لجودة العلاقات بين السعودية السنية وإيران الشيعية تأثير عميق على الاستقرار الإقليمي، فالمنافسة الأيديولوجية والجغرافية – الاستراتيجية بينهما صممت المنطقة في العقود الأخيرة. منذ توقيع الاتفاق على استئناف العلاقات بينهما، تسعى هاتان الدولتان لتثبت كل منهما للأخرى وللعالم بأنهما توصلتا إلى الاتفاق بأياد طاهرة، وأن وجهتهما نحو السلام.
منذ آذار بدأ فتح الممثليات الدبلوماسية، ونشرت تصريحات متفائلة، بل وأجرى وزير الخارجية السعودية زيارة تاريخية إلى إيران، هي الأولى لشخصية سعودية رفيعة المستوى بعد عقدين، التقى في أثنائها الرئيس الإيراني ودعاه إلى السعودية. الرياض وطهران، كل واحدة ودوافعها، تسعيان لرؤية، استعراضاً على الأقل، بأن هذا ليس مجرد استئناف لعلاقات قطعت، بل فتح صفحة جديدة، وأنهما تعملان على صب مضمون للاتفاق وتوثيق التعاون بينهما في جملة مجالات، وهذا لن يكون بسيطاً.
الاقتصاد السعودي هو الأكبر في المنطقة، فالمملكة عضو في منتدى الـ G20 وهي مصدرة النفط الأكبر في العالم، لكن أساس رفاهها يأتي من بيع النفط، وهكذا أيضاً أرباح إيران، وعليه فإن قدرة الزيادة الكبيرة لحجم التجارة بينهما محدودة، خصوصاً حين تكون إيران خاضعة للعقوبات. تتوقع إيران رفع التجارة بين الدولتين في المدى القصير إلى مليار دولار في السنة، وفي المدى البعيد إلى ملياري دولار. هذا ليس توقعاً واقعياً، في ضوء العقوبات وحقيقة أن حجم التجارة يبلغ الآن نحو 15 مليون دولار فقط.
الاتفاق السعودي الإيراني لا يحل مشكلة الصواريخ والنووي الإيراني؛ فهو ليس معداً لذلك. لكنه ساهم في يقظة ما من جانب الولايات المتحدة وإن كان بسبب الدور الصيني فيه. قد لا يعلق السعوديون آمالاً كبيرة بإيران، لكنهم يتوقعون من الصين، الشريك التجاري المركزي لهم والوسط بين الطرفين، أن تحرص على فرضه.
تفهم السعودية موازين القوى بينها وبين إيران، وترى في الدبلوماسية والاقتصاد الأدوات الوحيدة في الوقت الحالي لمحاولة التأثير على إيران. وأعرب وزير المالية السعودية عن تفاؤله إزاء تقدم العلاقات الاقتصادية بين الدولتين، بل وقال إن المملكة كفيلة بأن تستثمر من مالها في إيران. يسعى ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي محمد بن سلمان، إلى انفراج مع إيران سبيلاً لتقليص التوتر معها قدر الإمكان كي يتمكن من التركيز على مسيرة التحديث الاجتماعي – الاقتصادي وجذب استثمارات ضرورية، ولهذا الغرض فهو يحتاج إلى الاستقرار الأمني. وتلوح السعودية بقدرتها الاقتصادية أساساً سبيلاً لعرض حافز على إيران للتمسك بالاتفاق. وهكذا تأمل بشراء الهدوء والأمن. وبالتالي يعد اتفاقاً من موقع دونية لدى السعودية.
ستتنظر كل من الدولتين إلى الأخرى على أنها تهديد، لكنهما تفضلان تبديد التوتر بروح الانفراج الإقليمي. تأمل السعودية في أن يؤدي الاتفاق إلى تقليص التهديد الأمني من جانب إيران وفروعها، بينما تأمل إيران في الاستعانة بجارتها من الغرب لإخراجها من عزلتها وضائقتها الاقتصادية. لا توهم السعودية نفسها بأن الاتفاق سيدفع إيران لتغيير طريقها. لكن ثمة محاولة سعودية لخلق قيمة، اقتصادية أساساً، بالنسبة لإيران تحفزها على التمسك بالاتفاق وعلى الأقل تدفع إيران للتفكير مرتين حين تعمل ضد مصالح سعودية.
يوئيل جوجنسكي
يديعوت أحرونوت 21/6/2023
بل حذر تتبعه انفراجة عظيمة لصالح شعوب الشرق الأوسط وعلى رأس تلك الشعوب شعب اليمن وشعب فلسطين وما أدراك ما فلسطين 🇵🇸🦁✌️🐝