في الأسبوع الأخير من شهر كانون الثاني / يناير الجاري، من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ مشروعا قانون في الكنيست ينهيان «التعاون» بين إسرائيل ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة. إذا تم تطبيق هذين القانونين، فستصبح أنشطة «الأونروا» في أراضي دولة إسرائيل غير قانونية بموجب القانون الإسرائيلي، وأي مسؤول أو مؤسسة إسرائيلية تتعامل مع «الأونروا» ستعتبر مخالفة للقانون.
وفي رسالة موجهة إلى رئيس الجمعية العامة بتاريخ 28 تشرين الأول/ أكتوبر، كشف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أنه كتب إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وحث حكومته على اتخاذ الخطوات اللازمة لتجنب تنفيذ التشريعات، وأعرب عن قلقه من أن هذه القوانين ستضر بقدرة «الأونروا» على تقديم خدماتها المنقذة للحياة في غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
أثار ذلك ردا مفصلا من سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة في نيويورك، داني دانون، الذي كتب في 18 كانون الأول / ديسمبر رسالة يوضح فيها التخطيط الاستراتيجي لإسرائيل وفقا لمشاريع قوانين الكنيست.
طرد «الأونروا»
كان الكثير من استراتيجية إسرائيل معروفا بالفعل، مثل خطتها للقضاء على «الأونروا» في غزة وتقديم الخدمات من خلال مزيج من وكالات الأمم المتحدة غير التابعة للأونروا، مثل برنامج الغذاء العالمي، إلى جانب الجيش الإسرائيلي والشركات الخاصة.
ولكن في خطوة ذات دلالات، أوضح دانون في رسالته خطط سلطة الاحتلال للقدس. فذكر أن حكومة إسرائيل قررت «ضمان تقديم تلك الخدمات التي كانت تقدمها «الأونروا» سابقا في القدس، بما في ذلك مجالات الصحة والتعليم».
والاستنتاج الحتمي هو أن سلطات الاحتلال تخطط للسيطرة على منشآت «الأونروا» في القدس. ووفقا لموقع «الأونروا» الإلكتروني، تشمل هذه المنشآت عشر مدارس، وثلاث عيادات صحية أولية، ومركز تدريب. ومن المحتمل أن يتم إرسال الطلاب الفلسطينيين إلى المدارس الإسرائيلية المخصصة لسكان القدس الشرقية المحتلة والتي تعرضت مناهجها لـ «التهويد»، في انتهاك لالتزامات إسرائيل بموجب القانون الإنساني الدولي تجاه السكان المحتلين.
كما يثار تساؤل كبير حول وجود آخر لـ»الأونروا» في القدس الشرقية، وهو مقرها الضخم في حي الشيخ جراح في المدينة، حيث يقع مكتب المفوض العام وموظفوه الرئيسيون، والذي يعد أيضا مقر عمليات الوكالة في الضفة الغربية.
وتعرض مجمع «الأونروا»، الذي يضم عدة مستودعات ضخمة للمواد الإنسانية، لهجمات حرق متعمد في الأشهر الأخيرة، مما أجبره على الإغلاق. وحتى قبل تمرير مشروعي القانون في 28 تشرين الأول / أكتوبر من العام الماضي، طالب العديد من أعضاء الكنيست بقطع المياه والكهرباء عن المنشأة وطرد الوكالة. بل وردت تقارير تفيد بأن سلطة أراضي إسرائيل ستستولي على مقر «الأونروا» وتسلمه للمستوطنين اليهود غير الشرعيين لإنشاء 1,440 وحدة سكنية، في انتهاك صارخ لالتزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي. ومع ذلك، يبدو أن مقر «الأونروا» في القدس قد يُغلق في وجه التهديدات والعنف والضغط الإسرائيلي. يتم إبلاغ موظفي «الأونروا» بضرورة الانتقال إلى مكاتب الوكالة في عمان، جزئيا نتيجة مراجعة أداء سبقت التشريعات الإسرائيلية. كما صرحت «الأونروا» أن مقرها في القدس كان دائما مؤقتا، لكنها تخبر الموظفين أيضا أن الانتقال يأتي استجابة لمشاريع قوانين الكنيست.
الأمر الواقع
إذا تم تنفيذ ذلك وطُردت «الأونروا» من القدس الشرقية، فإن هذا سيترك تأثيرا مدمرا محتملا على نحو خمسة وستين ألف لاجئ فلسطيني يعتمدون على خدماتها هناك.
علاوة على ذلك، فإن طرد «الأونروا» من القدس الشرقية المحتلة ستكون له دلالة سياسية عميقة، خصوصا بالنسبة للمجتمعات الإسلامية في العالم. إن إزالة آخر وجود لـ»الأونروا» في المدينة ستكرس الضم غير القانوني للقدس من قبل إسرائيل، وهي المدينة التي تحتضن المسجد الأقصى، ثالث أقدس موقع في الإسلام. كما سيكون ذلك انتهاكا لحكم أصدرته محكمة العدل الدولية في تموز / يوليو من العام الماضي، يطالب بإنهاء الاحتلال.
إن ضم القدس كـ»عاصمة أبدية وموحدة للدولة اليهودية»، الذي بدأ مع الاحتلال في عام 1967، سيصبح حقيقة غير قانونية أخرى على الأرض. وقد أظهرت التجارب التاريخية أن إسرائيل حولت الحقائق على الأرض إلى وقائع دائمة – على مرأى المجتمع الدولي – مع الإفلات شبه الكامل من العقاب.
والأهم من ذلك، أنه سيتم استبعاد القدس بشكل أحادي من أي ما تبقى من عملية السلام في الشرق الأوسط، وستتعرض قضية السلام الى ضرر لا رجعة فيه.
دعوة للعالم العربي
على الحكومات العربية، وخصوصا السعودية، أن تتحرك الآن وبشكل حاسم لإنقاذ مدينتهم المقدسة. فقدان القدس سيؤدي بلا شك إلى رد فعل عنيف بين الفلسطينيين، ومن المحتمل أن يؤدي إلى دعوات للجهاد بشكل أوسع في الشارع العربي. وفي سياق شرق أوسط متفجر، لن يؤدي هذا إلا إلى تأجيج التوترات المزعزعة لاستقرار حكومات المنطقة.
لذلك، أدعو السعودية إلى جعل إلغاء تشريعات الكنيست شرطا مسبقا في مفاوضات التطبيع مع إسرائيل. يجب على إدارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن توضح لنتنياهو أن القدس مقدسة بالنسبة للمسلمين، وأن طرد «الأونروا» من القدس الشرقية المحتلة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة هو خطوة مرفوضة تماما. وقد ظهر هذا الأسبوع أن الفريق الانتقالي لدونالد ترامب قد تم تحذيره من الكارثة الوشيكة في الأراضي الفلسطينية المحتلة إذا سمح لإسرائيل بتدمير عمليات «الأونروا». وأحث القادة العرب على الإصرار مع نظرائهم السعوديين على أن تكون التداعيات الإقليمية لهذا الأمر بارزة في محادثات التطبيع.
في مواجهة المجاعة الجماعية، لم تقم الأمم المتحدة بأي تخطيط طارئ.
في هذه الأثناء، تبنت القيادة العليا للأمم المتحدة، بقيادة الأمين العام أنطونيو غوتيريش، موقفا مفاده أن مسؤولية تقديم المساعدات تقع على عاتق إسرائيل بصفتها القوة المحتلة. ولإحباط موظفي الأمم المتحدة، تم حظر مناقشات جوهرية بين الوكالات في النظام الإنساني حول خطة تقودها الأمم المتحدة لمرحلة ما بعد الأزمة، كما أكد ذلك موقع «أكسيوس» الإخباري.
بالنسبة للفلسطينيين الذين ترتكب ضدهم، وفقا لمنظمة العفو الدولية، إبادة جماعية، يبدو هذا كأنه تخل وخيانة، وهو شعور يتفاقم بسبب الشكوك في أن موظفي «الأونروا» الدوليين قد يُجبرون على مغادرة غزة بشكل دائم في وقت يشهد مجاعة جماعية.
وقد توصل إلى استنتاجات مماثلة الدكتور ليكس تاكينبرغ، المستشار الأول في «النهضة العربية للديمقراطية والتنمية» (أرض)، وباحثون آخرون أتموا للتو تقييما غير منشور حتى الآن حول تداعيات حظر إسرائيل لـ»الأونروا»، استنادا إلى مقابلات مع عدد كبير من موظفي «الأونروا» وخبراء آخرين. تؤكد دراستهم أنه مع غياب التخطيط الطارئ، ستزداد معاناة السكان الفلسطينيين، بخاصة في غزة، بشكل كبير، حيث ينهار العمود الفقري للعمليات الإنسانية دون وجود هيكل بديل معد أو جاهز.
إسرائيل تنتصر والأونروا تخسر
وفي ظل عدم استعداد «الأونروا» للانخراط في التخطيط الطارئ، كانت إسرائيل تقوم بجهود كبيرة في التخطيط الطارئ مع وكالات غير تابعة لـ»الأونروا»، مثل برنامج الغذاء العالمي، التي تتعرض لضغوط أمريكية قوية لتولي مسؤولية إدخال المساعدات بدلا من الأونروا. ونتيجة لذلك، انخفضت بشكل كبير كمية المساعدات التي تدخلها الأونروا إلى غزة.
وبمجرد دخول المساعدات إلى غزة، فإن «الأونروا» فقط تمتلك البنية التحتية لتوزيع المساعدات على نطاق واسع، مثل المركبات، والمستودعات ومراكز التوزيع والموظفين. ومع ذلك، فإن السلطات الإسرائيلية تجعل من الصعب للغاية على «الأونروا» توزيع الإمدادات. وتدعي أنها تقوم بـ»تفكيك النزاعات» أثناء تسليم المساعدات، لكن وفقا لمصادر الأمم المتحدة، هناك أدلة واضحة على أن الجنود الإسرائيليين يطلقون النار على المركبات ويسمحون للعصابات الإجرامية بنهب القوافل دون عقاب.
وهكذا، يتمكن المسؤولون الإسرائيليون من إبلاغ الصحافيين، الذين منعوا من رؤية الحقيقة في غزة، بأنهم يسمحون بدخول جميع المساعدات التي تحتاجها غزة، وأن «الأونروا» هي غير المؤهلة لأداء مهمتها وتسمح للعصابات الإجرامية بسرقة المساعدات الدولية. ولم يتم تفنيد هذه الكذبة في وسائل الإعلام الدولية.
ووفقا لليكس تاكينبرغ، فإن «استراتيجية السيد غوتيريش التي تعتمد على مطالبة إسرائيل، بصفتها القوة المحتلة، بتقديم المساعدات قد أتت بنتائج عكسية وتسببت في معاناة لا توصف للفلسطينيين. كما تبدو هذه الاستراتيجية في غير محلها، نظرا لأن إسرائيل متهمة بالإبادة الجماعية أمام أعلى محكمة في الأمم المتحدة، وهي محكمة العدل الدولية، وتواجه خطر الطرد من الجمعية العامة للأمم المتحدة». ويضيف تاكينبرغ: «لقد استغلت إسرائيل استراتيجية الأمم المتحدة كجزء من حملتها للتجويع والإبادة الجماعية».
في مواجهة ذلك، أدعو الأمين العام لتعبئة نظام الأمم المتحدة. لقد صرح مرارا وتكرارا بأن «الأونروا» هي العمود الفقري للاستراتيجية الإنسانية للأمم المتحدة، وأن الوكالة لا غنى عنها وأساسية للاستقرار الإقليمي. لقد حان الوقت لأن يترجم الأمين العام هذه الأقوال إلى أفعال.
يجب عليه استخدام سلطاته بموجب المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، والتي مُنحت خصيصا لمثل هذه الظروف، لدعوة مجلس الأمن إلى جلسة طارئة وجعل مطلبه بعدم تنفيذ تشريعات الكنيست بندا أساسيا في جدول الأعمال. كما يجب دعوة الجمعية العامة، التي تمنح الأونروا تفويضها، إلى الانعقاد.
على الرغم من أن السيد غوتيريش يواجه ضغوطا هائلة من حلفاء إسرائيل الأقوياء، يجب عليه أن يقف نيابة عن شعب مكلفة الأمم المتحدة بحمايته، وأن يزيد الضغط على أولئك المتواطئين في ما تسميه محكمة العدل الدولية «إبادة جماعية محتملة».
مسمار آخر في نعش السلام
إن سياسة الأمم المتحدة في غزة، إلى جانب قبول ضم إسرائيل القدس وإفلاتها من العقاب، لها تداعيات كبيرة على مصداقية الأمم المتحدة. وأجزم بأنها ستؤدي إلى مزيد من الهجمات من قبل إسرائيل على وكالات الأمم المتحدة الأخرى، مثل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، الذي طالما كان مصدر إزعاج للإدارة في تل أبيب. إن الضم الفعلي للقدس سيؤدي أيضا إلى تآكل حكم القانون الدولي.
وفي رأيها الاستشاري في تموز / يوليو من العام الماضي، خلصت محكمة العدل الدولية إلى أن إسرائيل ليست مخولة بممارسة السلطات السيادية في أي جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة بسبب احتلالها. بالإضافة إلى ذلك، فإن طرد «الأونروا» سيكون انتهاكا لاتفاقية الامتيازات والحصانات الخاصة بالأمم المتحدة، التي تلزم إسرائيل، كدولة موقعة، بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة مثل «الأونروا». وإن طرد «الأونروا» يعد انتهاكا صارخا للمادة 100 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تنص على أن الدول الأعضاء تتحمل «احترام الطابع الدولي الحصري لمسؤوليات الأمين العام وموظفيه، وألا تسعى للتأثير عليهم في أداء مهامهم».
المسؤولية التاريخية
إسرائيل، من خلال هجومها على «الأونروا»، تحاول بالفعل بشكل أحادي إزالة اللاجئين الفلسطينيين وتاريخهم وهويتهم وحقهم غير القابل للتصرف في العودة من عملية السلام. كما جادلتُ عدة مرات، فإن هذا سيفشل. وكذلك يجب أن تفشل محاولة إسرائيل الأحادية لإخراج القدس من طاولة المفاوضات من خلال طرد «الأونروا» وإكمال ضمها غير القانوني للمدينة.
سيؤدي ذلك إلى تخلي المجتمع الدولي والأمم المتحدة عن مسؤولياتهما التاريخية تجاه الشعب الفلسطيني، ولا يمكن أن يؤدي إلا إلى مزيد من المعاناة وعدم الاستقرار في شرق أوسط يعاني من عدم الاستقرار المزمن. يجب على العالم الإسلامي، بقيادة السعودية، أن يتحرك بحسم وبسرعة. الوقت يمر.
مدير الاتصالات في الأونروا من عام 2007 حتى 2020.
حقيقة بشعة جدا جدا من عصابة الشر الصهيو أمريكية البريطانية الألمانية الغربية النازية الفاشية الدموية المجرمة التي تبيد الحجر والبشر في فلسطين منذ 1948 ✌️🇵🇸☹️☝️🔥🐒🚀
لا ولن يركع أحرار فلسطين في غزة العزة و الضفة الغربية الذين سيقهرون عصابة الشرذمة الصهيو نازية الفاشية الحقيرة النتنة المدعومة بالسلاح الأمريكي والأوروبي القذر الذي يعربد تقتيلا بالفلسطينيين منذ 1948 ✌️🇵🇸☹️☝️🔥🐒🚀