طلبة الطب في الجزائر ينتزعون حقهم بتوثيق الشهادات.. والإضراب متواصل لأسبوعه السابع

حجم الخط
4

الجزائر- “القدس العربي”:

في تطور لافت، حقق طلبة الطب المضربون في الجزائر، أبرز مطالبهم باستعادة توثيق الشهادات الذي كان مجمدا على مستوى الوزارة لأسباب تتعلق بمنع هجرة الأطباء. لكن هذه الاستجابة، لم تمنع الطلبة من إعلان مواصلة إضرابهم، لإصرارهم على تنفيذ كافة مطالبهم.

وفي تعليمة وجهتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى المدير العام للتعليم والتكوين ومدراء الجامعات، ورئيس الندوة الوطنية لعمداء كليات الطب، تم التأكيد على أن “إجراءات تصديق الوثائق البيداغوجية في العلوم الطبية من شهادات وكشوف نقاط والتأكد من صحتها، معمول بها بطريقة عادية، سواء على مستوى مصالح الكليات والجامعات أو على مستوى مصالح الإدارة المركزية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي”.

وذكرت التعليمة المؤرخة في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 والتي حملت صيغة تنفيذية أن “عُمداء كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان مرخَّصون للتعامل والرد مباشرةً على الهيئات الدولية التي تطلب التأكد من صحة الشهادات والوثائق البيداغوجية في العلوم الطبية، على غرار هيئة ECFMG وغيرها من الهيئات الدولية المماثلة”.

وتأتي هذه التعليمة تنفيذا لما ورد في محضر اجتماع وزير التعليم العالي والبحث العلمي، كمال بداري، بطلبة العلوم الطبية المضربين، الأحد الماضي، والذي أكد على أن التصديق على الوثائق البيداغوجية لطلبة العلوم الطبية، يتم بطريقة عادية سواء على مستوى الكليات أو المؤسسات الجامعية وكذا مصالح الوزارة”. وأشارت الوزارة في المحضر ذاته إلى أنها “أمرت العمداء في كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان بالتعامل والرد مباشرة على الهيئات الدولية التي تطلب التأكد من صحة الشهادات والوثائق البيداغوجية للطلبة”.

وكان من بين دوافع الإضراب العميقة، قرار الحكومة الجزائرية بمنع المصادقة على شهادات الأطباء، منذ عدة سنوات، بمبررات تفادي هجرة الأطباء. وتعد هذه الشهادات ضرورية لإيجاد عمل في الخارج أو لمواصلة الدراسات العليا، لذلك فإن عدم المصادقة عليها يحرم الطلبة من كثير من الفرص. وبالمقارنة مع باقي التخصصات التي لا تواجه مثل هذه العقبات، يرى الطلبة أن هذا الإجراء غير عادل ولا يخدم أي هدف سوى تعقيد مسارهم المهني.

وكانت هذه المسألة قد أثارت منذ فترة جدلا واسعا في الأوساط البرلمانية والطبية، حيث يدافع البعض عن هذا الإجراء باعتباره ضروريا للحد من هجرة الأطباء إلى الخارج، بينما يراه آخرون مخالفة صريحة للدستور الجزائري والحقوق الأساسية للمواطنين. وفي رده قبل أشهر على سؤال كتابي، أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي، كمال بداري، من تحت قبة البرلمان أن منع المصادقة يهدف إلى الحفاظ على هذه الكفاءات داخل الجزائر لتلبية احتياجات المجتمع.

أما النائب عبد الوهاب يعقوبي صاحب السؤال، فاعتبر أن منع المصادقة على شهادات الأطباء يعد إجراء غير دستوري، لأنه يتعارض مع الحق في حرية التنقل، إضافة إلى كونه ينتهك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

وتأتي هذه القضية في سياق محاولة السلطات مواجهة النزيف المستمر للكفاءات الطبية الجزائرية، خاصة نحو فرنسا، حيث ينجح مئات الأطباء الجزائريين سنويا في مسابقات الالتحاق بالمستشفيات الفرنسية. ووفقا للقوائم المعلنة كل سنة من قبل وزارة الصحة الفرنسية، يشكل الأطباء الجزائريون نسبة كبيرة من الناجحين في هذه المسابقات التي تجرى باللغة الفرنسية، خاصة في ظل تشابه المسار الدراسي في كليات الطب بين البلدين.

لكن المبررات التي طرحتها الحكومة، لم تصمد أمام موجة البطالة التي يعيشها الأطباء والتي حولت هذا القرار في أعينهم إلى مجحف. وتشهد الجامعات الكبرى في الجزائر منذ تشرين الأول/ أكتوبر، إضرابا شاملا لطلبة الطب، مما أدى إلى شلل كامل في العديد من الكليات والمستشفيات الجامعية، في موقف يلخص، وفق الطلبة، سنوات من الاحتقان لدى أصحاب هذا التخصص.

ومن أبرز دوافع الإضراب، حالة الاستياء العميقة لدى الطلبة من مجموعة من المشاكل الهيكلية، على غرار النقص الفادح في مصالح التكوين والتربص، وهي الأزمة التي تفاقمت خلال العامين الأخيرين بعد الزيادة الكبيرة في عدد المقاعد البيداغوجية والملحقات الجامعية دون تحسين البنية التحتية التعليمية. كما أعلن الطلبة رفضهم للقرار الحكومي المتعلق بامتحان التخصص الطبي، حيث شهدت السنة الحالية انخفاضا كبيرا في عدد المقاعد المتاحة للامتحان، وهو ما خيب آمال العديد من الطلبة.

وكانت الوزارة قد استجابت لمطلب زيادة عدد المناصب في التخصصات وقامت بتسقيف عدد الملتحقين بكليات الطب ابتداء من العام المقبل.  وبمعالجة مشكل التوثيق وغيره، قال وزير التعليم العالي والبحث العلمي، كمال بداري إن “كل المطالب المرفوعة حُققت، ووعد بمواصلة معالجة بعض النقاط مع جهات وصية أخرى”. لكن الطلبة في الكليات كان لهم رأي آخر، فقد نشرت صفحاتهم في عدة ولايات قرارهم بمواصلة الإضراب لتحقيق كامل المطالب، بما فيها رفع المنح بشكل مجز يحفظ كرامتهم وتوفير الإمكانيات اللازمة للحصول على تكوين في المستوى.

وما زاد في حالة التوتر خلال الأسابيع الماضية، التعامل الإعلامي مع القضية، حيث تم اتهام جهات أجنبية بتحريض الطلبة على مواصلة الإضراب، وهو ما لم يستسغه المضربون الذين أكدوا أنهم يرفضون المزايدة عليهم. كما بادرت بعض كليات الطب بإخطار العدالة للحصول على حكم بعدم قانونية الإضراب، وهو ما أدرجه الطلبة في خانة التضييق عليهم.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول يوغرطا:

    الجزائر تعلم تكون تصرف اموال طائلة وفي الاخير يأتي طالبا او طالبة جزائري يقيم اضراب من اجل الهجرة الى فرنسا التي لا تعترف لقدراتهم العلمية و المهنية حيث توظفهم الا في المناوابات الطبية الليلية لان الطبيب الفرنسي يمقت العمل الليلي. وهذا ما يدركه الطبيب الجزائري وبذلك يفضل الاهانة الاجنبية .

    1. يقول ملاحظ...:

      يجب طرح السؤال لم يقبل هؤلاء العمل في فرنسا في تلك الضروف التي تفضلت بذكرها بدل العمل في بلدهم الأم الذي كونهم !
      تجدر الإشارة أن البعض خون هؤلاء الطلبة.

  2. يقول بابا الصحراء الغربية:

    طالب الطب يدرس بالمجان بدون أدنى رسوم جبائية وعند الانتهاء يبحث عن عقد عمل خارج الجمهورية.ليكون جهد البلاء ذما عليها وتندم

  3. يقول امحمد:

    تخرج طالب الطب كطبيب لا يعني توظيفه فورا ،بل عليه تقديم طلبات عمل هنا وهناك حتى يظفر بمنصب عمل قار.

اشترك في قائمتنا البريدية