غابت عن الحوار. وكأنها لم تعد قضية جوهرية، خطيرة ومشتعلة. في الغرب، مثلما في مؤتمر باريس الأخير، يواصلون بث دعم لفظي للحل السياسي. ثمة خطابات موصى بها ودعم لحل الدولتين، لكن لا نتيجة على الأرض. الفلسطينيون يحصلون على تفهم وتعاطف وحتى اعتراف. ولكن على الأرض، يتلخص اهتمام الفلسطيني في غزة في البقاء على قيد الحياة، المواطن الفلسطيني في الضفة الغربية يقلق بشأن وجوده في الوقت الذي تقتطع فيه إسرائيل الحدود وتخلق خريطة جديدة لمناطق النفوذ، وتفضل عقيدة التقاء المصالح مع الدول العربية المعتدلة من خلال تجاوز “القضية الفلسطينية”.
ما زال مكتب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، يردد نفس الجملة منذ عقود: “لا استقرار في الشرق الأوسط بدون حل القضية الفلسطينية”. إسرائيليون سحرتهم صيغة مختلفة خلال سنين، تقول بأنه لا حل للمشروع النووي الإيراني بدون حل سياسي مع الفلسطينيين (يتسهار مقابل بوشهر). الآن يتبين أن إسرائيل الجديدة لنتنياهو تتبنى صيغة مختلفة: “يتسهار” تتوسع وبوشهر تُدمر. الفلسطينيون عالقون بلا أمل أو أفق. لينتظروا. لا أحد مستعجل. ثمة المزيد من الوقت، فلم العجلة؟
مهم قول الحقيقة: حتى لو حققت إسرائيل نتيجة عسكرية مبهرة أمام إيران، وسعى العالم إلى تسوية حقيقية واختفت حبة البطاطا الساخنة التي تسمى “المشروع النووي الإيراني”، وإذا تم التوصل إلى اتفاق مع رجل “القاعدة” و”داعش” السابق أبو محمد الجيلاني، أو باسمه الجديد، سيادة الرئيس السوري أحمد الشرع، وحتى لو ازدهرت الحدود الشمالية بدون تهديد “حزب الله”، وحتى لو أن دفعت السعودية قدماً بالتطبيع، فكل ذلك لن يخفي الفيل الموجود في الغرفة، ولن يغير الوضع الديمغرافي بين البحر والنهر. وهذا المستقبل يضع خيارين أمام إسرائيل: الأول هو استمرار الاحتلال وتعميق الأبرتهايد والقمع والإقصاء والتمييز، التي ستربي جيلاً آخر من الفلسطينيين اليائسين والأخطر حتى الانفجار القادم. الثاني، هو النظر إلى المرآة ومواجهة سؤال بعد إيران البعيدة: ماذا مع الجيران الذين أمامنا؟
الحقيقة أن إسرائيل ربما تنتصر مرة أخرى في المعارك، وتسحق أكبر الأعداء وتقطع رأس الأخطبوط الإيراني وأذرعه، كما عبر عن ذلك رئيس الحكومة، حتى بثمن مئات القتلى والمصابين الإسرائيليين، من اليهود والعرب. ولكن حتى الآن، هي تخسر في الحرب من أجل صورتها ومستقبلها. الحرب الحالية تسعى للوصول إلى شرق أوسط يعاد تشكيله، بدون الفلسطينيين، ولكن بدون حل. هذا ليس استقراراً، بل هدوء وهمي سينفجر مرة أخرى في المستقبل، مع إيران أو بدونها.
جاكي خوري
هآرتس 16/6/2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فصل الخطاب:

    ولكن هذه هي خطة عصابة تل أبيب المدعومة من عصابة البيت الأسود الصهيوني الأمريكي يا انريكي ✌️🇵🇸🇮🇷😎☝️🔥🐒🚀

اشترك في قائمتنا البريدية