العدالة في الفيفا صفر. الأرقام لا تكذب، والنتائج لا يمكن تزييفها.
تقول الأرقام أن افريقيا لها 5 مقاعد من أصل 32 مقعدا بين منتخبات كأس العالم لكرة القدم. ولقارة آسيا أكبر قارات العالم في المساحة والتعداد 4 مقاعد ونصف المقعد، بينما تمتلك قارة أمريكا الشمالية والوسطى 3 مقاعد ونصف المقعد.
وفي كأس العالم 2022 شاركت 4 منتخبات من امريكا الشمالية (المكسيك والولايات المتحدة وكندا وكوستاريكا) مقابل 4 منتخبات من آسيا (السعودية وايران واليابان وكوريا الجنوبية)، علما أن المنتخب الآسيوي الخامس وهو قطر يشارك بصفته الدولة المنظمة وليس بموقعه القاري.
لغة الأرقام والنتائج في كأس العالم في قطر تشير إلى 4 انتصارات آسيوية في الجولتين الأولى والثانية (السعودية على الارجنتين بطل كوبا اميريكا 2021 ثم اليابان على المانيا بطلة مونديال 2014 وايران على ويلز 2-صفر واستراليا على تونس 1-صفر) ومعها 3 انتصارات افريقية أيضا (المغرب على بلجيكا المصنف الثانى عالميا 2-صفر وغانا على كوريا الجنوبية 3-2 والسنغال على قطر 3-1). بينما وقفت انتصارات قارة امريكا الشمالية على فوز واحد لكوستاريكا على اليابان 1-صفر بعد السقوط الكوستاريكي المذل 7-صفر أمام اسبانيا. وعجزت منتخبات الولايات المتحدة والمكسيك وكندا عن إحراز أى فوز عبر 6 مباريات لها في المونديال.
التقييم المستمر والمتجدد هو العدل الحقيقي في عالمنا المعاصر. ولا يجوز اعتماد لائحة لعشرات السنين من دون تغيير بينما العالم يتغير من حولنا كل يوم. الأساس ان يتم تقييم نتائج المنتخبات الممثلة للقارات الخمسة مرة كل 8 أعوام اعتمادا على نتائج آخر مسابقتين لكأس العالم بحيث يزداد عدد مقاعد القارات المتفوقة وينقص العدد للخاسرين لضمان ارتفاع المستوى وضمان العدالة. وليس غريبا أن نبدي دهشتنا من وفرة المقاعد الاوروبية (13 منتخبا) في ظل عجز 5 منتخبات منها عن تحقيق أي فوز فى الجولتين الأولى والثانية (المانيا وبلجيكا والدنمارك وصربيا وويلز). وخرجت المنتخبات الاوروبية بتعادلات غير مستحقة في مواجهات الدنمارك ضد تونس وكرواتيا ضد المغرب والكاميرون أمام صربيا في لقاءات رجحت خلالها كفة الأفارقة بوضوح.
جدارة اوروبا بالمقاعد الوفيرة ارتبطت دائما بالارتفاع الملحوظ في مستوى أنديتها ومسابقاتها وملاعبها والدخول المبكر للاحتراف وصناعة كرة القدم في أغلب الدول بالقارة العجوز، وهي أمور لا ينكرها إلا جاهل أو جاحد. ولكن السنوات الثلاثين الأخيرة شهدت تغييرا جذريا في عالم كرة القدم بعد فتح أبواب الإحتراف أمام اللاعبين الأفارقة والآسيويين للإحتراف في أكبر أندية أوروبا، واكتظت المنتخبات الإفريقية مثلا بالمحترفين في أكبر وأقوى أندية انكلترا واسبانيا وايطاليا والمانيا وفرنسا. والمنتخب السنغالي المشارك في كأس العالم الحالية ليس بينه أي لاعب من الأندية المحلية في السنغال وكل نجومه موجودون في أندية اوروبا وعلى رأسهم الحارس ادوارد ميندي والمدافع كاليدو كوليبالي لاعبا تشلسى الانكليزى. وهو ما ينطبق على منتخبات المغرب والكاميرون وتونس وغانا أيضا.
السبب الذي قامت عليه قاعدة تفوق الاوروبيين زال تماما ولم يعد له وجود على أرض الواقع، ما يزيد فرص تعزيز التغيير والتجديد في اللوائح الحاكمة لعدد مقاعد القارات الخمس في المونديال.
الغريب أن الإتحاد الدولى لكرة القدم (فيفا) لجأ لتلك التعديلات وطبقها بالفعل بعدالة ووعي وموضوعية في المقاعد المخصصة لحكام كأس العالم 2022. ولم تحصل اوروبا على الاغلبية المطلقة كما حدث في الماضي. وبينما تواجد من اوروبا 10 حكام فقط (معهم سيدة) تجد أن قارة آسيا لها 7 حكام وتكرر منهم الحكمان الايراني على رضا فاغاني والاماراتي محمد عبدالله مرتين في مباريات الدور الأول ما يعكس الإهتمام بالكفاءة على حساب الجغرافيا.
وإذا كان الإعلام في قارتي آسيا وافريقيا يتحمل دورا مهما في ضرورة الضغط على الفيفا لضمان العدالة مستقبلا في مقاعد القارات في كأس العالم، لا بد أيضا على الإتحادين الآسيوي والافريقي وممثليهما في الفيفا أن تتدخل بقوة وبفاعلية لسرعة التغيير وجلب الحقوق المشروعة للقارتين خاصة بعد الأداء المبهر للسعودية في مباراتيها ضد الارجنتين وبولندا وما قدمه المنتخب المغربي الشجاع في مواجهتي كرواتيا وبلجيكا.
أعود لما بدأت للتأكيد أن العدالة في الفيفا نحو مقاعد كأس العالم بين القارات، صفر. ولا أقول أو أدعي أنها عنصرية جغرافية، لكنني أراها نوعا من التمسك بالماضي، أو الرفض الرجعي لقبول التغيير المرتبط بالتطور الحضارى. حان وقت التغيير خاصة وأن كأس العالم المقبلة 2026 ستشهد تغييرا جذريا غريبا هو الأول من نوعه منذ انطلقت البطولة عام 1930 بتوزيع التنظيم بين ثلاث دول (الولايات المتحدة والمكسيك وكندا) وكلها ضمنت مبكرا المشاركة في النهائيات وهي طبعا من قارة امريكا الشمالية. ومع التأكيد من الفيفا أن المونديال المقبل سيزيد عدد المنتخبات إلى 48 منتخبا لا بد أن يأتي التعديل مواكبا للواقع الجديد بوجود 10 منتخبات إفريقية ومثلها آسيوية على أقل تقدير وتوزيع بقية المقاعد وهي الأكثر 28 مقعدا بين بقية القارات. دعونا ننتظر ونراقب ونتمنى أن يسود العدل فى كأس العالم لكرة القدم.
أعتقد بأن الفرق الرياضية بالمونديال القادم ستكون 48 فريقاً بدلاً من 32 !
وأعتقد بأن قطر هي الأفضل بإستقبال هؤلاء لأنها تمتلك ثمانية ملاعب رياضية دولية !!
ولا حول ولا قوة الا بالله