صحيفة عبرية: هل كان اقتراح ترامب بتهجير الفلسطينيين مصيدة لـ بن سلمان؟

حجم الخط
0

حتى 7 أكتوبر كان التطبيع بين إسرائيل والسعودية شرطاً ضرورياً لتشكيل تحالف إقليمي، وتأسيس حلف دفاع بين أمريكا والسعودية، وتوفير تكنولوجيا نووية أمريكية للرياض. ولكن خلال الحرب، أصبح التطبيع أداة ضغط سياسية، يمكن تحدد مصير وقف إطلاق النار وصفقة المخطوفين واستئناف الحرب، بل أيضاً إملاء سياسة جديدة على إسرائيل فيما يتعلق بالنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين.

في العام 2002 وضعت السعودية على طاولة النقاشات الإقليمية والدولية رؤية سياسية واستراتيجية أصيلة وجريئة، على شاكلة “المبادرة العربية”، تضمنت اعترافاً عربياً بإسرائيل و”حزام دفاع” مقابل الانسحاب من كل الأراضي وإقامة الدولة الفلسطينية. بعد ذلك تقلصت الطلبات.

إعلانياً، ما زالت السعودية متمسكة بالمبادرة العربية كأساس لحل النزاع. ولكن كما أوضح ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، قبل الحرب كانت مستعدة للاكتفاء بخطة “تجعل ظروف حياة الفلسطينيين أفضل”، بدون تفسير هذه الشروط، وبدون ذكر مفهوم “الدولة الفلسطينية”. منذ ذلك الحين، على خلفية عدد القتلى الكبير والتدمير في غزة، عادت السعودية لوضع إقامة الدولة الفلسطينية كشرط على موافقتها على التطبيع. ربما ستوافق السعودية على “الموافقة على دفعات”، موافقة تلزم إسرائيل باعتراف مبدئي بحق الفلسطينيين بالدولة، في حين سيتم إجراء مفاوضات منفصلة. وهذا التصريح الضبابي قد يكلف الائتلاف في إسرائيل حياته. عرض ترامب، الذي لم يولد في فراغ، إخلاء القطاع من سكانه ونقلهم إلى مصر والأردن، يدفع السعودية إلى الزاوية. والآن عليها الدفاع ليس فقط عن مستقبل الفلسطينيين السياسي، بل أيضاً عن مصر والأردن إزاء ما يعتبر بالنسبة لها تهديداً أمنياً وحتى وجودياً.

ترامب على قناعة بأن المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة لمصر والأردن ستجبرهما على الموافقة على طلبه. ولكن إزاء الدعم الكبير لمعارضتهما، الذي حصلت عليه من السعودية وقطر والإمارات، سيتبين مسار الترانسفير أنه طريق مسدود. اقتراح ترامب يضع بن سلمان في معضلة، وربما تكون نتيجته تقويض مكانة السعودية الإقليمية.

احتاج بناء هذه المكانة إلى أن يدفع محمد بن سلمان رسوم تعليم مرتفعة بشكل خاص. قبل ست سنوات، إثر مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، وبعد الحرب الفاشلة في اليمن التي بادر إليها بمباركة أمريكية، أدت إلى تجميد صفقات السلاح بين الولايات المتحدة والسعودية. وبن سلمان الذي هاجم الحوثيون دولته، اضطر في نهاية المطاف، بضغط من أمريكا، إلى إجراء المفاوضات مع الحوثيين والتوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار.

في العام 2017 حاول بن سلمان إملاء السياسة الداخلية في لبنان وإخراج حزب الله من الحكومة. حتى مناورة استقالة سعد الحريري انتهت بفشل ذريع صارخ.

هذا الفشل يضاف إلى الحصار الذي فرضته السعودية على قطر في السنة نفسها، هي والإمارات ومصر والبحرين. هذا الحصار انتهى بعد أربع سنوات بدون تحقيق أهدافه. وبدلاً من فصل الدوحة عن طهران ووقف تدخلها في السياسة الإقليمية، فإن علاقاتها مع إيران وتركيا توطدت، وأصبحت قطر دولة رئيسية في إدارة النزاعات، بدءاً بليبيا ومروراً بسوريا وانتهاء بغزة. خلافاً للدوحة، تقوقعت السعودية على نفسها. وفي 2022، بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا التي أدت إلى أزمة في الطاقة، تم تصدع الشرخ الأول في العلاقة بين بن سلمان والإدارة الأمريكية. هكذا كان الأمر عندما ذهب الرئيس بايدن لطلب العفو من السعودية، وصافح بن سلمان وطلب منه التكرم بزيادة إنتاج النفط كي ينخفض سعره في السوق العالمية. تم الرد على بايدن بصفعة صارخة. ولكن العلاقات بين الإدارة الأمريكية والمملكة تم استئنافها وتوطدت، وحولت بن سلمان إلى حليف حيوي في خطة تشكيل تحالف إقليمي، الذي يمكن أن يشكل الدرع الواقي أمام إيران.

ملخص الفصول السابقة للعلاقة بين بايدن وترامب وبن سلمان، ضروري لفحص وزن واستعداد السعودية للمساعدة في حل النزاعات الإقليمية والمشاركة في “الدرع الواقي” ضد إيران، والتطبيع مع إسرائيل، وصب أساسات حل النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. في صالح بن سلمان، يجب تسجيل منحنى تعلمه السياسي الذي قد يملي استمرار خطواته، سواء في الساحة الفلسطينية – الإسرائيلية أو في الساحة الإيرانية. بشكل عام، أصبح ولي عهد السعودية زعيماً أكثر حذراً بكثير، الذي يصنف ويصفي بكل حرص الساحات التي يختار دخولها، ويبدو أنه يفضل مسار الدبلوماسية على مسار القتال.

استئناف العلاقات الدبلوماسية مع قطر في 2021 ورفع المقاطعة عنها، ثم مع تركيا وبعد سنة أخرى مع إيران، يميز الخطوط العريضة لسياسته الخارجية، التي محركها الرئيسي هو “صفر مشكلات مع الجيران”، وإعادة بناء توازن النفوذ السياسي في المنطقة. مثلاً، السعودية هي التي قادت العملية التي أعادت بشار الأسد إلى الحضن العربي، بعد شهرين على استئناف العلاقات بين السعودية وإيران. ولكن على الفور، بعد سقوط النظام في سوريا على يد هيئة تحرير الشام في كانون الأول، سارعت السعودية إلى الاتصال بالرئيس الجديد أحمد الشرع، والاعتراف بحكمه، والوعد بتقديم مساعدات اقتصادية له. أول أمس، حل الشرع ضيفاً لدى بن سلمان، في الزيارة الأولى له خارج سوريا.

وكانت السعودية أيضاً جزءأ من عملية انتخاب الرئيس اللبناني الجديد جوزف عون، الذي أعلن بعد انتخابه أن السعودية ستكون الدولة الأولى التي سيزورها. على اعتبار أنها الدولة التي ستساعد لبنان على إعادة الإعمار من دمار الحرب، دفعت الرياض بتعيين رئيس الحكومة في لبنان نواف سلام، وهي “تتابع عن كثب” تشكيل الحكومة في لبنان. ولكن يجب الانتباه بأن إيران ما دامت هي اللاعب الأول في لبنان وسوريا، فستفضل السعودية المراقبة من بعيد. وعندما قررت شق الطريق أمام عودة الأسد إلى الجامعة العربية، تم عرض هذه العملية وكأنها تتساوق مع المصالح الإيرانية.

على خلفية ذلك، يجب فحص التطلع إلى رؤية حجر الزاوية في تحالف عسكري إقليمي ضد إيران، لا لأن السعودية ليست عضوة في التحالف العسكري الذي شكلته أمريكا ضد الحوثيين في البحر الأحمر، بل أوضحت لواشنطن أنها لن تسمح بالهجوم على إيران من أراضيها. يمكن التقدير بأنه حتى لو تحقق حلم التطبيع بين إسرائيل والسعودية، فإن الأخيرة ستواصل الحفاظ على الوضع السياسي السليم الراهن لها أمام إيران.

التطبيع بين إسرائيل والسعودية لا يعني لعبة مجموعها صفر أمام إيران. والسعودية معنية بحلف دفاع مع الولايات المتحدة، وليس بتحالف هجومي ضد إيران. ومن غير المعروف ما هو توجه ترامب تجاه للقضية الإيرانية؛ هل سيستأنف سياسة استخدام أكبر قدر من الضغط، أم سيحاول عرض صفقة مفيدة على إيران تدفعها إلى التوقيع على اتفاق نووي محسن. السعودية اتخذت قراراً استراتيجياً لتطبيق التطبيع مع إسرائيل، لكن بشروطها وفي الوقت الذي تحدده، ما دام الثمن السياسي مناسباً.

تسفي برئيل

هآرتس 4/2/2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية