صحيفة عبرية: “إما أخلاق أو سياسة”.. بايدن يؤكد الدرس الإسرائيلي بزيارته للسعودية

حجم الخط
1

ينشغل المحللون الأمريكيون اليوم بالصورة التي يأمل الرئيس الأمريكي بالامتناع عنها: مصافحة محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية. الرئيس بايدن الذي وعد بقيادة العلاقات الخارجية الأمريكية وفقاً للقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، ثم قال ما قال في بن سلمان، ها هو الآن ضمن سلسلة اعتبارات استراتيجية تقوده حاجاً إلى الرياض.

تقضي المصلحة الأمريكية بعقد صفقات مع من سيقود السعودية بسنوات طويلة أخرى. من ناحية واشنطن، محظور على دولة تتحكم باحتياطات نفط هائلة أن تقع في دائرة نفوذ روسيا أو الصين، بخاصة في الوقت الذي تحتدم فيها المنافسة بين القوى العظمى على خلفية الاجتياح الروسي لأوكرانيا. بايدن معني بأن تزيد السعودية إنتاج النفط لإيقاف ارتفاع أسعار الطاقة. وهو يتابع بقلق كيف يدفع التضخم المالي إلى التدهور بنسبة التأييد له ولحزبه وهو خائف من الدرك الاقتصادي العالمي الأسفل الذي على الأبواب.

زيارة بايدن إلى السعودية تثير أفكاراً ثقيلة عن مكان الاعتبارات الأخلاقية في السياسة الخارجية. وقد بحثت هذه المسألة مؤخراً في ندوة عقدها معهد سياسة الشعب اليهودي. وتردد المتحدثون المختلفون في ما يفترض من التاريخ المأساوي لشعبنا: المنفى، والاعتداءات الجماعية، والكارثة والحرب المتواصلة على وجودنا السيادي. وأكد البحث مفهومين متناقضين: ثمة من يجدون في هذا التاريخ الصعب تصريحاً للقلق على أنفسنا أساساً. وآخرون يستنتجون النقيض التام: واجبنا أن نكون أكثر إنصاتاً لمعاناة الآخرين. وهكذا نحفظ أنفسنا وهويتنا اليهودية ونعظم حصانتنا كأمّة.

وقد غدا الخلاف أكثر تعقيداً؛ لأن مفهوم “الأخلاق” متملص، وترجمته إلى سياسة خارجية عملية ليست أمراً مفهوماً من تلقاء ذاته. بعد وقت قصير من العملية في البرجين التوأمين، روى الرئيس الأسبق بيل كلينتون بحضوري لشمعون بيرس أنه قرر في الماضي ألا يأمر بقتل بن لادن عندما شخص من الجو لأنه كان محوطاً بعشرات الأبرياء. الاعتبار الأخلاقي كان حاسماً، أما الآن وبعد القتل الرهيب، قال كلينتون إنه لم يعد مقتنعاً بصواب قراره.

زيارة الرئيس بايدن المرتقبة إلى السعودية تدل على أن القوة مهما عظمت، كالولايات المتحدة، لا يمكن أن تكون موجهة وفقاً لاعتبارات أخلاقية نقية فقط. فهذه إذن مسألة مدى: ما هو المكان الذي تختار فيه الدولة أن تضع نفسها فيه على الشريط الذي بين الواقعية والمثالية؟ لقد شغلت هذه المعاضل بال المفكرين منذ فجر التاريخ، لكن لأي درجة تتردد فيها إسرائيل؟ مراجعة معطيات المساعدات الدولية لدول الـ OECD تفيد بأن إسرائيل تتخلف في أسفل القائمة. ونعلل هذا المعطى غير الإيجابي في النفقات الأمنية الجسيمة التي تفرض علينا. وبالفعل، فإن الوضع الجغرافي السياسي لإسرائيل والمحيط الشرق أوسطي العنيف يدفعان إسرائيل للابتعاد عن القطب المثالي في هذا الشريط. وفي وضعية يعد فيها النزاع وجودياً، فالميل لإلقاء الذنب كاملاً على الآخر، ونسب كامل الحق لنفسك. هذه الفكرة التأسيسية تتغلغل أيضاً إلى المنطق السياسي: سلوكنا في نظر أنفسنا يكاد يكون دوماً أخلاقياً. وعندما تطرح على البحث مسائل تنطوي على اعتبار أخلاقي، مثل أبرتهايد في جنوب إفريقيا، واعتراف بمذبحة الأرمن كقتل شعب، والاجتياح الروسي لأوكرانيا، فإن الاعتبار الأخلاقي يدحر أمام اعتبارات المصلحة الأمنية أو الاقتصادية. ويضاف إلى كل هذه واقع الاحتلال الذي يحشر السياسة الخارجية الإسرائيلية في مشكلة أخلاقية جذرية: مصير شعب آخر خاضع لنا منذ عشرات السنين دون أن يكون محقاً ليكون شريكاً في اختيار الحكومة التي تقرر مستقبله.

الصورة القاسية لا توشك على التغيير بسرعة: سيواصل الشرق الأوسط كونه منطقة عنيفة وتسودها الفوضى، والاحتلال لا يوشك على الانتهاء غداً. واللاسامية لا توشك على التبخر، والإحساس بأن “العالم كله ضدنا” سيبقى معنا، والرأي العام في بلادنا لن يخلق ضغطاً على الحكومة لمنح وزن مهم للاعتبارات الأخلاقية، وإسرائيل – سياسياً وديمغرافياً – لن تصبح ليبرالية أكثر، بل العكس. فما الذي تبقى إذن؟ عندما لا تبشر الميول بانعطافة، ولا تبدو المنظومات الأخلاقية مبالية، يبقى الناس من لحم ودم. وهؤلاء هم الذين في مفترق القرار. يعرفون أن إسرائيل أقوى مما في الماضي، ولهذا فتحت تصرفها مجال مناورة أوسع يسمح للتعاطي بجدية أكبر مع الاعتبار الأخلاقي. ما يحسم في لحظات القرار هو نوع التعليم الذي تربى عليه الأشخاص الذين يأخذون قرارات باسمنا محملة بالمصائر. هل اهتزت قلوبهم عندما تعلموا قيم أنبياء إسرائيل؟
بقلم: آفي غيل
معاريف 30/6/2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ميساء:

    هههههههه بل لا اخلاق ولا سياسة بل نو السقوط الحر في مستنقع الشرق الأوسط التعيس و الله ينصر فلسطين و يهزم إسرائيل شر هزيمة يارب العالمين ??????

اشترك في قائمتنا البريدية