أطلقت الطائفة الدرزية في إسرائيل مؤخراً حملة لجمع التبرعات لدروز سوريا، رافقها نقاش عام واسع. تقود العملية جهات دينية وسياسية من الطائفة في إسرائيل، وقد جرت خلافات وانتقادات في الطائفة في البلاد وفي سوريا لادعاء بأن المساعدة الإسرائيلية قد يضر بالدروز في سوريا. الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، زار موسكو والتقى شخصيات رفيعة في وزارة الخارجية هناك حول ذلك.
جرى اتخاذ قرار إطلاق حملة المساعدة في الأسبوع الماضي، عقب مظاهرات جرت في جبل الدروز في محافظة السويداء بسوريا. احتج المتظاهرون على قرار النظام السوري إلغاء الدعم المالي لمنتجات غذائية أساسية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار. مئات آلاف الأشخاص في سوريا من طوائف مختلفة انتقلوا إلى المنطقة في فترة الحرب الأهلية، الأمر الذي زاد الضغط على السكان وزاد من حدة الأزمة الاقتصادية والضائقة في الدولة الممزقة.
وصلت أصوات الاحتجاج أيضاً إلى الطائفة الدرزية في إسرائيل، وقادت إلى أزمة بسبب تحويل مساعدة إنسانية أساسية للدروز في سوريا، تشمل الغذاء ومعدات طوارئ للشتاء وأموالاً نقدية. في القرى الدرزية في الجليل والكرمل، بدأت حملة مساعدة محلية قادها نشطاء في لجنة التواصل مع سوريا من أوساط أبناء الطائفة الدرزية. اللجنة برئاسة الشيخ علي معدي من يركا، قادت من قبلُ زيارات لرجال دين دروز في سوريا عبر الأردن دون التنسيق مع السلطات الإسرائيلية.
المساعدة وآلية نقلها كانت في مركز اللقاءات التي أجراها هذا الأسبوع الشيخ طريف في موسكو مع شخصيات رفيعة في وزارة الخارجية الروسية، من بينها نائب وزير الخارجية والمبعوث الخاص في الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف.
في محادثة مع “هآرتس” من موسكو، قال الشيخ طريف بأن هذه اللقاءات تناولت موضوع نقل التبرعات، لكن السؤال: هل ستستجيب الحكومة السورية لدخول المساعدة من معبر القنيطرة؟ لا إجابة. حسب قوله، طلب من الممثلين الروس إيجاد حل لهذا الأمر بسبب تأثيرهم المباشر على حكومة دمشق.
وقد طلب الشيخ طريف أيضاً أن تساعد الحكومة الروسية في تأمين طريق يتم عبرها نقل المساعدة لمنطقة جبل الدروز عبر الأردن. النظام في سوريا يرفض التعامل مع معبر القنيطرة بصورة قاطعة كمعبر دولي رسمي مع إسرائيل، ويمنع دخول المواطنين الإسرائيليين أو البضائع عبره، باستثناء حالة سكان القرى الدرزية في هضبة الجولان والمنتوجات الزراعية لهذه القرى.
تختلف آراء الدروز السوريين إزاء قبول المساعدة ونقلها إلى الأراضي السورية. مجدي نعيم، وهو أحد سكان مدينة السويداء في جنوب غرب سوريا، نشر رسالة مفتوحة للشيخ معدي، وطلب منه وقف الحملة. “لم نصل إلى مرحلة الجوع وإلى وضع نجمع فيه الصدقات”، كتب، “نحذر من تداعيات هذه العملية في الساحة الداخلية. سيكون لمساعدة كهذه بتشجيع من دولة إسرائيل وحلفائها في الطائفة، تداعيات خطيرة وستؤدي إلى استقطاب اجتماعي وطائفي في سوريا”.
ناشط سوري آخر اسمه فرج صقر، وهو من سكان قرية الخضر القريبة من الحدود مع إسرائيل، نشر هو الآخر رسالة مفتوحة في هذا الشأن كتب فيها بأن معظم الدروز في سوريا سيعارضون إدخال بضائع ومساعدة عبر إسرائيل. “بالنسبة لنا، إسرائيل دولة معادية مثلما كانت طوال أجيال. والآن ستعرض إسرائيل نفسها كدولة إنسانية بسبب بضع شاحنات سيتم تحويلها لسوريا. يدرك الجميع أن هذا قد سيخفف على عدد من العائلات، ليس أكثر من ذلك”، كتب في الرسالة.
أحد مديري حملة المساعدة في إسرائيل، وهو إحسان مراد، قال للصحيفة بأن المعارضة وصلت أيضاً إلى أعضاء اللجنة، لكن هدفهم بقي مساعدة المحتاجين لذلك في الطرف السوري. “إلى جانب المعارضين، هناك كثير من الأشخاص المحتاجين لهذه المساعدة ويخافون الحديث”، قال، “لقد قررنا إرسال مساعدة تشمل منتوجات غذائية ومعدات طوارئ أساسية وليس أموالاً نقدية، لأن الأموال قد تصل إلى أماكن أخرى. لم نبحث عن العناوين في الصحف. ونعرف أن هناك من سيحاول ركوب الموجة، لكن الهدف من ناحيتنا مقدس، وهو التخفيف من معاناة الناس. ليس في هذا أي تماهٍ مع إسرائيل”.
في موازاة ذلك، يستعد جهاز الأمن في إسرائيل للمساعدة في نقل المساعدة عبر معبر القنيطرة أو بطريقة أخرى. ورداً على توجه من “هآرتس” حول الموضوع، جاء من مكتب وزير الدفاع بني غانتس بأن وزير الدفاع تحدث بهذا الشأن مع الشيخ طريف وتم الاتفاق على أن يعمل جهاز الأمن على إيجاد حلول لتمكين إرسال المساعدة للدروز في سوريا.
بقلم: جاكي خوري
هآرتس 17/2/2022