برلين ـ «القدس العربي»: لم ينته العام بعد، لتصحو ألمانيا على حملة أمنية مكثفة في أكثر من 11 ولاية، ليظهر أكثر من مسؤول حكومي متحدثا عن خطط لمحاولة انقلاب على نظام الحكم من قبل جماعة متطرفة يمينية.
وقد تكون هذه الحملة الأمنية في كانون الأول/ديسمبر والحديث عن خطط انقلاب المشهد الأبرز الذي سيميز عام 2022 في ألمانيا، حيث كانت المجموعة تخطط للإطاحة بنظام الدولة الحالي واستبداله بشكله الحكومي الذي تم وضعه بالفعل في الخطوط العريضة، وفقا لما ذكره المدعي العام الفيدرالي، وإخضاع الألمان لحكمها بقوة السلاح لو استدعى الأمر ذلك.
الحرب الروسية الأوكرانية كانت من ضمن المشاهد الأبرز التي ميزت المشهد السياسي في ألمانيا، وتخطتها لتؤثر على كل مناحي الحياة في البلاد، فمنذ بداية الهجوم الروسي كانت المطالب كبيرة بضرورة ارسال أسلحة قتالية ودبابات إلى الجبهة الأوكرانية، وهو ما تبنته فعليا وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، بيد أن المستشار الألماني والذي فضل التريث وعدم زج بلاده في آتون الحرب المستعرة، أبطأ من هذه الخطط وعرقلها، ما دفع المعارضة الألمانية وبعض الصحف باتهامه بالتردد.
وأعلن في ألمانيا عن تخصيص صندوق خاص للجيش بقيمة 100 مليار يورو لاستخدامه في مشاريع الاستثمارات والتسلح.
ومنذ نهاية الحرب الباردة، قلّصت ألمانيا حجم جيشها بشكل كبير، ويشكو المسؤولون العسكريون أيضًا بانتظام من حدوث أعطال في المقاتلات أو السفن أو الدبابات. وشكل غزو أوكرانيا، صدمة للبلد الذي يسوده السلام منذ حقبة النازيين.
وشهد هذا العام تغيرا كبيرا في شعبية المستشار الألماني الأسبق غيرهارد شرودر، والذي حكم لفترتين متتاليتين عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، والذي ينتمي إليه أيضا المستشار الألماني الحالي أولاف شولتس، وذلك بسبب موقف شرودر من الحرب الأوكرانية واتهامه بالوقوف بجانب صديقه فلاديمير بوتين في الحرب في أوكرانيا.
وبعد تحذيرات ونقاشات سياسية، تعرض المستشار الأسبق شرودر لسحب جزء كبير من امتيازاته بسبب علاقاته مع روسيا.
كما قررت لجنة برلمانية تجريد المستشار الأسبق من جزء من امتيازاته بناء على طلب تقدمت به أحزاب الائتلاف الحاكم، وقد حظي الطلب بموافقة أغلبية أعضاء اللجنة، وتضمن أيضاً أن يتولى الموظفون المتبقون لدى شرودر مهام أخرى. وبموجب القرار، تم إغلاق مكتب شرودر في البرلمان.
وشهد عام 2022 ولأول مرة في تاريخ الدوري الألماني «البونديسليغا» إيقاف مباراة لتمكين لاعب مسلم من كسر صيامه وشرب الماء.
وحسب موقع NTV الإخباري، فإن تاريخا جديدا كتب في ألمانيا في شهر رمضان الحالي، إذ تكرر في المباريات الأخيرة إيقاف مباريات من طرف الحكام مع دخول وقت الإفطار لإتاحة الفرصة للاعبين الصائمين للإفطار ولو بشكل سريع.
وقال موقع دويتشلاند فونك الإخباري إن الحكم الكروي يولينبيك سيدخل في تاريخ الدوري الألماني باعتباره أول حكم يمنح لاعبا مسلما استراحة للشرب بعد وقت قصير من غروب الشمس حتى يتمكن من الإفطار.
وتفاعل الجمهور في ألمانيا مع هذه الخطوة وقاموا بنشر فيديوهات توقف المباراة من أجل الإفطار، مؤكدين أن عهدا جديدا يكتب في ألمانيا، إذ لم يحصل هذا الأمر في تاريخ الكرة الألمانية أبدا.
ألمانيا وقوانين الهجرة
وشهد العام محاولة سياسية ألمانية لتسهيل الحصول على الجنسية الألمانية والتي يعتبر الحصول عليها ضمن الأصعب داخل أوروبا، حيث قدمت وزيرة الداخلية، نانسي فيزر، الخطة بخيوطها العريضة. وأهم ما تنص عليه أنه بعد خمس سنوات فقط – بدلاً من السنوات الثماني السابقة – سيسمح بالتقدم بطلب التجنس، ويمكن لأي شخص مندمج جيداً بشكل خاص تقصير هذه الفترة إلى ثلاث سنوات. وبالنسبة للذين تزيد أعمارهم عن 67 عاماً، سيتم إجراء اختبار التجنس واللغة شفهياً فقط. بالإضافة إلى ذلك، يجب ألا يُجبر المتقدمون على التخلي عن جنسيتهم السابقة من أجل الحصول على الألمانية. من حيث المبدأ، ينبغي أيضاً أن يكون بإمكان المهاجرين من أصل تركي، الذين يشكلون أكبر نسبة من السكان الألمان من أصول مهاجرة، الاحتفاظ بجنسيتهم إلى جانب الألمانية.
وأثار اتهام أمنستي لإسرائيل باستخدام قوانين عنصرية ضد الفلسطينيين رفضا ألمانياـ حيث قال متحدث باسم الحكومة إن ألمانيا ترفض استخدام مصطلحات مثل «الفصل العنصري» فيما يتعلق بإسرائيل. وقال المتحدث باسم الحكومة شتيفن هيبيشترايت في مؤتمر صحافي أمام وسائل إعلام ألمانية «نرفض تعبيرات مثل الفصل العنصري أو تركيز الانتقادات بشكل متحيز ضد إسرائيل. هذا لا يساعد في حل الصراع في الشرق الأوسط».
واتهمت منظمة العفو الدولية إسرائيل بإخضاع الفلسطينيين لنظام فصل عنصري قائم على سياسات «الفصل والتجريد والإقصاء» الذي قالت إنه يرقى لمستوى الجرائم ضد الإنسانية.
وقد تدخلت الحكومة الألمانية في المناقشة التي دارت حول آخر دراسة أجرتها منظمة العفو الدولية. وأكدت رفضها مصطلحات مثل الفصل العنصري وكذلك التركيز من جانب واحد على إسرائيل، مشددة في الوقت نفسه على أن الادعاءات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان ينبغي أن تؤخذ على محمل الجد من جانب كل بلد. وأكد المتحدث الحكومي عزم بلاده دراسة تقرير المنظمة بعناية. وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية قد رفضت هذه الادعاءات واتهمت المنظمة بمعاداة السامية.
محاكمة نظام الأسد
كما كان من ضمن الأحداث الأبرز في العام الحكم بالمؤبد على ضابط المخابرات السوري أنور رسلان، والتي قد يعتبرها البعض المحطة الأخيرة لسلسلة محاكمات امتدت لشهور طويلة، وعدة جلسات، في حين يراها البعض الآخر بداية لسلسلة محاكمات جديدة سوف تستهدف النظام السوري وأنصاره في أوروبا، لا سيما أن هذا الحكم يفتح الطريق أمام العشرات ممن تعرضوا للتعذيب للإدلاء بشهاداتهم، كما أنه سيشجع منظمات حقوقية في بلدان أوروبية أخرى على تكرار هذا المشهد، برصد أنصار النظام المتورطين بالتعذيب وفضحهم وتقديمهم للمحاكمة.
واتهم الادعاء أنور رسلان بارتكاب 58 جريمة قتل في سجن بدمشق، وجاء في صحيفة الاتهام بأنه يشتبه أنه كان مسؤولا عن تعذيب ما لا يقل عن أربعة آلاف شخص بسجن المخابرات العامة في العاصمة السورية بصفته رئيسا للتحقيقات آنذاك في 2011 و2012 ويشتبه أن 58 سجينا، على الأقل لقوا حتفهم جراء ذلك.
وهذا هو ثاني حكم إدانة تصدره المحكمة الإقليمية العليا في مدينة كوبلنز بغرب ألمانيا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في الحرب الأهلية السورية.
وكان المتهم قال في وقت سابق إنه ليس مذنبا، وطلب محاميه البراءة لموكله. وبدأت المحكمة في نيسان/أبريل 2020 وأثارت انتباه العالم، وحضر جلساتها أكثر من 80 شاهدا وعدد من ضحايا التعذيب بصفتهم مشاركين في الادعاء ضد المتهم.
العداء للأجانب والمسلمين
شهد العام العديد من الهجمات على الأجانب والمسلمين في ألمانيا ولعل أبرزها اطلاق أعيرة نارية من بندقية هوائية على المركز الثقافي الإسلامي في مدينة هاله الألمانية.
وأثارت دراسة ألمانية فريدة المزيد من الجدل بعد خروجها بنتائج صادمة، بعد أن أعرب 90 في المئة من المستطلعين أن ألمانيا بلد عنصري.
ووافقت نسبة 90 في المئة على مقولة إن ألمانيا فيها عنصرية. وأظهرت الدراسة، التي تم استعراض نتائجها في برلين، أن الشباب كانوا أكثر عرضة للتجارب العنصرية المباشرة مقارنة بكبار السن.
وتركزت الدراسة على ست مجموعات داخل المجتمع الألماني: اليهود والمسلمين والآسيويين والأوروبيين الشرقيين، وكذلك على أصحاب البشرة السوداء، والغجر. وبالتالي فإن التمييز بحق هؤلاء جاء بسبب لون البشرة والشعر، وأيضاً من خلال المكونات الثقافية، مثل لبس الحجاب أو الملابس المختلفة، أو حمل اسم أجنبي.
تصريحات
أتى التصريح الأهم على لسان السفير الألماني في قطر كلاوديوس فيشباخ الذي انتقد سياسة بلاده بخصوص المونديال في قطر. وكتب الدبلوماسي: «حصلت ألمانيا على مكافأة ثقة كبيرة في قطر في السنوات الأخيرة، بيد أنها أضاعت تلك الثقة في الأسابيع الماضية الأخيرة».