السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة، رياض منصور
غزة- “القدس العربي”:
شهدت جلسة مجلس الأمن الدولي التي خصصت لبحث انتهاك إسرائيل للوضع الراهن في مدينة القدس المحتلة، خاصة بعد الاعتداء الأخير للوزير المتطرف إيتمار بن غفير على المسجد الأقصى، شهدت صداما حادا بين السفيرين الفلسطيني والإسرائيلي في الأمم المتحدة.
وهاجم السفير الفلسطيني رياض منصور، سياسات دولة الاحتلال العنصرية، قائلا إنها تجاوزت الخطوط الحمراء.
وخلال الجلسة العاصفة التي شهدت انتقادات كبيرة لسياسات دولة الاحتلال، بعد اقتحام بن غفير المسجد الأقصى، قال منصور وهو يطالب بتدخل دولي عاجل لإنهاء السياسات الإسرائيلية المتطرفة: “ما هي الخطوط الحمراء التي يجب أن تتخطاها إسرائيل ليتصرف مجلس الأمن؟”، مؤكدا أن إسرائيل أظهرت “تجاهلا كاملا لقداسة الحياة الفلسطينية والقانون الدولي وحرمة وقداسة المسجد الأقصى”.
وأكد أن دولة الاحتلال تزدري الشعب الفلسطيني والعالم والمجتمع الدولي برمته، وتتوعد بمواصلة القيام بذلك، وأضاف منتقدا سياسات الأمم المتحدة حيال الأمر: “لكن مع ذلك، فإن مجلس الأمن يظل جالسا على الهامش”.
وأشار إلى أن الشعب الفلسطيني بدأ يفقد صبره، وقال: “الاعتدال والمسؤولية التي نبديها يجب أن لا تفهم بأنها تأتي من موقع ضعف”، لافتا إلى أن إصرار إسرائيل على المسار التصعيدي “لا يؤدي إلى السلام.. وكل من يريد السلام يجب أن يتحرك الآن”.
وتطرق إلى الوضع السياسي القائم حاليا، وقال: “بن غفير الإسرائيلي المتطرف، أصبح في منصب وزير، وقد أدين بالتحريض ودعم مجموعات إرهابية، ومعروف بآرائه المتطرفة، لم يأتِ للحرم الشريف للزيارة، بل يمضي بأجندة متطرفة اتبعها طوال حياته لإنشاء الوضع التاريخي القائم بغض النظر عن التبعات”.
وأشار منصور إلى أن سياسات بن غفير تلاقي دعما من حكومة اليمين، رغم أنها تنتهك القانون الدولي والوضع القائم والوصاية الهاشمية والسيادة الفلسطينية، لكن السفير الفلسطيني أكد أنه ورغم هذه السياسات والخطط الإسرائيلية “لن يسقط الحرم الشريف”.
وطالب مجلس الأمن بوقف هذه السياسات الإسرائيلية، وقال “إن لم يفعل المجلس ذلك، سيفعل شعبنا الفلسطيني”، مشددا على أنه لا يوجد لإسرائيل أي حق وأي سيادة على الأرض الفلسطينية، وأضاف: “ادعاءاتها السيادة على الحرم الشريف غير محقة، وإجراءاتها ليست مرتبطة بأي شكل من الأشكال بالحرية الدينية، بل بمحاولات غير قانونية لتغيير الهوية والطابع ومكانة المدينة”، وأكد منصور في ذات الوقت أنه “لن يكون هناك سلام دون القدس”.
وخلال الجلسة ذاتها، قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، إن “التهديدات الشخصية للممثل الفلسطيني تتحدث عن نفسها”، وأضاف: “لا ينبغي قبولها في المجلس”.
وأشار إلى أن الفلسطينيين يعملون منذ سنوات في الأمم المتحدة، لـ”محو كل آثار والصلات بين الشعب اليهودي وجبل الهيكل (المسجد الأقصى)”، حسب زعمه، وأضاف: “في الأسبوع الماضي فقط، أصدروا قرارا في الجمعية العامة يقضي بمحو الاسم اليهودي للجبل والإشارة إليه فقط باسمه الإسلامي”.
كما زعم أن وصول الوزير المتطرف بن غفير للأقصى، “لا يعد اقتحاما أو خروجاً عن الوضع الراهن التاريخي المتعلّق بالأماكن المقدّسة في القدس”، ودافع عن اقتحامات المستوطنين للمسجد، زاعما أنها “حق لكل يهودي”.
وشهدت النقاشات والكلمات خلال الجلسة، إدانات لسياسة دولة الاحتلال، من قبل مندوبي الدول الأعضاء بمن فيهم مندوبو الدول دائمة العضوية، حيث أكدت مندوبة الولايات المتحدة على أهمية الالتزام بحل الدولتين، وضرورة الامتناع عن اتخاذ أي إجراءات أحادية تخل بالوضع الراهن في القدس. أما مندوبة بريطانيا، فقد أكدت دعم حل الدولتين، والقدس عاصمة للدولتين لضمان السلام المستدام، فيما أكد مندوب فرنسا كذلك على ضرورة وقف الاستيطان، وشدد على التزام بلاده بحل الدولتين والقدس عاصمة لهما.
كما أكد مندوب روسيا على أن التوتر في القدس يعد مصدرا لـ “زعزعة الاستقرار” في المنطقة ككل، وأعلن رفض بلاده لانتهاك الوضع الراهن في المدينة المحتلة، أما مندوب الصين فقد أدان أي تدابير لتغيير الطابع القائم في القدس، وأعلن تأييد بلاده لإقامة دولة فلسطين على حدود عام 67.
وتخلل الجلسة كلمات أخرى أكدت على خطورة سياسات الاحتلال وحكومة اليمين الحالية، ألقاها مندوب الأردن وكذلك مندوب الإمارات، ومندوبو موزمبيق وسويسرا واليابان وألبانيا وغانا والبرازيل والإكوادور ومالطا والغابون.
وفي سياق قريب، طالبت عضو “الكونغرس” الأمريكي عن ولاية ميشيغان، رشيدة طليب، وهي من أصول فلسطينية، بوقف تمويل نظام الفصل العنصري الإسرائيلي.
وكتبت على “تويتر” تقول: “إن حقيقة أن بلادنا تواصل تمويل هذا النوع من التصريحات الواضحة والمباشرة للقضاء على وجود شعب بأكمله أمر مخز”، وأضافت: “يستحق الشعب الفلسطيني أن يعيش ويزدهر”.
وعبرت بذلك عن وقوفها إلى جانب المئات من النشطاء وأبناء الجالية الفلسطينية الذين يطالبون بالضغط على أعضاء “الكونغرس” في مناطقهم لوقف تمويل دولة الاحتلال.