صراع إيران وإسرائيل يثير مخاوف في مصر: خطر وتهديد للأمن القومي

تامر هنداوي
حجم الخط
3

القاهرة ـ «القدس العربي»: «بعد إيران الدور على مصر»، جملة رددها كثيرون من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، عبروا فيها عن مخاوفهم من سقوط طهران في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى لفرض سيطرته على المنطقة دون منازع.
ويرى أصحاب هذا الرأي، أن الشرق الأوسط الجديد الذي يروج له رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو والقائم على توسيع مساحة إسرائيل، سيصطدم برفض مصري لا سيما بما يتعلق بخطة تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء في مرحلته الأولى، ما يمهد لمواجهة مرتقبة.
واستدعى المصريون مع انطلاق الهجوم الإسرائيلي على إيران، مشهد حمل نتنياهو، قبل أسابيع قليلة من عملية «طوفان الأقصى»، خريطة للشرق الأوسط الجديد من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثامنة والسبعين، ليقدم رؤيته لشكل المنطقة المنشود الذي لا توجد فيه أي دولة فلسطينية، ويتشكل من الدول المنخرطة في عملية التطبيع مع الاحتلال.

خطة التهجير

التحذير من المقبل كان محور حديث المعارضة، وقالت الحركة المدنية الديمقراطية التي تضم عددا من أحزاب المعارضة المصرية، إن العدوان الإسرائيلي المدعوم أمريكيا على الجمهورية الإسلامية يجر المنطقة كلها إلى شفا حلقة صراع قد يمتد إلى سنوات مقبلة يعاني فيها الشرق الأوسط من الدمار والفوضى.
وحذرت من خطورة هذا العدوان على البلاد العربية خاصة مصر وفلسطين المحتلة في ظل الضغوط غير المسبوقة لتمرير خطة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء.
ودعت كل الشعوب الحرة لمواجهة هذه الهيمنة الأمريكية على الساحة الدولية التي تقامر بمقدرات الشعوب والدول من أجل المصالح الأمريكية.
وطالبت، الدولة المصرية بالحرص على تماسك الجبهة الداخلية وبذل كل الجهود السياسية والدبلوماسية من أجل وقف العدوان على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعلى غزة.

«الإرهاب الخالص»

وتحت عنوان «القصف في إيران والإرهاب لكل شعوب الإقليم»، قالت «حركة الاشتراكيين الثوريين»، إن إسرائيل تدشن بعدوانها الإجرامي على إيران فصلا جديدا ومخيفا في علاقتها المشؤومة بشعوب المنطقة، فصلاعنوانه الإرهاب الخالص والتهديد الدائم بالإبادة أو التخريب على أقل تقدير.
وأضافت في بيان: «رسالة نتنياهو واضحة في الواقع، إسرائيل هي القوة الوحيدة المسموح لها بامتلاك أي مقدرات عسكرية ذات شأن في المنطقة، بل إن أي مشروع تنموي، حتى لو كان منسجماً مع آليات السوق الرأسمالي العالمي وما تتيحه من فرص شحيحة، يجب أن ينال رضا هذا الكيان العدواني ويضمن له حصته بالتبعية».

رسالة نتنياهو

وأكدت الحركة أن «رسالة نتنياهو موجهة إلى كل أنظمة الإقليم، المعتدل فيها قبل الممانع، وإلى كل شعوبه المطحونة التي تتطلع إلى حياة كريمة: إنها بلطجة محضة لا تتجمل بأي حديث عن سلام، أو تطبيع، أو علاقات مشتركة مع شعوب المنطقة، الخضوع فقط هو المطلوب من هذه الشعوب والأنظمة».
وزادت: «في مصر الطبقة الحاكمة، بالرغم من رفضها المعلن لمشروع التطبيع على حساب الشعب الفلسطيني، تقف عاجزة أمام التبجح الإسرائيلي المتجدد الذي يصرّ على تنفيذ مخطط تهجير أهل غزة إلى مصر دليل واضح على المأزق الذي قادتنا إليه طبقتنا الحاكمة».
هذا «الواقع المرير»، وفق الحركة «يجب أن يكون دافعاً لكافة الجماعات والقوى الديمقراطية في مصر بالأساس، وباقي دول المنطقة بالطبع، لإعادة بناء تصوراتها وخطابها بشأن المستقبل في ضوء المعطيات الجديدة».
واعتبرت أن «لا تنمية ولا ديمقراطية ولا أمن من دون التحرر من الترتيبات الأمنية الأمريكية، بما يشمله هذا التحرر من تنويع في مصادر سلاحنا وعتادنا العسكري والسعي لتطوير تكنولوجيا محلية ملائمة لاحتياجاتنا».

تهديد مباشر

لم يكن الأمر مقتصرا على المعارضة، بل امتدت المخاوف لمسؤولين مصريين سابقين، حيث حذر عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية ووزير الخارجية المصري الأسبق، من تداعيات الصراع المتصاعد بين إيران وإسرائيل، مؤكداً أن المواجهة الحالية تتجاوز كونها نزاعا إقليميا لتشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري ومصالح شعوب المنطقة بأسرها.
وفي بيان رسمي صدر عنه، اعتبر أن الانفجار العسكري في الشرق الأوسط وما يرافقه من مؤشرات على تدخل محتمل من قوى دولية كبرى، ينذر بانزلاق المنطقة إلى مواجهة واسعة ستكون لها آثار كارثية على الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني في مصر.
ودعا موسى، استنادا إلى المادة 205 من الدستور المصري، إلى عقد اجتماع فوري لمجلس الأمن القومي المصري، محذرا من خطورة التباطؤ في مواجهة التحديات المتفاقمة.

أحزاب معارضة تحدثت عن ضغوط غير مسبوقة لتمرير خطة تهجير الفلسطينيين

وقال إن من واجب المجلس تحديد مكامن الخطر، سواء من الداخل أو الخارج، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لحماية الدولة ومصالحها الحيوية.
كذلك قال مصطفى الفقي، المفكر السياسي وسكرتير رئيس مصر الأسبق في عهد الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، إن مصر تمثل نموذج الحكمة والرشادة في المنطقة، بينما إسرائيل تحاول استفزازها، مشددا على أن إسرائيل تعمل ضد مصر والسعودية وضد أي قوة إقليمية عربية، والدعم الأمريكي لإسرائيل سيظل دائما، وعقب: «إذا تململ ترامب من تصرفات إسرائيل فالمجتمع الامريكي لن يتململ».
وبين في تصريحات تلفزيونية لبرنامج «يحدث في مصر»، المذاع على قناة «أم بي سي مصر»، أن إسرائيل ترى أن أمامها 3 قوى هي تركيا وإيران ومصر.

استفزاز إسرائيلي

ولفت إلى أن إسرائيل تسعى لمواجهة مصر بشكل غير مباشر من خلال ضغوط سياسية واقتصادية لتغيير العقلية المصرية المعادية لإسرائيل، مؤكدا أن كل ما يحدث في المنطقة ينهي فكرة القبول الطوعي بإسرائيل، وإذا خيرت أمريكا بحماية تركيا أو مصر أو إسرائيل، فستختار إسرائيل بالطبع.
وزاد: لا يمكن أن تقدم إسرائيل على حرب من دون موافقة أمريكا، والدولة المصرية تمسك بتلابيب الحكمة والهدوء لمنع أي أحداث يكون من شأنها دمار المنطقة بالكامل، لافتا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي نأى بنفسه عن التصريحات الحادة ما عدا ملف التهجير.
وعلق الإعلامي والبرلماني مصطفى بكري على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي قال فيها إنه «لن يقبل إلا باستسلام إيران، وفي أقل من 24 ساعة».
وكتب في تدوينة عبر صفحته الرسمية في منصة «إكس»، «هذه بلطجة قد تدفع إلى إشعال المنطقة بأسرها».
وأضاف: «هذا كلام غير مسؤول، وهو تبرير لقرار أمريكي اتخذ سرا بالتدخل المباشر لصالح إسرائيل. إذا ما تدخلت أمريكا فسنكون على شفا حرب عالمية جديدة، وساعتها سيدفع الجميع الثمن بلا جدال، محذرا من اللعب بالنار».
ووجّه النائب فايز أبو حرب، أمين أمانة القبائل العربية والعائلات المصرية في حزب الجبهة الوطنية، وكيل لجنة الإسكان والإدارة المحلية والنقل في مجلس الشيوخ، نداء حذر فيه من محاولات اختراق استخباراتي مستمرة من جانب الكيان الإسرائيلي تستهدف شبه جزيرة سيناء، واصفا الوضع بأنه تهديد مباشر للأمن القومي المصري.
وأكد في بيان نشره على صفحته الرسمية على «فيسبوك»، أن إسرائيل، ومنذ أكثر من 10 سنوات، تعمل على جمع معلومات استخباراتية دقيقة عن كل ما يحدث في سيناء، حتى في أدق التفاصيل المعيشية مثل أسعار الطعام والشراب وحركة الزيادات، باستخدام تقنيات متطورة وأجهزة تجسس حديثة، إضافةً إلى تجنيد بعض العملاء، بهدف ارتجاج الاستقرار وتهديد السيادة الوطنية.

نائب يحذر من محاولات اختراق استخباراتي إسرائيلي في سيناء

وأضاف أن القوافل التضامنية التي تدخل سيناء لدعم الأشقاء الفلسطينيين في الوقت الراهن، رغم نبل أهدافها، يمكن أن تكون مستهدفة من قبل أجهزة استخبارات معادية، محذراً من احتمالية تسلل عملاء بين صفوف المشاركين بهدف التصوير الميداني أو جمع معلومات أمنية، وربما التخلف عن القوافل لتنفيذ مهام مشبوهة.
ودعا النائب المواطنين إلى التحلي بأقصى درجات الوعي والانتباه، والإبلاغ عن أي تحركات أو وقائع مثيرة للريبة للأجهزة الأمنية المختصة، باعتبار أن حماية أرض الوطن ليست مسؤولية الدولة وحدها، بل هي واجب على كل مصري غيور على بلاده.
واختتم النائب نداءه بتأكيد دعمه الكامل للمؤسسات السيادية والقوات المسلحة المصرية، داعيا إلى وحدة الصف الوطني خلف القيادة السياسية، قائلاً: «فلنقف جميعًا صفا واحدا خلف قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، وقيادتنا ورئيسنا، فالأمن القومي لا يفرط فيه ولا يساوم عليه، سيناء ليست مجرد أرض، إنها شرف وطن».

مباحثات رسمية

وعلى المستوى الرسمي، واصل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مشاوراته بشأن محاولة الحد من التصعيد العسكري بين طهران وتل أبيب.
أخر هذه المشاورات أجراها عبد العاطي مع مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ووزير خارجية إيران عباس عراقجي مساء الثلاثاء.
وقال السفير تميم خلاف المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن عبد العاطي أكد خلال الاتصالين على ضرورة العمل على خفض التصعيد في المنطقة واللجوء للحلول الدبلوماسية والسياسية، بما يسهم في احتواء الموقف المتأزم، وتحييد خطر اشتعال الأوضاع بصورة شاملة في الشرق الأوسط، مشدداً على ضرورة العمل على وقف فوري لإطلاق النار والعودة لمسار المفاوضات باعتباره السبيل الوحيد للتوصل الى اتفاق مستدام حول البرنامج النووي الإيراني.
كما شدد الوزير عبد العاطي على عدم وجود حلول عسكرية للأزمات التي تشهدها المنطقة، مؤكدا ضرورة العمل على منع توسيع رقعة الصراع وانزلاق المنطقة إلى فوضى شاملة ستتسبب في الإضرار بجميع الأطراف.

السلام الدافئ

وتوترت العلاقات بين القاهرة وتل أبيب بعد عقود من توقيع اتفاقية السلام المعروفة إعلاميا بـ «كامب ديفيد»، وهي الاتفاقية التي لم تحظ بقبول شعبي طوال هذه السنوات، حيث يرفض المصريون تطبيع العلاقات ما جعل الاتفاقية تنحصر في العلاقات الرسمية، الأمر الذي دفع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإطلاق المصطلح الشهير «السلام الدافئ»، في اعتراف أن سنوات السلام منذ توقيع الاتفاقية حتى قبل توليه المسؤولية اتصفت بالبرود.
لكن السعي لتحقيق السلام الدافئ تحطم على صخرة إعادة احتلال إسرائيل للمحور الحدودي في السابع من مايو/ أيار 2024.
وتتمسك مصر بضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من محور فيلادلفيا ومعبر رفح.
ويعد المحور الذي يبلغ طوله نحو 14 كيلومترا على الحدود بين قطاع غزة ومصر، نقطة خلاف رئيسية في مفاوضات وقف إطلاق النار المتعثرة.
وتعد إعادة احتلال محور فيلادلفيا اختراقا لاتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة عام 1979 والمعروفة إعلاميا باتفاقية كامب ديفيد، وتنص على تقسيم سيناء إلى 3 مناطق، الأولى بجوار قناة السويس، مسموح فيها بوجود 22 ألف جندي مصري و230 دبابة، والمنطقة «ب» وعرضها 109 كيلومترات ومسموح فيها بـ 4 آلاف عسكري حرس حدود فقط، والمنطقة «ج»، عرضها 33 كيلومترا بجوار فلسطين، وغير مسموح فيها إلا بقوات الشرطة فقط، بالإضافة إلى بعض القوات المصرية التي سمحت بها إسرائيل لمكافحة الإرهاب، في المقابل تنص الاتفاقية على شريط حدودي من الجانب الآخر عرضه 3 كيلومترات، وقيدت وجود إسرائيل العسكري بـ4 آلاف عسكري حرس حدود فقط، ولا يجوز لإسرائيل وضع مدرعات في هذه المنطقة، ومحور فيلادلفيا يقع في هذا الشريط الحدودي. لم يقتصر التوتر في علاقات القاهرة وتل أبيب على المحور الحدودي، فقبل أسابيع تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن طلب الجيش الإسرائيلي تفكيك البنية التحتية التي شيدها الجيش المصري في سيناء خلال حربه على الإرهاب بالمخالفة لاتفاقية السلام.
وتشن إسرائيل على إيران منذ فجر الجمعة الماضي، هجوما غير مسبوق بدعم أمريكي، مستهدفة منشآت نووية وقواعد صواريخ ومقار للحرس الثوري، إضافة إلى تنفيذ اغتيالات طالت قادة عسكريين وعلماء نوويين. وفي المقابل، تواصل طهران الرد بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الحقيقة المرة:

    كانت الحرب على ابواب الشعب الاعزل و لم تحركوا ساكنا يا قوى جيش في افريقيا و الان توشك ان تصل تحت اقدامكم

  2. يقول صقر قريش:

    لا يملك الخوالف من العربان إلا الجعجعة والتكهن والحسابات والخوف من العواقب والتنمر والمرجلة على من يناصر المقاومة داخل بلدهم فقط.
    لو كان هنالك اكبر خيبة تدخل موسوعة جينيس لدخلتموها بدون منافسة.

  3. يقول جاسم:

    تخاذل الدول العربية عن نصرة المقاومة ودحر العدو الصهيوني سيترتب علية دحر الانظمة العربية وتمزيق دولها ليس لان الصهيوني قوي ويخطط بشكل جيد بل لان الدول العربية تفرجت على مأساة غزة ببلادة وغياب كامل لتفكير وتخطيط استراتيجي وتبعية عمياء للكيان الصهيوني والادارة الأمريكية لذلك ستذوق بأس التخاذل ومررارة عدم نصرة الحق والانحياز للبطل.

اشترك في قائمتنا البريدية