صحيفة عبرية: هل يدرك “حارس العتبة” بايدن أنه مهد الطريق لانهيار إسرائيل؟

حجم الخط
1

طرح نتان شيرانسكي ذات يوم ملاحظة مفيدة ومدهشة. “في الديمقراطية ستكون بحاجة للتحلي بالشجاعة لمحاربة الشر. وفي العالم الحر ستحتاج إلى الشجاعة كي ترى الشر”. يعرف شيرانسكي شيئاً أو شيئين عن الدكتاتوريات وأنظمة الشر، ويبدو أنه في مرحلة ما بين الظلام والنور التي تعلق فيها إسرائيل الآن، بين الديكتاتورية الرسمية و”الديمقراطية الشعبية”، بات فيها المواطنون اليوم بحاجة إلى شجاعة كبيرة لـ “محاربة الشر” وليس رؤيته فقط.
عندما تصبح الشرطة مليشيا خاصة لأزعر ومجرم مدان، وعندما يخشى المحققون من المس بفساد الشرطة، وعندما يركل من يسمى بـ “وزير العدل” جهاز القضاء، وعندما يصبح البرلمان الذي يتوقع أن يراقب نشاطات الحكومة مشابهاً لبرلمان في مصر والأردن وتركيا، فإن المواطنين والمهنيين الذين يريدون “محاربة الشر” يضعون أنفسهم أمام خطر حقيقي.
قال الرئيس جورج بوش إن كتاب شيرانسكي بعنوان “حالة للديمقراطية” الذي ألفه هو ورون ديرمر، أثر فيه كثيراً، خصوصاً في تحديد مبادئ السياسة التي وجهته في حرب العراق. في الخطاب الذي ألقاه في 2005 بعد سنتين على غزو العراق، قال بوش إن “العراق يحمل الآن آمال الحرية في منطقة حيوية في العالم. صعود الديمقراطية سيكون النصر المطلق على التطرف والإرهاب”. بعد عدم العثور في العراق على أي أدلة على وجود سلاح الدمار الشامل، ذريعة الحرب، عرض بوش ترسيخ الديمقراطية في العراق والشرق الأوسط بشكل عام كاستراتيجية تخدم المصالح الأمنية الأمريكية.
حسب الرئيس الأمريكي جو بايدن، فإن حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان هي المبادئ الأساسية لسياسته الخارجية. فقد وعد بتحويل السعودية إلى “دولة مجذومة” وعدم بيع السلاح لها؛ ووجه للرئيس المصري انتقاداً عندما قال “لن يكون للسيسي مزيد من الشيكات المفتوحة”؛ وسمى الرئيس التركي بالدكتاتور، ورفض الالتقاء معه لنصف سنة عندما انتخب للرئاسة. الديمقراطية بالنسبة للولايات المتحدة هي سلاح استراتيجي.
رغم ذلك، لم يتم شمل نتنياهو حتى الآن في قائمة الدكتاتوريين للإدارة الأمريكية. انتقاد الولايات المتحدة موجه وبحذر لـ “الوزراء المتطرفين” فقط، وكأن الأمر يتعلق بأشخاص من الفضاء هبطوا هنا ولم يكن نتنياهو هو نفسه من عينهم. التطرف الوطني، وضمن ذلك نوايا علنية لاحتلال الحرم والاستيطان في قطاع غزة وتدمير السلطة الفلسطينية، تقلق واشنطن بسبب إمكانية الانفجار الإقليمي المحتمل الكامن فيه. لكن يظهر من خلال رؤية جو بايدن أن في البلاد عالمين متوازيين ومنفصلين ظاهرياً. النتيجة أنه خاف من المس بالتهديد الاستراتيجي الذي ينطوي عليه انهيار الديمقراطية الليبرالية في إسرائيل واستبدالها بالأصولية القومية الدينية المتطرفة.
الولايات المتحدة تشاهد أمام ناظريها “ذخرها الاستراتيجي” في الشرق الأوسط وهو يتعرض لفقدان الأهمية السريع والمدمر، وتقف مشلولة في مفترق الطرق الذي يمكنها فيه إنقاذ إسرائيل، وليس مجرد منع إقامة ديمقراطية أخرى يترأسها زعيم يعرض استقرار الشرق الأوسط للخطر. صفقة المخطوفين التي يبذل فيها بايدن جهده ووقته ليست مجرد “قصة إنسانية” لإنقاذ حياة الناس. وكان يجب أن توضح لبايدن بأن من يترأس دولة إسرائيل شخص تتساوى عنده حياة مواطنيه وقشرة الثوم. هو يجسد التناقض الصارخ بين قيم وتقاليد الولايات المتحدة ومبادئ سياسة رئيسها الخارجية، وبين الأنظمة الظلامية التي عملت الولايات المتحدة وتعمل ضدها.
إسرائيل مدينة لبايدن بالدعم العسكري والسياسي، وبحاملة الطائرات وآلاف القذائف ومليارات الدولارات التي أغدقها عليها، ولكنها تريد محاسبته لأنه “يرى الشر”. ربما يكون حارس العتبة، لكنه لا ينقذها من القدم الضاغطة على عنق ديمقراطيتها.
تسفي برئيل
هآرتس 11/9/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فصل الخطاب:

    إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور، فاللهم عجل بزوال عصابة الشر الصهيو نازية الفاشية الحقيرة النتنة المدعومة بالسلاح الأمريكي القذر الذي عاث سفكا بدماء الفلسطينيين منذ 1948 ✌️🇵🇸💪🚀🐒🚀🐒

اشترك في قائمتنا البريدية