رئيس منظومة الاستخبارات اليونانية استقال الأسبوع الماضي عقب فضيحة سياسية أخرى يشارك فيها السايبر الإسرائيلي. الاستخبارات اليونانية التابعة لديوان رئيس الوزراء، اعترفت بأنها استخدمت برنامج تجسس باقتحام هاتف صحافي يحقق في الفساد وهاتف زعيم الحزب الاشتراكي. رئيس منظومة الاستخبارات (وكذا المستشار الكبير لرئيس الوزراء) استقالا، رغم أن رئيس الوزراء ادعى بأن الاقتحامات تمت وفقاً للقانون. كما أن رئيس الاستخبارات الإسباني استقال هو الآخر مؤخراً على خلفية اقتحامات لهواتف رجالات كبار في ظل استخدام برنامج التجسس الإسرائيلي.
لقد تم استخدام برامج التجسس في حالات عديدة وفقاً للقانون المحلي، والتصدير وفقاً لقانون الرقابة على التصدير الإسرائيلي، وتبعاً لمصادقة قسم الرقابة على التصدير في وزارة الدفاع. لكن هذه المنظومة تدار في الظلام منذ عشرات السنين. فيما أن قانون الرقابة هو أيضاً لم يحسن الشفافية. لا سبيل لمعرفة ما إذا كانت شركة ما خاضعة بالفعل للرقابة تحت غطاء سور الصمت لوزارة الدفاع وباقي هيئات الدولة.
الحالة اليونانية مثال متطرف على قدرة شركات إسرائيلية على المناورة في هذه الدوامة: في اليونان، لا يدور الحديث عن شركة مثل NSO الإسرائيلية، الموجودة تحت رقابة إسرائيلية، بل عن برنامج يسمى “فردتور”، تطوره شركة السايبر سايتروكس. وهذه بملكية شركة تدعى انتلكاسا، التي تعود لمواطن إسرائيلي – طل ديليان، رجل استخبارات سابق – الذي يحوز بالتوازي مع مواطنته الإسرائيلية أيضاً مواطنة مالطية، ولا يسكن في البلاد. انتلكاسا وسايتركوس مسجلتان في جملة دول ومركز نشاطهما في اليونان.
محافل في فرع السايبر الهجومي تدعي بأن انتلكاسا تدار بلا رقابة. ترفض وزارة الدفاع التعقيب على مسألة الرقابة، وليس في ذلك ما يغير حقيقة أن قانون الرقابة ينطبق على ديليان وفقاً للمادة 14 من قانون التصدير: “لا ينفذ مواطن إسرائيلي أو مقيم إسرائيلي أو شركة إسرائيلية أعمال تسويق أمني إلا إذا تلقى رخصة بذلك من السلطة المخولة”. وبالفعل، في أعقاب منشورات عن إساءة استخدام بيغاسوس، شددت وزارة الدفاع الرقابة على شركات السايبر، لكن ليس في ذلك ما يكفي. فضلاً عن حقيقة أنه لا توجد رقابة كافية – خمس وحدات للإنفاذ، والتعاون الدولي – يخيل أن وزارة الدفاع وحكومات إسرائيل معنية بتحسين العلاقات الدبلوماسية بواسطة تصدير برامج التجسس أيضاً.
لم يكن هناك فرق جوهري بين التجارة بالسلاح الناري والتجارة بالسلاح الرقمي، لذا ينبغي تعزيز وتطوير الرقابة على السايبر وكأنه سلاح غير تقليدي، وتطبيقه على كل الصناعة: ليس فقط على الشركات المسجلة في إسرائيل، بل وأيضاً على العلم والتكنولوجيا الإسرائيليين اللذين يباعان لحكومات وجهات خاصة. قد يكون السبيل الناجع الوحيد هو إقامة جسم مستقل يعمل من خارج وزارة الدفاع.
بقلم: أسرة التحرير
هآرتس 16/8/2022