صراع الإيرادات يحسمه الذكاء الاصطناعي مُبكراً لصالح أفلام الأكشن

لا تزال حدة المنافسة بين الأفلام المصرية المعروضة في دور العرض السينمائية مُستمرة بعد انتهاء الجولة الأولى التي بدأت في عيد الفطر، فقد كشفت الأرقام المبدئية عن تقدم فيلم «مشروع x» بطولة كريم عبد العزيز وإياد نصار وياسمين صبري وأحمد غزي ومريم الجندي وماجد الكدواني في الأسبوع الأول من عرضه على منافسيه، بعد ارتفاع حصيلة إيراداته في شباك التذاكر بفارق كبير.
ومن المُنتظر أن يُحقق الفيلم نفسه أرقاماً أخرى إضافية، تضمن له التقدم والثبات على القمة في بورصة الأرقام والإيرادات السينمائية، متجاوزاً بكثير ما حققه فيلم «سيكو سيكو» خلال الشهور الماضية، الذي اعتبر مقياساً للنجاح إبان عرضه الأول، قبل أن تتراجع إيراداته نسبياً أمام «المشروع الكبير» لكريم وإياد وياسمين صبري، نتيجة اهتمام بيتر ميمي كسيناريست ومخرج بالخلطة السحرية الجاذبة للشباب، والمُتجاوبة مع الذوق العام لجمهور العيد، حيث أجواء الأكشن والمُغامرة، وهي الوصفة المضمونة المجربة، سارية المفعول في كل المواسم والسباقات، بالإضافة إلى تنوع أماكن التصوير ما بين مصر وإيطاليا والفاتيكان والسلفادور وتركيا وانعكاس هذا التنوع على جماليات الصورة بالإيجاب.
الغريب أن أفلام الأكشن كنمط سينمائي صار لها الأولوية وباتت مُفضلة بشكل ملحوظ لدى القطاعات المؤثرة من المُستهلكين الرئيسيين، الشباب والمُراهقين والحرفيين، كونها تُحقق لهم في الخيال فكرة البطولة والانتصار، وتُعبر عن رغباتهم في البحث عن دور قيادي كالذي يقوم به البطل، تماماً كما كان يحدث في أفلام فريد شوقي ورشدي أباظة وعادل إمام في فترة تألقه كنجم شباك من الدرجة الأولى، خاصة في المرحلة التي شاركه فيها سعيد صالح، أيام فيلم «المشبوه» وفيلم «سلام يا صاحبي» وفيلم «أنا اللي قتلت الوحش» وغيرهم من النوعيات التجارية المُربحة آنذاك. النوعية نفسها يُعاد إنتاجها مره أخرى بنجوم جُدد وبتقنيات فنية عالية الجودة، يلعب فيها التصوير دور البطولة بامتياز، حيث التفوق الواضح في صناعة الخدع السينمائية باستخدام الذكاء الاصطناعي الذي يوشك بالفعل أن يُنهي دور المُمثل ويعوض عنه بنموذج آلي تقني شديد الإقناع.
هذا بخلاف التطور المُذهل في فنيات الصورة المُتحركة ومؤثرات الصوت المُجسم وغيرها من عناصر الإضاءة والموسيقى والمونتاج والديكور، فالثورة التقنية المقبلة يُمكنها بالفعل صناعة فيلم كامل من الألف إلى الياء، مع وجود ثانوي للعنصر البشري، لاسيما أن الذكاء الاصطناعي يمتلك الآن المقدرة التامة على كتابة السيناريو والحوار، بمجرد إدخال بعض التغذيات المعلوماتية الأولية على البرنامج التكنولوجي التخصصي المُستخدم في مثل هذه الحالات. على أثر ذلك التفاوت في موضوعات الأفلام وإيراداتها توارت إلى حد ما الأنواع الرومانسية بعد أن كانت لها الغلبة في سوق الفيلم المصري، فمن المؤشرات الدالة على التواري النسبي للأفلام الرومانسية أو العاطفية، انفراد فيلم «ريستارت» تأليف أيمن بهجت قمر وإخراج سارة وفيق وبطولة تامر حسني وباسم سمرة وهنا الزاهد ومحمد ثروت، بالمُنافسة أمام الأفلام الأخرى، مع وجود مخاوف من عدم القُدرة على الصمود والتحدي والخروج مُبكراً من الماراثون، رغم الظهير الشعبي والجماهيري للبطل الرئيسي. فحسب توقعات المُراقبين والخبراء يُحتمل أن تُحسم النتائج في نهاية موسم عيد الأضحى لصالح أفلام الأكشن، بينما تأتي الأفلام الكوميدية في المركز الثاني والأفلام الرومانسية في ذيل قائمة الإيرادات، بعد انتهاء صلاحيتها بتكرار القصص المحفوظة وأطر المُعالجة الدرامية والفنية، التي لم تتغير منذ سبعينيات القرن الماضي، ولم يطرأ عليها أي جديد، اللهم إلا بدمج القصص العاطفية في الحالات الكوميدية المُستهلكة واستخدام الإفيهات كمُنكهات طعام في بعض الأحيان لتحسين الجودة وترويج المُنتج!
تجدر الإشارة في هذا السياق إلى عدم وجود إنتاج حديث بين الأفلام المؤهلة لدخول السباق الموسمي لعيد الأضحى باستثناء الفيلمين المذكورين، «مشروع x» و»ريستارت»، فمعظم الأفلام المُزمع عرضها خلال أيام العيد هي المُتبقية من موسم عيد الفطر والمُستأنف طرحها مُجدداً لرفع إيراداتها واستثمارها في جولة اقتصادية أخرى، لتعويض ما فقدته في المرة الأولى من نسب الجمهور جراء التوجه للمنصات الإلكترونية التي تتيح فرص المشاهدة للأفلام بأقل التكاليف، ودون عناء الوقوف في طوابير دور السينما للحصول بصعوبة على تذكرة من شباك التذاكر، أو من تجار السوق السوداء بثمن مُضاعف.

كاتب مصري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية