طرقات لخيال واحد

حجم الخط
11

لولا الطريق
لكان الوصول
بلا طائل..
«لنا في الخيال حياة»
يقول الرجل
الذي جعلني شاعرة.
«ولي في الطريق خيال»
أقول وأنا أحاول أن أكون
امرأة عادية
تصمد يوماً آخر…
أرتّب الاحتمالات في مخيلتي
أرسم طرقاً ممكنة
وطرقاً مستحيلة،
طرقاً مباشرة
وأخرى دائرية، أو متعرجة
أو طرقاً
أبالغ في تفريعها
نحو وجهات لا تُحصى
هكذا
أشحذ الخيال بالطريق
والطريق بالخيال
لم أتخيّل يوماً
مكاناً أصل إليه
لكنني تخيلت ألف طريق
تقودني إلى اللامكان
هكذا يبدو الغد في رأسي
مشرّعاً على الأسئلة
هكذا يجري اليوم
في خيالي
كبعد ظهر شتوي عاديّ
حين تظن أن الطمأنينة تحكم العالم
من خيوط بخار فنجان قهوتك
وجلستك الوثيرة!
فيما داخل رأسك
قفيرٌ
والأفكار تتنازعك
كما يتنازع طفلان
لعبة قديمة
صارت فجأة
كل ما يهم.
على الطرقات اللامتناهية
في الخيال الشاسع
أبني وأهدم
عوالمي الخاصة
تزهر أشجار الكرز
ثم تصفر أوراقها فجأة
كأن الصيف تعثر
في مكان ما
في خيالي…
أشتهي شيئاً ما
بإلحاح طفولي
ثم تذوب رغبتي فيه
بلا سبب
يرتفع الحلم شاهقاً
ثم ينهار
كبناية هشة من حجار الليغو..

٭ ٭ ٭

في خيالي أيضاً
أتأمل فراشة لا تقرب الضوء
وأكرهها،
وأمضي.
وأتأمل طفلة ترفض ارتداء
فستان الأميرة الزهري
وأحبها،
كأنها أنا.
في خيالي،
عناق دائم،
لغائب.
وكلمات كثيرة
قلتها
لم أقلها
سأقولها يوماً،
تراكمت هنا
كما تتراكم أشياء بلا أهمية
في مخزن منسيّ
في خيالي،
قصيدة سأكتبها
لكنني عالقة دوماً في منتصفها
وأغنية سأرقص عليها
كل هزائمي
حين أتقن التانغو
في خيالي،
يجدّل حبيبي شعري،
ويضع فيه
خصلة من الوزّال الأصفر.
في خيالي،
يقول طفلي،
بأنني أجمل امرأة في العالم.

٭ ٭ ٭

في خيالي،
أعتذر كل يوم
لكل المقهورين في العالم
كأنني من سببت لهم الأذى
وفي خيالي أيضاً،
تسقط نجمة،
أتمنى أمنية،
ويختفي العالم.
أناقش نفسي أحياناً
بصوت خفيض:
سيقودك الأمر إلى الجنون
أجيب بثقة:
ليس الحالم مجنوناً
الجنون أن يكون داخل رأسك
هادئاً
كموت خفيف.
ليس الخيال شيئاً موازياً
في وجودنا
بل هو متن اليوم
والذراع التي
تتلقفنا
كلما ركلنا الواقع
بطابته المثقوبة.
لكنني
في أوقات متأخرة
أضع رأسي بين يديّ
أحدق في الظلام
بفزع
أخشى أن أستهلك خيالي كله
فلا أجد ما أسد به
غداً
رمق يوم آخر

شاعرة من لبنان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ناديا سعيد لطفي:

    هذا هو الشعر الحقيقي : لغة صافية لا تشوبها شائبة وتنساب بالكلمات كجدول ماء عذب !!

  2. يقول عزالدين الماعزي:

    جميل
    لم أتخيّل يوماً
    مكاناً أصل إليه
    لكنني تخيلت ألف طريق
    تقودني

  3. يقول هيام البدري:

    ياليتني كنت مثل ذلك الخيال الواحد ؟ قصيدة مثيرة للأفكار الجميلة في زمن القنوط الفكري.

  4. يقول الملكة / بلاد الأنبياء السورية:

    أختي أصالة اللمع لستُ ضعيفة إلا أمام كلماتكِ الألمعية والمفعمة بالفكر العميق والصدق الحقيق والإحساس الخليق. عاش يراعكِ الحافل بحبّ الإنسان وحب الخيال الإنساني. أنتِ تنتقين الكلمات كما تنتقين أجمل الأزهار والأوراد. كل المودة وكل المحبة.

  5. يقول عطا الله العُتبة:

    عندما قرأت قصيدتك عن العنوان (طرقات لخيال واحد) تجلى لي أنكِ صاحبة كلمة فذة تستحق القراءة والمتابعة بكل جدارة وأكثر جدارة مما نُشر. كما قالت الأخت هيام البدري، إنها قصيدة مثيرة للأفكار الجميلة حقا وفي زمن القنوط الفكري في حد ذاته، حتى أننا نكاد أن ننسى الفكر كليا. تحية للبنان من سوري يحب لبنان.

  6. يقول وفيق العتريسي:

    قصيدة قمة في التألق والروعة بكل المعايير، والحق لا بد من أن يُقال هنا.. قصيدة تكتظ بصور شعرية في منتهى البهاء والحُسن والوقع الآسر.. وفضلا عن أن عباراتها لتنطوي، في الآن ذاته، على مشاعرَ إنسانية فريدةٍ كل الفرادة، وغايةٍ في الرهافة والإدراك العميق والثاقب واللمَّاح لكل من فحوى الإنسان وفحواء الإنسانية برمتها، ولا ريب في هذا البتة .. !!
    إليكِ مني كل التقدير وأسمى آيات التبجيل والاحترام والإخاء، يا أخت أصالة اسمًا ومسمًّى.. وآملا منكِ مزيدًا من هذا الإبداع الشعري النادر بكل معاني الكلمات.. !!؟

    1. يقول وفيق العتريسي:

      حقا قصيدة قمة في التألق والروعة بكل المعايير، والحق لا بد من أن يُقال هنا.. قصيدة تكتظ بصور شعرية في منتهى البهاء والحُسن والوقع الآسر.. وفضلا عن أن عباراتها لتنطوي، في الآن ذاته، على مشاعرَ إنسانية ٍفريدةٍ كل الفرادة، وغايةٍ في الرهافة والإدراك العميق والثاقب واللمَّاح لكل من فحوى الإنسان وفحواء الإنسانية برمتها، ولا ريب في هذا البتة .. !!
      إليكِ مني كل التقدير وأسمى آيات التبجيل والاحترام والإخاء، يا أخت أصالة، أنتِ الاسمُ وأنتِ والمسمَّى.. وآملا منكِ مزيدًا من هذا الإبداع الشعري النادر بكل معاني الكلمات.. !!؟

  7. يقول الدكتور كمال الفدري:

    قبل كل شيء، أقف إجلالًا واحترامًا للأخت الشاعرة المبدعة أصالة لما أبدعته من شعر حقيقي يضاهي شعر الكثير من الشعراء المتمكنين والمخضرمين الذين أعرفهم شخصيًا، وبمن فيهم صنوي الاسمي بالذات.
    الأخت ناديا شكرًا على مرورك الجليل، دائمًا موضع تقدير. حقًا شعرتُ بأن القصيدة تنساب بالكلمات كجدول ماء عذب.
    والأخت هيام شكرًا أيضا على مرورك الجميل، دائمًا موضع تقديركذلك. حقًا أحسستُ أن من وراء هذه القصيدة زجرًا للقنوط الفكريّ بعينه ولا شك.

  8. يقول الدكتور كمال الفدري:

    الملكة صاحبة الجلالة والسّمو يا بنت بلاد الشام، بلاد الأنبياء، لكِ منتهى المجد والسؤدد، كلماتك بحدّ ذاتها قصيدة أنارت النفس الإنسانية وقرّبت البُعاد كذلك. لكِ كل وقاري وكل تقديري.
    شكرًا أخي عطا الله.. سيبقى الخيال الإنساني مهماز الحياة في كلّ زمان وكل مكان. بالمناسبة، أمس يوافق نهاية الحرب العالميّة الثانيّة، في اليوم الثاني من أيلول 1945. نتمّنى نهاية كلّ الحروب بانتصار السّلام والخيال الإنساني. وبالتأكيد قصيدة أصالة إنما هي تراتيل من الخيال الإنساني.
    شكرًا جزيلًا أيضًا الأخ وفيق العتريسيّ، وسعيد أنْ يكون تبادل المودة بيننا جميعًا سريعًا، رغم أنف الحجر الذي لا يذوب في الماء. لقد ذاب كالسكر في الخيال الإنساني. أكرر شكري وتقديري للأخت أصالة ونترقب منكِ قصائد جديدة.

  9. يقول روثيان العفطان - البغيلية:

    قصيدتكِ يا أخت أصالة شبيهة بلوحة فن سوريالية واقعية في الآن ذاته.. حيث الصور الشعرية غامضة تارة وواضحة طورا، مما يبث فيها جوهر الجدل الحيوي الذي تتأسس عليه بنية النفس الإنسانية برمتها.. وهي ليست كالقصائد التي تسبح في المباشرية اللفظية المملة وحشد الأسماء الأجنبية نترقب منكِ قصيدة متألقة جديدة، أقصد لوحة سوريالية واقعية جديدة من هذا العيار الفاتن..

  10. يقول بلي محمد المملكة المغربية:

    ادا سمح لنا المنبر نقول كلمة شكرا نحن ندخل حدائق الشعر المتنوعة ورود وأزهار ونخيل وأشجار وردة لاتشبه وردة رغم انهما في عالم واحد وزهرة لاتشبه زهرة ونخلة لا تشبه نخلة وشجرة لاتشبه شجرة انها القصائد ولكل واحدة منها نغمة تناسبها وأسما كدالك لم يتبث قط ان الشعر تخلى عن الخيال رفيقا له في كل أسفاره وكدالك الشاعر ومن الجنس الثاني فاباالخيال ترسم اللوحات التي لاتقدر بثمن تجلب العيون وحتى التي لاتبصر لقد أولى الشعر للمرأة المتميزة اهتماما وفتح لها المجال لتغرد بشتى النغمات الموسيقية

اشترك في قائمتنا البريدية